انسحبت هدى بهدوء ، حاولت الابتعاد قدر الإمكان عن الجموع والزحمة ، اتجهت لركن خاص لا يوجد فيه الكثير ، كان يبدوا كشرفة على طول الحائط تطل على النيل ، وقفت أمامه ، تنهدت بحزن على الحال الذى وصلت له مع زوجها ،
...هدى ...
نداء باسمها من صوت مألوف صدر عن شخص يقف خلفها .
التفتت هدى ، واتسعت عينيها من المفاجأة .
.....معقول ....
...ليش لأ ...
... أنت بتعمل هنا ايه ...
...أنا؟ ، ايش انتى بتعملى هنا ؟ هذى اول مرة اشوفك ، لكن بصراحة ، مفاجأة جميلة ...
...لا جميلة ولا وحشة ، كأنك مشوفتنيش ...
...إيش تقولى ، وكيف اقدر وانا ما صدقت ...
... بعد اذنك ... وهمت بالحركة لولا انها فوجأت بزوجها أمامها ، كيف ظهر هكذا فجأة ولم تره اتيا من بعيد .
...هدى ، ايه ، فى حاجة ؟
عندما رفع عينيه للواقف أمامه بعدما استدار له ،
...مش ممكن ، الامير فيصل ، أهلا وسهلا يافندم ...
...أهلا ...
...تشرفنا حضرتك ، حصل حاجة ، هدى دايقت حضرتك فى حاجة ...
صدمت هدى من كم الخضوع والتحايل التى عليها زوجها مما أصابها بالحرج الجارف من الموقف ، خاصة أمام هذا الشخص المستفذ بالذات .
...لا ابدا ، هى مدام هدى تبقى ...
...المدام يافندم ، المدام بتاعتى ، وأنا المهندس عمر عبد الفتاح صاحب مكتب Light الهندسى ...
...أه ، أهلا وسهلا ...
لاحظ عمر كم نظرات فيصل لهدى التى بدأت تتضايق منها ، ،
..هو حضرتك تعرف هدى من قبل كدة ...
رفعت هدى رأسها فجأة لفيصل بحركة رفض ايمائية، ففهم ما تريد ،
...لا ، هذى اول مرة نتعرف ، رأيتها واقفة لوحدها ، كلمتها. ..
ارتدت روحها اليها بعد تصريحه هذا ، لتفاجئ برد زوجها الصادم
...ده شرف لينا يافندم ، اتفضل حضرتك أشرب حاجة معانا ...
تدخلت هى فى الحوار ...أنا تعبانة وعايزة أمشى ...
...هدى ... قالها زوجها باستنكار
...حصل خير ، واضح عليكى مدام هدى ، واكيد راح نتقابل مرة تانية ..
رد زوجها ...اكيد أن شاء الله سيادتك. ..
ثم تركهم فيصل وذهب ، وتبعه فردى الأمن الواقفين بالقرب منه ،
...إيه ده ؟ انتى اتجننتى ، فرصة من السما وجت لحدنا ، تقومى تتصرفى بالشكل ده ...
...فرصة ايه ، ده بنى ادم سافل ، ده كان بيغازلنى ...
..واحنا مالنا بأخلاقه ، المهم العقد ، وبعدين هنا كله بيجامل كله ، هتلاقيكى انتى اللى فهمتيها أنها غزل ، بس مشكلة ، واضح انه معجب بيكى ، اكيد هحاول مرة تانية يكلمك ...
...عمر ، ايه اللى بتقوله ده ...
...إيه ، بقول هيحاول يكلمك ، قلت حاجة غلط ، بس تصدقى ، مكنتش اعرف ان سرك باتع كدة ، أول مرة تحضرى حفلة ، وأول ما توقعى ، الامير فيصل بنفسه ، أكبر راس فى التعاقد كله ...
...أنت اتجننت، مش مكسوف وانت بتقول كدة ...
..ليه ، هو انا بقولك نامى معاه ، بس اديله ريق حلو لو جه يكلمك تانى بدل الوش الخشب اللى انتى مركباه ده ...
...انت فعلا انسان مش ممكن ، وأنا مش قادرة اسمع اكتر من كدة ، انا ماشية ...
