الجزء 42


الجزء التانى ،،، الفصل الثامن عشر ، بارت اول

... كلامى واضح يافريدة ، انا شايف انك متحاملة جدا على جدى ، وبتتعاملى كأن والدتك كانت ملاك من السما ، وإن كل افراد العيلة دى شياطين ، مع أنى اللى أعرفه غير كدة ...

رفعت فريدة يدها له وأشارت له بأصبعها كتنبيه وهى تقول
... إياك ياعادل ، إياك تغلط فى أمى والا فعلا هتخسرنى ...

... نزلى ايدك يافريدة ، احنا بنتكلم عادى ، وأنا مبقولش الكلام ده على كلام حد قالهولى ، انا شفت بعينى ، ولو مش عايزة نتكلم فى الحكاية دى براحتك ...

استفزها كلامه ، ورغم قلقها الواضح من أى كلمة فى حق والدتها إلا أنها أرادت أن تعرف ما لديه ليقوله ، فهذه هى طريقتها ، تستمع لكل الآراء لتختار فى النهاية الأفضل وما يستقر عليه عقلها ،

... اوكى ، انا هسمعك بس من غير أى تجريح ...

... وأنا اصلا هجرح ليه اصلا ، انا أكبر منك يافريدة ، انا لو أكبر من كدة ب 10 سنين بس واتجوزت بدرى ، كان ممكن اخلف حد فى سنك ...

.. وايه لازمة الكلام ده دلوقتى ...

... عايزة اوصلك انى مش عيل بيحب يلعب بالألفاظ ...

.. انا عارفة ده كويس ...

.... أتمنى فعلا ، انا برده فى النهاية معرفش كل أبعاد الموضوع ، بس اللى عاصرته بنفسى فى الموضوع ده كان كفاية ..

... وهو ايه اللى شفته اصلا ؟

... عاصرت مواقف كتير بين والدتك وجدك وابويا واعمامى ، وقتها كان عندى اكتر من عشر سنين ، يعنى كنت فاهم اللى بيحصل كويس اوى ،
والدتك كانت عنيدة جدا ،وكانت قوية اوى ، كنت أوقات بحس أنها مش تبع البيت ده أساسا ، بصراحة كنت معجب بيها وبجمالها ، وكنت دايما متابع شتيمة أمى ومرات عمى وخناقاتهم معاها ، بس طبعا عمتى كانت هى الفايزة دايما بسند من جدى وجدتى ...

لم تعلق فريدة على ما قال ، فلقد كانت تمتلك خلفية جيدة عن ما يقول ، فقررت الإنصات حتى تصل لمعلومة جديدة ،

تابع عادل قائلا
. .. المهم ، فى موقف معين حصل قدام عينى ، لخصلى كل اللى كان بيحصل بين عمتى وبين كل اللى فى البيت وجدى بالذات ، والموقف ده فاكره كويس اوى ، وأنا مستحيل اكدب نفسى ، فى الوقت ده كان جدى بيحب يتكلم معايا فى الشغل ، وفى يوم كنت قاعد معاه فى اوضته ، كانت تيتة معانا بس خرجت تشوف الغدا ، وبعتتلنا حاجة نشربها لحد ما الغدا يخلص ، فجأة الباب انفتح بعنف جدا لدرجة أن من خضتى من الصوت ، وقعت شوية من اللى كان فى الكوباية على هدومى ، ودخلت عمتى من غير أى استئذان ، كان شكلها يخوف اوى ، عنيها حمرا اوى كأنها بتعيط من كام ساعة ، حسيت أنها مشافتنيش أساسا ، مخرجتش ووقفت جمب الحيطة اتفرج على إللى بيحصل ، دخلت على جدى وهى يتكرر جملة واحدة بس ... انت السبب ...

فلاش باك ،،،،،

... انت السبب ، انت السبب ، انا عارفة أن انت اللى خليته يسافر ، مش مسامحاك ، مش هسامحك ابدا ...

وقف عزت من على كرسيه وهو يقترب منها وهو يقول
... إهدى ياجميلة ، اهدى ياحبيبتى ، ده الأفضل ليكى وليه ...

نفضت جميلة يده لتبعدها عنها
... أبعد ايدك دى ، انا بس اللى أقرر ايه أفضل ليا ، مش انت اللى هتكررلى ...

