الفصل السابع



حاول مهاب فتح الباب لكنه موصد، فحاول كسره لكن تذكر أنه أخبرها بوضع أشياء ثقيلة خلف الباب فشد الزناد وضربه عند مدخل المفتاح ودفعه بكتفه فأزاح ما خلفه.
صُدِمَ من ما رآه، ليلى مستلقية على الأرض وفاقدة للوعي، هرع نحوها ورفع رأسها بيده وتأكد من تنفسها ثم ضرب وجهها برفق وأمسك بكوب المياة من جانبه وحاول أن تفيق به لكنها لم تفق، نظر مهاب حوله بقلق وأحضر زجاجة من زجاجات العطور على*الكوميدينو*و عطّر يده ثم قربها من أنفها فبدأت تستعيد وعيها تدريجيًا.
حملها مهاب و وضعها على الفراش وقال بقلق:"حصل أيه يا ليلى؟ "
نظرت حولها بفزغ وانتفضت جالسة وقالت بأرتجاف وهي تشير نحو مدخل الباب:"كان في واحد برا هيقتلني أو هيخطفني وضربته في رجله بالشوكة والفازه على دماغه وجريت جوه"
حاول مهاب التركيز إذا كان رأى شيئًا يدل على أثار العدوان فأمسك يدها برقة وكانت اللمسة السابعة وقال:"طيب قومي معايا"
خرجت معه بتردد وخوف وهي تلتفت يمنة ويسرة أوقفها أمام المطبخ وقال:"كان فين بالظبط؟ "
أشارت بعد ثلاثة أمتار من مكانهم فتركها مهاب وتحرك للأمام وأشار للأرض وقال:"كان هنا؟!!! "
هزت رأسها بالإيجاب وبدأت في البكاء.
التفت مهاب حوله وقال:"تعالي لحظه وأحكيلي هنا"
تحركت نحوه مرتبكة وقالت بأرتجاف وبكاء:"جريت من المطبخ لهنا شدني من شعري فمسكت الفازه وضربته على دماغه"
أشار مهاب نحو المزهرية وقال بتعجب:"الفازه ديه؟!"
نظرت ليلى نحو أشارته ثم شهقت بفزع وقالت بنحيب: "والله العظيم أنا كسرتها على دماغه"
أمسكها مهاب من كتفيها وقال:"كل حاجة في مكانها يا حبيبتي، مفيش حد جه! "
سقطت من بين يديه أرضًا وقالت وهي تزداد في البكاء: "كان في واحد هيموتني وديه مش أول مرة، المرة اللي فاتت ضربني ع دماغي ولما فوقت كنت متعوره فعلًا وروحت المستشفى وعملت محضر، أرجوك صدقني ،كان في حد هنا فعلًا"
جلس بجانبها وقال:"طيب ممكن تهدى، هنفترض أنه كدا فعلا، أزاي الفازة في مكانها ومفيش أي زجاج"
أخفت وجهها بين يديها وأجهشت بالبكاء المرير:"مش عارفه، مش عارفه"
رفع مهاب وجهها بيده وسحب يديها لتكن بجانبها وقال: "كل حاجة هتكون كويسة، صدقيني ديه فترة وهتعدي، زي ما كل حاجه بتعدى! "
ساعدها أن تقف وتابع كلامه:"أدخلي غيري هدومك وأنا هنا متخافيش"
استجابت لكلماته ودخلت لتبدل ملابس نومها واستغل مهاب فتره انشغالها ليبحث عن مداخل ومخارج المكان وحين يأس من صحة ما قالته أخرج سجائره وأمسك بسيجارة وأشعلها لكن بدلًا من أن يضع العلبث في جيبه وضعها خارجًا فوقعت أمام قدمه، فأنحنى ليلتقطها لكن شيء ما جرح أصبعه جرحًا بسيطًا ،فنظر إلى أصبعه ثم إلى الأرض وأخرج هاتفه وأضاء الكشاف وسلطه على الأرض فلمع أمام عينيه شيئًا، التقطته وقد كان قطعة زجاج....!
تأملها في هدوء، لكنه أخفاها في جيبه عندما سمع وقع خطواتها بالأعلى.
