الجزء 34

دموع ممنوعة
هناء النمر

الجزء التانى ،، الفصل الثالث عشر ،، بارت اتنين

وقف إبراهيم وغضبه بدأ فى الطغيان على ملامحه
... ايه ، اصفى الشركة ؟

... ايوة ، تصفيها ، يااما تضمها للشركة الأساسية ...

... مستحيل ، ده شقى العمر ، انا داخل على خمسين سنة ، وأول مرة فى حياتى يكون فى حاجة باسمى انا ، بتاعتى ، تيجى دلوقتى تقولى اصفيها أو حتى اضمها ، ده فى احلامكم ...

... خد بالك من كلامك ياابراهيم ...

... عندك حق ، مش خدت عادل تحت ايديك بعد ما كان معاديك ، حقك تقلب على الكل ، بس وعد منى مش ههنيك ولا ههنيه على شركتى ، مستحيل اسمح لحد منكم يقربلها ...

... متنساش أنه اصلا له نصها ...

... ده على أساس أنه هيلاقى ورق يثبت كدة ، أبوه باعلى الجزء بتاعه قبل ما يموت ، ومعايا اللى يثبت ...

... عليا انا الكلام ده ياابراهيم ...

.. لا عليك ولا عليا ، انا معايا اللى يثبت ، يبقى انتهينا ....

... وعندك استعداد تعاديه؟

.. ايه المشكلة ، بتهددونى يعنى ، طيب انا مش هعمل كدة ، وورونى هتعملوا ايه ، وعادل انا اللى هتصرف معاه ؟

وتركه وخرج دون سابق إنزار وقد فاض به الكيل ونوى الشر ، وإلى الآن لم يقتنع عزت بانفرات عنقود عائلته ومازال مصمم على تجميعهم ،

............................................................................
ا
كانت الساعة قد وصلت للثالثة صباحا بعدما سلم على كل المدعوين وانتهى الحفل ، وهو فى طريقه لجناحه ، سمع صوت عمه ، فقد كان صوته أعلى من أن تحتويه جدران الغرفة ،
لم يقف ليسمع الكثير ، بعد الجمل فهم منها محتوى الموضوع بل وتوقع أيضا باقى الحوار ، تابع طريقه دون حتى أن يقف أو يهتم .

دخل من باب جناحه وهو يلقى بجاكت بدلته على أحد جوانب الغرفة دون حتى أن يهتم أين ألقاها واتبعها بالجرافات ، وفتح أزرار قميصه العليا ،
كل هذا وعينيه تجول الغرفة تبحث عنها ، حتى وجدها ،

وقف قبالة الفراش يتأملها فى نومها ، جميلة الملامح ، هادئة ،
لم تكن له رغبة واضحة فى النوم ، أحداث اليوم كانت كافية تماما أن تؤرق مضجعه ، جذب كسى خفيف ، ووضعه قريبا من الفراش ، وجلس عليه ، بمقابلتها وعينيه عليها ، مر أحداث اليوم بخاطره كشريط فيديوا ، حاول مرارا أن يجد حلا لما يحدث حوله ، لطالما حاول دائما أن يفعل ، لطالما ساعد دائما من طلب منها مساعدته مهما كانت المشكلة الواقع فيها حتى عرف عنه الدهاء والمكر ، بل الأهم عرف عنه أنه يشبه عائلته فى أعمالهم ويقوم بما هو معروف عنهم من الأعمال القذرة والمنافية للقانون لكن لم يثبت عليهم شيئا يوما .
لكن صفاء نفسه وعقله لم يجدهم يوما إلا بعيدا عنهم ، على الأقل يخفف عنه عذاب نفسه وضميره مما يقوم به ناحية عائلته ، حتى بعدما اقترب من أجل سهام بعد أن نجحت محاولاتها فى اغرائه إلى أن ابتعد أيضا بسببها ليعود مرة أخرى بعد زواجه من فريدة ، وها هو الآن يفكر فى تركهم مرة أخرى ومن أجلها أيضا ، من أجل النائمة أمامه الآن ،

ولا يعلم من أين تسربت لافكاره والدتها ، عمته جميلة ، الجميلة المكروهة من العائلة بأكملها ، العمة التى قتلت ووالدته أكبر المساهمات فى قتلها ،
يالله ، كم تألمت وعانت هذه المرأة وابنتها بسبب هذه العائلة السيئة ، بل وعانى الكثير والكثير غيرهم ،

لم يحسب كم مرة من الوقت أمامه وهو يتأملها هكذا وعقله ثائر كالبركان فى الماضى الذى اثارته هى بوجودها والذى لطالما بزل كل طاقته ليبتعد عنه ويغلقه بكل ما فيه من مساوئ .

