دخلت هدى للأمير ، اطمأنت عليه ، وبدأت فى قياس العلامات الحيوية ، فجأة وجدته يفتح عينيه وهو يقول
...مين انتى ؟
ابتسمت هدى ابتسامة بسيطة وهى تقول
...أنا هدى ، الممرضة ، حمدالله على السلامة ، حاسس بايه . ..
.. ألم ، صدرى بيؤلمنى ...
...ثانية واحدة اطلبلك الدكتور. ..
اتجهت هدى لتيليفون الغرفة واتصلت بالطبيب واخبرته بإفاقة المريض ، واخبرها انه سيأتى فورا .
اقتربت هدى للأمير مرة أخرى وهى تقول
...الدكتور جاى حالا ، بعد اذنك ، ممكن اقيس ضغطك لحد ما ييجى ....
اماء بالموافقة ، وأثناء تنفيذها لذلك ، قال بصوت واهن
...وينها دانية. ..
... تقصد مدام حضرتك ...
اماء بالموافقة ، وبدون تردد أو تفكير قالت
...لسة خارجة حالا ، قالت إنها هتحيب حاجة وترجع على طول ، أصلها هنا من الصبح بدرى ...
اغمض عينيه بعد إجابتها ، فسألته
...حضرتك حاسس بحاجة ...
...أنا طيب ...
...هو انا مش ضليعة فى اللهجة السعودية اوى ، بس واضح انك بتقول انك كويس ...
ابتسم من دعابتها ، وقال ...قولتى إيش اسمك ...
..هدى ...
دخل الطبيب فى هذه اللحظة ، حيا الامير ، وبدأ فى معاينته ، وقفت هدى لثوانى وهى تفكر فى أمر زوجته ، لماذا كذبت بشأنها ، كان من الممكن أن تخبره الحقيقة ، وأن هذه المتعجرفة السخيفة لا تقضى هنا أكثر من ساعتين يوميا لا أكثر ،
لكن هدى أشفقت عليه بعد سؤاله عنها ، ويبدوا انه يعلم جيدا أنها الوحيدة التى معه ، لهذا سأل عنها تحديدا ، ولكى تنقذ الموقف ، بحثت فى ملفه عن رقمها ، فعادة ما يكتبون أرقام أقرب الاقربين فى الملف ، خاصة لو المريض فاقد لوعيه ،
وجدت الرقم واتصلت بها من تيليفونها الخاص ،واخبرتها انه أستيقظ وسأل عنها ، واخبرتها أيضا بما قالته له ، اغلقت المرأة الخط وهى تقول
... I'm coming ...
ردت هدى فى همس بعدما اغلقت الهاتف
... تيجى مكسحة يارب ، نسوان زبالة ...
ثم عادت للغرفة ، وجدت الطبيب يقول ،
...حضرتك تمام اوى ، شوية تحاليل بسيطة ونطمن اكتر ، أشار لهدى لترى ما يكتب ، ثم أمائت بالموافقة، بعدها خرج الطبيب بعدما حيا الأمير مرة أخرى
بدأت هدى تجهز أدواتها لسحب العينة ، وظهرها له ، تفاجئت عندما وجدته يقول
...حكيتيهاا ..
استدارت له قائلة ...أفندم !
... حكيتى دانية وقولتيلها ..
ارتبكت جدا وتوقفت عن تجهيز أدواتها وهى تنظر له
ابتسم وهو يقول ... شلون دانيا تكون بتقضى اليوم جمبى ...
ثم ادار وجهه للجهة الأخرى وهو يقول
... ومتأكد أنها راحت وانتى اللى اتصلتى فيها ، صح ....
أمائت بالموافقة وهى صامتة ، ادار وجهه لها وقال
...بدى ماى...
...حاضر ...
أحضرت كوب ماء ، ثم رفعت الجزء الأعلى من السرير ليرفع رأسه قليلا ، ثم سندت رأسه ليشرب ،
فى نفس اللحظة دخلت زميلتها التى ستستلم منها الحالة ،
...دى سجدة زميلتى ، هتفضل مع حضرتك الليلادى لحد ما اجى بكرة ...