فوجئت بيده تقبض على ذراعها بقوة آلمتها
...استنى عندك ، ماشية راحة فين ، إحنا هنفضل لحد ما الحفلة تخلص ، وانتى بالذات ...
...عارف لو مسبتش ايدى ، هصوت وافضحك فى وسط الحفلة اللى انت فرحان بيها دى ...
وبنظرة تحدى منها ، تهاوى هجومه ، فهو يعرفها جيدا ، ستفعلها أن صمم أمامها، أطلق صراح يدها ،
عدلت من هندامها وهى تقول
...عارف ، الحق مش عليك ، انا اللى استاهل لأنى وافقت اجى معاك هنا ، وأنا عارفة قد ايه انت أخلاقك واطية ، واطية ايه ، انت معندكش أخلاق من الأساس ...
أنهت جملتها وتركته وذهبت ، بدأ يتلفت حوله ليتأكد أن كان قد سمعهم أحد أم لا ، وبنظرة واعدة وصوت اقرب للهمس ، قال
...أنتى عديتى حدودك اوى ياهدى ، وكفاية عليكى كدة ، بس الأول أوصل للى انا عايزه ...
*******************************
استقلت تاكسى لتعود لبيتها ، كانت تتمنى أن تتجه لمنزل والدتها ، لكن الوقت لن يسعفها لذلك ، فالساعة تعدت الواحدة صباحا ولا تستطيع العودة لمحافظة أخرى وحدها فى هذا الوقت ، والسافل زوجها تركها ، ولم يخرج معها حتى لاعادتها للمنزل ،
وهى فى الطريق ، رن هاتفها ، كانت هوايدا أختها ،
... أيوة ياهوايدا ، انا كويسة الحمد لله ،، مش ماما قالتلك ،، لأ الحفلة خلصت وخلاص مروحة ،، انتوا وصلتوا البيت ،، كويس ،، خالد ياهوايدا ،، خدى بالك منه لحد ما اجى بكرة ،،، هايدى صممت تاخده ؟ ،، طيب ماشى ، بس أبقى بصى عليه برده ،، ماشى ،، سلام يادودو ...
فتحت باب الشقة ودخلت ، اغلقت الباب ، ولم تسعفها قدمها للدخول ، جلست مكانها خلف الباب ، لا تصدق ما تفوه به زوجها للتو ، لقد وصل به الانحطاط ليستخدمها ، كمقود يتاجر بنسائه ليصل لما يريد ،
وهى الآن السلعة المستخدمة ، قالت بتنهيده
... واضح ان ملكيش أى نصيب فى الفرحة والأمان ياهدى ، وهتفضلى طول عمرك كدة ، ومفيش تغيير ...
كانت على عتبة الدخول فى البكاء ، ولكن رنة هاتفها انقذتها من الدخول فيه ، مسحت وجهها سريعا لتستعيد تركيزها عندما رأت اسم المتصل
...يابنت المجنونة ، بتكلمينى ليه دلوقتى ...
...مش انتى اللى قولتيلى ..
...إيه ده ، لحقتوا ، ده الواد جامد بقى ..
...الله وأكبر ، سم الله كدة ياهدى ...
..هههههههههههههههه ، والله ، أه ياجذمة ، بس المهم ،انتى عاملة ايه دلوقتى ..
...الحمد لله كويسة ...
...بجد ، كويسة كويسة يعنى ، ولا كويسة كويسة من الناحية التانية ...
...لا والله ، كويسة الحمد لله ...
...باين على صوتك ياحبيبتى ، عملتى كل اللى قولتلك عليه ...
..عملته كله ، وهو ساعدنى كمان ...
...كويس ، ده طلع واد حنين ، أما انتى طلعتى سهنة ، أى واحدة فى الوقت ده بتبقى تعبانة ومستموتة فيها ، انتى ماشاء الله ، صوتك زى الجرز أهو ...
...مش بقولك سم الله ياهدى ، وامسكى الخشب ...
...هههههههههههههههه ، بسم الله الرحمن الرحيم ياختى ، والغضمفر فين ...
...فى الحمام ...
... حمام الهنا ، اتعشيتوا ولا لسة ...
...لسة ، أما يخرج من الحمام ...
..،بالهنا والشفا ، مبروك ياهدير ، الف مبروك ياحبيبتى ، فرحتينى ياقلبي ...
...ربنا يخليكى ليا ياهدى يارب ...
...يلا روحى لجوزك بقى ، لا إله إلا الله ...
...محمد رسول الله. ..
كانت هذه المكالمة قد اخرجتها بالفعل من الحالة التى كانت عليها ، تمتمت باسمة
...والله ونصفك ربنا فى بناتك ياحاجة هدية ...
**************************
لم يعود عمر ليلتها للمنزل ، خرجت هدى مبكرة لكى لا تراه ، اتجهت لمنزل والدتها ، قضت اليوم هناك دون حتى اتصال واحد منه ليطمئن عليها ، حتى أن والدتها لاحظت تجهمها طوال الوقت ، وسألتها ، لكن خدى انكرت وجود شئ يدايقها،
بعد الساعة الثالثة ، اتجهت هدى بسيارتها ومعها والدتها واختاها هوايدا وهدير ، وتركوا الأطفال فى رعاية هيام التى كانت حامل فى الشهر السادس، ولن تتحمل المشوار ، سلموا على العريسين ، واعطوا الهدايا لهم ، ولم يمكثوا كثيرا ، عادت بهم للمنزل ، وأخذت خالد وبدأت رحلة العودة لمنزلها ،
وصلت لشقتها فى حدود الساعة الثامنة مساء ، وجدت عمر ينتظرها فى المنزل ، قابل خالد بالاحضان ، ويبدوا انه أحضر له لعبة ، تركتهم هدى ودخلت غرفتها ، تحممت وغيرت ملابسها ، اتجهت للمطبخ وصنعت كوبا من الشاى ، وجلست فى الشرفة لتشربها ، خرج عمر من غرفة خالد ، واتجه لها فى الشرفة ،
...خالد فين ؟
...نام ...
...من غير ما يغير هدومه ..
...أنا غيرتله هدومه ...
اندهشت من كلامه ... نعم ...
...غيرتله والله ونيمته ، هو كان فاصل اصلا ، خد سوبر مان فى حضنه ونام ...
صمت وصمتت ، استطرد قائلا
...وانتى مش هتنامى .. قالها وهو يقترب منها
...خليك عندك ، لا مش هنام ، قاعدة شوية ...
... ماشى نسهر ، ثوانى ، انا عندى حاجة ليكى ...
دخل وعاد بعد ثوانى بعلبة فتحها ووضعها أمامها.
...إيه ده ..
...كوليه الماظ ، أول ما شوفته ، قلت ليكى ...
رفعه ليلبسها اياه ، مدت يدها وردت يده وهى تقول
...شكرا ، مش عايزة حاجة ...
..ميبقاش قلبك اسود بقى ياهدى ، اعتبرينى مقولتش حاجة ، انا اسف ...
...انتهينا ياعمر ، معنديش كلام اقولهولك. .
وقفت ورفعت كوبها ، وتركته وذهبت وهى تقول
...أنا هنام فى اوضة الضيوف من هنا وجاى ...
تمتم وهو يضع الكوليه فى علبته
...الصبر ياهدى ، يومك جاى ...
مر أربعة أيام على هذا الحال دون تغيير ، فى عملها طوال اليوم ، تعود لتأخذ ابنها من الحضانة ، وتعود للمنزل ، تمكث معه طوال اليوم ، حتى ينام ، ثم تدخل لغرفة الضيوف ولا تخرج منها إلا تانى يوم صباحا.
فى أحد الليالى ، عاد قبل أن تدخل غرفتها ، وكان متعمدا ذلك ، كانت فى المطبخ، تعد شيئا لتأكله قبل أن تدخل صومعتها اليومية ،
..مساء الخير ياهدى ...
لم ترد واكتفت بايماءة
...عاملة ايه انهارضة ...
...الحمد لله ، هات من الاخر ...
... بطمن عليكى ، ولا مش ناوية ترضى عنى ...
... مليش مزاج أتكلم ياعمر ، تصبح على خير ...
حملت طبق طعامها و متجهة للغرفة ،
استوقفها قائلا ...استنى بس ، عايزة اتكلم معاكى فى حاجة ضرورى ...
استدارت له وهى تقول ...منا قولت ، هات من الاخر. ..
اتجهت لأقرب كرسى وجلست ...اتفضل ، خير ...
... طلب ، وارجوكى تقبلى ، واوعدك مش هطلب منك حاجة تانية ابدا ...
...من غير مقدمات ، قول اللى عندك ...
... أصحاب المشروع عازمين كل اللى متقدمين للتعاقد مع الشركة ، يوم الجمعة ...
...لأ ، من غير ما تكمل ...
...افهمى بس الأول ..
...من غير ما أفهم ، لأ ...
... ده مجرد open day ، هنقضى طول النهار هناك وهنرجع فى أول الليل ...
رفعت هدى طبقها وتحركت من أمامه وهى تقول
...أنا قلت لأ ، مش هروح يعنى مش هروح ...
وبعد أن تحركت خطوة عادت ووضعت الطبق على الطاولة بعنف وهى تقول ...نفسى اتسدت. ..
دخلت الغرفة وأغلقت الباب من الداخل ، جلست على حافة السرير ، وهى تفكر ، وداخلها اثنان يتصارعان،
..وايه المشكلة ، ماتوافقى ...
...أوافق أذاى ، ايه الجنان ده ...
... إيه الجنان فى كدة ، مش يمكن تقابلى فيصل هناك ...
...كاك خيبة ، ما هو ده السبب الأساسى اللى يخلينى مروحش ...
...بالعكس ، ده السبب الأساسى اللى يخليكى تروحى، مش يمكن تعرفى منه حاجة عن ابنك ..
...ابنى ، معقول حلمي هيتحقق ، وتفتكرى فيصل ميعرفش اللى حصل ..
...وحتى لو ميعرفش ، ممكن يكلمك عنه على أنه ابن خالد وليان ، اهى أى معلومة والسلام ...
...خلاص أقوم اقوله أنى موافقة ... وهمت بالوقوف ثم عادت وجلست مرة أخرى وهى تقول لنفسها
...استنى ، مش على طول كدة ، هو لسة بيقول انه يوم الجمعة ، يعنى قدامك وقت ، أبقى قوليله بكرة ...
تانى يوم بعدما جهزت كل شئ للخروج كالعادة ، استيقظ وهى على وشك الخروج ، فأخبرته بكلمتين وبعدها خرجت ،
...عمر ، انا موافقة أحضر معاك ال open day..
ومن وقتها حتى يوم الجمعة لم يختلف الطريقة التى اختارتها فى التعامل معه ، فقد قررت مسبقا الفراق ، لكن الموضوع مسألة وقت لا أكثر ....
************************
يوم الجمعة ، جهزت كل شئ ، شنطة بها ملابس تكفيهما ليوم واحد ، وخالد قد ذهب مسبقا لجدته يوم الخميس ليلا ، ليقضي الجمعة كله عندها ،
خرجت من الغرفة وجدته مستيقظا وينتظرها ، وبالفعل تحركت السيارة الساعة السابعة صباحا فى اتجاه الفيوم ، لم تتحمل هدى الجلوس طوال هذه المسافة ، فظهرها يؤلمها منذ الولادة الاولى ، فتحت الكرسى أكثر ، ومالت عليه ، وغلبها النوم رغما عنها ، ولم تستيقظ إلا عند دخولهم من باب المزرعة ،
كانت المزرعة بالفعل ضخمة ، استمرت السيارة فى السير لمدة 20 دقيقة من باب المزرعة حتى وصلت لباب المنزل الداخلى ، ترجلا من السيارة أمام المنزل الضخم ،
...هو فين الناس اللى هنا ، انا مش شايفة غير الأمن من ساعة ما دخلنا ...
..يمكن جوا. ..
...ومال الأمن كتير كدة ليه ، هم هيحاربوا. ..
...ياستى ، ناس واصلة وخايفين على نفسهم ...
فوجأت بخروج فيصل ليقابلهم عند الباب ، لم ترتاح هدى لنظراته المتكررة ، لكنها تجاهلته تماما ، وتركته يتحدث مع عمر ،
دخلا الفيلا ، حمل الخادم الحقيبة ، واتجه لأعلى ، قال لها عمر
... اطلعى ياهدى ، ارتاحى لحد ما اخلص شوية شغل مع الأمير فى المكتب هنا وهحصلك ،
لم ترتاح للموقف منذ بدايته لكنها اذعنت لطلبه وبدأت فى صعود السلم ، لكنه اوقفها مرة أخرى
...معلش ياهدى ، تيليفونك بس ، محتاجه فى مكالمة ، مش معايا رصيد ...
...رصيد ايه، انت على باقة وكبيرة كمان ...
...خلصت والله ، ايه يابنتى ، مش مستغنية عن دقيقتين من رصيدك ولا ايه ...
فتحت حقيبتها والغضب على وجهها واعطته الهاتف ، وعادت للصعود ،
أعطى الهاتف للأمير فيصل ، وكل منهما على وجهه ابتسامة ذات معنى معين ، ثم قال
..انا كدة نفذت ، دور حضرتك بقى ...
.. مثل ما قلت ، توصل مكتبك ، تجد العقود فى انتظارك ، ومدير مكتبى راح يسوى كل شئ ...
...وهدى ...
... ايش بيها ، انا على وعدى ، السيارة راح توصلها لباب بيتك وقت ما انتهى ، مع السلامة ياعمر ....
...وهدى ... كان هذا سؤال عمر
... ايش بيها ، انا على وعدى ، السيارة راح توصلها لباب بيتك وقت ما انتهى ، 24 ساعة مثل ما قلت ، ، مع السلامة ياعمر ....
تردد عمر فى الخروج
...إيش بيك ، ندمان ، ولا بدك ترجع فى اتفاقنا وتتنازل عن العقد ...
...لا ابدا ، بعد اذنك ...
خرج من الباب واتجه لسيارته واستقلها وهو يقول لنفسه ...معلش بقى ياهدى ، كدة كدة كنا هنسيب بعض ، كان لازم الحق نفسى واستفيد برده ...
كانت هدى تقف فى الشباك عندما رأته يتحرك بالسيارة ، لم تفهم ما يحدث ، إلى أين يذهب ويتركها هنا ، اتجهت لحقيبتها لتأتي بتيليفونها ، فتذكرت انه أخذه منها ،
استدارت لتخرج ، وجدته يقف عند الباب ويده فى جيوب بنطلون ،
... أنت هنا ليه ، وعمر راح فين ...
...طار ...
...أفندم ، طار يعنى ايه ؟
..يعنى أنهى المطلوب منه وطار وماراح يرجع ...
...مطلوب منه ، هو ايه ، انا مش فاهمة حاجة ...
أخرج يده من جيبه واتجه لداخل الغرفة وأغلق الباب خلفه ، وهو يقول
... انتى ، انتى ياهدى هو المطلوب منه ، زوجك المحترم وافق انه يسلمنى اياكى لمدة 24 ساعة ، تكونى فيهم ملكى انا ، مقابل عقد الصفقة الجديدة يكون لمكتبه ...
...ياولاد الكلب ، انا هوديكوا فى داهية ، ده خطف واغتصاب ...
...أى شى بدك اياه حبيبتى اعمليه ، لكن دالحين ، أبى استمتع بكل لحظة معك ، كنت اتمناكى من أول لحظة ريتك فيها ، لكن خالد ، اوه خالد ، أبى اشوف وجهه لما أرسله صورك وانتى باحضانى ياحلوة ، أبى أرد له كل شي سواه معى ، وراح تكونى ياهدى اول صفعة منى اله. ..
...إياك تقرب منى ، هصوت وافضحك والم عليك الناس ...
...ناس مين ياحلوة ، انتى بأملاك فيصل الخاصة ، وما فى مخلوق يقدر يدخل ، ومن الأساس صوتك ما راح يوصل لحدا، بس صوتى ، أبى اسمع صوتك وانتى بتصرخى. ..
