الجزء 7

دموع ممنوعة ........................الفصل الثامن

خرجت فريدة بدون أن يراها أحد ، اتجهت للحديقة ، استمرت فى المشى فى اتجاهات مختلفة ، لا تعلم إلى أين تذهب ، فهى مشتتة وتائهة وذكرى قديمة تعصف بعقلها ، ذكرى عمرها أكثر من أثنى عشر عاما حول هذه الأموال التى تمتلكها ،

كانت لا تزال الرابعة عشر من عمرها ، تعدت أحداث حياتها سنين عمرها بمراحل ، ما عاشته مع والدتها كان مأساه حقيقية عاشتها ، كانت مجرد فتاه صغيرة جدا مسؤولة عن إمرأة منفصلة تماما عن الواقع ، أصيبت بحالة نفسية افقدتها النطق تماما ، حتى الحركة منها أصبحت موجهة ، تسحبها فريدة للحمام ثم تعيدها لسريرها مرة أخرى ،

كانت والدتها امرأة بجسد حى لكن بعقل وقلب ماتا مع الحادثة التى تمت فى بيت والدها ، الحادثة التى لا يعلم عنها مخلوق غير فريدة فقط ، فريدة هى من شاهدت والدتها وهى تنتهك على يد احد العاملين لدى حسين المصرى ، بل نقول اهم العاملين عنده وكاتم اسراره ، كام يريدها بحق ، ورفضته شر رفض دون حتى أن يعرف أحد ، لكن حينما تعرفت بوالد فريدة وتزوجته، رغم أنه فقير ومتزوج من أخرى ، رغم معارضة أهلها وطردهم لها من المنزل ، فلم يسامحها هذا السافل على ذلك ، واقسم بردها مهما طال الزمن ،

وحدث ما حدث ، وكان ما كان ، والنتيجة امرأة تقريبا معاقة تماما عن الحياة ، وفتاة خائفة من أحداث لماضى ، فاقدة الحاضر ، ومرعوبة مما ينتظرها فى المستقبل ، لكنها لم تترك والدتها للحظة حتى ماتت ، وبعد وفاتها ، لم تبكى ، لم تزرف عينيها دمعة واحدة ، وكأنها فقدت كل المشاعر الإنسانية بوفاة والدتها ، أصابها حالة غريبة ، غطاء على عقلها وقلبها ، مع قناعة تامة انه لن ينكشف هذا الغطاء إلا بعد أن يدفع كل من أذى أمها ثمن فعلته ،

ومازالت تعيش فى رحلة انتقامها حتى الآن ، مازال يوجد من لم يدفع الثمن ، ولابد أن يدفعه .

لكنها علمت ، علمت بما حدث ، وجائتها تنوح وتبكى ابنتها بعدها بسنين ، بعدما تخلوا عنها جميعا ، أبوها ، أمها ، اشقائها ، حتى زوجها التى اضاعت نفسها من أجله ،

لكن كيف علمت ، لم يرى أى مخلوق ما حدث إلا فريدة فقط ، ولم تخبر فريدة أحدا بعدها ،

قالت إنها سمعت من يتحدث ، لكن من هو من تحدث وكيف علم بالأمر ، إذن يوجد آخرين ، من الممكن أن يكونوا شاركوا فى هذه المأساة ، أو حتى سهلوا دخوله لغرفتها فى منتصف الليل ، لكن من ، من ؟

لم تخبرها جدتها ، حاولت معها لكن بلا نتيجة ، فقط جائتها بمبلغ كبير من المال ، وقالت لها

..عالجى أمك ومتسيبيهاش ، ولو وقفت على رجلها مرة تانية ، قوليلها تسامحنى ، قوليلها سامحى أمك ...

أعطت فريدة أكثر من مليون جنيه كاش فى يدها ، واعطتها عنوان ورقم تيليفون محامى ، واخبرتها أن ميراث والدتها كاملا فى البنك باسم فريدة مع وصاية من هذا الرجل وستستلمه كاملا بمجرد بلوغها الواحد والعشرين من عمرها ، وهذا بالفعل ما حدث ، وهذا هو مصدر أكثر من ثلثى المال الذى يسأل عن مصدره أكرم المصرى ، أما الباقى فهو مالها الخاص الذى اكتسبته من عملها ،
وأقسمت على أن تكمل انتقامها حتى ولو كلفها ذلك كل مليم تملكه ، ولا شئ سيتغير ،
،،،أموال جميلة المصرى وستنفق على الانتقام لها ،،،

...فريدة ...
...عادل ...
...أنتى كويسة ...