وبمجرد أن مثلت أمامه قال في هدوء: "تعالي نسهر في أي مكان تريحي أعصابك"
قالت بضيق: "مش هقدر يا مهاب، أنا بتدمر"
رمت بجسدها على الأريكة وجلس مهاب بجانبها وقال: "ممكن تهدي بقى، و أنسى اللي حصل"
رفعت وجهها له وقالت:"مهاب أنا مجنونة مش كدا؟! "
نظر حوله وقال:" قولتلك مش عايز أسمع الكلام ده، هبعتلك الصبح حد يصلح الباب علشان أنا كسرته"
نظرت نحو الباب في أسى لكنه قال:"ما تحكيلي عنك، بعيد عن الدوشة ديه هنستغل إننا قاعدين مع بعض ونتكلم"
استجابت له وقصت عليه مشاكلها مع عمّها وعرضه الصلح، كان قد تخطى الوقت منتصف الليل وبدأت تنهار من عدم نومها لأن الأدوية خاصتها مفعولها الأول والأساسي النوم.
قال مهاب في هدوء:"تعالي باتي عندنا انهاردة"
نظرت حولها في تعب وقالت:"مش هينفع أمشي متنساش إن الباب مكسور" وقبل أن ينطق قالت في تردد:"هو أنت ينفع تبات هنا؟! "
قال بعدم استيعاب: "هنا؟ تقصدي هنا معاكي؟ "
هزت رأسها بالإيجاب بأبتسامة، فكر قليلًا ثم قال:"ماشي مش مشكلة، أطلعي نامي فوق في أوضتك واقفلي الباب ع نفسك وأنا هغير وأنام هنا"
"تغير؟!! "
قال بضحك:"أكيد أيوه مش هنام في هدوم الخروج، معايا هدوم في العربية متشغليش بالك، نامي و ارتاحي أنتي بس! "
وقفت وقالت :"مش محتاج حاجة"
نظر حوله وقال:"أكيد محتاج، بطانية ومخدة"
صعدت الطابق الثاني وأحضرت له ما طلب وأعطته أياه فقال باسمًا: "متخافيش مش هطلع فوق! "
قالت بأبتسامة: "أنا مش خايفه منك"
وحيته ثم صعدت لغرفتها وعلى وجهها أبتسامة لا تعرف من أين جاءت.
بدلت ملابسها مرة أخرى ورمت بثقل جسدها على سرير وهي تستشعر دفء وجوده بالطابق السفلي.
أما هو فقد بدل ملابسه وفرد جسده على الأريكة وبدأت جفونه تستسلم للنوم وعلى الأضاءة الخافتة بدأ يفكر في فعلته الجنونية تلك في أن يبقى ليلته عندها لكنه بدأ يعرف ماذا كان حال قيس ليطلقوا عليه لقب مجنون ليلى، من الواضح أنها لعنه تصيب من يعرفها عن طيب خاطر.
غط في سبات عميق لم يراوده مثله أما بالأعلى بمجرد أن أغلقت جفونها بأستسلام حتى بردت أوصلها وبدأت تسمع الهمسات والهمهمات بأسمها فأنتصبت جالسة في خوف وبدأ الهواء في التلاعب بالستائر كما يشاء، كما بدأت الأصوات تقترب أكثر وأكثر فقفزت من فوق السرير واندفعت نحو الباب وأخذت السلالم للأسفل بسرعة شديده، وقفت لتلتقط أنفاسها التي انقطعت حين رأته فتحركت ببطيء أكثر وبهدوء نحوه و وقفت بجانبه وأبتسمت رغمًا عنها وهي تراه نائمًا فجلست أرضًا بجانب الأريكة وأخذت تتأمله في حب.
لم تفكر في أمر خطبته لهاجر، اكتفت باللحظة التي تعيشها.
مدت يدها و وضعت كفها بداخل كفه ولا تدري ما حدث لها أقتربت من يده وطبعت عليها قبلة هادئة رقيقة ووضعت رأسها على الأريكة وتوقف الوقت...!
مع خيوط النهار الأولى فتح مهاب عينيه على الضوء وإلتفت برأسه جانبه فوجدها نائمة رأسها على الأريكة وجسدها على الأرض كما أنها منكمشة من البرد، فسحب يده في هدوء واعتدل ببطيء ونهض من مكانه وحملها بهدوء و وضعها على الأريكة وغلفها بالغطاء جيدًا وخرج للحديقة ليستقبل النهار وهو يفكر في أمر تلك الفتاة التي انتهزت فرصة نومه لتجلس بجانبه، توصل لمسمى لذلك لكنه تراجع عنه فورًا.