.. عيب ياجميلة ، انا أبوكى ، وانتى عارفة كويس اوى انى مش هسمح للمهزلة دى تكمل ، وعارفة برده ليه ، ومتأكدة أن الواد ده صايع وطمعان فيكى فينا ، واثبتلك ده وشفتى بعينك ، ناقص ايه بقى ، متمسكة بيه ليه ....
.. عشان أخلص منك ؟

اتسعت عينا عزت وغر فاه ولم يعد قادرا على النطق بكلمة ، فتابعت هى بعد رؤيته هكذا
... اه ، انا عايزة أخلص منك ومن البيت كله ، عايزة أبعد عن المكان ده ...

... ليه ، ليه ، عملنالك ايه ؟

... كرهت تحكمك فيا ، وعايزة أبعد عنكوا ، عايزة اعمل اللى انا عايزاه ، عايزة أبعد عن البيت اللى كله قرف ده ...

تنهد عزت وعينيه فى الأرض يحاول تمالك نفسه ثم رفع رأسه لها قائلا
... ماشى ياجميلة ، انا موافق ...

... على ايه ؟

... على انك تخلصى منى ومن البيت ، انا اصلا اللى تعبت منك ومن المصايب اللى بتجبيها لحد عندى كل يوم والتانى ، بس برده مش الواد ده ، هتستنى لما الاقيلك جوازة كويسة ...

ضحكت جميلة بهستيريا مستمرة للحظات تحت أعين والدها المزهولة من رد فعل ابنته ، ثم تمالكت وقالت
... تصدق صدقتك ، حلوة تلاقيلى جوازة كويسة دى ، مين بقى ؟
واحد من رجالتك ولا واحد من العيلة المتخلفة دى ، عشان فى النهاية بردة أفضل تحت ايدك ، متأسفة ، خلاص ، انتهت ، مبقاش ينفع إلا واحد بس ، أى حد تانى لأ ..

انعقد ما بين حاجبيه واقترب منها وهو يقول
... يعنى ايه الكلام ده ، انطقى ، تقصدى ايه بمبقاش ينفع غيره ...

قالت بتحدى ... زى ما سمعت ، هو واحد بس ، اصلى حامل منه ، حامل ...

لم تشعر بعدها إلا بنفسها ملقاه على الأرض فمها ينزف من أثر صفعته على وجنتها ، ثم انقض عليها بأسرع مما توقعت وقبض بيده على شعرها وبدأ بجرها على الأرض وهى تصرخ تحت يديه ويدها تتمسك بيده التى تقبض على شعرها تحاول افلات نفسها ،
ألقى بها داخل غرفتها التى كانت قريبة من غرفته وأغلق الباب بالمفتاح ، وأخذ المفتاح ، والتفت ليتوقف فجأة أمام حفيده الذى يقف بذهول أمام باب الغرفة و الذى نسى وجوده تماما فى خضم مواجهته لابنته ، والذى يبدوا أنه تابع الموقف برمته ،
بينما وقف عادل رغم رعبه مما رآه إلا أنه كان مشفقا على جده الذى كسا اللون الأحمر وجهه من غضبه ، وصدره الذى يعلو ويهبط يحاول مساعدة جسده فى التنفس بأقصى قدرة لديه ،
الغريب أنه ورغم صغر سنه فهم نظرة جده له بمعنى أن لا تخبر أحد بما رأيت للتو ، وبالفعل أكد له عادل فهمه لإرادته وأماء له بالإيجاب ،

وبعد لحظة قطع تواصل الأعين بينهما دخول الجدة ومن خلفها أفراد العائلة واحدا تلو الآخر ،
اقترب الجد منها واعطاها مفتاح غرفة جميلة ، وبصوت منخفض نسبيا ويحمل كافة أنواع التنبيه والوعيد قال
... انتى اول واحدة هحاسبها لو عرفت انه اتفتحلها من غير اذنى ...

ثم ترك الجميع فى حالة من الحيرة الطاغية ، ولا يعلم منهم ما حدث فعليا إلا عادل نفسه .

................................

عودة للحاضر بين عادل وفريدة بعدما حاول ان يصور لها الموقف كأنها حضرته معه ،

... يعنى انت متحامل على أمى بس بسبب الموقف ده ...

