....أنا موافقة اسافر معاك ...
رد عليها برسالة هو الأخر
... بكرة هاتى معاكى اوراقك الرسمية وصور خاصة ، عشان الفيزا والباسبور. ..
ولم ترد ، فقط قرأت الرسالة، ووضعت الهاتف أمامها، وأعادت رأسها للخلف ، لماذا تخاف من الغد ض،هل لأنه جديد عليها ، أم لأنها تعودت على الصدمات، فمن الطبيعى وجود صدمة أخرى غدا .
بعد نصف ساعة ، صدع تييليفونها بتنبيه الرسائل مرة أخرى ،
... بطلى تفكير ياهدى ، نامى وارتاحى احسن ...
ابتسمت ، هو يتذاكى عليها ، فمن الطبيعى أنها تفكر ، تسهر ليلها ، تفكيرا فى أمس واليوم ، وقلقا من الغد ،
لكن رغم علمها بذلك ، إلا أن رسالته تمس شيئا فى قلبها وتسعدها حقا ،
أغمضت عينيها وذهبت فى ثبات عميق من ارهاق اليوم من اوله ، وحاولت أن تحلم بالجيد فى مستقبلها لا السئ منه ،
خرجت هدى من بيتها ، فى طريقها للمستشفى ، رغم تنبيه والدتها ، ونظرات الناس التى تلاحقها ، منهم الموافق على ما فعلت ومنهم اللائم ،
لكن لديها إحساس بأن شئ جديد ولد بداخلها ، شئ لا تعلمه ، تركيبة غريبة من الحرية والانطلاق والتفائل والأمل ، شئ جعلها مختلفة ، مختلفة فى نظرتها وابتسامتها حتى كلامها ، شئ أضاف لوجهها نضارة أكثر ولنظرهها بريق خاص ،
وهذا كله لاحظه خالد من أول نظرة ألقاها عليها ، واحقاقا للحق ، كل هذا أضاف لها جاذبية جديدة لم يعهدها بها ، رغم أنها بالفعل كانت مثيرة بالنسبة له ،لكن ما حدث أضاف لها نكهة جديدة .
تم التصريح من الأطباء بخروج الأمير من المستشفى من أجل تجربة المكوث فى المنزل لفترة قبل سفره ليتطمئنوا على صحته وقدرته على التعايش واكمال علاجه بعيدا عن المستشفى ، لكن بالطبع اوصوا بوجود ممرضة متخصصة تتابع ادويته وصحته جيدا ،
وبالطبع كانت هدى هى الاختيار ، فعجل خالد من إنهاء أوراق استقالتها من المستشفى ، أما عن العمل الحكومى فهى فعلا فى إجازة رسمية منذ أكثر من شهر ،
لم تمانع هدى فى ذلك ، ولم تخبر أحدا باستقالتها، بل تعاملت على أنها ما زالت فى المستشفى ، تذهب وتعود فى المواعيد التى اعتادت عليها لمدة أسبوع
كان الاتصال المباشر كان بينها وبين الأمير فقط ، أما خالد ، فقد تجنبها معظم الوقت ، غير أوقات الاطمئنان على والده فقط ، غريب أمره هذا الفتى .
وفى يوم وجدت الخادم يناديها ، واخبرها أنه يريدها فى مكتبه ، فاتجهت إليه ، وجدته جالسا على مكتبه يقرأ فى بعض الأوراق ، طرقت الباب ، فأشار لها بالدخول والجلوس أمامه ففعلت ،
مد يده لها بظرف ، فتحته لتجد أوراق سفرها كاملة ،
...جاهزة ...
...لايه...
...للسفر ...
...امتى ...
..بعد بكرة الضهر ...
...بسرعة كدة ...
...اها ، هترجعى بيتك دلوقتى ، هتقضى بقية انهارضة وبكرة كمان مع اهلك ، العربية هتكون قدام باب بيتك يوم الاتنين الساعة عشرة الصبح ، تكونى جاهزة وقتها ومستنية على الباب ...
أشار بجانب الباب وهو يقول
... الحاجات دى ليكى ...
التفتت هدى لتجد شنطة ضخمة مستقرة بجانب الباب
...إيه دى ..
...دى هدوم جديدة ليكى ...
...حضرتك شايفنى ضايعة اوى كدة ومحتاجة هدوم جديدة ، شكرا ، انا عندى هدوم الحمد لله ...
...دى مش عشانك اوى يعنى ، دى عشان شكلك العام يكون لطيف ، أو بمعنى أصح ، دى هدوم تشبه اللى بيتلبس هناك ، عشان انتى هتكونى معاه فى كل مكان هيروحه، فلازم يكون شكلك لطيف ...
