الجزء 44

الجزء الثانى ، الفصل التاسع عشر

وظلا على نفس الحال لموقت لم يعلماه حتى اعتدلا فزعا على صوت قاطع ما يحدث جعلها يتسمرا مكانهما وهو يقول

.... very very sweet
, كأنى بتفرج على فيلم عربى قديم ، بس ايه رأيكم فى المفاجأة دى بقى ....

ثم دخل رجاله واحدا خلف الآخر وهم يحملون الأسلحة ،
وهو يتلفت حوله ويقول ... مكان تحفة ، نقدر نصفى حسابنا فيه ، من غير ما حد يحس بينا ، مش صح ياعادل باشا ....

... مازن ؟

قال مازن بتهكم ... اه مازن ، ملاحظة كويسة اوى ، ايه رأيك بقى ؟

وقف عادل ووقفت بجانبه فريدة لكنه مد يده وجذبها لتقف خلفه وكأن وقوفها هكذا سيحميها وهو يقول ... بلاش اللى انت ناوى عليه ده ، احسنلك بلاش ...

تقدم مازن خطوتين منه وهو يقول ... مش تعرف الأول انا ناوى على ايه ؟

.. أيا أن كان يامازن ، انت عارف أنى بطلت اعدى حاجة ...

... براحة شوية ياعادل ، انت دلوقتى لوحدك ومحدش هيحس بيك ولا بيها ...

.. سيبها تمشى يامازن ، وبعدين نتفاهم انا وانت ...

قال ووجهه يحمل ابتسامة ساخرة ... تفتكر برده انا هعمل كدة ، عيب عليك ، وبعدين انا برده ليا حساب معاها ...

... يعنى ناوى على ايه ؟ هتقتلنا مثلا ؟

وقف مازن وهو يرفع يده تحت زقنه يتصنع التفكير وهو يقول
... تصدق مفكرتش ، أصل كدة كدة انا الفايز فى النهاية ، اللى عدى خلاص مات ، واخويا جبان ، هعرف ارجع اللى خده ، دا أنا حتى كنت لسة معاه قبل ما اجى ، واللى تعبت فيه مراتك هيطلع فاشوش ،
إنما انت بقى فحسابنا قديم اوى ، وأنا وانت عارفين كويس اوى انه مكانش هيعدى على خير ....

... لتانى مرة بقولك سيبها تمشى وحسابنا نصفيه سوا براحتنا ...

كان عادل يعلم أنه وحده معها أمام زمرة من الرجال المسلحين ، وأن ما سيحدث لن يمر بخير ، كل ما يريده أن يبعدها الآن ليضمن سلامتها وبعدها يكون ما يكون ، أما فريدة فقد شعرت بالخوف الحقيقى مما تراه الآن ، لا تعلم أن كان على نفسها أم على من تحمله فى أحشائها ، أم على عادل الذى تواجه معه موقف حقيقى قد يؤدى بحياة شخص ما ، قد يكون أحدهما ، وتذكرت فى نفس اللحظة جملته التى استهانت بها
.... أنتى دخلتى نفسك فى عالم انتى مش قده ، عالم متعرفيش أبسط قواعده ...

اقترب مازن من عادل ... ليه بس ، انا اصلا عايزها تتفرج على إللى هعمله فيك ، وبعد كدة هفرجك على إللى هعمله فيها ...

كم أراد عادل يتحداه فى هذه اللحظة لكن وجود فريدة معه يجعله عاجزا تماما عن القيام بذلك ، فسلامتها هى الأهم بالنسبة له الآن ،
لكن حالة الرعب التى وصلته عنها من خلال ضربات قلبها التى تدق كالطبول وهى تقف من خلفه تزيد من غضبه من الموقف برمته بل تقوده لحالة غريبة من التوتر الذى سيصل به حتى التهور التام

لكن مازن قد عجل بتهوره هذا حين باغته بلكمة قوية فى بطنه جعلته ينحني بعض الشئ بالتزامن مع صرخة فريدة التى انحنت تمسك بزراعه لتطمئن عليه ولا تعلم بأن عادل أقوى من ذلك بمراحل عدة ، لكن عادل أعاد يدها بحركة بسيطة من يده بل وابعدها بعض الشئ ليرتفع ويفاجئ مازن بقبضة يده على وجهه ليطيح به أرضا وهو يمسك بوجهه الذى يكاد لا يشعر به من قوة لكمة عادل له ،
فى نفس اللحظة التى اقترب رجال مازن بأسلحتهم من عادل الثلاثة بعد لكمته لمازن لكن مازن أشار لهم بالعودة لأماكنهم مرة أخرى ليقف هو ويمد يده خلف ظهره لتعود وبها سلاح نارى كبير (طبنجة ) ليشهره فى وجه عادل مما أثار رعب فريدة أكثر وأكثر وهى تصرخ بصوت مكتوب بعد أن وضعت كف يدها على فمها ، فلم تتخيل ابدا انها ستصل لمثل هذه الحالة من الخوف المضجع ،
رغم كل ذلك كان عادل ثابتا وواثقا من نفسه تماما ولم يحاول ابدا إيصال عكس ذلك لمازن حتى بعد أن رفع مازن فى وجهه سلاحه ، لكن ما وتره حقا هو مفاجأة مازن له بجذب فريدة فجأة من زراعها ليشهر على رأسها فوهة سلاحه ،
شعر وكأن الدم يختفى من عروقه وبحركة لا إرادية منه رفع يده وكأن حركته هذه ستعيدها خلفه لتحميها ،
جزبها مازن ليبتعد بها للخلف أكثر بينما يشير لعادل بأن يتوقف مكانه ولا يقترب منه وهو يقول
... تؤتؤ ، خليك مكانك ، ايه ؟ وشك أصفر كدة ليه ،خايف عليها ؟
ما كنت عامل فيها أسد دلوقتى ...

