بدأت هدى تلاحظ همهمات بين الناس ونظرات غريبة لها منهم خاصة من أهل العريس أو بمعنى أصح أهل زوجها ، وبدأ ظهور تجمعات من الناس مع بعضهم ، وبدأ ارتفاع الأصوات ، وظهر الارتباك بين كل الموجودين فى الفرح ،
وجهت هدى انظارها لأمها وأخواتها ، وجدت أنهن فى حالة غريبة ، لدرجة أنها لمحت دموع على وجه أمها ،
وقفت هدى وأشارت لل DJ أن يتوقف ، وارتفع صوتها وهى تنظر لأمها
...هو فى ايه ، مالكم ؟
صعدت هوايدا ف اتجاهها وهى مرتبكة تماما لدرجة أنها كادت تفقد توازنها لولا أنها تمالكت نفسها حتى وصلت لها ،
مالت على أذن هدى وهى تقول بصوت مرتعش
...الناس بتقول أن انتى حامل ....
نظرت لها هدى بزهول وعيون متسعة وهى تقول
...إيه ، انتى اتجننتى ...
أشارت هوايدا بيدها على الناس والدموع تملأ عينها وقالت
...هم اللى بيقولوا ...
التفتت هدى لزوجها الذى قد كان وصله ما قيل هو الأخر ، فوجدته متجمدا تماما لا يتحرك ،
تقدمت هى للناس ، واستجمعت شجاعتها التى لا تعلم من أين اتتها فى هذا الموقف ، وقالت
...إيه اللى انتوا بتقولوه ده ...
ساد صمت تام بين الجميع وهم ينظرون لها ،
صرخت بصوت عالى ،
...ما حد يرد عليا ، مكتومين ليه ؟ ...
ردت والدة العريس ، الحاجة لواحظ ، والتى لم ينوبها من زيارتها لبيت الله إلا المصاريف ،
...اللى سمعتيه ياعين أمك ، كلهم بيقولوا انهم شافوكى كتير راجعة مع إللى ما يتسمى ده بعد الساعة 10 بليل ...
...دى مرة واحدة ، وكنت راجعة من نبتشية واتقابلنا صدفة ، و مشيت معاه عادى ، لأن مكتوب كتابنا يعنى جوزى ، وبعدين ده اصلا يخليكوا تقولوا الكلام ده ، انتوا عارفين انتوا بتقولو ايه اصلا ....
....والله جوزك ، مش جوزك ، ملناش فيه ، إحنا عايزين ندخل بيتنا واحدة نضيفة. ..
عند هذا الحد من الكلام ، هاج الجميع على بعضهم ، أهل العريس وأهل العروسة ، أما المحايدين فيحاولون فض الاشتباكات ، وبدأوا بالسباب والشتائم فى بعضهم وبأقزر الألفاظ ،
استدارت هدى لزوجها ، منتظرة منه أن يتكلم ، يصرخ ، يخبر الجميع أنه لم يحدث شئ ، وأن حدث فهى زوجتى ، لكن للأسف لم تجد غير حالة من الجمود الغريبة التى اعتلته ،
عادت بعينها مرة أخرى واخذت تدور بعينيها بين الجميع ، وجدت أن الزفاف سيتحول إلى مجزرة بسبب الشرف ،
وقعت عينيها على أمها و أخواتها ، وجدتهم يصرخون ويبكون وكل منهم تحتمى بالأخرى ،
أن لم تستطع إثبات عكس ما قيل ، سيهدر دم الكثير ، ولن تموت الشائعة ابدا ،
وستسوء سمعة اخواتها ، وستتحول المتزوجات منهن لمطلقات ، ولن تتزوج الأخريات ، فهم خمس فتيات تربين على يد امرأة بدون رجل فى حياتهم .
لم تعلم هدى كيف واتتها الشجاعة لتواجه ما يحدث
صرخت فى الجميع بأعلى ما فى صوتها قائلة
....بس ، بس ، كفاية ....
بدأت الأصوات تهدأ شيئا فشيئا ، وانتبه لها الجميع ،
...إيه اللى انتوا بتعملوه ده ، وليه ؟ عشان واحد ولا واحدة زبالة بنت كلب ، قالت كلام زى ده من غير أى أساس ، انا واخواتى متربيين فى وسطكوا من يوم ما اتولدنا ، ومفيش مخلوق قدر يقول فى حقنا نص كلمة ، جايين دلوقتى عشان كلمتين فاضيين، صدقتوهم فى ثانية ، وهتموتوا بعض كمان ...
استدارت لمحمود ابن عمها وقالت له
...روح يامحمود ، هاتلى خالتك أم إبراهيم الداية ...
استدارت لام زوجها وقالت
...طلبتيها واديكى نولتيها يالواحظ ، مكنتيش عايزة الجوازة تتم ، وأهى مش هتم ...
وعادت تواجه جميع الحاضرين وهى تقول
...الدخلة هتتعمل بلدى وبإيد الداية ...
والتفتت لزوجها وهى تقول
...وفى شقة المحترم جوزى وعلى سريره كمان ، جوزى اللى الكتمة جاتلوا ومفتحش بقه بكلمة يدافع بيها عن شرف مراته ، مراته اللى مسمحتلوش يمسك ايدها ولا حتى بعد كتب الكتب ...
ثم استدارت مرة أخرى للجميع وقالت
... والباب هيبقى مفتوح ، أى واحدة منكم عايزة تتفرج ، تتفضل ، وعلى عينك ياتاجر ...
عادت بنظرها لابن عمها مرة أخرى وهى تقول ،
...مش سمعت انا قلت ايه ، يلا روح ، وفى دقيقة تكون هنا ...
والتفتت مرة أخيرة للحضور وقالت
...من هنا لوقتها ، مش عايزة مخلوق يفتح بقه ، لا رجل ولا مرة ، خسارة حد يتأذى عشان كلمتين فارغين من واحدة سافلة ، على بنت ناس أشرف منها مليون مرة ....
قالت كلماتها وهى تقصد بها امرأة بعينها
رفعت هدى فستانها ونزلت سلم المسرح ، وانطلقت وحدها من بين الجميع باتجاه بيت زوجها تبعها أمها وأخواتها وهم يحاولون أن يمنعوها عن ما نوت عليه ، لكن بدون فائدة ،
وقفت أمام شقة العرس التى جهزتها بنفسها وهى لم تملك حتى مفتاحها بعد ،
صعدت عمة العريس وقامت بفتح الشقة ، وتبعها خال العريس وهو يقول لهدى
...مفيش داعى للى انتى ناوية تعمليه دا يابنتى ، كلنا عارفينك ومربينك على ادينا ..
...لو انتو فعلا كدة ، كنتوا رديتوا عنى ، لكن خلاص ، انا اللى هرد عن نفسى وعن اخواتى ..
دخلت الشقة ، واتجهت لغرفة النوم ، شدت الفستان بعنف ومن شدة غضبها مزقته ، اتجهت هدير لها وهى تبكى لتساعدها فى خلع الفستان ،
وقفت بقميص النوم الأبيض الداخلى ، اتجهت للسرير، نامت عليه ، وفتحت قدميها ، تقدمت منها الداية العجوز وهى تبكى هى الأخرى ، ووقف أكثر من خمسة عشر امرأة من أهلها وأهل زوجها ، وليس من بينهم والدته،
تحملت الألم والمذلة من أجل أربع فتايات يبكون حولها ومن أجل امرأة ضاع عمرها عليهن ومن أجلهن، امرأة تقف بجانبها تنوح حظ أقرب بناتها لقلبها ، تنوح حظ سندها وظهرها ، كما كانت تقول دائما عنها ،
أما فى الخارج فيقف الجميع على أحر من الجمر ،
وفجأة صدعت الزغاريد من كل أنحاء الشقة ، تبعها زغاريد فى كل أنحاء البيت والشارع ، وكأنها صادرة من كل أنحاء البلد وتدوى أيضا فى كل أنحاء البلد لتنفذ فى أذن كل من أراد تشويه سمعتها وشرفها ،
سندوها أخواتها لتقف ، طلبت منهم أن يلبسوها عباءة بيضاء ، جائوها بالعباءة المجهزة للصباحية، بيضاء ومرصعة بفصوص فضية ، ارتدتها وخرجت أمام الجميع ، وقفت أمام زوجها وعائلته ، وقالت
...ورحمة أبويا اللى عمرى ما حلفت بيه لأبكيكو بدل الدموع دم ...
وتركتهم وابتعدت وحولها اخواتها الاربعة ووالدتها باتجاه بيتها ،
وقفت أمام مرآتها ، تتأمل نفسها فى ليلة زفافها ،
خرجت من بيتها عزراء وعادت له فى نفس الليلة بعدما فقدت عذريتها بدون أن يلمسها رجل
يتبع