تُعد قصص الحيوانات من أجمل القصص التي يحبها الأطفال والكبار على حد سواء، لأنها تحمل في طياتها الكثير من الحكم والمواعظ التي تترسخ في الأذهان من خلال مغامرات وشخصيات محببة. في هذه القصة من "نوفباد: مكتبة القصص العالمية"، سنروي لكم قصة أحمد وصديقه الببغاء الرمادي الساخر، وما الذي تعلمه من هذا الطائر الحكيم.
كان أحمد صديقاً للطيور، محباً لها إلى درجة جعلته قادراً على تمييز أصواتها وأنواعها دون رؤيتها أحياناً. وقد اشترى له أبوه مجموعة نادرة منها مكافأة له على تفوقه الدائم. وهكذا غدا لديه بلبل وحسون وكناري وعاشق ومعشوق. نجح أحمد إلى الصف الأول الإعدادي بتفوق كعادته، وأراد أبوه أن يقدم له هدية وترك له حرية اختيارها.
ذهب أحمد مع والده إلى محل بيع الطيور، وكان هناك أقفاص كثيرة تحتوي على طيور نادرة وسمعا تغريدها الجميل. ولكن أحمد مال إلى قفص فيه ببغاوان: أحدهما أخضر سمين يطلق صيحات مهللة، ويرحب مثل صاحب المحل بكل زبون، ويقلد هذا ويمازح ذاك. أما الببغاء الثاني، فقد كان رمادياً أقرب إلى السواد، بأرجل منقطة ونظرة متحفزة وصمت لم يكتشف صاحب المحل سببه.
راقب أحمد الببغاء الرمادي الصغير الصامت داخل القفص، وتجاهل شروح البائع، ووجه عينين حانيتين إلى الببغاء السجين، الذي قابلهما ببعض الاهتمام. كان الأب يميل إلى شراء الببغاء الأخضر، لكنه لاحظ اهتمام أحمد بالببغاء الرمادي، فسأل البائع عن الحركات التي يجيدها.
قال البائع: "إنه ببغاء محير، لا ينفذ أي أمر يطلب منه، وهو دائم السخرية من بعض المارة، وقادر على اكتشاف اللصوص بمجرد رؤيتهم. وحين يقترب واحد منهم يصيح: 'أمسكوا اللص، لص، لصان، ثلاثة مغارة علي بابا'. لقد حاول بعض اللصوص سرقته، لكنه اكتشفهم وأنقذ المحل."
أصر أحمد على شراء الببغاء الرمادي، واضطر الأب إلى قبوله. بدأ الطائر يتأقلم مع العائلة، وكان يخرج من القفص ليطير إلى الحديقة، ويراقب المارة، وينقل مفارقاتهم المضحكة إلى أحمد، الذي يرويها بدوره لأفراد الأسرة، فيغرقون في الضحك.
ولكن في صباح أحد الأيام، استيقظ أحمد ليجد البيت صامتاً وحزيناً. لم يسمع صوت الببغاء ودعاباته، وحين سأل والده، أخبره الأب بحزن: "لقد رحل الببغاء." حاول الأب إقناع أحمد بشراء ببغاء أخضر، لكن أحمد قال بحزم: "لن أنسى صديقي الببغاء الساخر. لقد علمني الكثير عن الصدق والصراحة، ولم أعد بحاجة إلى أي ببغاء آخر."
هكذا، تعلم أحمد من الببغاء الرمادي الساخر قيمة الصراحة والشجاعة في مواجهة الحقائق. إن هذه القصة من "نوفباد: مكتبة القصص العالمية" تذكرنا بأن الأصدقاء الحقيقيين هم الذين يعلموننا الدروس الأكثر أهمية في الحياة، حتى وإن كانوا مختلفين عنا.