... برده بتفهمى كلامى غلط ، انا مش متحامل على حد ، انا حاولت اوصلك لمحة من اللى كان بيحصل وقتها ، غير أن فى حاجات تانية كتير اوى شفتها وكلام ابويا وعمى أكرم عن طنط جميلة ، مش هذكرلك بقية البيت لأنى مبثقش فى اى حد فيهم ،
وكمان عشت بالتفصيل اللى حصل لجدى وجدتى بعد ما ماتتك سافرت وبعد الحادثة ، اللى طبعا مفيش اى عزر لأى حد فيها ، وحقك تعملى فيهم اللى انتى عايزاه بخصوص الحادثة نفسها ،
إنما اللى حصل قبلها ، والدتك مش بريئة تماما فيه ، وأتمنى انك تعيدى نظرتك فى الحكاية على بعضها من أولها ، صدقينى هتشوفى وهتعرفى حاجات كتير جديدة ....

أنهى كلامه وهو يقف ليقول ..، انا هاخد حمام ، لانى فعلا حاسس أنى تعبان ...

وقفت فريدة هى الأخرى لتقول ... حمام ايه ده ، مش قبل ما تفهمنى انت تقصد إيه بده كله ...

.. مش هتفهمى ، لأنك رافضة النقاش فى الموضوع أساسا ، قافلة دماغك من ناحية والدتك ، شايفاها ملاك بجناحين ، مع انى شايف أن هى اللى أجرمت فى حق نفسها قبل الكل ، هى اللى عاندت فى الغلط ، رفضت كلام أهلها ومشيت ورا دماغها هى مع أن كل الدلايل اللى قدامها بتقول أن أبوكى مش هو الشخص إللى واحدة ست تحارب أهلها علشانه ، وحتى لو حصل وحاربت أهلها ، ازاى سمحتله يلمسها قبل الجواز ، ولو حصل غصب عنها ، اغتصاب مثلا ، أو حتى استفرد بيها وهم لوحدهم ، فالطبيعى أنها تكون مكسورة وزعلانة ، لكن مش ده الل شفته فى عنيها يافريدة ،
بنت بتقول لابوها أنها حامل من غير جواز ، شفت فى عنيها جبروت وعند ملوش حد ، كأنها تعمدت تعمل كدة وجاية تتشفى فى أبوها باللى عملته ...

صرخت فريدة وهى ترفع يدها فى وجهه قائلة ... بس بس ، مستحيل يكون الكلام ده حقيقى ...

أشفق عليه من أثر كلامه ، لكن لفترة طويلة وهو يجاهد نفسه حتى لا يخبرها ، ولكنها تستحق أن تعرف حقيقة ما حدث ، هى تسعى دائما خلف الحقيقة ، بالإضافة إلى أنه يعلم أنها قوية وسريعا ما ستنفض أثر الماضى وتتجه لمستقبلها
.. انا اسف يافريدة ، انا عارف ان كلامى وجعك اوى ، بس فكرى فيه ، متاخديش كلام والدتك أمر حقيقة مسلم بيها ...

ثم تركها واتجه للداخل وهو يشعر بالعاصفة التى قامت داخلها الآن والتى لن تهدأ إلا بما هو أصعب مما قال ، ليلتفت لها من بعيد بأسى للحظة ويعود ليكمل طريقه ناحية غرفة نومه ليحضر ملابس ليرتديها بعد حمامه،

بعدما أنهى حمامه ، خرج ليبحث عنها فى أنحاء المكان ولم يجدها ،
التقط هاتفه واتصل بها لتجيبه بعد بضع رنات

... ايوة ياعادل ...

... أنتى فين يافريدة ...

.. هروح ادور على الحقيقة زى ما انت طلبت ...

... أنتى عارفة الساعة كام دلوقتى ...

... مش عايزة اعرف ، اللى أعرفه كويس انى مش هقدر استنى ،
على فكرة ، انا اخدت عربيتك ، ومعرفش هرجع الليلادى ولا لأ ، مش عارفة هرجع اصلا ولا لأ ...

ثم أغلقت الخط وأغلقت الهاتف نهائيا وألقته على الكرسى بجانبها ، لتضرب على مقود السيارة بغضب مرات عديدة وهى تصرخ

... هيحصلى ايه اكتر من كدة ، كفاية ، كفاية ، معقول يكون كل ده كدب ، وهم كنت عايشاه سنين ، مستحيل ، مستحيل .....


إعدادات القراءة


لون الخلفية