الفصل الثامن عشر
جلست بتوتر لاحظه هو مما زاد توترها فقالت:"طيب والعمل؟! "
جلس بأريحية تامة وعقد ذراعيه وقال:
- "هكلم عمّها يخرجها من القرف ده، بس أنا خايف عليها بجد، حالتها بقت أوحش بكتير"
قضمت شفتاها في خوف وقالت سلمى:
- " ولو كلامها حقيقي والدكتور بيحاول يعتدي عليها فعلًا؟ هنعمل ايه وقتها؟! "
أثارت حفيظته بكلماتها تلك فتلون وجهه باللون الأحمر وقال:
- "عمها أكيد مش هيوافق إن شرف بنت أخوه يضيع!"
ارتبكت إبتسامتها وقالت:"طيب يلا نروحله"
وصلوا للشركة وطلبوا من نهى الدخول إليه فسمحت لهم بعدما ذهبت وأخبرته وعادت لهم مجددًا.
صافحه مهاب وقال بقلق:
- "أنا جاي لحضرتك في موضوع يخص ليلى"
نظر جلال إلى سلمى التي جلست وبدأت تفرك يدها في توتر ثم أعاد النظر إلى مهاب الذي بادر الكلام:
- "ليلى حالتها بدأت تبقى أسوء بعد ما دخلت المستشفى ده غير إنها بتقول………قاطعه جلال في صرامة:
- "مين قالك حالتها بدأت تبقى أسوء؟! أنا لسا جاي من عندها والدكتور مطمني وبعدين هي كمان كويسة متشغلش بالك أنت! "
نظر مهاب إلى سلمى التي لمعت في عينها دموع خيبة الأمل وقال بجديّة:
- "ليلى بتقول الدكتور حاول يعتدي عليها! أكيد دلوقتي هتخرجها عادي، الورق كله تحت أيد حضرتك لازم حضرتك اللي تخرجها، أنا معرفتش أعمل ده لأنه لازم بموافقتك! "
فتح فمه وقال باستنكار:
- "ومين قالك بردو إني هخرجها وهي ف الحالة ديه؟! أنت بتجيب كلامك ده منين؟ وأما موضوع الدكتور ده…كلام عادي هي شايفة أي حد بيقرب منها الفترة دي عايز يٱذيها حتى أنا! "
ضيق مهاب حدقتا عينيه في حذر وقال: "يعني أيه الكلام ده؟! "
- "ليلى مش هتخرج من المستشفى وده أخر كلام" ثم نظر في عينيه مباشرة وتابع بنبرة تحذيرية:
- "ونصيحة مني ليك! إبعد عنها وعن الموضوع ده أحسنلك"
ضرب مهاب المكتب بقبضة يده وصاح بعنف بعد أن وقف:
- "هي ٱيه مش لحمك ودمك، موافق إن الغريب ينهش فيها، ويبهدلها وبالنسبالك عادي"
رمقه جلال بفتور وأشار نحو الباب ثم قال ببطيء وهدوء:"بره! "
اتسعت حدقتا عين مهاب في صدمة ودهشة ثم رفع يده تجاه جلال وبحركة تحذيرية قال:"خليك فاكر إني نبهتك"
وغادر وهو يتمتم ببعض السباب وصفع الباب في عنف حين تحركت سلمى في ذعر وقالت:
- "لا متفقناش على كدا يا جلال! ده بيحاول يغتصبها حرام عليك"
نظر لها بقوة وقال:
- " بره ورا الأستاذ أنتي عندك حاجات أهم تعمليها"
خرجت سلمى من المكتب وتضع إحدى يديها على صدرها تكافح وخز الضمير..!
————————————————————————————
ماذا سيكون شعورك عندما ترى شيئًا ويخبرك الجميع بعدم وجوده؟!
إذا شعرت بمدى المعاناة عندها فقط ستفهم التالي....
الدموع قد جفت وجحظت عيناها في أسى وهي تنظر إلى الحاله المزرية التي أصبحت عليها، وهم وغير حقيقي بدأت في أقناع نفسها بتلك الكلمات علها تتماثل للشفاء قريبًا وتخرج من ذلك المكان، الذي دخلته ليلى وستخرج منه ليل شديد السواد، مخيف، ينقصه الضوء ويخافه لأن في وجود الضوء عدمه، لكن ذلك حين تخرج!
لو!
.............
طرق مهاب برفق على بابها فلم تجبه ففتح الباب برفق ودخل ثم أغلقه خلفه فوجدها منزوية تضم ساقيها نحو صدرها وتردد شيئًا ما بخفوت.
اقترب منها وقالت بحب:
- "ليلى! أنا جيت"
لم ترفع وجهها نحوه أو يتغير شيئًا من جمود ملامحها فجثا على ركبتيه بالقرب منها وهنا سمع ما تقوله.
