الجزء 14

فجأة ، وجدها أمامه، امرأة لم تغادر عقله من أول لحظة رأاها فيها ، امرأة تقتله رغبته بها ، لكن للأسف الموانع كثيرة جدا ، 
كانت تجلس أمام حوض زهور تداعبها بيدها ،

ابتسم وقال فى نفسه ...ياريتنى كنت وردة منهم ياهدى ، على الأقل كنت أحس بلمسة ايدك ....

الغريب أن هدى كانت تفكر فيه وهى تداعب الزهور بيدها ، هى حالمة ، لم تلقى اجتماع الواقع بالرجل من قبل ، قد كانت على أعتاب العلاقة الحقيقية برجل ما ، لكنها لم تشهدها على أرض الواقع ، رغم خروجها من هذه الزيجة وليست عزراء لكن حدث بدون أن يمسسها رجل ، إذن هى فتاة فى عمر الزهور ، أحلامها مازالت منصبة فى البؤرة العزرية ، لم تحيد عنها ، 

من استغراقها فى أحلام يقظتها، لم تشعر به وهى يجلس بالقرب منها ، وفجأة انتفضت على صوته وهو يقول 

...إيه مخرجك فى الوقت ده ...

شهقتها كانت مسموعة ، اتسعت عيناها وهى معلقة به لثانية ثم أدارت وجهها وضغطت على أسنانها لتتحكم فى غيظها ، 

...معقول كنت سرحانة كدة ، اللى واخد عقلك ...

...هو فى غيرهم ، أهلى ...

...مع أنى مش مصدقك ، بس ماشى ، خارجة ليه بقى فى الوقت ده ؟

..كنت مدايقة ، ومش جايلى نوم ...



...طبيعى ، انتى حابسة نفسك فى الاوضة طول الوقت ...

...هروح فين غير أنى كمان معرفش حد هنا ...

...وبتعملى ايه طول الوقت جوا ...

...أسأل اللى بتبلغك وهى تقولك ...

..أنا بس بطمن عليكى منها مش اكتر ،...

ثم صمت كل منهما وهو ينظر للورود الموجودة امامهما ، ودار حوار بين كل واحد منهم ونفسه ، 

خالد كان حائر تماما بين واقعه وكيفية التخلص منه ، وبين ما يريد وهو متجسد فى امرأة جالسة بجانبه ، 

أما هدى فحوارها مع نفسها كان مضحك تماما ، فهى دائما تتفنن فى السخرية من نفسها ومن كل ظروفها السيئة، 

...وبعدين ياهدى ، عايزة ايه يعنى ...

...هعوز ايه يعنى ، هو متجوز اصلا ...

...وأما انتى عارفة ، بتتمحكى فيه ليه بقى أن شاء الله. ..

... مبتمحكش ولا حاجة ، ادينى مكتومة وساكتة وبعدين هو اللى جه لحد هنا لوحده . .. 

...أنتى هتستهبلى ياروح أمك ، ده بيته يروح مكان ماهو عايز ...

...أه بيته، بس تفتكرى هو سابها ونزل ليه ...

..مش بقولك بتتمحكى، ما يمكن هى مش فوق اصلا وهو نزل عشان مش قادر يتحمل القاعدة من غيرها، انتى شكلك مش هترجعى غير لما تاخدى على قفاكى زى كل مرة ...

وعند هذه الكلمة لم تستطع منع نفسها من الابتسام 

اندهش من ابتسامتها المفاجئة بدون سبب ، لكنها حاولت تشتيته عن ذلك ، رفعت وجهها له ثم اخفضته مرة أخرى وهى تقول ، 

..هو انا هفضل على طول كدة ...

..كدة ايه ...

...فاضية طول الوقت ..

...أنتى مش فاضية ، انتى بتابعى علاج بابا ، ودى مهمتك وشغلك هنا ..

تنهدت وقالت بأسى ... أنا مبعرفش اقعد فاضية كدة ...

...عايزة تعملى ايه ؟..

...هتوافق ...

...لو ميأثرش على علاج والدى ...