...وين رايحة ؟ ، مو انتى ممرضتى الخاصة ، وايش راح تسوى ، تسيبينى وتروحى ...
...فعلا ده حقيقى ، وأنا مع حضرتك فعلا من 3 أيام وده وقت راحتى ، المفروض انام ، بس انا فضلت اروح أزور أهلى ، واتمنى ان حضرتك تسمحلى بكدة ، مسافة الليل بس ....
غريب جدا بالنسبة له ارتياحه لهذه الفتاة ، رغم أنه لم يقابلها إلا من دقائق معدودة .
... الصبح بكير بتكونى هون ...
...بالتأكيد ، شكرا يافندم ...
اتصلت بمنى لتجهز نفسها ، فقد اتفقا أن يعودا سويا
ثم تقابلا عند الاسانسير ،
..أه ، باين عليكى ...
...هو ايه ده ...
...لما كلمتك ، معجبنيش صوتك ، ودلوقتى شايفاه على وشك ، انتى عاملة كدة ليه ؟
...أما نخرج هقولك ..
... بعدما خرجا من المستشفى ، وهما فى طريقهما للمترو .
...ها ياستى ، فى ايه ...
...الموضوع قلب مع أبويا بجد ....
...موضوع ايه ؟
... الجواز ، أبويا عايز يتجوز ، المحامى المحترم عايز يتجوز ...
...هههههههههههههههه ، وايه المشكلة ...
...متنرفزنيش ياهدى ، انا على أخرى لوحدى ...
...اهدى بس ، انا بتكلم بجد والله ، ايه المشكلة انه يتجوز. ..
..يعنى إيه ، أمى مكملتش سنتين ميتة ...
...الله يرحمها ، بس احنا ملناش دعوة بوالدتك دلوقتى، راحت عند ربها وارتاحت ، لكن ابوكى عايش وموجود ...
...ده عنده 48 سنة ...
...الراجل راجل لحد السبعين ...
... بس ياهدى ، انتى هتنرفزينى اكتر ...
نزلا من المترو واتجها لموقف السيارات ، وركبا الميكروباص التى ستوصلهم لمحافظتهم وبدأت الحديث مرة أخرى ،
...براحة كدة يامنى ، مثلا أبويا مات من اكتر من 15 سنة ، وأمى عاشت علينا ومفكرتش فى حاجة زى كدة ، لكن ابوكى راجل مهما كان ، وفى رجالة مهما كبروا مبيقدروش يعيشوا لوحدهم ، ولو شهرين حتى ، مش سنتين زى ما بتقولى ...
... يابنتى ، ده الناس هتضحك عليه ، هيقولوا بيتجوز وبنته عروسة، يجوز بنته الأول ...
...الناس الناس الناس ، الكلمة دى بقت بتتعبنى بجد ، الناس عملولنا ايه فى حياتنا غير الضياع والاذية ، وهو لا هيعمل حاجة عيب ولا حرام ، واكيد هينقى واحدة تناسبه ، وبعدين يجوز بنته فى ايه ، انتى كدة كدة مخطوبة وهتتجوزى بعد كام شهر ، واخوكى اتجوز وقعد فى بيت تانى بمراته، عايزين منه ايه بقى ، بقولك ايه فكيها كدة ، والله ، وبحلف بالله ، لو أبويا انا ، لأروح اخطبله بنفسى ...
وصلت هدى لبيتها وأثناء دخولها من باب البيت وقبل أن تصعد السلم ، وجدت صبرى زوج هايدى اختها أمامها ، وهو انسان عديم الأخلاق وغير سوى ، يحاول دائما التحرش بهدى .
...أهلا أهلا ، حمدالله على السلامة يادودو. ..
...الله ما يسلمك ، انت بتعمل ايه هنا دلوقتى ، الساعة عدت 10 ....