حاولت الفرار منه لكنه أمسك بها ، كل زراعيها خلف ظهرها بيده ، وبدأ فى محاولات تقبيلها، وهى تحرك رأسها يمنى ويسرى، لتهرب منه ، وهى تصرخ فى نفس الوقت ، ثبتها فى الحائط ، أصبحت حبيسة جسده والحائط ، ، استطاع الوصول لشفاها ليلتهمها، لكنه وبأقصى قدرة لديها ، احكمت أسنانها على شفته العليا لتدميها ،
تركها وابتعد بعد صرخة منه ، وتلمس شفته بأطراف أصابعه ليمسح عنها الدماء
...قطة برية ياهدى ، وأنا اعشق ها النوع من النساء ...
قال هذه الكلمات وهو يرفع عنه جاكته ويلقيه على الكرسى ،وتبعه بقميصه ،ووقف أمامها عارى الصدر ،
أيقنت هدى فى هذه اللحظة أن هذه هى النهاية ، لقد وضعت فى خانة لن تستطيع الفرار منها ، بدأت تبكى وتتلفت يمنى ويسرى ، فقال لها
...ما تحاولى عيونى ، ماراح تقدرى تسوى شئ انتى ملكى هالليلة هدى ، وافضلك توافقى ، وإلا راح يتم كل شى رغم عنك ..
...ابوس ايدك بلاش ، أى حاجة انت عايزها هعملهالك بس بلاش دى ..
...لا حبيبتى ، أبى أخد تمن العقد اللى ما يستاهله هالحيوان زوجك ، وراح اعرف بعدين ايش اسوى معه ، ...
واتجه اليها بخطوات بطيئة وكأنه يستمتع بتعذيبها البطئ، وقبل أن يصل إليها دق باب الغرفة ،
صرخ بقوة للواقف خلف الباب
...إيش فى ؟
...آسف سموك ، لكن عزت، مدير أعمال حضرتك تحت وبيقول أن حضرتك مستنيه ...
...اوووه ، نسيت موعد ها الحيوان ...
التفتت لهدى وهو يقول ، ...آسف حبيبتى ، شئ بسيط مهم ، راح انهيه وارجعلك ، أعطينى دقيقتين ...
مد يده وسحب قميصه ، ثم فتح الباب وخرج واغلقه من الخارج ،
جرت هدى للباب وحاولت فتحه ولم تستطع ، اتجهت للشرفة وهى تبكى ، رأته وهو يتحرك بعيدا باتجاه بعد الواقفين ، تلفتت فى أنحاء المزرعة ، وجدتها مملوءة بأفراد الأمن ، ازداد نحيبها، وهى تقول
...يارب ، يارب ، انجدنى يارب ، اعمل ايه بس دلوقتى ، انا حتى انا مش عارفة انا فين ، ومن غبائى نمت فى السكة ، ال واثقة فيه الواطى ، وبعدين ، مفيش مخرج ، مفيش تيليفون ، طيب اعمل ايه ، انجدنى يارب ،...
وانهارت من البكاء بجانب الحائط ، فجأة سمعت رنين هاتف ، مسحت دموعها وأخذت تتلفت على مصدر الصوت ، ، إنه تيليفونه الموجود فى جيب الجاكت الذى تركه ، أمسكت بالهاتف ، كان الرنين قد انتهى ، حاولت فتح الهاتف ، مغلق برقم سرى ،
دخلت فى نوبة جديدة من البكاء ، لكن فجأة رن الهاتف مرة أخرى ، رفعت الهاتف ، توقفت عن البكاء وتجمدت ملامحها ، واذداد انهمار الدموع من عينها مع نحيب بسيط ،
أنه خالد ، يتصل وكأنه يعلم ما يفعله ابن عمه بها ، لكن الرقم خارجى ، سعودى ، ليس هنا ، لن يستطيع فعل شئ ، لكن يكفيه الوجع عندما يعلم ، فتحت الخط فى اخر لحظه ليأتيها صوته الذى ما زالت تتذكره جيدا ،
... بالله ، على أساس مافى شي مهم ، عيل انا بلعب معك ، ليش ما بترد ؟
ازداد نحيبها بعد سماع صوته ، وصله صوتها
...مين معى ..
...أنا ...
...هدى ...
..فاكر صوتى أهو ..
...هدى ، إيش بيكى ، وليش تبكى بهالشكل ، وينه طلال ، وليش تيليفونه معك ...