... نفسى أعمل عمرة ...

ابتسم وهو يقول .. متقلقش كدة كدة هتعمليها وحج كمان ، بابا ناوى على كدة وانتى طبيعى هتكونى معاه ...

ابتهجت كالاطفال وهى تصفق بكفيها 

...بجد ، طب احلف ...

...أفندم ..

تمالكت نفسها مرة أخرى ...أنا آسفة ...

...المهم ، عايزة تعملى ايه تانى ...

حاولت التحقق فى وجهه جيدا لتتبين صدقه 

... فعلا ، عندك استعداد تسيبنى اعمل اللى انا عايزاه. ..

...قلتلك شرطى ، صحة أبويا ، وبعد كدة مفيش مشكلة ، قولى عايزة ايه . .. 

...أكمل دراسة ، انا قدمت على ماستر فى جامعتي فى مصر واتقبل ، لكن الجواز عطل كل ده ، لو ينفع أقدم فى جامعة قريبة ، واشغل نفسى بالمذاكرة ...

صمت لثوانى وحول نظره للإمام ، 
بالطبع اعتقدت هدى أن هذا رفض فصمتت لثوانى ثم قالت ...كأنك مسمعتش حاجة ...

...ليه ، انتى شوفتينى رفضت ...

رفعت وجهها له متفاجأة ، فأكمل كلامه 

...أنا معنديش مشكلة ، بس شوية كدة ، نطمن على بابا بس الأول ، لحد ما اشوف لك جامعة قريبة ، وتكون محاضرات الماستر فيها منزلية اكتر من عملية ...

وقفت فجأة من الفرحة وهى تقول 

...أنت بتتكلم بجد... 

وقف هو الأخر وهو مبتسم ... تانى ...

أخذت تدور حول نفسها من الفرح وهى تقول 

...أنت تجنن على فكرة ، لو ده حصل ، هتوفرلى اكتر من سنتين فى حياتى ...

... ياريت اقدر اعملك اكتر من كدة ... 

تجمدت مكانها من الجملة التى سمعتها منه ، ولا تعرف لماذا تسربت الرطوبة لاوصالها فجأة ، 

...أنا متشكرة اوى ، تصبح على خير بقى ، الوقت اتأخر ...

بعدما تحركت من أمامه وعينيه تتبعها، قال بلهجة آمرة 

...هدى ، فى حيوان عندك على الفيس اسمه ، نور الحياة ، اعمليله بلوك اول ما تطلعى. ..

حاولت كظم غيظها منه ، وتكورت يدها وكأنها ستضربه ، وقالت بهم .....انت مستفز. ...

ثم تركته وذهبت من أمامه حتى لا يستفزها أكثر من ذلك 

عندما ابتعدت ضحك مقهقها وقال ...وانتى لذيذة ..

بالطبع غافل عمن كان يتابع الموقف بكامله من البداية للنهاية ، والذى كان له رأى آخر فى ذلك ، 

 



فى الصباح ، كان خالد على وشك ركوب سيارته ، وجد يد أمسكت الباب ومنعته من الانغلاق، 

...صباح الخيرات ، خالد ...

امتعض خالد عندما تبين الواقف ، 

...صباح الخير ، فيصل ، إيش في ؟

..مافى شئ ابن عمى ، ابيك فى كلمتين قبل ما تطلع ...

...ما عندى وقت ، بعدين فيصل ...

...ما تزعل خالد ، بعرف انك مو نايم ياحرام ...

ترجل خالد من السيارة وعينيه ينضح منهم الغضب ، 

...لإيش بترمى فيصل ...

...بعدك ما فهمت خالد ، انت وحضرت الممرضة المحترمة ...

...فيصل ... كانت هذه صرخة خالد باسم ابن عمه 

..انتبه مليح ، كلمة كمان واقصلك لسانك ...

...هيك خالد ، اسمحنى مليح دالحين ابن عمى ، 
أبعد عن هاى البنت ، انا أبيها لنفسى ، سمعت ، بدى إياها ... 

يتبع



إعدادات القراءة


لون الخلفية