مقهى السنديانة: حكمة القرد وأسرار الببغاء

في قلب غابة جميلة مليئة بأشجار الأرز والصنوبر والبلوط، حيث يتدفق جدول ماء رقراق تحت شجرة سنديان ضخمة، وقف ببغاء ملون بجوار قرد عجوز. كانا يتحدثان ويتبادلان الأفكار بينما تنعكس أشعة الشمس الذهبية على مياه الجدول، مكونة لوحة طبيعية رائعة.

ابتسم القرد العجوز وقال: "سلّم الله منقارك يا ببغاء، فكلماتك العذبة تملأ المكان."

أجاب الببغاء بفخر: "أعرف أنني شاطر في الحديث، أحب أن أروي القصص وأشاركها مع الآخرين."

فكر القرد العجوز قليلاً ثم قال: "ما رأيك يا صديقي الببغاء أن نحول هذه الشجرة الكبيرة إلى مقهى للحيوانات؟ تكون أنت الحكواتي، وأنا أتولى استضافة ضيوفنا."


تساءل الببغاء: "مقهى للحيوانات؟ كيف يمكننا تحقيق ذلك في وسط الغابة؟"

أجاب القرد بحماس: "هذه السنديانة الكبيرة يمكن أن تكون مقهى رائعًا. ظلها الكثيف، وجدول الماء الذي يمر بجانبها يجعل المكان مثاليًا. يمكننا تقديم ماء جوز الهند الطازج، وسأغمس أقدامي في الجدول بينما تستمتع الحيوانات بالقصص التي ترويها."

تحمس الببغاء للفكرة، وقال: "فكرة رائعة يا قرد! لكن كيف سنتأكد من أن الحيوانات المفترسة ستتعاون معنا في هذا المقهى؟"

أجاب القرد بحكمة: "إذا اتفقنا جميعًا على هدنة يومية تحت ظل السنديانة، أعتقد أننا سننجح. سنجعل هذا المكان مقهى يجمع كل حيوانات الغابة، المفترسة منها والأليفة."


انطلق القرد والببغاء ليشرحا الفكرة لبقية حيوانات الغابة. بدأت الحيوانات تتوافد إلى شجرة السنديانة الكبيرة، حيث جلس الثعلب والأرنب بجانب بعضهما البعض بحذر. بدأ الببغاء في سرد حكاية عن الصداقة، وكانت الحيوانات تستمع باهتمام.

مع مرور الوقت، أصبح مقهى السنديانة مكانًا يجتمع فيه الجميع. كان الببغاء يقف على غصن عالٍ، يسرد القصص الواحدة تلو الأخرى. في الوقت نفسه، كان القرد العجوز يجلس مستمتعًا بمشاهدة الحيوانات وهي تتناول طعامها تحت ظل الشجرة.

رغم أن الحيوانات كانت من أنواع مختلفة، بما في ذلك المفترسة منها مثل النمر، إلا أن مقهى السنديانة جمعهم في جو من الألفة والتعاون. لم يكن هناك خوف أو عداوة، فقط قصص ممتعة وأحاديث دافئة.


ومع مرور الأيام، انتشر الوفاق بين حيوانات الغابة، وأصبح مقهى السنديانة جزءًا من حياة الجميع. لكن فجأة، استيقظت الحيوانات ذات صباح على صراخ القرد العجوز. هرعت الحيوانات لترى أن شجرة السنديانة الكبيرة قد انهارت، وانهار معها مقهى الحيوانات.

انفعلت الحيوانات وأخذت تلوم بعضها البعض، متسائلة عمن قد يكون السبب في سقوط الشجرة. اقترح الغزال استخدام شجرة صغيرة قريبة كمقهى جديد، لكن الحيوانات ترددت، فالشجرة كانت صغيرة ولا تكفي الجميع.

أخذ الببغاء يفكر، ثم قال: "هل سنبقى على عهدنا حتى تكبر الشجرة الجديدة؟"

في تلك اللحظة، صرخ القرد الصغير قرّود: "أين والدي؟" بحثت الحيوانات عنه، لكن لم تجده. ساد الصمت، وكان الجدول يترقرق بحزن، ينعكس على وجهه صورة السنديانة المكسورة، وكأنه يودع الأيام الجميلة التي قضوها تحت ظلها.




إعدادات القراءة


لون الخلفية