...أبدا ياسكر ، اختك ياستى نسيت تيليفونها، فجيت اخدهلها. ..
...وخدته ...
...أهو ....
...يلا ، مع السلامة ...
...بسرعة كدة ، ليه بس ، دا انتى وحشتينى والله ...
...الله يخدك ياشيخ ، جتك الارف ، غور احسن أعلى صوتى واسمع اللى فوق ، والكلام يوصل لمراتك. ..
وقبل أن تكمل أو يتكلم هو ، ظهر صوت الأم أعلى السلم ،
...مين اللى تحت ...
...أنا ياماما ...
قالت وهى تنزل السلم
...هدى ، حمدالله على السلامة يابنتى ، الله ، انت لسة هنا ياصبرى ...
...أنا كنت ماشى ياخالتى ، انا كنت واقف بسلم على هدى ...
...طيب ياابنى مع السلامة ...
خرج من الباب ، واغلقته هدى بعنف وغضب ،
...إيه ياهدى ، عملك حاجة تانية ...
..أهو بنى ادم سافل ابن كلب ...
...أنا قلتلك نقول لهايدى . ..
...وأنا قلتلك الف مرة ، مينفعش، مش هتنسالى ابدا ان جوزها بصلى ، مسيرها هتعرف هو ايه ، بس يبقى بعيد عنى ، عشان علاقتى بيها متتأثرش. ..
*********************
قضت هدى ليلتها تتسامر مع أمها وأخواتها ، هيام وهدير وهوايدا ، زوج هوايدا مسافر لاحدى الدول العربية كإعارة تابعة لعمله الحكومى كمدرس، لهذا هى قابعة عند والدتها معظم الوقت ، أما هدير فوعدت هدى أن تأتى لها مبكرا قبل ذهابها ،
خرجت هدى مرتدية ملابسها وجاهزة للخروج، وباقى الفتايات قد ناموا بعد سهرهم طوال الليل ،
...إيه ياماما ده كله ...
...سندوتشات. .
...دى حفلة سندوتشات دى ، هو انا ريحة رحلة للمدرسة وانا معرفش. ..
...إيه ، ده يادوب ، تفطرى انتى ومنى ، وعينى الباقي. ..
...ماشاء الله ، والبت هايدى مجتش. ..
...لا لسة ، زمانها جاية ...
...دا انا همشى ، ،ده الطريق لوحده بياخد اكتر من ساعتين ، هو انتوا معندكوش هنا أى حاجة للصداع ...
..،ياحبيبتى ،ابدا والله ..
... مبنمش كويس ياماما ، حتى فى السكن هناك ، تلاقى كل شوية واحدة داخلة وواحدة خارجة ، ساعتين الراحة اللى باخدهم ، مبعرفش انام فيهم ...
اتصلت بهايدى
...إيه يابنتى ، أمشى ولا ايه ، يلا بسرعة ، حودى على الصيدلية وهاتى حاجة قوية للصداع ، كويس ، معاكى ، قوية ، طيب بسرعة بقى ...
دخلت هايدى بعد حوالى عشر دقائق ،
..تصدقى انا كنت خلاص همشى ، يادوب هسلم عليكى وخلاص ، فين الأقراص. ..
...قولى كدة ، همك مصلحتك. ..
...بطلى رغى وقبى باللى معاكى ...
اعطتها هايدى شريط حبوب ليس له هوية
...هو ايه ده ، عامل كدة ليه ، اسمه ايه اصلا ...
... مش لازم تعرفى ، هو أكل وبحلقة ، خديلك قرص وهاتى الباقى ...
..كمان ، دا انتوا بقيتوا بخلا اوى ، دا حتى شريط معليهوش اسم ، متأكدة انه كويس وهيشيل اللى فى دماغى ده ...
...جبار ، والله جبار يابنتى ....
...طيب ياجبارة ، انا هاخد قرصين مش واحد عشان دماغى هتتفرتك ، يلا ،، سلام بقى ...