"مش موجود، مش حقيقي…مش موجود ،مش حقيقي"
ردد في صدمة:
- "ليلى أنا مهاب، أنا موجود! "
هزت رأسها في عنف وتسارعت نغمتها في قول تلك الكلمات.
مد يده ولمس ذراعها فانتفضت واقفة كمن صُعِقَ كهربيًا وتراجعت للخلف بعد أن ضمت يديها نحو صدرها في فزع وتابعت ترديد ما تقوله.
اقترب مهاب منها أكثر فتخطته وظلت تتراجع حتى وقعت على الفراش فسارعت بالأعتدال وضمت ساقيها نحو صدرها وتابعت الترديد.
بين الصدمة والذهول نضيع نحن..!
جلس في مقابلتها ومد يده ولمس وجهها في حب وكانت اللمسة الثامنة عشر.
وقال بحنو: "أنا مهاب أنا هنا يا حبيبتي! "
هدأ إيقاعها لكنها لم تتوقف بل نظرت نحوه وتابعت ترديد ما تقول وقد بدأت الدموع في الظهور.
نظر مهاب نحو نفسه وقال بهدوء:
- "أنا موجود ادامك يا حبيبتي"
هدأت تمامًا وقالت بصوت مبحوح:"مهاب؟!! "
ابتسم في سعادة وقال بحب: "ايوه مهاب، أنا جمبك"
ابتسمت وسط دموعها واقتربت منه وضمته في حب ثم نامت على صدره حين تابع هو بهدوء:"مش هسيبك أبدًا"
تشبثت بقميصه وقالت بضياع بدا في صوتها الباكي: "أنت مش وهم؟! "
قال بحنو وهو يُشفق على حالها: "والله العظيم موجود هنا"
قالت بخوف وهي تتشبث بقميصه أكثر:
- "قالولي كل حاجة هنا وهم! "
قضم شفتيه وقال بحزن:
- "فترة وهتعدي وهترجعي تاني! "
وهنا اقتحم سليم الغرفة وقال بتشفي:
- "احنا هنا مستشفى محترمة يا استاذ"
ابتعد مهاب عن الفراش وانتفضت ليلى في ذعر خلفه وقال مهاب بضيق:
- "وأنت شفتنا بنعمل أيه يعني؟!! "
نظر تجاه الشرفة وعقد ذراعيه ثم قال :"ميعاد الزيارة أنتهى"
نظر مهاب نحو ليلى التي لامته نظراتها وترجته في البقاء، وسار خطوة اتبعتها أخرى حين لحقته ليلى وأمسكت يده في ذعر ثم قالت:
- "متسيبنيش يا مهااب"
سحب مهاب يده في هدوء وقال:
- "اهدي يا حبيبتي هجيلك تاني! "
علا نشيجها وصراخها فنظر له سليم بتأفف وأشار نحو الباب فخرج مهاب في حرج، ظلت ليلى تصرخ وتنتحب وكلماتها مازالت تتردد على مسامع مهاب "متسيبنيش يا مهاب" لم يلاحظ الدموع التي سقطت من عينيه!
أما عند ليلى فقال سليم رافعًا إحدى حاجبيه:"مش قولت بلاش الحركات ديه علشان مقلبش عليكي! "
وقفت ليلى وقالت في ثبات:
- "أنت لا يمكن تكون أنسان، أنت أيه؟! "
ضحك بسخرية وقال: "لا حلوة، هو الناس بتاخد بكلام المجنون؟!! "
قالت بضجر:"أنا مش مجنونة! "
أشار للغرفة حولهما وقال:" لا ست العاقلين كلهم! والمكان يثبت الكلام ده"
قالت في توجس:"أنت عايز أيه؟! "
غمز بعينه وقال بشهوانية بعد أن نظر لشفتيها:
- "مش دلوقتي، بالليل، بالليل يا لولا"
وخرج بهدوء مستفز، حاولت ليلى أن تستوعب ما حدث فشهقت بفزع و ارتجفت أطرافها في خوف وقالت: "ياارب ساعدني"
انتبهت لقولها *يارب* فابتسمت بندم وتوجهت نحو الشرفة ورفعت وجهها ونظرت للسماء ثم قالت:
- "ساعدني يارب، أنت أكبر من كل ده وتقدر تساعدني"
لا تدري كيف حل المساء بتلك السرعة!
انزوت وسلطت بصرها نحو الباب منتظرة دخول سليم متوعدًا.
وفي مكان أخر……
فك مهاب أزرار قميصه ولامس عنقه محاولًا تدليكه ليتسرب الهواء لداخل الرئة.
لاحظت نيرة ذلك فالتفتت بجسدها وقالت بتوجس:
- "مالك يا مهاب في ايه؟! "
مسح حبات العرق التي تسابقت على وجهه وقال بداخله:
- "مش مرتاح، أنا خايف على ليلى جدًا"
لم يرد أن يشغل بال أخته فقال بأبتسامة مزيفة:
- "سيبك مني أنتي بتعملي أيه؟ "
نظرت للأوراق بلامبالاه وقالت: "مطلوب مني بحث ميداني وطالع عيني "
"عن أيه؟ "
انقبض قلبها وقضمت على شفتيها وازاحت بصرها عن اخيها وقالت:
- "حالات الأعتداء اللي بتم في المستشفيات!"
