......انتى ؟
هذا كان سؤاله عندما رفع عينه ورااها ، لكن هى تجمدت على وضعها ، فقط متعلقة عينيها به لا تحيد عنه ،
.... خالد ، تعرفها ايشى. ...
رد على والده ومازال ينظر لها ،
...يسلموا ياأبى ، تقابلنا فى المترو ، صدت في ومو رضيت تعتزر. ...
تنفست الصعداء وكأن روحها ردت لها بعد شدة اختناق ، استأذنت وخرجت ومازالت عينيه تتبعها حتى غابت عن ناظريه ، فابتسم ابتسامة غريبة وكأنه صائد وجد غزالته الضالة ،
وابتسم الأب تباعا بعد ابتسامة ولده ، فهو أعلم الناس به وبتعبيراته وردود أفعاله ، فخالد ابنه المدلل الذى امتلك مكان فى قلبه لا يشاركه فيه أحد ،
أما هدى فقد خرجت تهرول فى طرقة الدور ، لا تصدق ما حدث ، فقد ظنت انه موقف عابر وانتهى ، وحمدالله لم يرها أحدا يعرفها وهى فى هذه الحالة .
فجأة يظهر لها من رأاها ولم يكن يعرفها ، والآن هو شخص ملازم لشخص آخر هى ملازمة له ،
همست لنفسها بعدما توقفت أمام الشباك
... ده ايه الحظ المنيل ده ، هو أنا ناقصة ياربى ، طب هتصرف مع البنى آدم ده ازاى دلوقتى ....
*******************
استمرت هدى تتصل باختها طوال النهار لتطمئن عليها ولتعطها بعض النصائح لكى تأخذ بها وهي تتعامل مع زوجها فى الفترة القادمة ، حتى يصلن لما يردن الوصول إليه ،
مرة يومان آخران ، و ما يحدث بيها وبين الأمير ، فهو على خير حال ، قد تعودها الرجل فى كل ما تفعل ، كلامها ، ابتساماتها ، طريقة تنفيذها العمليات التمريضية التى تقوم بها ، حتى أنه تقبل فكرة رحيلها لقضاء بعض الوقت مع أهلها ، وقد كان موعدها الليلة لتذهب لقضاء الليل مع أهلها وتعود صباحا .
أما عن خالد فلم يكف عن متابعتها بعينيه كلما كانت قريبة منه ، لكن بصمت ، لا يتحدث إلا عن شئ يخص حالة والده ،بالسؤال فقط وهى تجيب باختصار،
لا يوجد ما يضايقها فى الموضوع غير وجود خالد باستمرار مع والده ، بعدما اختفت المتكبرة الشمطاء زوجته ، يبدو أنها رحلت وتركت الوالد لابنه ليرعاه .
خرجت هدى فى اتجاه المطبخ لتقضى وقت الغداء اليومى ، وجدت هناك منى وسجدة وراندا يجلسان على نفس الطاولة , ألقت التحية وجلست بجانبهم ،
...عملة ايه مع الراجل الرخم ده ...
...متقوليش عليه رخم بس ، ثم متنسيش انه مريض.
... ده مريض ده ، ده كان شوية وهيقوم يرمينى من البلكونة. ...
... بالتأكيد استفزتيه ، ما هو كويس معايا ...
قطعت رندا الحوار بينهم. ..ياجماعة سيبكم من الراجل وخلينا فى ابنه ، بت ياهدى ، اخبار ابنه ايه ...
وعند ذكره انفجرت منى فى الضحك بهيستيريا،
....أخبار مين يااختى ، مش بقولك انتى بقيتى خطر ، وعايزين نجوزك بدرى بدرى. ..
... بتكلم بجد والله ، أصله حليوة اوى ، وتقيل اوى ، مشوفتوش بص لواحدة فينا ابدا ...
... وليه متقوليش انه مش مستنضفنا اصلا ...
...إيه ياهدى الكلام الفارغ ده ...
...ده الحقيقة يافالحة انتى وهى ، الناس دى من طبقة تانية غيرنا ، إحنا اخرنا هو اللى احنا فيه ده ، نشتغل عندهم وبس ، انا قايمة ...
...كملى اكلك ياهدى ...قالتها منى
...شبعت ، انا طالعة ...
صعدت للدور ، فوجئت بخالد يقف أمام الباب وكأنه ينتظر أحدا ، وعندما رأاها اعتدل لها وهو يقول
...كنتى فين ...
...أفندم. ..
..سمعتينى ...
...كنت بتغدى ، وقلت للأمير قبل ما أنزل. ..
...مش تقوليلى انا كمان ...
...ليه هو انت المريض ولا هو ...