...إيه ده بجد ، هو انا اتأخرت اوى كدة. ..
...أه ياستى يادوب ...
سلمت عليهم ، وحملت حقيبتها واتجهت للخارج ، للرحلة المعهودة حتى الوصول للمستشفى ،
فى الطريق ، لاحظت منى أن هدى ليست طبيعية ، فهى تضحك بإستمرار بسبب وبدون سبب ،
...اهدى ياهدى شوية ، الناس بدأوا يبصولنا، انتى ضاربة حاجة على الصبح ...
... ضاربة فول وبيض وبسترمة، ههههههههه ، والحاجة هدية بعتالك منهم ، ....
...لا ياستى شكرا ، هدى اللعبة بقى عشان قربنا نوصل ، واربطى صواميل دماغك اللى انتى فكاها على الصبح دى ،
...هاتى مفك ههههههههه. ..
...يووووه. ..
خرجت الاثنتان من المترو، وصعدا السلم ، وفى ملف السلم ، اصطدمت بأحدهم فى لحظة التفاتة لمنى ، ثم اعتدلت لتواجه من اصطدمت به ،
كان شاب وسيم جدا ، لديه عيون ساحرة ، شعر ناعم طويل ومصفف للخلف ،
تسمرت مكانها فور التقاء العيون وهى تقول
...يخربيت عنيك ، ايه القمر ده ...
أصابه الزهول من كلامها ولم ينطق ،
استمرت متعلقة بعينيه مع ابتسامة غريبة منها ،
فقال هو ... عجباكى ...
قالت بتنهيده ....عجبانى وبس ، هو فى كدة اصلا ، انت متأكد انك راجل ...
... ايه ، والله هو المفروض كدة ...
...اكيد لأ ، مفيش رجالة كدة ...
تدخلت منى لتحركها ... هدى ، انتى اتجننتى ، ايه اللى بتقوليه ده ...
...شوفى يامنى ، انتى شوفتى كدة قبل كدة ...
اعتدلت منى له بوجهها وهى تقول ... بصراحة لأ ...
ثم التفتت لهدى مرة أخرى ...بس يلا احنا كدة اتأخرنا اوى ...
هذا كله والشاب مازال مكانه ، معجب بكلامها وردود أفعالها ،
صعد أحدهم من خلفه وهو يقول ...يلا ياخالد ، جبت التذاكر خلاص ...
قالت هدى ... اسمك خالد ..
...أيوة ...
...اسم حلو اوى ، وأنا هدى ...
شدتها منى من يدها وهى تقول ... مش بقولك انتى ضاربة حاجة على الصبح ، يلا ...
أكملت هدى السلم بسبب شد منى لها ، لكن عينيها مازالت معلقة به وهى مبتسمة ، وتلوح بيدها بباى باى ، وهو اتبعها بعينيه حتى اختفت من أمامه ،
التفت الشاب لمرافقه وهو يقول .... شوفت البت بتقول ايه ....
...وايه يعنى ، هى دى اول مرة انت تتعاكس فيها .....
...ماشى ، بس مش كدة ...
...طب يلا عشان نلحق ، وكمان العربية مركونة صف تانى. .......
لا تصدق منى ما تفعله هدى ، هى بالتأكيد غير طبيعية ، وبالطبع غير مؤتمنة على استلام حالة وهى فى هذه الحالة.
وجدت أنه مازال أمامهم نصف ساعة على ميعاد الإمضاء ، فقررت عرض هدى على طبيب ، لتجد مبررا لما يحدث لها ، وبالفعل شك الطبيب فى شئ معين بخصوص الأقراص التى تناولتها هدى هذا الصباح ، وتأكد من ظنه عندما أعطاها حقنة معينة استطاعت عكس مفعول الأقراص ، وأعادت هدى لأرض الواقع .
ثم قال الطبيب بابتسامة
،،،، أول مرة اعرف انك من أصحاب الترامادول ياهدى ،،،،،
يتبع