الجزء 45
الجزء الثانى ... الفصل التاسع عشر .... بارت تانى
تقدمت سميرة من باب غرفة عادل فى المستشفى ، فوجدت يد تتقدمها لتمنعها من المرور للداخل ، ثم تقدم صاحب اليد نفسه ليقف أمامها ،
لترفع عينيها لتجد نفسها أمام شخص ضخم يرتدى بدلة رسمية وبجانبه آخر يقفان أمام باب الغرفة ليمنعوها من الدخول ،
... ايه ده ، انتو مين ، واذاى تمنعونى كدة ، شيل ايدك دى ، انت مش عارف انا مين ؟
قال الرجل بهدوء ... عارف كويس يافندم ، بس الأوامر اللى عندى أن مفيش اى حد يدخل ، متأسف ...
... أوامر من مين يابنى ادم انت ، انا والدة عادل بيه ...
... قلت لحضرتك انى عارف ، والأمر من مجدى بيه ، تقدرى حضرتك تسأليه ، هو فى الاستراحة اللى هناك دى ...
تركتهم سميرة وهى فى حالة غضب شديد واتجهت فى الناحية التى أشار ، فوجدت الجميع هناك ، الجد ، مجدى ، أكرم وزوجته والتى تقف فى ناحية أخرى بعيدا عنه ، إبراهيم ، وعصام وزوجته ، ووالد فريدة هو الآخر ، وأيضا أكثر العاملين فى مكتب فريدة ،
كان الجو هادئ إلا من أصوات مزياع النداء الخاص بالمشفى ، الجميع فى حالة صمت وقلق ، كل على من يخصه ،
دخلت ويبدوا علي وجهها الغضب والسخط الشديد ، لم تهتم بالموجودين أو حتى حال كل منهم ، كانت عينيها فقط تبحث عن مجدى ، ولم تبحث طويلا ، فقد كان يجلس بجانب جده ، يستند برأسه على ظهر الكرسى ومغمضا عينيه من ارهاقه منذ فجر اليوم منذ اتصلوا به واخبروه أن ابن عمه وصديق عمره الوحيد قد أصيب بطلق نارى هو وزوجته وفى طريقهم للمستشفى ،
توجهت إليه وبصوت واضح تماما للجميع قالت بغضب
... مجدى ...
اعتدل مجدى وعلى وجهه علامات الفزع من طريقتها فى النداء ، فيما انتبه الجميع لما يحدث ، فتجاهلت ذلك وتابعت بنفس اللهجة ونبرة الصوت
....انت بأى حق تمنعنى انى اشوف ابنى ، انت اتجننت ولا فاكر نفسك مين اصلا ...
تنفس مجدى الصعداء ، ورفع يده ليمسح وجهه وكأنه هدأ حينما فهم الأمر فيبدوا انه كان متوقعا لرد فعلها هذا بل وجاهزا له ،
فقال الجد موجها حديثه لسميرة ... فى ايه ياسميرة ، وطى صوتك ، وايه اللى انتى بتقوليه ده ...
... جيت داخلة لعادل ، اطمن عليه ، لقيت شحطين واقفين على الباب، ومنعونى ، وقال ايه ، اجى استأذن الأستاذ مجدى الأول ...
أدار الجد وجهه لمجدى وقال ... فعلا يامجدى ؟
أجابه مجدى بهدوء ... ايوة ، هو إللى عايز كدة ...
فقاطع هذا الحوار دخول ممرضة بقولها
... انا اسفة ياجماعة ، فين أستاذ مجدى ؟
... ايوة ...
.. عادل بيه صحى وعايز حضرتك لوحدك ...
.. جاى حالا ...
