الجزء 7

عندما بدأت هدى تنتبه من حالة الغياب العقلى الغريب التى كانت عليها ، كادت تجن من فكرة تعاطى أختها للترامادول ، لكنها بالتأكيد لا تعلم فإن كانت تعلم لأخفته عن هدى تماما ، لا أن تعطيها منه بصفو نية ، 
يجب أن تنهى العاجل من عملها أولا حتى تستطيع التفكير فى كيفية التعامل مع الموضوع .

صعدت للدور السابع الى حيث غرفة حالتها ، فوجدت سجدة موجودة على كونتر الدور 

...صباح الخير ياساسو ... 

...صباح الخير ياهدى ...

....إيه التكشيرة دى ، مالك على الصبح ...

...ولا حاجة ، سهرانة مع حالة مقرفة ، الله يسامحك ويسامح مدام سامية ...

...بس بس ، ايه اللى حصل ..

...لا حصل ولا وصل ، استلمى حالتك ياستى ، ومش هتتكرر تانى ، لو هسيب المستشفى حتى ...

 


استلمت الحالة من سجدة ، واخبرتها أن الأمير فى غرفة الأشعة ، بعدها دخلت الغرفة وبدأت فى تغيير فرش السرير وتجهيز أدوية اليوم ، ثم جلست لتكتب ارانيك لطلب الأدوية الناقصة ،

وفى خضم كل هذا عاد عقلها للساعات التى تلت تناولها لأقراص الترامادول ، هى تتذكر كل ما حدث ، بل كانت واعية تماما له ، لكنها فاقدة تماما للسيطرة على ما تقوم به ، كأنها آلة تتحرك وفق أمر مسجل عليها .

أثناء ذلك دخل الأمير على كرسيه المتحرك يدفعه عامل الدور ومعه ممرضة الأشعة ، 
أما الحرس الخاص لم يدخل بل وقف أمام الباب كالعادة ، 

عندما رأاها الأمير رفع لها حاجبا واحدا وهو يقول 

...ياهلا ياهلا بملاك الرحمة خاصتى ، وين كنتى للحين ...

...أفندم ..

...إيش ، طرشتى ؟

لم ترد هدى ووقفت مزهولة من الرجل الذى تراه ، فهو ليس من خرج من غيبوبته على يدها أمس ، 

أشار للعامل بالتقدم للسرير الخاص به ، مدت هدى يدها له لتساعده على الوقوف ، لكن بمنتهى الإهانة ، أبعد يدها من أمامه ، ورفع يده لحرف سريره ، ووقف وحده واستدار ليجلس عليه ، ثم أشار لكل من العامل والممرضة بالخروج ، ودون أن ينطق أحدهما ،سحب العامل الكرسى وخرج ، وتبعته الممرضة الأخرى بعد أن مدت يدها لهدى بنتيجة الأشعة .

وقفت هدى أمامه لم تتحرك ولم تحاول مساعدته مره اخرى ، بينما هو يحاول التحرك على السرير لينام ،
لكنه تعثر بشكل بسيط ، رفع عينه لهدى وهو يقول

...ليش واقفة هيك ، مش مفروض تساعدينى ..

...جيت أساعدك مرة رفضت ، استنيتك تطلب لوحدك ...

...من غير طلب ، تعملى اللى ابغيه. ..

...وهعرفه منين إلا إذا قلت ...

نام بوضع غير مريح واغمضت عينه من الإرهاق ، فاشفقت عليه هدى واقترب تعدل وضع المخدة من تحت رأسه ، فتح عينه ونظر لها

...اتركيه ، أبى انام شوى ...

أبتعدت هدى وعينيها معلقة به تفكرا فى حاله ، تدرجا من الأمس لليوم ، وقالت فى نفسها وهى تبتسم. ..صحيح ، البنى آدم بق فى الفاضى ...

فى نفس اللحظة فتح عينيه فجأة على ابتسامتها وهى تقف أمامه، 

... بتضحكى على إيش ، أبيكى معجبة يمة. ... 