قام من مكانه واقترب منه بمسافة معينة ،وقال
...فى عربية تحت ، هتوصلك لحد موقف بلدكم ، لو عايزاها توصلك لحد باب بيتك ، انتى حرة ، السواق معاه أمر يوديكى مكان ما انتى عايزة ،
قامت هدى واتجهت للغرفة المخصصة لها ، غيرت ملابسها ، ثم اتجهت خارجة بدون اى كلام ، استقلت السيارةوطلبت منه يوصلها حتى موقف السيارات لتركب من هناك ،
قضت آخر ساعاتها فى منزلها بين مؤيد للسفر ومعارض له ، فرح من أخواتها البنات أجمع بسفرها هذا ما شجع والدتها على الموافقة والترحيب به ، أما الهجمة المضادة كانت ممن حولهم جميعا ، أقارب وجيران ، لكن بالطبع كل هذا لا يؤثر بأى شكل من الأشكال على قرارها،
وجاء موعد سفرها ، كانت جاهزة فى الموعد المحدد ، وبعد موجة من السلام والبكاء من أخواتها ووالدتها ، استقلت السيارة وانطلقت بها ،
وصلت لباب العمارة فعلا ، وجدت الجميع فى حالة استعداد ، الخدم يحملون الحقائب للسيارات ،
بعدها بدقائق نزل الأمير ويصاحبه خالد ، وركبوا سيارة أخرى بعدما أشار لها لتبقى مكانها ، بعدها تحركت السيارات باتجاه المطار ،
السؤال الذى بدر على عقل هدى فى هذه اللحظة ، أين الزوجة المتكبرة من كل ذلك ، ولكنها نفضت ذلك عن عقلها ذلك ، لأنه ليس من شأنها ،
المفاجأة ، أنه ما كانت تنتظرهم هى طائرة خاصة ، علمت بعد ذلك أنها تخص العائلة بالكامل ومخصصة للسفرات البعيدة ،
كانت هذه اول مرة تستقل فيها طائرة ، وخاصة أيضا ، كانت كالجناح الرئاسى الذى نراه فى التليفزيون ،
كانت هدى سعيدة بما تختبره لأول مرة ، فقد كانت دائما تحلم بالحرية والسفر ككل فتاة ،
وصلت الطائرة للأرض المباركة ، كانت تنتظرهم أسطول من السيارات الفاخرة الأخرى ، وكما الحال فى مصر ، استقلت هدى سيارة وحدها ، الغريب أن الطريق استغرق أكثر من أربع ساعات ، حتى الآن هى لم تعلم اين هى الآن وإلى أين تتجه ، فهى تتحرك معهم كالماريونيت وفق اشارتهم،
هدأت السيارات من سرعتها ، حاولت تتبين ما هو خارج السيارة ، وجدت سور عالى جدا ، وبوابة هائلة من الحديد تفتح للسيارات، استمرت السيارات فى السير لمدة 10 دقائق أخرى ، حتى وصلت لقصر هائل الحجم ، لم تتخيل هدى انه يوجد مبنى عائلى بهذه الضخامة ،
نزل الجميع من السيارات ، وظهر أسطول من الخدم فى اخراج الحقائب وحملها للداخل حتى حقائب هدى ،
كانت تقف بعيدا ، لم تقترب منهم ،
بدأ يخرج من القصر أفواج من البشر مبتسمين يهرولون باتجاهه ، عدد كبير جدا ، منهم الشباب والرجال والسيدات الكبار والصغيرات ،
وما فهمته من مجرى الحوار بينهم ، أنه لم يكن أحد يعلم بشأن هذه العملية الجراحية ، وأنه قام بها فى السر ، بعدها بدقائق لمحت العجوز المتكبرة عند باب الفيلا ، لم تقترب إلا بعدما أنهى الجميع سلامه عليه ، بعد ذلك علمت هدى أن الأمير فياض البدرى هو كبير العائلة كلها بعد والده لأنه اكبرهم سنا ،
اتجهت واحدة من الخدم فى اتجاه هدى ، تشير لها لتتبعها ، فقد ظلت واقفة بعيدة عنهم لبعض الوقت ، لم يلحظها أحد ،
اتجهت خلف الخادمة ، لكن قبل أن تصل لباب القصر ، قابلتها الصاعقة تجرى باتجاه المجموعة الواقفة بالخارج ، امرأة رائعة الجمال ، بجسد متناسق تتهادى فى عباءة من الساتان الأزرق ، مفتوحة من الجمب ،
توقفت هدى لتتابع هذه الفاتنة ، وجدتها تتجه لترمى
نفسها بين يدى خالد ، الذى بادلها الاحضان ، كما فعلت ،
اقتربت منها الخادمة بخطوة وهى تقول
... هاد الأميرة ليان ، زوجة الأمير خالد .…