الجزء 41
دموع ممنوعة، ،،،، هناء النمر
الجزء التانى ،،، الفصل السابع عشر ،، بارت تانى
..........................................................
اتسعت عينا إبراهيم على آخرها فيما انعقد ما بين حاجبيه من صدمته حينما سمع والده يجيبه بقوله
... اللى حصل حصل وخلاص ياابراهيم ، دى خلاص بقت مرات عادل وشايلة ابنه ، يعنى حفيدى وشايل إسمى ...
.. يعنى ايه الكلام ده ؟
... يعنى تنسى الموضوع ده شوية لحد ما تولد وامسك حفيدى بين ايديا ...
ملامح الرجل كانت توحي بصدق تام فيما يقوله وهذا ما أثار إبراهيم أكثر وأكثر ، فقال وهو يحاول كتم غيظه
... يعنى انا أحاول الاقيلها سكة ، لكن ابن ابنك مكتفنى وانت جاى دلوقتى تكتفنى اكتر ، ثم من امتى الحنية دى ياحج ، ايه نخيت على كبر ...
انتفض الجد واعتدل بعض الشئ وقد امتلئت عينيه بالغضب وقال بصوت أعلى ... انت اتجننت ؟
... أمال عايزنى اقولك ، انا مبقتش فاهم حاجة ...
قرر الجد فى نفسه أن يتخذ معه طريق آخر وهو طريق الإقناع
... قوللى الأول ، هى مدايقاك فى ايه دلوقتى ...
.. يعنى ايه ؟
.. يعنى خلاص ، اللى كانت عايزة تعمله عملته ، مبقاش فى حاجة تانية ، يعنى وجودها خلاص مش هيضرك ولا يضرنى فى حاجة ، يبقى اركن الموضوع ده على جمب دلوقتى لحد ما نشوف شغلنا اللى بيقع ده ، وكمان تكون هى ولدت ، ولا ايه ؟
وقف إبراهيم يكاد لا يصدق الصاعقة التى أصابته ، فقد أصبح جميع أفراد الأسرة جميعهم فى حياد كامل من ناحية فريدة ، معنى ذلك أن فكرة الانتقام قد أزيلت من جميع العقول ، ولم يعد هناك إمكانية للانتقام منها باستخدام أى أحد منهم ، لهذا قرر أن يلجأ للضغط الخارجى من كل هذا .
وقف يتأمل والده وعينيه يتطاير منها لهيب الغضب وهو صامت ، فلم يعد هناك ما يقوله ، قد فرغ لديه الكلام .
.......................................................................
فتح باب مخبأه السرى الخاص به والذى شهد اول أوقات الحب بينهما ولم يعلم به أحدا إلا هى من بعد والده ، و أيضا قد أصبح أقرب لقلبها أكثر مراحل من جناحهما الخاص فى فيلا المصرى ،
تبعته للداخل بعد طريق طويل من الصمت المقلق وهى تجلس بجانبه فى سيارته ، تصلها أنفاسه الغاضبة وتكاد تسمع صرخات عقله وهو يفكر فيما حدث للتو فى مكتبها ، وكيف اجتمع محمود ومازن مع رجاله هناك ،
ووقفت تتابعه وهو يلقى مفاتيحه بغضب ثم جاكت بدلته ، ثم اتجه للمطبخ ، ذهبت خلفه ، جلست على كرسى عالى أمام لوح الرخام الفاصل بين المطبخ والصالة حيث أصبح يفصلهما ، هى تجلس ناحية الصالة وهو يقف فى المطبخ ،
فى البداية بدأ بتحضير فنجان من القهوة وبعد أن وضعه على النار ، أحضر كأس كبير ووضعه أمامها ثم فتح الثلاجة وعاد لها بعلبة من العصير المعلب ، فتحها وافرغ ما بها فى الكأس الذى وضعه أمامها ، ثم عاد ليحضر قهوته ، كل هذا فى صمت تام حتى أقدمت هى وبدأت الحديث وهى تسأله
... هتفضل ساكت كدة كتير ؟
قال وهو يضع فنجان قهوته على السطح الرخامى بينهما ويجلس بجانبه
... عايزة تسمعى ايه ؟
... اللى عندك ياعادل ، اللى جواك دلوقتى ، عايزة اسمع اللى انت عايز تقوله ، مش اللى انا عايزة اسمعه ...
اجابها بهدوء لم يكن ابدا يتناسب مع العاصفة التى تطيح بالأخضر واليابس... اللى عندى كبير عليكى اوى يافريدة ، مش هتتحمليه ..
... حربنى ، يمكن تلاقينى أقوى من اللى انت شايفه ؟
... معتقدش ، عارفة يافريدة ايه مشكلتك الحقيقية ؟
رغم الإهانة المستترة خلف كلامه ، والاستهانة بها إلا أنها تحملت كلامه ولم تبدى أى رد فعل عدائى فقد أرادته أن يسترسل فى حديثه لتسمع ما لديه ،
... ايه ؟
... مشكلتك انك فاكرة نفسك قوية جدا ، يعنى متخيلة انك قد العالم اللى انتى دخلتيه برجليكى ، بس للاسف ده مش حقيقى يافريدة ....
... يااه ، انت شايف انى ضعيفة اوى كدة ؟
.. بالعكس ، انتى كدة فهمتى كلامى ، انا شايفك قوية ومتماسكة جدا ، ويمكن ده سر انجذابى ليكى ...
لمعت عيناها فرحة دون أن تقصد أو حتى تشعر من اطرائه الصريح وقالت ... كلامك معناه كدة ...
... لا ، اللى قلته انك أضعف من العالم اللى انتى دخلتى نفسك فيه وانتى حتى متعرفيش أبسط قواعده ...
... تفتكر كدة ؟
... أبسط دليل على كلامى الوضع اللى انتى كنتى فيه دلوقتى ، ده حتى مش مجرد موقف عادى ، ده جنان ...
... كل اللى حصل كان صدفة مش مقصودة ..
... بالعكس ، ده حاجة متوقعة جدا ، وانتى اللى حطيتى نفسك فيها بمزاجك ، انا صحيح معرفش الموقف ده كله تم ازاى ، كل اللى أعرفه أن محمود جه وبعديه بعشر دقايق وصل مازن ورجالته ، لكن اللى متأكد منه أن انتى اللى فتحتى الباب ده وانتى اللى دخلتى نفسك بين الاتنين ، محدش اجبرك ...
... انا كنت بخلص شغل انا متعودة عليه ، والتعقيدات اللى زى دى محتملة جدا فى شغلى ده ...
... تعقيدات ايه اللى تقصديها يافريدة ، انك تعملى مقابلات بعد ما مواعيد المكتب والموظفين يمشوا ، وانتى لوحدك ....
ارتفعت عينيها كرد فعل على كلامه فلاحقها قائلا
... ومن غير ما تقلبى الكلام ،انا مش بشكك فى اخلاقك ، لكن طبيعى انى أسألك ايه اللى خلى محمود يجيلك مكتبك فى الوقت ده ؟ وأعتقد حقى انى افهم ...
... انت السبب ...
... أنا ؟ !
.. ايوة انت ، غامض جدا وكل يوم اعرف عنك اللى يفاجئنى ، لو كنت صريح معايا ، وقلتلى كل حاجة عنك ، مكنتش وصلت انا لكدة ...
... وايه دخل محمود ومازن فى كدة ؟
... انا مليش علاقة بمازن ، انا بعت لمحمود عشان أسأله هو عن سبب العداء بينك وبين مازن أخوه ...
... وانتى متخيلة أن محمود يعرف حاجة عن الموضوع ده ؟
..، توقعت كدة ..
.. وليه مسألتنيش انا عن اللى عايزة تعرفيه ، مش كدة كان أفضل ولو ملقتش أبقى دورى براحتك بعيد عنى ...
طالت النظرة بينهما بينما تتذكر فريدة كلام رشا والذى طلبت فيه أن تسأله مباشرة ، قد يكون انسان صريحا ولن يخفى شيئا ،
..وكنت هتقوللى ؟
... وليه لا ، مبخبيش عنك حاجة ، مش محتاج اصلا انى اخبى ، كل الحكاية انى بقولك كل حاجة فى وقتها أو على الأقل لما تيجى مناسبة ...
فسألته مباشرة ... طيب ايه سر العداوة الغريب اللى بينك وبين مازن ده ؟
.. وليه بتعتبريه غريب اصلا ؟
قال هذا وهو يقف ويدور حول اللوح الرخامى ليخرج للصالة ويجلس على أحد الارائك الوسطية فى الصالة بعد أن فتح زجاج النافذة التى تطل على الحديقة الصغيرة ، أخرج أحد سجائره ليشعلها ، فقد أراد أن يبتعد عنها بمسافة أكبر ليجنبها دخان سيجاره ،
فقالت وهى تستدير بالكرسي العالى الدوار الذى تجلس عليه
... عشان مش قادرة أوصل لأى معلومة عنها ولا عنك ...
.. ده طبيعى ، لأنى بلعب من بعيد لبعيد ، ومبفكرش أقرب غير لما حد منهم يطلب منى ، وده عادة مبيتمش غير لما بيكونو موقعين نفسهم فى مصيبة ومش عارفين يخرجوا منها ...
تركت كرسيها واقتربت وجلست بالقرب منه بعد أن خلعت حزائها زات الكعب العالى وهى تقول ... مش فاهمة ...