...ههههه ، ياريت ، بس انا مرتبطة ...

قالت كلماتها الأخيرة وهى تأتيه بطاولة الحقن باتجاهه، 
...إيش هاد ...

...ميعاد الحقن ، وبعديه الفطار ، وبعديه مساج الضهر ، وبعديه ...

...بيكفى ، إيش كل هاد ، قلتلك ابغى انام ...

...خلاص ، الحقن وبعدين تفطر وبعديها نام ، والباقى نكمله لما تصحى ...

يبدوا أنه أعجب بطريقة تعاملها معه ، فهى ثلثة التعامل مع المريض حتى وإن كان غاضبا ، 

********************

خرجت من غرفته بعد أن تأكدت انه قد نام ، وجلست فى الصالون ، تراقبه من خلف الشباك الزجاجى ، 

أمسكت بتيليفونها واتصلت بهايدى ، وبمنتهى الهدوء أجرت معها هذا الحوار ، حتى تصل منها للحقيقة، 

...ايوة يادودى، روحتى ولا لسة عند ماما ...

...كويس ، بصى والنبى ياهايدى ، عايزاكى تصوريلى الشريط اللى اديتينى منه الصبح وتبعتيلى الصور على الواتس. ..

...اشمعنى يعنى ...

...بصراحة عجبني، الصداع راح على طول ، وكنت عايزة اوريه للصيدلى هنا يجيبلى زييه ...

...مش هتلاقيهه، مبيبقاش موجود فى الصيدليات. ..

...وانتى عرفتى منين ، سألتى عليه قبل كدة ؟

...لا ابدا ، بس لما اداهولى قاللى كدة ...

...مين ده ، المعدول جوزك ؟

...أه ، تانى يوم فرحك ، كان عندى صداع جامد ، ادانى قرص ، عجبني بقى زى ما عجبك كدة فسألته عليه ، قام ادانى الشريط ده ...

...يعنى انتى لسة بتاخدى منه من قريب اوى كدة ...

....أه ، من اليوم المنيل بنيلة ، يوم فرحك ده ...

...يعنى حوالى كام قرص كدة ...



...باين تلاتة ، بس ليه كل الاسئلة دى ، قلقتينى ...

...قوليلى الأول ، أمك جمبك ...

..لا ، دا انا فى الشقة إللى فوق ، بلم الغسيل ...

...كويس اوى ، عندى سؤال ليكى وعايزاكى تجاوبى بصراحة ...

...متقولى ياهدى ، قلقتينى ....

...جوزك مدمن ياهايدى ؟

...مدمن ! يعنى إيه ؟

...مش عارفة يعنى ايه مدمن ، بيتعاطى حاجة ...

...معرفش ، بس ليه ...

...عشان الشريط اللى ادهولك ده ترامادول يافالحة. ..

...ترامادول ،،،يانهار اسود ،، يعنى انا دلوقتى مدمنة ...

...لا ياستى ، مش مدمنة ، انتى بتقولى مخدتيش منه غير مرتين أو تلاتة ...

...أه والله ، مش اكتر من كدة ...

...خلاص ، يبقى مش مدمنة ، انا عايزاكى بس تهدى وتسمعينى كويس ...

...اهدا ، اهدا ايه ، ابن الكلب كان هيخلينى مدمنة ، بس أما اروحله ، وربنا لأفضحه ، والله لأجيب طين واحط على دماغه ودماغ اللى خلفوه ...

...الو ، الو ، هايدى ، ردى ، يابنت المجنونة ، قال اسمك هايدى قال ، حقهم يسموكى عطيات. ..

اتصلت هدى بهوايدا ، أختها الكبرى ، وشرحت لها باختصار ما حدث .

... سيبك من اللى هتعمله هايدى ، انتى عاملة ايه ...

...ياستى انا كويسة ، حمدت ربنا أن منى كانت معايا والا كانت هتبقى مصيبة ، المهم الحقى البت بس وخليها متعرفوش أنها عرفت ، وكلمينى وانتى معاها ...