وبعد مرور ساعتين فتحت عينها بعد ليلة لم تقضي مثلها في حياتها قط، وبمجرد أن انتبهت لمكانها فأنتفضت جالسة وأزاحت الغطاء بهدوء وتوجهت نحو مصدر الصوت بالخارج، فأطلت برأسها، وكان واقفًا يضرب الأرض بفأسه ويضع بتلات الورود ثم يعيد التراب مكانه، ويفعل المثل في مكان أخر، وقفت تراقبه في صمت وتمتع عينها بالنظر إليه، انتبه بعد مرور القصير من الوقت لوقوفها فنظر لها بلوم وأشار إليها من أعلى لأسفل، فأنسحبت وبدلت ملابس نومها وعادت إليه مجددًا وقالت بأرتباك:"أنت بتعمل أيه؟ "
توقف ونظر إليها وقال:"بزرعلك ورد جديد علشان حرام الجنينة الجميلة ديه تبقى صحرا"
أمسكت خصلة من شعرها وقالت:"مهاب، بلاش علشان متتعبش، ممكن أجيب أي حد يعملها"
توقف مرة أخرى وقال:"هتفضلي واقفه كدا كتير، يلا ساعديني علشان نخلص ونفطر"
ابتسمت وبدأت في مساعدته وعلى الرغم من الأتربة التي غطتها ألا وأنها كانت سعيدة.
وحين أنتهوا وقفت تنظر إلى ما صنعوه وقالت بمرح :"المكان بقى حلو أوي".
أمسكها من كتفيها و أدارها إليه و قال بحب:"حلو علشان ساعدتيني بس"....نظرت له في خجل فنظر هو إلى يديه وقال:"انا محتاج أغير هدومي وأغسل أيديا، وأفطر أنا صحيت بدري، ومكلتش"
ضحكت وقالت:"اتفضل، غير وأنا هحضرلك الفطار"
ودلفوا إلى المنزل وأخذ ملابسه وبدلها في غرفة بالأسفل وغسل يديه من الأتربة وفعلت هي المثل بأقصى سرعة وأعدت فطور بسيط ونزلت و وضعته على طاولة الطعام فوقف خلفها وقال:"شاطرة لحقتي تخلصي"
"اتفضل، يا مهاب"
وجلس مهاب على رأس الطاولة وليلى على يمينه وحين بدأ الأكل:"حلو جدًا، تسلم أيدك"
ابتسمت في خجل وقالت:"كل أنت بس"
قال في مكر:"هو أنتي جيتي ليه امبارح جمبي؟ "
اضطربت وقالت:"مش هتصدق كالعاده! "
وهنا قطع حديثهم رنين هاتفه فنظر فيه ثم لليلى بأرتباك وفتح الخط وكان ذلك ما يقوله:"ممكن تهدي طيب.... يعني أنتي بتتصلي تتخانقي بس... يابنتي اسمعي... ايوه يا هاجر بت بره البيت... واحدة؟!... اقفلي يا هاجر بدل ما اغلط"
وأغلق في وجهها الخط ونظر إلى ليلى التي قامت على الفور و وقفت أمام الباب فخرج خلفها وقبل أن ينطق قالت:"هاجر عندها حق! كلمها أعتزر، أكيد هي زعلانه أو كانت قلقانه عليك"
قال مهاب بسخرية:"هاجر مدتنيش فرصه أوضح لها أصلا، ديه أنسانة بتشك في صوابع أيديها"
"عندها حق تشك معلش! "...ثم تابعت بشراسة: "أنا لو خطيبي بات عند واحدة لوحدها أيا كان الوضع، كنت قتلته"
قال في هدوء:"يا ساتر يارب لا وعلى أيه بوري جمبنا أحسن"
"أبور؟!! "
"ايوة تبوري، تعنسي أحسن! "
ضحكا سويًا فقال:"انا هقعد لحد ما الراجل يجي يصلح الباب ده، علشان أطمن عليكي"
وقبل أن تنطق قال بفخر:"سبتله خبر على البوابه بره! "
قالت بمرح: "أنا بقول بردو لازم تشتري شقة هنا، أنت خدت على الجو جدًا"
—————————————————————————
قال وهو يغلق *شنطة العربية* :"اقفلي على نفسك من المغرب"
فقالت في هدوء:"حاضر يا مهاب"
التفت لها وقال بحنيه:"خلى بالك على نفسك"
"حاضر"
أدار سيارته وقال:"يلا أدخلي"
التفتت في سعاده ودخلت، تشكر اللّه على كل ما حدث منذ الأمس.
لكن ما كانت لا تعلمه هو وجود عين أخرى تراقبهم، أقتربت منها الفتاة و وقفت عند بوابة منزلها وقالت:"و ده من أمتى ده يا ليلى! "
يتبع*****************
ياريت تقولوا رأيكم...


إعدادات القراءة


لون الخلفية