الجزء 8

دموع ممنوعة. .................الفصل التاسع

وصلت فريدة للمبنى الموجود به مكتبها ، وهو مبنى راقى جدا مكون من 25 دور ، موجود فى أرقى منطقة من مناطق المحافظة ، ابتاعت فريدة دور كامل فيه فور استلامها للمال الذى تركته لها جدتها بعد وصولها الواحد والعشرون من عمرها ،

الدور يتكون من شقتين ، حولت أحدهما لمكتبها الذى ارادته بمعدات تكنولوجية حديثة جدا ، وواجهة راقية من استقبال وموظفين واثاث راقى يدل على قيمة المكان ، أما الشقة المقابلة فاستخدمتها كسكن خاص بها ، للراحة من العمل أو حتى الإقامة إذا أرادت الابتعاد عن بيت والدها لفترة .

بمجرد دخولها ، وقف لها الجميع بالتصفيق والتحية والمباركة على الزواج ،

...إيه ، ايه ، براحة ياجماعة ، وحقيقى شكرا ليكوا ، واتفضلو على مكاتبكم ، وكل اللى عايز يقوللى مبروك ، يقولهالى وهو بيسلمنى تقرير عن المعلومات اللى قدر يوصلها فى العشر ايام اللى فاتوا ، يلا ، واقفين ليه ، اتفضلوا ...

تفرق الجميع وهم يضحكون ويتهامسون على أنها لم يغير فيهاا الزواج من شئ ، فهم يعشقون هذه الفتاة ، هى خير عون وصديق لهم حتى فى حياتهم الخاصة ، لكن العمل بالنسبة لها خط أحمر ، لهذا استطاعت الوصول لهذه الشهرة فى هذا المجال فى وقت قصير جدا .

اتجهت فريدة لمكتبها ، وتتبعها ريهام وهى تخبرها بتقرير مبسط عن حركة المكتب لهذا اليوم .
ريهام هى مديرة مكتب فريدة والقائمة بأعمالها فى غيابها ، وتعد من أقرب العاملين لها ،

...ماشى ياريهام ، خلاص ، انتى رغاية ليه ....

...مش بقولك على اللى حصل ...

...وأنا بقولك انك رغاية ، كل ده قريته فى التقارير اللى بعتيهالى ، ايه الجديد ؟

... محمود سرحان مصمم يقابلك انهارضة ...

...بلاش انهارضة ، اجتماعى معاكوا هياخد وقت طويل ...
...والله حاولت ، لكن مفيش فايدة ، هو بيقول انه مش محتاج أكثر من خمس دقايق ...

...طيب ، من واحدة إلا ربع لواحدة ، وروحى انتى على مكتبك وابعتيلى المستفذة التانية ...

...رشا ، حاضر ...

...هو فين ماهر ، مشوفتوش برة ...

..استأذن منى يمشى ، عشان مراته تعبت ...

...معقول لسة ، انتى مش قولتيلى أنها ولدت ...

...المفروض كانت رايحة تولد ، لكن الدكتور لقى الدنيا كويسة وممكن تفضل يومين كمان ...

..ربنا معاها ، ادتيله الفلوس اللى قلتلك عليها ؟

...طبعا ياريسة ، وقتها على طول ...

...كويس ، شوية وكلميه وحوليلى الخط بس بعد ما رشا تخرج من عندى ، وابعتيلى ملف محسن سرحان ، عشان اشوفه قبل ما يجيلى ...

...حاضر ...

خرجت ريهام وحضرت الملف وخرجت مرة اخرى ، وبدأت فريدة فى قراءة الملف وتشغيل CD الموجود بداخله والمسجل عليه بعض المقاطع التى تم تسجيلها بدون علم أصحابها ،

دخلت رشا بعد طرقها للباب

...صباح الخير ياريسة ...

...صباح النور يارشا ، كنتى فين ده كله ...

... فى الريكورد ، بخلص اللى قولتيلى اتابعه. ..

...ها ، فى جديد ...

...عيب يافيري ، دا أنا المستفذة ...

...ما تنطقى يابت انتى ...

