الشاطر حسن والبساط السحري

في قديم الزمان، كان هناك فتى ذكي وشجاع يُدعى الشاطر حسن، يعيش مع والده التاجر في قرية صغيرة. كان والده دائم السفر، يترك حسن بمفرده في كثير من الأحيان. وذات يوم، قرر الأب التاجر الذهاب في رحلة طويلة، قد تستغرق شهورًا. قبل أن يغادر، قال لابنه: "يا حسن، إذا تأخرت في سفري، فاجلس فوق هذا البساط واطلب منه أن يحملك إلى نخلتين فوق الجبل." كانت كلمات الأب غامضة، لكن حسن وثق بوالده.

مرت الأيام والأسابيع، وطالت غيبة الأب. نفدت النقود التي تركها الأب، ولم يبق لحسن سوى بعض البيض والخبز. حينها تذكر وصية والده، فجلس فوق البساط وقال: "أيها البساط، احملني إلى النخلتين فوق الجبل." فجأة، ارتفع البساط في الهواء وطار بحسن حتى وصل إلى الجبل، حيث وجد نخلتين كبيرتين تقفان شامختين. كانت المنطقة مقفرة ولا شيء يحيط بها سوى الصمت. تعجب حسن من اختيار والده لهذا المكان، ولماذا أمره أن يأتي هنا.

حل الليل وبدأ البرد يشتد، فقرر حسن أن يتسلق إحدى النخلتين للحصول على بعض السعف الجاف لإشعال نار صغيرة يتدفأ بها. وبعد أن أشعل النار وأكل من خبزه، قرر أن ينام قليلًا ليستريح، على أن يستكشف المنطقة في الصباح.

لكن قبل أن يغفو، رأى من بعيد ظلًا يتحرك. أخذ حسن يدقق النظر حتى تبين له أنه رجل قصير القامة، يقترب منه. كان الرجل يرتدي ملابس خضراء ويحمل عصا خضراء في يده، وجسده أيضًا كان أخضر اللون. عندما اقترب الرجل من النار، حيا حسن وطلب منه الجلوس بجانبه ليتدفأ.

رحب حسن بالرجل الغريب، رغم قلة الطعام الذي معه، شاركه بوجبة بسيطة. شكر الرجل الأخضر حسن على كرم الضيافة وقبل أن ينصرف، نصحه قائلاً: "لا تنم على الأرض هذه الليلة، بل تسلق النخلة ونام بين سعفها." تعجب حسن من هذه النصيحة الغريبة، لكن قبل أن يستفسر عنها، اختفى الرجل الأخضر بسرعة البرق.

بدأ النعاس يغلب حسن، فتسلق النخلة لينام بين السعف. لكنه سمع فجأة صوتًا معدنيًا يصدم بالأرض. نزل ليرى ما هو، فإذا به يجد بعض القطع الذهبية المتناثرة على الأرض. فرح حسن واكتشف كيسًا مملوءًا بالذهب مدفونًا بين السعف. تسلق النخلة الأخرى ووجد كيسًا آخر مليئًا بالماس. فرح حسن بالغنيمة، ولكنه عندما نظر بعيدًا، رأى مدينة على مرمى البصر وقرر الذهاب إليها.

عندما وصل حسن إلى المدينة، شاهد تماثيل كثيرة على هيئة بشر مصطفة بجانب الطريق المؤدي إلى القصر. سأل امرأة عجوز كانت تجلس قرب التماثيل عن سرها، فأخبرته أن هؤلاء التماثيل كانوا رجالًا تقدموا لخطبة الأميرة ابنة السلطان، لكنها غلبتهم في المصارعة وحولتهم إلى صخور.

شعر حسن بالغضب من تصرف الأميرة وقرر تلقينها درسًا. ركب بساطه السحري وطار إلى غرفة الأميرة. عندما دخل، كانت الأميرة تحدق في مرآتها، لكنها لم تصرخ. كانت مشهورة بجرأتها وشجاعتها، فسألته ببرود: "إذا كنت جئت لتخطبني، لماذا لم تذهب إلى والدي؟"

أجاب حسن بثبات: "سمعت أنك تتفوقين في المصارعة، ولكني أعتقد أنني أستطيع التغلب عليك." قبلت الأميرة التحدي وبدأت المصارعة، لكن حسن تغلب عليها بسهولة. غضبت الأميرة، وطلبت منه إعادة المحاولة، لكنه انتصر مرة أخرى. أدركت الأميرة أنها لن تستطيع التغلب عليه، فقالت له: "يبدو أنك ستفوز بخطبتي، لكن ماذا ستقدم لي مهرًا؟"

تذكر حسن كيسي الذهب والماس وأفرغهما أمام الأميرة، لكنها لم تكتفِ بذلك وقالت: "أريد كل ما معك." تعجب حسن، إذ كان يظن أنه أفرغ كل ما في الكيسين، ولكنه عندما نظر إليهما، وجدهما قد امتلئا مرة أخرى. أدرك حسن حينها أن الكيسين مسحوران، ولكن الأميرة لاحظت أنه لم يكن يعلم بذلك.

تظاهرت الأميرة بالموافقة، لكنها دبرت خطة للاستيلاء على الكنوز. أحضرت شراب البرتقال لحسن، وأثناء حديثها معه وضعت في الشراب مادة تجعله ينام. عندما شرب حسن، شعر بالنعاس الشديد وسقط في نوم عميق. استيقظ ليجد نفسه خارج القصر، وقد سُلب منه البساط السحري وأكياس الذهب والماس.

عاد حسن إلى الجبل حزينًا ومهمومًا، لكنه كان جائعًا. فتذكر النخلتين، وعندما وصل إليهما، وجد البلح قد ازداد حجمًا. أكل من البلح واستلقى ليستريح. استيقظ ليجد قرنًا كبيرًا قد نما على جبينه، فشعر بالخوف والارتباك.

بينما كان جالسًا حزينًا، ظهر الرجل الأخضر مجددًا. ضحك الرجل وقال: "علمت أنك بحاجة إلى المساعدة. البلح الأحمر في النخلة الأخرى سيزيل هذا القرن." أكل حسن من البلح الأحمر، واختفى القرن فورًا.

حينها خطرت لحسن فكرة ذكية للانتقام من الأميرة. لبس زي التجار وأخذ معه بعض البلح واتجه إلى المدينة. وقف أمام القصر ينادي على البلح العجيب بصوت عالٍ. سمعت الأميرة الصوت، فأرسلت وصيفتها لتشتري بعض البلح. أعجبت الأميرة بالبلح الغريب وأكلته، لكنها استيقظت في الصباح لتجد قرنًا كبيرًا قد نما على جبينها.

صرخت الأميرة، وحزن السلطان لما حدث لابنته، فقرر إعلان أن من يستطيع شفاءها سيتزوجها ويصبح السلطان من بعده. تقدم الشاطر حسن إلى السلطان وأكد أنه يستطيع علاج الأميرة بشرطين: الأول أن تعيد له بساطه السحري وكيسي الذهب والماس، والثاني أن تزيل لعنتها عن الرجال الذين حولتهم إلى حجارة.

أدركت الأميرة أنها لا تملك خيارًا آخر، فأعادت الكنوز إلى حسن وأزالت اللعنة عن الرجال. أخيرًا، أعطى حسن للأميرة بلحة حمراء مكتوب عليها "هنا تجدين الشفاء"، واختفى على بساطه السحري، متجهًا نحو مغامرة جديدة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية