وصلنا إلى أن هناك شكوى ضد أحد المواطنين الذي قام ببناء طابق مخالف دون الحصول على ترخيص، ويقال إنه رجل ماهر في السحر وله علاقة بالجن. زملائي في العمل كانوا يخوفونني منه، وعلى الرغم من أنه كان بإمكاني إرسال أي مهندس من الإدارة للقيام بالإجراءات اللازمة، إلا أنني أصررت على الذهاب بنفسي إلى هذا الرجل الغامض، فأنا أعشق المغامرة بطريقة لا يمكن مقاومتها. احتفظت بالشكوى في مكتبي حتى أكون مستعداً نفسياً لمواجهة هذا الرجل. في عملي، لا أقصر أبداً، والله يشهد على كلامي، فأي مخالفة أجدها لابد أن يتم إزالتها، سواء كان طابقاً كاملاً أم مجرد بناء صغير، ولا أهتم إذا كان المخالف شخصاً ذا نفوذ أو شخصاً بسيطاً.
وأخيراً، جاء اليوم الذي كنت مستعداً فيه. أخذت سيارة الحي وذهبت إلى العنوان المذكور في الشكوى. وللمفاجأة، عندما وصلت، كان ذلك في حوالي الساعة الواحدة ظهراً، وجدت أمام المنزل سيارات فارهة، واضحة أنها لأشخاص أغنياء، وبعضها مكتوب عليه "جمرك نويبع"، مما يعني أن هناك أشخاصاً من دول الخليج يقيمون عنده. آه، يبدو أن الأمر أصبح جدياً. كان هناك أشخاص أثرياء بوضوح، وهذا ما أظهرته نوعية السيارات التي كانت متوقفة أمام المنزل.
نزلت من السيارة وتوجهت نحو المنزل. كان واضحاً أن هناك طابقاً حديث الإنشاء في الأعلى. قلت لنفسي: "توكلنا على الله." رغم أنني شعرت ببعض الرهبة، لم أهتم، فالنهار مشرق ومعي السائق، وإذا حدث أي شيء، يمكن للسائق الاتصال بالعمل ويتم إنقاذ الموقف. طرقت باب المنزل، ولم يجب أحد. طرقت مرة أخرى، وكان واضحاً أن هناك حركة داخل المنزل ولكنها غير مريحة، يبدو أنهم كانوا يتحرون من بالخارج. لم أستسلم، وواصلت الطرق حتى فُتح الباب.
لدهشتي، فتحت الباب سيدة ذات مظهر قبيح وترتدي ملابس سوداء غير نظيفة. بدت وكأنها تمارس رفع الأثقال في أوقات فراغها، إذ كانت ضخمة مثل العمالقة. تماسكت وسألتها: "هل هذا منزل الحاج...؟" أجابت: "نعم." قلت لها: "هل هو موجود؟" قالت: "لا، ليس موجوداً." بدا لي أن هناك خوفاً من مقابلتي. فقلت لها: "حسناً، متى تم بناء الطابق الذي فوق؟ وهل حصلتم على ترخيص له؟ وإذا كان هناك ترخيص، من فضلك أحضريه لي، وإذا لم يكن مرخصاً، سيتم إزالته."
قالت بغضب: "تمهل قليلاً، لماذا تطرح الأسئلة بهذه السرعة؟ ما الأمر؟" قلت لها: "لا شيء، هناك شكوى ضدكم بهذا الشأن. هل يمكنك إخباري بالمزيد؟" قالت: "انتظر، الحاج موجود وسيأتي فوراً." قلت في سري: "رائع، سنبدأ العمل ونرى ماذا سيفعل هذا الرجل الغامض."
دخلت السيدة إلى المنزل، وبعد لحظات خرج الرجل من الداخل مرتدياً جلابية بيضاء نظيفة، ووجهه مبتسم، مما أشعرني ببعض الراحة. الرجل سلّم عليَّ ودعاني للدخول، فقبلت الدعوة ودخلت. وجدت أشخاصاً يجلسون هناك، بدا عليهم الثراء، وكان بينهم شاب يبلغ من العمر حوالي 17 سنة، وكان متوتراً بشكل واضح.
قال لي الرجل: "لحظة واحدة يا مهندس، سأتولى أمر هذا الشاب سريعاً." قلت في نفسي: "تفضل يا 'أبو العريف'." أمسك الرجل بيد الشاب اليسرى وكتب على كل إصبع حرفاً باللون الأحمر، ثم كتب على كف يده مجموعة كلمات غير مفهومة. بعد ذلك، أمسك بيد الشاب وبدأ يقرأ كلمات غريبة. فجأة، أصيب الشاب بنوبة صرع وبدأت رغوة تخرج من فمه بطريقة مقززة، وبدأ يتحدث وهو في حالة تشنج على الأرض. الرجل أمر هذا الشيء المجهول بالخروج، ولكن الشيء رفض. كانت هذه أول مرة في حياتي أشاهد شيئاً كهذا.
سأل الرجل هذا الشيء المجهول: "من الذي قدم الشكوى ضدي لبناء الطابق الأخير؟" فأجابه هذا الشيء بكل التفاصيل، وذكر كل شيء. شعرت برعب داخلي، وقلت في نفسي: "يا للمصيبة! ليتني أرسلت أحد مهندسي الإدارة، لماذا عليّ أن أتصرف وكأنني عنتر؟"
بعد انتهاء الجلسة، طلب الرجل من الناس الحضور إليه مرة أخرى في يوم آخر. كان واضحاً أنهم من إحدى دول الخليج. بعد أن رحلوا، قدم لي صاحبنا الشاي ورحب بي ترحيباً حاراً، وكان يعرفني باسمي. سألته: "كيف عرفت اسمي يا حاج؟" فأجاب: "وهل يخفى القمر؟"
المهم، سألته عن الطابق المخالف، فأجاب بأنه قام ببنائه ليزوج ابنه فيه، وأنه أنفق عليه الكثير من الأموال. قلت في سري: "أنفقت عليه من أعمالك المشبوهة." ثم قال لي: "سأدمر من قام بتقديم هذه الشكوى، مهما كان." قلت له: "إما أن تقوم بإزالة الطابق بنفسك، أو سنقوم نحن بذلك."
فقال: "أعطني فرصة يا مهندس، وسأفعل ما تأمر به." قلت له: "حسناً، سأعود إليك بعد يومين لأرى إن كنت قد أزلت الطابق أم لا." ثم استأذنت وقلت له: "عذراً، لدي عمل."
قال لي: "انتظر يا مهندس، ألا تريد مني شيئاً؟" قلت له: "لا، شكراً."
فقال: "يبدو أنك مضايق من شيء يا مهندس، وأريد أن أساعدك." فقلت له: "وإذا عرفت ما يضايقني، هل ستريحني؟" قال: "يوضع سره في أضعف خلقه." قلت له: "والله، هناك الكثير من المشاكل، وإن شاء الله، ربنا يحلها." ثم قلت له: "احذر يا حاج، الطابق يجب أن يُزال، سواء شئت أم أبيت."
قال لي: "والله يا مهندس، أنا لا أقول هذا الكلام من أجل الطابق المخالف، لكني أشعر أنك لست مرتاحاً."
قلت له: "حسناً، إذا كنت تشعر بهذا، فقل لي ما المشكلة بالنسبة لي."
قال: "هات يدك... يتبع."