وعندما وقف مجدى أصبح مواجها تماما لها ، ولكنه كان غاضبا تماما منها ليمرر اهانته بهذا الشكل ، فقال لها بهدوء
... ابنك ياسميرة هانم هنا من الساعة 3 الفجر ، ودخل العمليات ، وخرج وفاق والكل دخلوله واطمنوا عليه ، ورجعوا نيموه تانى بالمسكنات ، والساعة دلوقتى داخلة على 10 بليل ، وحضرتك لسة جاية حالا وكمان داخلة تتخانقى انك مش عارفة تشوفيه ، ايه ، مقلقتيش عليه غير دلوقتى ...
فهمت لمقاطعته وهى تقول ... انت مالك ..
لم يدعها تكمل وقال ... مليش فى الموضوع ده ، بس أما يبقى يطلب يشوفك ، أبقى ادخليله ...
وتركها وذهب ، لتتلفت حولها وتجد كل الأعين متعلقة بها ، فلم تعطى بالا وجلست مكان أمجد ،
........................................................................
كان نائما على سرير طبى ، منهك القوى تماما ، معلق له بعض المحاليل بالإضافة لأحد أكياس الدم لتعويض ما فقده فى طريقه للمشفى ،
دخل أمجد ويحمل على وجهه ابتسامة فرحة بنجاة أخيه وصديقه وهو يقول ... ها ، احسن دلوقتى ...
تجاهل عادل سؤاله وقال بضعف ... فريدة ؟
... كويسة الحمد لله ، فاقت وسألت عليك كتير ، هى فى الاوضة اللى جمبك ...
... عايزة اشوفها ...
... مش ممكن ، مينفعش تقوم دلوقتى ، مش هتقدر ، والله هى كويسة ، يمكن انت تعبان اكتر منها ...
... ازاى ، الرصاصة كانت ناحية قلبها ...
... فعلا ، ده حصل ، بس مدخلتش ، الرصاصة كانت سطحية اوى ...
... سطحية ؟
.. ايوة ، تقرير المعمل الجنائى قال إن نفس الرصاصة اللى دخلت وخرجت من ناحية التانية هى اللى جت فى فريدة ، عشان كدة كانت ضعيفة وسطية ...
تنفس عادل الصعداء عندما اطمئن عليها ، فعندما فاق من تخدير جراحته لم يكن قادرا حتى على السؤال عنها ، غير أنه تم اعطائه شيئا آخر قد غيبه عن الوعى مرة أخرى إلى الآن ،
... عايزة اطمن عليها ياعادل ، عايزة اشوفها ، هاتلى حتى التيليفون اكلمها ...
... مش عارف اصلا اذا كانت هتقدر ترد عليك ولا لأ ..
... شفت ، انت بتكدب ، هى مش كويسة ...
... والله كويسة ، وشفتها بنفسى ، غير أن تيليفونك وتيليفونها خدهم الظابط ، عموما انا هروح بنفسى اطمن عليها واصورهالك فيديوا كمان ، عشان تطمن بنفسك ، ماشى ..
وافق عادل بحركة خفيفة من رموش عينيه ، فهمها مجدى وابتسم ثم توجه خارجا ، وقف قبل أن يخرج من الباب والتفت لعادل قبل أن يخرج قائلا
... على فكرة ، سميرة هانم حاولت تدخلك ، وتخيل رد فعلها لما اتمنعت زى ما انت طلبت ...
تعلقت عينا عادل به فيما تذكر طلبه فعلا منذ سنين حين أخبر مجدى يوما ما بأن والدته هى آخر شخص يريده أن كان يفارق الحياة ،
فإبتسم قائلا ... انت لسة فاكر ...
فقال مجدى .... انا عمرى ما انسى حاجة انت تقولهالى ياصاحبى ،
ها ، لسة مش عايزها تدخلك ...
فقال عادل موافقا على عدم رغبته فى رؤيتها ... مش دلوقتى ، الاول روح طمني على فريدة ..
... حاضر ...