انتبهت حواسه كلها ونظر لها في توجس ثم قال:"اعتداء أيه؟"
ازاحت خصلة سقطت من شعرها أمام وجهها في هدوء وقالت في خجل:"اعتداء…اعتداء" لكنها لم تكمل وأحمر وجهها، اتسعت عين مهاب في صدمة وقال: "هو في حالات زي ديه فعلًا بتم ف المستشفيات؟!"
نظرت له بذهول من أنفعاله المفاجئ لكنه أمسك كتفيها في ذعر وقال: "ردي عليا؟! حالات ازاي! "
قالت وقد فقدت التركيز:
- "بيتم في العمليات علشان بتكون المريضه متخدرة، أو في مستشفيات الأمراض العقلية علشان مش بيكونوا واعين"
انتفض واقفًا وصاح بفزع: "ليلى!! "
واندفع نحو الخارج غير مبالي بنداءات نيرة المستمرة.
______________________________________________
استيقظت فزعًا من غفوتها البسيطة حين فتح سليم الباب، واقترب منها ولمس وجهها بأشتهاء فصرخت بخوف، لكن أحكم سليم قبضته على فمها وضاعت صرخاتها.
تأوهت وتقلصت بين يديه ليترك وجهها لأنه يضغط عليه بقوة، فقال سليم بحذر:
- "هشيل أيدي بس أوعي تعملي صوت"
هزت رأسها بالإيجاب تلقائيًا لتتحرر من ذلك الإذلال والخضوع الأجباري.
سحب يديه برفق وعدل هندامه في تسلط، فوقفت هي في ارتباك وقالت:
- "أنت فاهم إني ممكن أقولهم على قرفك ده كله؟! "
عقد ذراعيه أمام صدره وقال:"تؤ…علشان هيقولوا كل ده وهم! "
بُهِتت ملامحها وتمتمت في صدمة: "وهم؟!!! "
اقترب منها ووضع يده عند خصرها، وهي تردد في خوف:"وهم! كل ده وهم مش حقيقي مفيش حاجة بتحصل! "
نظر لشفتيها المرتجفتين بتلذذ وحرك يده على خصرها بتمعن، وضعت هي يديها عند صدرها وتابعت بخوف:
- "لاا لااا كل ده وهم مش حقيقي، أنت مش موجود، مهاب قالي كل اللي بيحصل وهم"
أنزل سليم يده وامسك يدها وقادها نحو الفراش وأجلسها عليه برفق وقال:"هتبدأ الليلة!! "
هزت رأسها بالنفي وتابعت ترديد:
- "كل ده وهم مفيش حاجة بتحصل! "
فقدت وعيها، والمقصود تشوش تفكيرها، ضمت ركبتيها نحو صدرها وتابعت في خوف:"لا لاااا مش هيحصل كل ده وهم! "
وضع يده على أزرار قميصها القطني برفق، وفك أول ثلاث أزرار حين شهقت هي ببكاء وقالت بقوة: "وهم،وهم، وهم، وهم"
أستفزه ترديدها فزفر في ضيق وقال بعنف:"مش وهم مش وهم يا ليلى! "
أفاق عقلها من غيبوبته المؤقتة وانتفضت متسائلة كالذي وجد قشته الأخيرة:
- "مش... وهم؟!! "
ابتسم بأستفزاز وقال:"ايوه مش وهم!! "
وإلتفت لها مرة أخرى وتفحص حاله ذعرها جيدًا ثم تابع:
- "وعايزك تركزي في اللي جاي كله علشان كله بيحصل بجد! كل حاجه حواليكي بجد! "نظر لأزرار قميصها المفتوحة وقال:"ركزي واستمتعي يا لولا"
ترك السيجارة التي أشعلها للتو وقام وأمسك بمعصميها بيد واحده وثبتها أعلى رأسها فبصقت في وجهه ودفعته بقدمها بقوة فتلقى الضربة بفتور وجلس فوق ساقاها ليقيد حركتها.
فصرخت بقوة:"أبعد عني، يا **** أبعد متلمسنيش"
لكنها لم تستطع مقاومته حين اقترب منها بجسده فصرخت بفزع لكن في تلك اللحظة سحبه مهاب ولكمه بقوة، فانتفضت وأمسكت بقميصها ولم تستوعب جيدًا ما حدث حتى اقترب منها مهاب وأمسك كتفيها ثم قال بقلق:"أنتي كويسة؟!! "
هزت رأسها ولم تفهم حتى، نظرت أرضًا فوجدت سليم ممددًا بجانب الفراش، قالت بتلعثم من المفاجأة:
- "أنت هنا أزاي؟!