أطفأ سيجارته عندما وجدها جلست بالقرب منه رغم أنه لم يكملها ،
.. ليه ، انا بالنسبالهم حلال العقد ، من وانا صغير وانا كدة ، ابويا كان بيحكيلى كل حاجة عن الشغل ، بالذات لما بيبقى فى مشكلة ، وكنت دايما بحلله المشكلة ، حاجة زى موهبة كدة ، ومع الوقت جدى لاحظ وبقى يتابعنى بنفسه ، دخلنى الشركة وانا عندى 15 سنة ، وعشان كنت مش سن قانونى انى اشتغل بالورق ، إدى أمر للكل أن كلامى بقيمة كلامه بالظبط ، يعنى كلمتى أمر على الكل ، وكانت دى اول حجر العداوة بينى وبين عمى إبراهيم ، لان كلمتى بقت أعلى من كلمته هو شخصيا ، إنما بابا وعمى أكرم فرحوا جدا أن ده تم ، ومن وقتها وانا على كدة ...
سكت لبرهة وكأنه يستريح من الكلام والأهم من الذكريات التى استيقظت داخله مع كلامه ثم رفع رأسه لفريدة وجدها فى حالة انصات تام لما يقول وقد حثه هذا على أن يكمل فتابع
... مازن كان ديل عمى إبراهيم ومن فترة طويلة ومن غير ما حد يعرف ، وطبعا قبل فكرة الشركة المجهولة اللى عملوها ، وعلى فكرة ، كل واحد فيهم شريك التانى فى شركته ...
... بس اللى أعرفه أن مازن كان مسافر ...
... لنفس الهدف ، كان فى ألمانيا ، عملوا أصل الشركة هناك ، وبعدين عملوا فرع هنا ونقلوا الإدارة ...
.. مدام انت عارف كل ده ، مقولتش لجدك ليه ؟
... معرفتش غير لما الشركة هنا وقعت فى أزمة كبيرة ، غير أنى عرفت صدفة اصلا ، ومن فترة قصيرة اوى ، تقريبا كدة بعد بداية المشكلة اللى حصلت مع مازن ...
..، يعنى أساس المشكلة كلها الشركة ؟
.. ده اللى معروف ، لكن عندى انا ، يوم ما بعت شوية زبالة من رجالته يتهجموا على بابا ...
... ضربوه ؟
.. تخيلى ، والرد عندى كان بالمثل ، لو كان ابويا فضل فى المستشفى يومين ، مازن فضل شهر مكسور ، بس للاسف مقدرتش أوصل لأى دليل يربط عمى إبراهيم باللى حصل والا كنت قتلته بإيدى ، ومش هبعتله حد زى ما عملت مع مازن ، ومن يومها واحنا على كدة ، أدى الحكاية كلها ياستى ، خبيت حاجة ؟
اعتدلت فى جلستها وهى تقول ... انا مكنتش أقصد حاجة ، انا بس ...
قاطعها قبل تكمل قائلا ... إنتى مبتثقيش فيا لحد دلوقتى ، صح ؟
... لا مقصدش ...
... لا تقصدى ، انا مهما إن كان منهم ، فبتعتبرينى زييهم ...
تنهدت فريدة ولم تجيبه بشئ ، ما قاله به شئ من الحقيقة ، فالبفعل من داخلها تعتبره مثلهم ، وأن فى النهاية أصله سيغلب ما يحاول إظهاره طوال الوقت ، وكما يقال الطبع دائما يغلب ما تطبع عليه صاحبه .
قاطع ما تفكر به عندما لاحظ صمتها الذى قد طال قائلا
... بالمناسبة ، بما أننا يعنى فتحنا باب الصراحة ده ، فى حاجة كنت عايزة اقولهالك من زمان ، وبما انك مقولتليش على حكاية والدتك دى وانى اتفاجئت باللى عملتيه يوم مواجهة العيلة ، وبعدين مشيتى وبعدها رجعتى بصعوبة ، وتعب جدى والمشاكل اللى وقعنا فيها ، والعيلة اللى كل واحد منهم راح فى ناحية ، فمكانش فى وقت أتكلم معاكى فى الموضوع ده ، ده اذا كنتى مش عارفاه اصلا ...
اعتدلت وهى تستمع بإنصات لكل المقدمة التى يقولها هذه ، فكيف سيكون الموضوع نفسه ، فقالت
... أتكلم على طول ياعادل ، بلاش المقدمة الطويلة دى ...
... مامتك ...
.. مالها ؟
.. تعرفى ايه عنها وعن اللى حصل هنا قبل جوازها من أبوكى ؟
... يعنى ايه ؟ مش فاهمة ؟ ممكن توضح ...
... كلامى واضح يافريدة ، انا شايف انك متحاملة جدا على جدى ، وبتتعاملى كأن والدتك كانت ملاك من السما ، وأن كل افراد العيلة دى شياطين ، مع أنى اللى أعرفه غير كدة ...
يتبع