وخرج مجدى متوجها لغرفة فريدة ، وكما الحال وضع لفريدة اثنان على باب غرفتها ليمنعوا أى شخص من الدخول إلا بإذنه أيضا ،
طرق الباب وبعدها دخل ، كانت هى ايضا على سريرها الطبى وتجلس بجانبها ريهام وكانت رشا تقف قريبا من نافذة الغرفة ،
فباغتته فريدة قبل أن يتحدث قائلة .... جاى من عنده يامجدى ، صحى ولا لسة ...
ابتسم مجدى قائلا ... ياربنا عليكوا انتوا الاتنين ، زهقتونى ، ايوة ياستى جاى من عنده ، وباعتنى عشان اطمن عليكى ...
ابتسمت فرحا وابتسمت رشا وريهام أيضا ، قبل أن تلاحظ مجدى وهو يفتح هاتفه ويرفعه فى يده فى وضع التصوير ، فقالت
... بتعمل ايه ؟
... بصورك ، أصله مصمم ييجيلك ، ومش هينفع يقوم ، فده حل وسط لحد ما يقدر ...
اسرعت ريهام بالابتعاد مبتسمة عن سرير فريدة وذهبت بجوار رشا التى قالت بسخريتها وخفة دمها المعهودة ... ياعيني ياعينى عل الحب ...
فقال مجدى وهو يقترب بهاتفه ... قوليله ياستى أى حاجة خلينا نخلص ...
أخذت فريدة نفسا عميقا وفكرت فيما تريد قوله ، فقد ارادت ان يكون شيئا جميلا للذكرى ثم نظرت لكاميرا الهاتف وهى مبتسمة وقالت
... انا مش هقولك شكرا انك أنقذت حياتى ، ودى مش اول مرة ، انا بشكر ربنا اصلا من وقت طويل أن انت موجود ، دايما موجود ياعادل ، عايزاك دايما موجود ...
ثم سكتت لبرهة ثم أعادت آخر جملة مؤكدة ... دايما دايما موجود ...
ثم سكتت ، فإبتسم عادل وهم بإغلاق التصور فلحقته قائلة
... استنى يامجدى ، كمل ...
فأعاد الهاتف وأكمل الفيديوا
فقالت بجدية وكأنها تحدث عادل ... ممكن افهم اصلا انت عرفت مكانى هناك اذاى ؟ الاول المكتب وبعدين القبر ، انت كنت ممشى حد ورايا ؟
وسكتت ثانية فقال مجدى ضاحكا ... خلاص ؟
.. اه خلاص ، روحله بقى ...
ضحك وضحك رشا وريهام ، لكن فريدة تماسكت كى لا تضحك ، لكنها فعلتها وضحكت بعد أن خرج مجدى حتى آلمها جرحها .
................................................................
دخل مجدى لعادل ومازال يحتفظ بابتسامته وشغل له الفيديوا مباشرة دون مقدمات ،
شاهد عادل الفيديوا وهو مبتسم وزادت ابتسامته حين سمع سؤالها حتى تحولت ابتسامته إلى ضحكة جميلة ، وبعدما انتهى المقطع قال لعادل ،
... شغل الكاميرا ...
فقال مجدى بإندهاش ... هترد عليها ؟
... اه ، هى مش سئلت ، لازم اجاوبها ...
بالفعل شغل مجدى الهاتف على كاميرا الفيديو وثبتها على وجه عادل
فقال
... أولا ، انا هفضل موجود فى حياتك ، بمزاجك أو حتى غصب عنك ، وهحميكى وبرده بمزاجك أو غصب عنك ، استسلمى للأمر الواقع ،
إنما حكاية ممشى حد وراكى دى لا ، مش ممشى حد ، بس موقفلك حد عند المكتب ، وعرفت مكانك فى المقبرة ، بعربيتى اللى انتى اخدتيها ياحمارة ، فيها GPS ، مو مش معقول أبقى عادل المصرى وعربيتى تتسرق منى ومعرفش مكانها ، تصدقى فكرك ذكية وهتفهميها لوحدك ، وعاملالى فيها كرومبو ، دا انتى طلعتى بطيخ ...
ثم أشار لمجدى أن ينهى ، فقال مجدى ..اروح اوديهولها ...