كان قلقه بل فجعه عليها واضح من صوته ، لكن بعد كل هذه الأسئلة ، لم تتمالك نفسها وتحول النحيب لبكاء عالى الصوت ، رق صوته وبدأ يتحدث باللهجة المصرية ،التى يتقنها جيدا
...هدى ، ارجوكى ، فهمينى فى ايه ...
حاولت تمالك نفسها وقالت .
...مش هتقدر تعملى حاجة ، انت فى اخر الدنيا ، من يوم ما عرفتك وانت مبتقدرش تعملى حاجة ، بتتفرج عليا وانا فى النار ومبتحاولش تساعدنى ...
كانت كلماتها كخناجر تشرح فى جسده ، ذكرته بكلامها فى اخر لقاء بينهم ...أنت ضعيف ياخالد ،ضعيف ومش هتقدر تعمل حاجة ...
أكملت ما تقول وهى تبكى
...والمرة دى كمان مش هتقدر تساعدنى ، ابن عمك هيدبحنى ومش هتقدر تعملى حاجة ...
...هدى ، براحة وفهمينى ارجوكى ...
... اتفق مع جوزى يجيبنى هنا ، واشترانى منه بصفقة هيعملها معاه ...
...عملك حاجة ...
...ملحقش ، بس ناوى ، قفل عليا الاوضة وهيرجعلى تانى ...
...أنتى فين ...
...مش هتفرق ...
وبصوت عالى صرخ فيها ...ردى عليا ، انتى فين ..
...معرفش ، كل اللى أعرفه أنى فى مزرعة فى الفيوم ...
...عرفت انتى فين ، خليكى معايا على الخط ثوانى..
...خالد ، خالد استنى ...
رفعت الهاتف من على اذنها ونظرت فى شاشته وجدت الخط مفتوح ، قامت من مكانها ، ووقفت بجانب الشرفة تراقبه ، عاد خالد على الخط
...اسمعينى كويس ، كل اللى عايزه منك انك تحافظى على نفسك تلت ساعة مش اكتر ، وهيجيلك اللى هيخرجك ...
...مش هيعرف يدخل ، الأمن هنا كتير ...
...دى مش مشكلتك ، نفذى اللى بقوله وبس ...
رق صوته وقال بهدوء ...هدى ، حبيبتى ، انا عارف انك مبتثقيش فيا ، وعارف أنى خذلتك كتير ، بس ارجوكى ، امسكى نفسك المرة دى بس ، ربع ساعة من دلوقتى ....
هدأت قليلا وهى تقول بهمهمة
... طيب ، ربع ساعة بس ، طيب ..
رفعت عينيها للشباك مرة أخرى ، فلم تجده ، ووجدت الرجل الواقف معه فى اتجاهه للخارج
... ده راجع ، جاى دلوقتى ، ....
... اهدى ارجوكى ، مش عايز منك غير انك تكسبى وقت مش اكتر ، العقل هيجيب مع فيصل اكتر ، ولا اقولك ، خليكى على الخط ، وأما يدخل ، اديله التيليفون ، وأنا هشغله عنك ...
...ماشى، انا
ولم تكمل كلامها لأنها فوجأت به أمامها ، مد يده دون أن يتحدث وأخذ الهاتف من يدها ، ونظر إليه ليتأكد انه هاتفه وأيضا ليرى اسم المتصل ، ثم رفع عينه لها وهو يقول
... فتحتيه أذاى ؟
ثم وضعه على أذنه ليأتيه صوت خالد وهو يقول
...هدى ، هدى ردى عليا ..
.... حبيبى ياخالد ...
...فيصل ، إيش راح تسوى فيها ، إياك وهدى فيصل ، إياك وهدى ...
... إيش هاد ، يهمك أمرها ، والله ما كان عندى علم ياابن عمى ، ولو كان ، كنت سويت هاد من وقتها ، واحرق قلبك عليها ...
...إيش تبى فيصل وتبعد عنها ...
... إيش أبى ، بالله عليك خالد ، انت سويت فيا كل شئ ، قصيتنى من العيلة والشغل وكل شي ، بعقلك ، إيش أبى ...