فى خضم كل هذا وجدها تتململ فى نومها ، وتنقلب من نومها على جانبها لتنام على ظهرها لكنه لاحظ أنها تعقد جبهتها هى تئن بخفوت وهى نائمة بل وسحبت يدها ووضعتها على بطنها بضغطة خفيفة جدا لا تلاحظ إلا لمن يدقق.
كان واضحا تماما أن بطنها هى ما يؤلمها ، لمست قلبه بحركتها البسيطة هذه ، قام واستلقى بجانبها ، وضع يده بحنان على يدها التى تضعها فوق بطنها وبإبهام يده الأخرى حركه بحنان وبطئ على مكان الانعقاد فى جبهتها ، لم يتركها إلا عندما فك هذا الانعقاد بل وخف انينها بعض الشئ ،
قد كان سعيدا بما يفعل حتى أنه استمر فيما يقوم به لوقت حتى بعد أن هدأت من وطأة لمسته الحنونة ،
أعتقد ألمها قد هدأ ، لم يدرك أنها شعرت بلمسة يده واستيقظت بالفعل من أول لحظة ، لكنها استمتعت بلمسته لدرجة أنها ادعت النوم وتركته يكمل.
حتى قرر أن يبتعد ، رفع اصبعه عن جبهتها ، وهم برفع يده الأخرى ، فوجيء بيدها تسحب بسرعة من تحت يده لتوضع فوق يده لتمنع يده من الابتعاد ، وأصبحت كف يدها هو الأعلى ويده هى الملامسة مباشرة لبطنها، حول عينيه من كف يدها لوجهها ليجدها تنظر له بإبتسامة ماكرة جعلته يبتسم هو الآخر .
ضغط بكف يده على بطنها وهو يقول ... بتوجعك. .

اجابته بصوت منخفض يوازي صوته الحانى وكأنها لا تريد أى شخص آخر يسمعها غيره .. مأكلتش حاجة طول النهار ، والقهوة عملتلى مغص ...

اختفت ابتسامته تدريجيا فلحقته متابعة قبل أن يظهر رد فعله الطبيعى على ما قالت ... وقبل ما انام اخدت قرصين للمغص وشربت كباية لبن ، ومتحاولش لأنى مستحيل هاكل أى حاجة دلوقتى ...

رفع أحد حاجبيه مستغربا على ملاحقتها هذه ، لكنه فى النهاية عادت ابتسامته لوجهه مرة أخرى لكنها كانت ممزوجة بمرارة واضحة وكأن ما كان يفكر به يسطر نفسه على وجهه

قالت بصوت يشبه الهمس ... مالك ؟

استلقى على جانبه واضعا رأسه على الوسادة بجانبها وهو ينظر لها دون أن يرد ، استدارت هى الأخرى بجسدها لتواجهه، حتى أصبح لا يفصل بين وجهيهما إلا القليل ،
وعينيهما تحكى حوار طويل قبل أن يقول
... ياريتك كنتى موجودة من زمان ...

هل حقا رأت فى عينيه حسرة وألم واضح أكثر منهم أمنية على معنى جملته ، حتى وجدته يكمل يعد أن ابتسم مما جال بخاطره وقرر البوح به

... عارفة ، لو كنا اتربينا سوا فى بيت واحد ، أو على الأقل كل واحد فى بيت بس أكون عارفك ، بنت عمتى بقى ،مكنتش هسمح لمخلوق يقربلك ولا يقربلها ، بس انا كنت صغير اوى يافريدة ، وطول الوقت كنت مسافر مع ابويا ، حتى يوم الحادثة ، مكنتش فى مصر اصلا ...

