في تطبيق وموقع "نوفباد: مكتبة القصص العالمية"، نسعى دائمًا إلى تقديم قصص ملهمة تعلّم الأطفال والشباب قيمًا مهمة مثل الاعتدال والاعتماد على النفس. اليوم، نقدم لكم قصة "الأمير والشراهة"، وهي قصة تحكي عن أمير صغير يتعلم درسًا عظيمًا في الحياة بفضل حكمة رجل عجوز.
في مملكة بعيدة، كان هناك أمير يعيش في قصر كبير مليء بالخيرات. كان هذا الأمير مختلفًا عن بقية الأمراء، فبينما كان أقرانه مشغولين بالفروسية والمغامرات، كان الأمير مشغولًا بشيء واحد فقط: الطعام. لم يكن يهتم بشيء آخر سوى تناول كل ما لذ وطاب من الأطعمة، وكانت معدته لا تشبع أبدًا. كان يأكل بشراهة لدرجة أنه لم يترك في معدته متسعًا لأي شيء آخر. لم يكن لديه أصدقاء أو مقربون سوى الطباخ، الذي كان يرافقه أينما ذهب، وكان يقضي معظم وقته في إعداد الوجبات الكبيرة للأمير.
أدرك الملك أن ابنه يعيش حياة غير صحية وغير متوازنة. كان قلقًا عليه بشدة، لذا قرر استشارة أفراد الحاشية والمستشارين. نصحه أحدهم بأن يستدعي الأطباء من جميع أنحاء المملكة. اجتمع الأطباء وأجروا فحوصاتهم على الأمير، ولكنهم جميعًا اتفقوا على أنه مصاب بالشراهة وأن الأدوية لن تفيده.
بدأ الملك يفكر في حل آخر. فأعلن عن مكافأة مالية كبيرة لأي شخص يتمكن من إيقاف شراهة الأمير. توافد الناس من جميع أنحاء المملكة حاملين أفكارهم، لكن لم ينجح أي منهم في تغيير سلوك الأمير. حاولوا تقديم طعام سيئ الطعم، لكن الأمير لم يمانع في أكله. حتى الأطعمة التي كان يجب أن تكون غير لذيذة، مثل الخبز المحترق أو اللحم النيء، كانت تروق له.
في يوم من الأيام، دخل القصر رجل عجوز يبدو عليه الحكمة. اقترب من الأمير وهمس له: "يا أمير، أعلم أنك تحب الطعام، لذلك لدي عرض لك. سأصطحبك إلى مملكة العسل والحلوى." تهللت أسارير الأمير وسأله بلهفة عن تلك المملكة. رد العجوز: "إنها مملكة خلف الجبال، بعيدة جدًا، حيث الأنهار من العسل وأشجار الشوكولاتة. لكن الوصول إليها يتطلب رحلة طويلة."
رغم أن الأمير لم يكن يحب السفر أو التعب، وافق على الفور أمام إغراء هذه المملكة الأسطورية. انطلق العجوز والأمير في رحلة شاقة، لكن العجوز لم يأخذ سوى القليل من الطعام، مثل الخبز والجبن. عندما سأله الأمير عن ذلك، أجاب العجوز: "لنملأ الجرار بالعسل والحلوى عندما نصل."
كانت الرحلة طويلة وصعبة. لم يكن الأمير قد اعتاد على المشي لمسافات طويلة، وكانت قدماه تؤلمه. مع مرور الوقت، بدأ يشعر بالتعب والإنهاك، ولكن لم يكن هناك خيار آخر سوى المتابعة.
وصلوا إلى كوخ صغير في أعالي الجبال، وكان هذا الكوخ مضاءً بضوء خافت. عندما سأله الأمير إذا كان بإمكانهم البقاء هناك، ضحك العجوز وقال: "إنه بيتي يا صغيري." دخل الأمير الكوخ، وتناول الطعام بشراهة كعادته، لكنه لاحظ أن الطعام قل ولم يكن هناك ما يكفي ليشبع.
في اليوم التالي، استيقظ الأمير ليجد نفسه في مكان خيالي، محاطًا بأشجار السرو العالية والشلالات النقية. كان يشعر بسعادة غامرة، ولكنه أدرك أن عليه تعلم الكثير من الأشياء ليصل إلى مملكة العسل والحلوى. بدأ العجوز بتعليمه كيف يزرع النباتات ويحلب الماشية، ويقوم بأعمال أخرى لم يكن يتخيل نفسه يفعلها.
مع مرور الوقت، بدأ الأمير يفقد شراهته. أصبح أكثر نشاطًا وقوة، وأقل اهتمامًا بالطعام. تعلم الأمير معنى الجوع الحقيقي عندما رأى الفقراء الذين كانوا ينتظرون العجوز ليحضر لهم الطعام. أدرك الأمير كم كان أنانيًا وغير مبالٍ باحتياجات الآخرين.
بعد مرور أشهر، عاد الأمير إلى القصر، ولكنه كان مختلفًا تمامًا. أصبح قويًا، مليئًا بالطاقة والحياة. استقبله الملك بفرح شديد، وأقيمت الاحتفالات في المملكة بمناسبة عودته.
ولكن الأمير لم ينسَ الرجل العجوز الذي غيّر حياته. عندما أصبح ملكًا، قرر بناء مركز كبير لمساعدة الفقراء بالقرب من كوخ الرجل العجوز، تخليدًا لذكراه وتقديرًا لكل ما فعله من أجله.
في تطبيق وموقع "نوفباد: مكتبة القصص العالمية"، نتعلم من قصة "الأمير والشراهة" أن التغيير الحقيقي يأتي من الداخل، وأن الحياة ليست مجرد طعام وراحة، بل هي العمل الجاد والاهتمام بالآخرين. هذه القصة تُذكرنا بأهمية التوازن في الحياة وقيمة التواضع والاعتماد على النفس.