وبصوت عالى يكاد يكون صرخة ممزوجة بغضب عارم ، قال
... أبى تعيدلى كل شي خالد ، مكانك وفلوسك والعيلة والمجموعة ، كل شي حصلت عليه فى السنين الماضية ، كل هاد كان إلى انا ، خالد ، إلى انا ...
...راح نتفاهم فيصل ، لكن هدى مالها ذنب فى كل هاد ، اتركها لحالها ...
... بتحبها ، اوه خالد ، والله بتحبها ، هذى اول مرة أسمعك تتكلم بهذى الطريقة ، طيب ليش ابن عمى ،
ليش ما بقيت فى مصر ، ليش ما عدت الها ، انت مطلق من 5 سنين ، ليش ما عدت وخلصتنى منك ...
جملة مطلق من 5 سنين جعلت هدى تتسع عينيها من الدهشة ، ولاحظها فيصل
...اوه ، هدى ما عندها علم بطلاقك ....
ثم تحولت عينيه لهدى وهو يقول
...أه حبيبتى ، خالد مطلق من 5 سنين ، طريقك إيله كان مفتوح ، مطلق وابنه مات وعاش وحيد من خمس سنين ..
نزلت كلماته كصاعقة على هدى ، اتسعت عيناها أكثر وفتحت فاها، وبدأت أنفاسها تتصارع ،
للحظة تخيل فيصل أن هذا رد فعل طبيعى منها ، حتى أتاه صوت خالد وهو يصرخ فيه
...بيكفى فيصل ، بيكفى ، والله العظيم راح اقتل بأيدي ، وما راح يشفع ليك شى ...
بدأ فيصل يتمعن فى وجهها أمامه ، وفى صوت الصارخ فى أذنه ، ليدرك نتائج جديدة فى علاقة الاثنان ، بالتأكيد الحكاية ليست حب فقط بينهم ،
أما عن هدى فبدأت تفقد توازنها بعد جملة فيصل
وهى تتمتم لنفسها ..مات ، مات ...
لن فيصل لم يهتم بكل هذا ، فقرر تأجيله ، الآن يجب فعل شئ آخر لينتقم من ابن عمه ، ولن يترك هذه الفرصة تذهب سدى ،
أحكم التيليفون على فمه وهو يقول لخالد
...أبى اوجعك خالد ، ما تتخيل كيف أبيها ، راح ارسلك صورها معى وهى فى احضانى ، هدية منى الك...
وأغلق الهاتف وألقاه خلف ظهره ، ونظراته تتحول لنظرات صقر باتجاه هدى ، وبدأ يقترب منها ،
لكن هى كانت فى عالم آخر ، لم تهتم ، لم تعترض ، ولم تقاوم ، فقط تقف مستندة بظهرها على الحائط ، وعينيها موجهة للاشئ ، لقد فقدت للتو طفلها التى لم تراه .
اقترب منها فيصل ، لاحظ وجومها لكنه لم يهتم ،
وقال بهدوء ...إيش ، راح تستسلمى ...
بدأ بفك حجابها ، فك شعرها ليسدل على اكتافها ، ليتأمل فيها للحظة وهو يقول ... جميلة ياهدى. ..
وببطئ واستمتاع شديدين منه ، مد يده وبدأ بفتح أكباس الفست الذى كانت ترتديه حتى فتحه لنهايته ، سحبه للخلف لتتعري اكتافها ،
مال على رقبتها المكشوفة أمامه وبدأ بتقبيلها وكأنه أسد جائع يلتهم فريسته بعد طول جوع ، وشفتيه تتجول على رقبتها من الاتجاهين واكتافها ، ثم ابتعد لثانية وعيناه على شفتيها ،
لكن فى لحظة بداية اقتراب شفتيه من شفتيها ، صدعت أصوات طلقات نارية من كل اتجاه فى الحديقة ، افزعته وجعلته يتركها مكانها ليتجه للنافذه ليتبين ما يحدث وهو ينادى على حرسه ، ثم اتجه لباب الغرفة ، وقبل أن يخرج ، وجد ثلاثة رجال يعترضون طريقه، ومشهرين اسلحتهم فى وجهه .
يتبع