...اتفضلى ... واعطتها CD

... حاجة تستاهل ولا هتطلع هبلة زى اللى فاتوا ...

...لأ لأ ، لو سمحتى ، انا مبجبش حاجات هبلة ...

...شغليه وهنشوف ...

...لا معلش ، شغليه واسمعيه براحتك ، مينفعش أكون موجودة وانتى بتسمعيه. ..

...اشمعنى يعنى ...

...أولا لأنك هتدايقى ، وانتى عارفة أنى مبحبكيش وانتى مدايقة ، ثانيا فى تسجيلات تانية لازم اسمعها عشان اجبهالك فى خلال ساعة ، لأن عندى ميعاد مع مع حد هيجبلى البيانات اللى طلبتيها فى موضوع رصيد سميرة المصرى برة ...

...ماشى ، اتفضلى انتى ، ومش هأكد عليكى تانى يارشا ، أصرفى زى ما انتى محتاجة ، بأى مبلغ ، المهم تحيبيلى اللى انا عايزاه ...

...من عنيا الأربعة ، عشان تعرفى بس انتى غالية عندى قد ايه ...

...طيب يلا روحى شوفى وراكى ايه. ..

وضعت فريدة CD فى اللاب ووضعت السماعة فى اذنها ، وجدت اكتر من خمس مقاطع ، ويوجد ثلاث نقط حمراء بجانب أحدهم ، قامت بتشغيله ، وأسندت رأسها وظهرها على الكرسى لتستمع له بهدوء ،

كان الحوار بين عالية زوجة الحاج أكرم وسميرة والدة عادل ، بدأ الحوار بالحديث عن عودة الجد ،وغضب كل منهما من عودته وأسباب هذا الغضب ، ثم تحول مسار الحديث لفريدة ورفضهم التام من وجودها فى البيت ، خاصة بعد عودة الجد سالما ، وإحساسه بالندم والذنب على ما حدث لابنته جميلة بعد وفاتها ، ووفاة زوجته حزنا على ابنتها هى الأخرى ، فقد ماتت بعدها بأيام ،
وقد خافت كل منهما أن يوصله هذا الإحساس لتوزيع التركة بشكل آخر ، وتوريث فريدة معهم ، وإعطائها ميراث والدتها ، بالطبع لم يكن لديهم علم بأنها بالفعل استلمت ميراثها ،
وأيضا تطرقوا بالكلام للأموال التى اختفت من الحساب المشترك بين الجد والجدة ، والتى تم سحبها بواسطة الجدة قبل وفاتها بثلاثة أشهر فقط ، والتى رفضت تماما أن تخبر أى مخلوق عن وجهة هذه الأموال ، بالإضافة لصندوق مجوهراتها الذى بحثوا عنه بعد وفاتها ولم يجدوه ويبدوا انه اختفى مع الأموال هو الأخر ، والجدير بالذكر أن هذا الصندوق يحتوى على عدد كبير من المجوهرات الأثرية التى توارثتها عائلتها منذ الأزل ، وكان من المفترض أنها ستورثها لجميلة ابنتها كما ورثتها هى عن والدتها ،

ووصلوا بالحوار الى ما كانت تنتظره فريدة ، إلى جميلة وما حدث لها فى هذه الليلة المشئومة ، الليلة الوحيدة التى سامحها والدها ووافق على دخولها المنزل ، كانت حفلة كبيرة بعد عودتهم من الحج ،

كانت فريدة معها ولم يكن يتعدى عمرها السبع سنوات ،
لم تصدم عندما علمت أن سميرة هى من سهلت له الدخول ، ولكن على حد كلامها انه لم يخبرها بنيته الحقيقة ، إنما أخبرها انه يريد أن يتحدث معها فقط ، وبعدها خرجت الأمور عن السيطرة ،
وكان لابد لها على أن توافق على ما يريد ، وأن تدارى على ما فعل خاصة بعد اصابة جميلة بحالة نفسية افقدتها الحركة والنطق ، فلن تستطيع أن تخبر أحدا بما حدث ، فهو يفيدها فى أمور كثيرة ، وقد كان يخبرها بما يقوم به الجد باستمرار .