...موافق أكون مريض ، لو وافقتى تكونى الممرضة بتاعتى. .
ارتبكت هدى من تلميحه الواضح ، فهى لا تنكر ابدا تأثرها به ، والتى تحاول جاهدة اخفائه ، فحاولت أن تغير مجرى الحديث ، قالت
...أنت اتعلمت مصرى كويس فين ؟
...أخيرا ..
...هو ايه اللى أخيرا ...
... اصلى سألت نفسى كتير ، امتى هتسألينى سؤال أو تفتحى معايا كلام ، عموما هو المصرى ده مش عربى ، يعنى نفس اللغة بإختلاف لهجات ، يعنى اتعلمه بسهولة ، وكمان عشان انا عايش في مصر بقالى 5 سنين ...
نظرته كانت غريبة ثم استدارت واتجهت لغرفة الأمير وهى تفكر ، هل حقا كان ينتظرها أن تتحدث معه .
لكن قبل أن تصل لباب الحجرة سمعته يقول
...عايش فى مصر من 5سنين ، ومبروحش السعودية غير زيارات بسيطة والاجازات ...
التفتت له بنظرة واحدة ثم استدارت ودخلت الغرفة ،
لم يتبعها خالد للداخل ، فهو يعلم الموضوع الذى سيتحدث فيه والده معها ، فقد اتفق مع والده عليه قبل أن تحضر،
وقف أمام الشباك ليدخن سيجارة ، وأستغرق فى التفكير فى نفسه ، الابن الضال الذى ترك عائلته فى حالة غضب منهم ومن نفسه ، رباطه بعائلته كرباط الرحالة ببلده ، رغم عشقه لأبيه فهو رافض تماما الحياة بينهم ، وفضل الحياة فى مصر بعيدا عنهم ، حتى بعد قرارهم بتزويجه من إحدى أميرات العشيرة ، لم يقبلها ابدا إلا بعدما طلبها منه أبوه بنفسه ، وحتى بعدما تزوجها، أصبحت حياته معها كالمسافر الذى لا يعود لبيته إلا شهر واحد فى سنة ، مجرد إثبات لوجوده فى حياتها ووجودها فى حياته،
لم يشفع لهم عنده الأموال التى يغدقونها عليه ، ومشاريعهم التى يتولى إدارتها بحرفية فى مصر ،
والأميرة الفاتنة التى تعشقه ، وتتبعه فى كل مكان يذهب إليه ، تأتيه فى مصر كلما غاب طويلا عنها ، يكون هو محور وقتها عندما يعود لها ،
لكن كل هذا لم يجعله ابدا يعود ، لم ولن يسامحهم ابدا على ما فعلوه به ،
لكن الآن يجب ألا يترك والده فى مرضه ، يجب أن يكون هناك حتى يستعيد صحته ويقف مرة آخرى وبعدها يعود لحاله كما كان .
خرجت هدى من عند والده ، ويبدوا عليها الحيرة الفعلية ، فتوقع أن يكون والده تحدث معها ،
اتجهت للخارج وقبل أن تخرج استوقفها بصوته،
...وافقتى ولا لا ...
لم ترد عليه ووقفت مكانها
...أنا شايف أنها فرصة رائعة لواحدة فى ظروفك ...
...ظروف ايه اللى انت بتتكلم عنها ...
عاد لينظر من الشباك مرة أخرى وهو يقول
...ظروفك كلها انا عرفتها ، من أول ما اتولدتى ، واللى طول حياتك عشتيه واللى حصلك بعد وفاة ابوكى ، وكمان حكاية طلاقك وظروفه ...
أصابها الذهول وتثمرت مكانها ولم ترد ،
...صدقينى ياهدى ، سفرك هو الحل ، هتبعدى عن كل المشاكل اللى هنا ، وهترتاحى شوية من الضغط اللى حواليكى ...
رغم ذهولها من معرفته بذلك ، إلا أنها استرسلت معه فى الحديث،
...أنا ليا أخوات بنات مينفعش يتسابوا ...
...دى مش فترة طويلة ، بالكتير سنة ، لحد ما الوالد ترجعله صحته، وهترجعى لاهلك ومعاكى مبلغ كويس تبدأى بيه حياتك صح ،
وأنا اوعدك انك تنزلى مصر اكتر من مرة ...
...وليه انا بالذات. ..
...الوالد ارتاحلك انتى بالذات، وهو مش سهل يرتاح لأى حد ....
...هفكر وارد على حضرتك. ..
...بس مطوليش، لأن المفروض انه هيخرج من المستشفى خلاص ، وبالمرة عشان الحق أخلص لك ورقك لو وافقتى ...
يتبع