ظهرت المرارة على وجهها واخفضت عينيها ، فمد يده وبأصابعه يتحسس بشرة خدها الناعمة ، وبحركة تلقائية منه ومنها رفعت رأسها ، فمد زراعه لتستلقى عليه ، احاطها أكثر بزراعه وأخذ يضمها ويقربها أكثر وهو يهمس

... انا اسف ، اسف يافريدة ، كفاية عليهم اوى كدة ، خلينا نبعد عن هنا ، خلينا نخرج من وسطهم قبل ما أى حد فيهم يقرب ليكى أو لعلاقتنا دى ...

رفعت رأسها له وهى لا تصدق ما تسمع منه ، وتحولت ملامحها التى كانت منذ ثوانى مشبعة بمرارة الذكرى وأسفه عليها لذهول واضح أقرب للصدمة خاصة عندما لمحت بعينه لمعة بسيطة تبدوا وكأنها دموع تجمعت فى عينيه من صدق إحساسه الذى وصل لقلبها مباشرة كسهم قذف نحو قلبها بقوة زراع صاحبه .
تابع وعينيه متعلقة بعينيها ... أيوة ، مش هسمح لحد يقربلك ابدا ولا يؤذيكى ، مش هتحمل وجعك ابدا ...

لم تعد قادرة على التحكم فى نفسها لتجبرها على الابتعاد عنه بعد كلماته الصادقة هذه ، هجمت عليه هى لتمنعه من أن يكمل بشفتيها التى انقضت على شفتيه لتجيبه بشكل عملى أكثر على ما أخبرها به للتو ، ولتكمل معه رحلة بدأاها قبل بداية الحفل وانقطعت رغما عنهم

.................................................................................

... ادخل ياعصام ... قال الجد ردا على طرق عصام لباب غرفته

دخل عصام مبتسما وهو يقول

.. صباح ال ...

وابتلع كلمته عندما وجد مجدى وعادل يجلس كل منهما

.. هو فى ايه بالظبط ؟

.. أعقد ياعصام ، انا عايزكم كلكم فى حاجة مهمة ...

... انا عندى شغل مهم والساعة داخلة على 11 ، اما اجى نتكلم ، لازم أمشى ...

... قلت استنى ياعصام ، أعقد لحد ما عمك ييجى ...

... ادينى جيت ... قالها وهو يدخل من باب الغرفة

جلس الجميع من حول فراش الجد ليستمعوا لما سوف يقول

... بصوا كلكم ، دلوقتى كل حاجة بتقع بمجرد ما انا تعبت ، أكرم مشى بعد ما عرف اللى حصل ...

قال عصام وهو يلقى نظرة على عادل... البركة فى الهانم مرات البيه ...

أجابه عادل دون حتى أن ينظر له ... متجبش سيريتها ياعصام ، ومتستفزنيش اكتر من كدة ...

قال الجد غاضبا ... بس انت وهو ، مفيش لا وقت ولا مجال للخناق ، وبعدين القاعدة دى عشان عادل ...

لم يفهم أى شخص ماذا يقصد ، فأرادوا التوضيح

فقال ... عادل هو كمان هيسيب الشركة ...

ارتفعت كل الأعين لعادل الذى لم يهتم حتى لرفع عينيه لهم وكأن الكلام لا يخصه من الاساس .

... دلوقتى ، أكرم وعادل برة الليلة ، كدة مين هيدير الشغل ...

قال إبراهيم ... وهو انت عندك مجال للاختيار ياحج ...

... تقصد نفسك ياابراهيم ، انا موافق بس شرطى انت عارفه ، اللى هيدير الشغل ، مينفعش يكون له شغل لوحده ، لازم يكون مجهوده كله للشغل ، وإلا هشتغل لصالح نفسه ....

سكت لحظة ثم قال ... اسمع انت وهو ، انا هجيب من الاخر ، يااما تتصرفوا مع بعض يااما هوزع على أساس الميراث ، كل حاجة باسمى لحد ما اموت ، لكن كل واحد فيكم هيستسلم الجزء اللى هيورثه ويديره براحته، وده آخر كلام ، ادامكم يومين بس ، تفكروا وتردوا عليا ...

يتبع


إعدادات القراءة


لون الخلفية