..اه طبعا ، هو انا مسجلهولك انت ...
فقال مجدى ساخرا ... وحياة امك ، انتوا هتعملونى مرسال غرام ولا ايه ...
قال عادل ... أمشى ياد يلا ، وهاتلى الرد بسرعة ...
... ياد ! لا ، انا كدة اتهزئت ، وكمان عايز الرد ارحمنى يارب ...
خرج متجها لغرفة فريدة ، وفاجئها بقوله
... بصى بقى ، انتوا تقفلوا بدرى بدرى ، انا مش هفضل رايح جاى ...
ثم فتح الهاتف وشغل الفيديو واداره الشاشة لها
ابتسمت على مدار حديثه كله ثم تغيرت ملامحها عند كلمة كرومبو
فأشارت لمجدى أن يشغل الكاميرا ، فقال ممازحا .. لا بقى ، كدة كتير ...
فقالت ... أنجز ..
... حاضر ...
فشغل كاميرا الهاتف وبدأت هى فى الحديث
وظل الحال هكذا لأكثر من نصف ساعة ، مشاكسة بينهما من خلال تسجيل الفيديوهات ومجدى هو مرسال الغرام بينهما وحين أصابه التعب ،
عرضت عليه رشا أن تساعده وتقوم بدوره لعدد من الفيديوهات ووافق متمنيا ، وظلا على هذا الحال حتى بعد أن علم الجميع ما يحدث ، فلم يهتم أحد منهم بأمر الآخرين .
......................................................................
تحامل على نفسه ليقوم من سريره وحاول مساعدة نفسه ليصل لها فى غرفتها خاصة بعد أن علم من طبيبها انه قد منع حركتها تماما من أجل أن يطمئن على الحمل أولا ، خاصة بعد فترة التخدير أثناء الجراحة والأدوية التى تم اعطائها لها ، فقد أصبح الحمل فى خطر فعلى ،
جلس بجانبها يتأملها وهى نائمة كالملاك ، وعقله قد شرد فى الجميلة التى اقتحمت حياته بعدما خلت من أى حب ، حتى بعد أن فقد الأمل تماما فى آن يجد امرأة قد يهتم بها بهذا الشكل ،
تذكر طلبها منه قبل الزواج بأن يبقيا أصدقاء حتى ينهيا زواجهما ، تذكر وقاحتها اللذيذة التى عشقها فى بداية زواجهما ، عندها المستمر وقوتها التى هى سر جاذبيتها ،
ابتسم حين وجدها تفتح عينيها ، إبتسمت حين وجدته أمامها ،
... حمدالله على السلامة ...
... ليا ولا ليك ؟
... لينا احنا الاتنين ...
... انت هنا من بدرى ...
...ساعة ...
... وليه مصحتنيش ...
... شكلك حلو وانتى نايمة ...
قالت بحزن... فى حاجة كنت عايزة اقولهالك بس محبتش اسمعهالهم فى فيديوا ...
.. حاجة ايه ؟
... البيبى ....
... رفع يده ووضعه إحدى أصابعه على فمها وقال
... متفكريش فى الموضوع ده ، حتى لو مكملش ، مش مشكلة . ..
... يعنى مش زعلان ...
.. هبقى بكدب لو قلت مش زعلان ، بس اللى مفرحنى اكتر ، انك موجودة ، ومعايا ، أن شاء الله يتعوض ، عشان فعلا نفسى فى بيبى منك انتى بالذات ...
قالت بحنان ... تقدر تطلع جمبى ...
ابتسم ثم قام من على كرسيه وجلس بجانبها ثم اعتدل لينام بجانبها وهو يتمسك بكتفه من الألم بعدما أفسحت له مكان بجانبها ،
رفعت رأسها ليضع زراعه الغير مصابة ، لتستريح رأسها عليها ، وبعدما شعرت بهدوء ألمه قالت
... البيبى نزل فعلا ياعادل ...