..الحمد لله ، ايه فى ايه ؟

..هو ايه اللى فى ايه ، الساعة عدت 9 ، ومنعرفش عنك حاجة ...

رنين تيليفونه قاطع كلامه ، فأجاب عليه
...أيوة ياعمى ،، هى كويسة الحمد لله ،، باين كانت سرحانة ومحستش بالوقت ،، خلاص انا معاها بقى ، تمام ،، حاضر ياعمى ،، متقلقش ،، مع السلامه ...

التفت لفريدة مرة أخرى

...أنتى عارفة انه لولا أمن البوابة أكد انك مخرجتيش ، كنا هنخرج ندور عليكى برة ، وهنكلم اهلك ...

...ليه ده كله ...

...ياسلام ، بقالك 4 ساعات فى الجنية ، والليل دخل ، ومنعرفش عنك حاجة ، حتى تيليفونك مش معاكى ...
...أمال عرفت مكانى هنا ازاى ؟

...نزلنا كلنا ندور عليكى فى الجنينة والأمن كمان معانا ، واحد منهم شافك وانتى قاعدة هنا وكلمنى ...
...حصل خير ...

...حصل خير أذاى ، انتى رعبتينى ، خفت يكون اغمى عليكى فى أى مكان هنا . ..

...اغمى عليا ! وانتى شايفنى من اللى بيغمى عليهم بسهولة كدة وفى أى مكان ...

استدار وجلس على حافة حوض الورد المقابل لمكان جلوسها وأكمل كلامه

.. مقصدش ، بس انتى دلوقتى فى ظروف خاصة ، وكمان عمى قال انك خارجة من معاه وانتى مدايقة ، فقلقت عليكى ...

...فعلا ؟

...هو ايه اللى فعلا ؟

...فعلا قلقت عليا ...

...طبعا يافريدة ، عندك شك فى كدة ....

...أه ...

...نعم ...

...أيوة عندى شك ، متزعلش منى ، اصلى مقابلتش فى حياتى حد حسيت بصدق قلقه عليا غير أمى الله يرحمها ، بعد كدة مفيش ، كله فى التراوة ...

...تراوة !

...لأ والنبى ، مش وقت استغراب من كلامى خالص ...
...المهم انك كويسة ، الحمد لله ...

...لأ مش ده المهم اوى يعنى ، الأهم منه أن انت عرفت ازاى أن انا فى ظروف خاصة ...

ابتسم عادل والتزم الصمت

...المفروض أنك كدة جاوبت يعنى ، ماشى ، تصدق كنت فاكراك برئ زيادة عن اللزوم وعلنياتك ،
انا اللى طلعت فسكونيا ...

...فسكونيا ازاى يعنى ...

...يادى النيلة ، يعنى مبفهمش ...

..ااه ...

...سلامتك من الاه ...

...طيب ، يلا نرجع بقى ...

..خلينا شوية ، ولا انت عايز تنام عشان شغلك ...

...لا ياستى ، لا عايز انام ولا حاجة ، انا معاكى أهو ، وقت ما تقررى نمشى هنمشى وبعدين ما انتى كمان راجعة شغلك بكرة ، يعنى برده محتاجة تنامى ...

... مش اوى ، غريبة اوى ...

..هى ايه دى اللى غريبة ...

...اصلى أوقات بحس أنى مش طيقاك ، وأوقات تانية العكس ، أحس أنى مرتاحة معاك فى الكلام وعايزة أتكلم اكتر ....

...ودلوقتى أى وقت فيهم ...

...أعتقد التانى. ...

...حلو ، يبقى تحكيلى بقى ...

...على ايه ؟

...عمى قالك ايه زعلك اوى كدة ...

... صدقنى ، مش كلام عمك اللى زعلنى ، انا الزعل عندى خلص من زمان ....

...مش فاهم ...

...أنت عارف ايه مشكلتى فى الحياة ...

...إيه ؟

..أنى عايزة اعيط ..

...بسيطة ، ممكن اديكى قلمين وهتعيطى ...

... ياريت ينفع ، والله لو قلمين هيبكونى ، كانت اتحلت مشاكلى من سنين ...

...مش فاهم ....

...مش مهم ، يلا بينا نمشى ...

...زى ما تحبى ...

يبدوا أن الأيام ستكون أطول مما توقعت ، والأحداث ستكون اشرس كثيرا مما هو محدد لها ، يجب أن تنتهى من هذه الخطوة قبل أن تفقد اتزانها وقوتها التى حافظت عليه لسنين .

يتبع


إعدادات القراءة


لون الخلفية