الجزء 24

يومان فى المستشفى وثلاثة فى المسكن الذى كانت تقطنه مع خالد ، قضتهم هدى تحاول فيهم استيعاد قوتها لتعود لمصر ، لكن حزنها على وليدها كان حائلا دون ذلك ، فحقيقى لا تشعر الأنثى بأمومتها الحقيقية إلا فى وجوده وهو ينمو فى احشائها ، ترتبط به يوم بعد يوم ، حتى وإن لم تراه كما الحال مع هدى .

لم تشعر هدى بالوحدة والذل والمهانة كما حدث فى هذه الأيام القليلة ، فقد تركت وحيدة تماما حتى دون خالد ، فلم يسأل عنها ولو مرة واحدة بعدما حصلوا على ما أرادوا منها . هى الآن هنا لاشئ ، لا قيمة ، فقط مجرد أنثى منتهكة ومجردة من كل شئ ، آدميتها ، كرامتها ، انوثتها، مشاعرها ، والأهم ولدها ، الرضيع الذى ولد قبل أوانه بشهرين ، ولم يشفع ذلك لهم ليتركوه لأمه حتى يكتمل .

لم تسأل عن الأموال التى وعدوها بها ، أو حتى شيكات أمها ، لم تفكر فى اى شئ ، فقط عقلها متجمد ، تعيش فى حالة تجهم غريبة ، ترفض كل شئ ، ترفض الحياة نفسها ، 

أصبحت هدى مجرد أنثى تعيش لتتمنى الموت ،،،،
 


بعد ثلاثة أيام من خروجه من المستشفى التى تم تسجيلها فيها على أنها حالة استئصال مرارة ، وليس الحقيقة ، ولادة ، 

اتاها شخص من طرف الأمير ، بجميع الأوراق الخاصة برجوعها ، مع ورقة إخلاء طرف من العقد المنصوص عليه بينهم ، وجميع مستحقاتها المادية الخاصة بهذا العقد ، وبالطبع الشيكات الحقيقية الخاصة بوالدتها ، بالإضافة لاوراق معتمدة من أحد البنوك الدولية بإيداع مبلغ يتعدى الخمسة ملايين ريال سعودي ، 
وبالطبع لم يغفل الرسول عن أن يبلغها ببعض من تهديدات الأمير وتنبيهاته بخصوص عدم الرجوع عن القرار الذى اتخذته ، وإلا لن تجد غير ابواب الجحيم تفتح عليها وعلى عائلتها. 



وفى النهاية أعطاها أوراق حجز وتذكرة طائرة لليوم التالى ، 

ودعت هدى المملكة السعودية ، ومعها ودعت هدى القديمة ، ودعت نفسها ، ودعت طفلها الذى لم تراه ، 
ودعتهم بدموع قلب ودعاء وتضرع لخالقها بالجمع بينها وبين طفلها فى يوم من الأيام . 

عادت لمصر بشخصية جديدة تماما ، هدى جديدة ، شخصية أكل الحزن والذل قلبها وكرامتها ، أصبحت أنثى حاقدة على الحياة وكارهة لها ، 

فياترى هل سيتم ترميم قلبها مع الزمن ، هل ستعود للحياة ، هل ستعود هدى القديمة أو حتى أنثى جديدة تنسى الماضى وتتصالح مع المستقبل .
 


وبعد مرور 7 سنوات ............
 



إعدادات القراءة


لون الخلفية