... سيبها يامازن ، ملهاش فى اللى بينا حاجة ...

صرخ مازن بصوت عالى جدا قائلا ... لأ ليها ،هى السبب ...
ثم هدأ من نبرة صوته قليلا وهو يحاول التحكم فى غضبه ثم قال
... ليها الخوف اللى انا شايفه فى عنيك دلوقتى ، ده يكفينى اوى ، أصل أول مرة اشوفه ، وليها اللى عملته مع محمود ، هى اللى خططت له ، محمود اجبن وأغبى من أنه يعمل كدة لوحده ...

... تفتكر كدة ؟
كان هذا صوت محمود نفسه الذى ظهر من العدم والذى اتسعت كل الأعين لرؤيته و هو يقترب من مازن شاهرا سلاح نارى ناحيته ،

حاول رجال مازن أن يتقدموا للامام قليلا حين قال محمود لهم
... خليكو مكانكوا ...

فأشار لهم مازن برأسه ببقائهم بالفعل ،

اضطرب الموقف كله من ظهور محمود بسلاحه ، وأخذ مازن يسب ويلعن فى سره ثم رفع رأسه لمحمود قائلا ... ايه اللى انت بتعمله ده ، ترفع عليا انا السلاح ، انا مهما كان اخوك ياحيوان ..

... انت عمرك ما كنت اخويا يامازن ، ولا فى يوم كنت شبهى أو شبه بابا ، طول عمرك شارد بعيد عنا ...

طالت النظرة بينهما وسلاح محمود موجه على رأس مازن وسلاح مازن موجه لرأس فريدة
لم يكن مازن متأكدا بأن محمود يحمل داخله مثل هذه القوة والتحدى اللذان يراهم فى عينيه الآن
فيما قال محمود بهدوء لمازن مشيرا لفريدة ... سيبها ...

ظهرت ابتسامة صغيرة على جانب فم مازن وهو يقول
... يهمك أمرها ، ايه ؟ بتحبها انت كمان ؟

فى أثناء كل هذا كان عادل يتحرك تجاههم حركة مقننة صغيرة وعينيه على فريدة وعلى السلاح المصوب على رأسها ، خاصة بعد تشتيت انتباه مازن بعدما بدأت المواجهة بينه وبين محمود ، فجأة تجمدت حركته تماما عندما سمع سؤال مازن لمحمود لتتعلق عينيه المليئة بنيازك النار بمازن وهو يقرب فمه من اذن فريدة فيما كانت هى تحاول ابعاد وجهها عنه لتهرب من انفاسه الكريهة ويقول بهمس
... حد قدك ، اتنين بيحبوكى اهو ، ومين عارف يمكن لو كنت قربت انا كمان ، كنت حبيتك ،بس انا غيرهم ياقمر ،انا مبحبش حد ياخد منى حاجة انا عايزها ....

شعر عادل بأن الدم يغلى داخل عروقه ، ضغط على أسنانه حتى شعر بدم داخل فمه ، فيما رفع محمود صوته قائلا
.. كفاية يامازن بقى ، انا بلغت البوليس وزمانه على وصول ، أنهى المهزلة دى بقى على خير وكفاية لحد كدة ...

فى أثناء كلامه أشار عادل لفريدة أن تأتى له فتحركت ناحيته فى نفس اللحظة التى هجم عليه ليمسك بالسلاح الذى يحمله ليبعد اتجاهه عن فريدة ، بينما تراجع محمود من رهبته من هجوم عادل ،
صرخت فريدة فيما تصاعد أصوات إطلاق النار من أكثر من اتجاه غير محدد فى نفس اللحظة التى بدأت تظهر فيها أصوات انزارات سياراتهم الشرطة القادمة من بعيد ،

بدأت الرؤية فى التشوش عند فريدة ، أصوات الأقدام فى كل مكان ،
وصرخات عادل بإسمها بدأت فى الانخفاض حتى باتت غير مسموعة ، وانعدمت الرؤية تماما


إعدادات القراءة


لون الخلفية