تنهدت فريدة بعدما حصلت على أول دليل لها على ما حدث ، وهو مجرد بداية خيط فقط ، فلابد أن تعلم كل شئ عن هذه المرأة لتستطيع لف الحبل حول رقبته ، وبالتأكيد المال هو حياتها وسيكون هو المدخل لها .

دق الباب وعادت رشا لفريدة مرة أخرى ، وبالطبع وجدتها كما توقعت ، غاضبة وهائمة تفكر فيما سمعت لتوها ،
....فريدة ، انتى كويسة ...

...كويسة يارشا ، فى حاجة تانى ...

... أنا كنت هروح المشوار اللى لسة قايلالك عليه ، و

...وايه ؟ قولى اللى عندك ...

...فى مقطع كمان مفروض تسمعيه ، بس مش عارفة هتتحملى بعد اللى سمعتيه دلوقتى ولا لأ ...

...اخلصى يارشا ...

...المقطع لأستاذ عادل ، اتفضلى ، وأنا هروح مشوارى ...
تركتها لتذهب لكن فريدة اوقفتها ،فقد صدمها الاسم ، فقد كانت تظن أن عادل هو الانقى بينهم ، هل له يد بما حدث ، لا ، لقد كان صغير جدا وقتما حدث ، إذن هو يعلم ما فعلوه ولم يتصرف ، دارت كل هذه التساؤلات فى عقلها فى لحظات

...استنى يارشا ، المقطع ده فيه ايه ، عادل يعرف تفاصيل الموضوع ده ...

...مفيش اى إشارة تقول كدة ، دى حاجة تانية خالص ..
...ما تنطقى على طول يارشا ...

..أستاذ عادل مرتبط بواحدة تانية ...

عادت فريدة بظهرها للخلف ، ليست صدمة ولكن مفاجأة حقا ، فلم يبدوا عليه أى شئ يخبرها بذلك ،

...كلمى ...

... بتشتغل عنده فى المصنع ، فى الحسابات ، كان يعرفها ومتفقين على الجواز حتى من قبل ما يطلق بنت عمه ...

...وبعدين ...

...دلوقتى بتطلب منه بنفذ وعده ليها يااما يسيبها فى حالها لأنها مش هتفضل مستنية لحد ما ...

...ما ايه ، كملى ...

...ما يطلقك ...

...تعرفى عنها ايه البت دى ...

...لسة ولا حاجة ، المقطع تسجيل لمكالمة تيليفون عملها من مكتب عمه اللى فى البيت ...

...طيب يارشا ، خلصى مشوارك والأول وبعدين شوفى حد منهم برة يجمعلى عنها كل اللى يقدر عليه انهارضة ، المعلومات دى تكون عندى قبل ما أمشى ....

...حاضر ...

...مفيش داعى اقولك أن مش لازم حد يعرف التفاصيل ...

...طبعا يافريدة ...

رن الهاتف الداخلى للمكتب
... أيوة ياريهام ...

...أستاذ محسن موجود هنا ...

...ليه ؟ هى الساعة كام دلوقتى ...

...11 ، وأنا بلغته بالميعاد اللى قولتى عليه ، بس هو مصمم جدا ...

...طيب ياريهام ، 10 دقايق ودخليه ...

وقفت فريدة واتجهت للحائط الزجاجى المطل على الشارع وهى تحدث نفسها

...إيه يافريدة ، اتدايقتى ليه ، مش دى فكرتك اصلا عن الرجالة ، أن كلهم خونة وبياعين ، مجرد كائن غير مسؤول ولا يعتمد عليه ، كنت فاكرة ايه ، إنه هيكون مختلف ، ملاك مثلا ، كلهم واحد ، كلهم زبالة الرجولة ماتت واندفنت من زمان ، مشوفتيهاش ولا هتشوفيها ، عيشى يافيري ، وأنهى اللى بدأتيه وخلصى نفسك ، واخرجى من البيت ده على خير ، وبعدها يحلها ربنا ...

يتبع


إعدادات القراءة


لون الخلفية