لم يمر أكثر من 10 دقائق حتى اتصلت هوايدا بهدى ،وهى أمام هايدى ، ووالدتها أيضا حضرت الموقف وعلمت ما حدث ،

...ها ياهوايدا ، لحقتيها. ..

...لحقتها على السلم ، كانت فعلا خارجة خلاص ...

...اديهالى اكلمها ...

أعطت هوايدا لها التيليفون 

...إيه ياهدى ...

... إيه ياهايدى ، انا كنت فاكراكى أعقل من كدة ..

..فين بس العقل فى حاجة زى كدة ....

...العقل مايكونش إلا فى كدة ..

...يعنى إيه. ..

..يعنى تهدى و تعملى اللى هقولك عليه بالظبط ..

...قولى ياهدى ...

...الشريط اللى معاكى مترموهوش ، يفضل معاكى ، وتفضى منه كل يوم قرص وترميه من غير ما هو يعرف ، كأنك بتاخدى منه زى ما قالك ...



..،وبعدين ...

...تحاولى تفهمى منه بذكاء كدة ومن غير متحسسيه انك عارفة ، إذا كان هو مدمن فعلا وفكرة انه اداكى حاجة زى كدة عادى يعنى ، ولا هو متعمد يعمل فيكى كدة ...

...كمان ، يانهار اسود ، يعنى ممكن يكون عايز يخلينى مدمنة ...

...أه ، وليه لأ ، ما انتى عارفة أخلاق جوزك ، اسمعينى ، انا مش هقدر أطول اكتر من كدة ، اقعدى مع أمك وهوايدا وحاولى تشوفى هتنفذى الموضوع ده ازاى ، ولو قدرتى تباتى عند ماما انهارضة يبقى احسن ، تكونى هديتى خالص ، احسن انا حاسة انك لو شوفتيه انهارضة هتولعى فيه بجاز. ..

...هحاول ياهدى ...

...حاولى بجد ياهايدى، لازم تمسكى اعصابك ، وهبقى اكلمك تانى ، ادينى ماما اكلمها بقى ، 
ايوة ياماما ، حاولى متخليش هدير تروح بيتها الليلادى ، انشالله حتى تقولى انك تعبانة و عايزاها جمبك ، ماشى ، هكلمكم تانى ، سلام ...

أنهت هدى مكالمتها ، ووضعت رأسها بين يديها مما يعتلى عقلها من أفكار دائما ما تسبب لها صداع مستمر ، رفعت وجهها ، فانتفضت فجأة ، فهناك من يجلس ليتابعها ولم تنتبه له ، اتجهت له وهى تقول

... حضرتك صحيت امتى ؟

...من حين ما كنتى بتسألى هايدى عن الشريط. ..

...هو انا كان صوتى عالى اوى كدة ... 

....ماانك حاسة ...

...مش اوى ، كنت مركزة فى الموضوع شوية ... 

...بس ماشالله عليكى ذكية وترباية. ..

... ذكية وفهمتها ، إنما ترباية دى يعنى ايه ...

ضحك بصوت عالى نسبيا على طريقتها فى الكلام ، لكن قبل أن يجيب ، ظهر صوت آخر من عند الباب 

...هالله هالله ، الضحكة من الدان الدان ، 
رقيتك ياأبا خالد ...

ثم اقترب منه وانحنى على يده وقبلها ، فقال الأمير 

...اي والله ، على أساس خالد ما ترك أبوه ...

...لا والله ياأبى ، أبى اخلص كل اللى عندى للحين ، حتى افوق لأبا خالد ..

كل هذا وظهره لها ، لم ترى وجهه بعد ، وهو أيضا ،

عندما وقف واستدار لها والتقت الأعين ، تجمدت مكانها ولم تتحرك ، وهو أيضا ، على نفس الحالة ، 

إنه هو ، شاب المترو ، ذات العيون الساحرة ، 

ليس من الممكن أن يكون الحظ أسوأ من ذلك ابدا ....

يتبع



إعدادات القراءة


لون الخلفية