الفصل السابع عشر

دخلت غرفة النوم أنا ومصطفى بعد أن هجرتها لوقت طويل، ووجدنا أن الرائحة داخل الغرفة كانت غريبة، وكأن أحدًا يعيش فيها. شعرت بتلك القشعريرة التي لم تفارقني، فتكلمت بصوت مرتفع وقلت موجهاً كلامي للكيان الذي أعتقد أنه موجود في الغرفة: "من أنت؟ وماذا تريد؟ وهل أزعجك وجودي في الشقة؟ إذا كان هذا هو الحال، سأتركها لك. اكشف عن نفسك، عليك الأمان، ولا ضرر ولا ضرار."

كنت أتوقع أن يحدث شيء، ربما بناءً على ما قاله لي أبو العريف (الأخطبوط) عندما قال لي: "ستتمكن من رؤيته ومخاطبته بنفسك." لكن، بعد أن انتظرنا بضع دقائق، لم يحدث شيء. كل ما شعرنا به كان قشعريرة شديدة، ربما نتيجة خوفنا. جلسنا ننتظر مرة أخرى، لكن دون أي رد فعل. بعد لحظات من الانتظار قلت لمصطفى: "ما رأيك أن نجرب طريقة سمعت عنها للتواصل مع هذا الكيان؟"

سألني مصطفى: "ما هي الطريقة؟" فأجبته: "انتظر قليلاً."


ذهبت وأحضرت بكرة خيط، وربطت طرفًا منها في الدولاب، والطرف الآخر في التسريحة الموجودة أمام السرير. ثم علقت قلمًا جافًا بالخيط بحيث يكون حر الحركة، وسن القلم بالكاد يلامس الورقة التي وضعتها على السرير. أحضرت لوحة كبيرة من الورق بحجم 1.00× 0.70 (نستخدمها عادة لرسم المخططات الهندسية) ووضعتها تحت سن القلم. ثم بدأت في تكرار الكلام مرة أخرى، محاولًا إثارة الكيان، وكنت أردد اسم الله تحسباً لما قد يحدث. كنت أدرك أن الأمور قد تصبح خطيرة، وربما يظهر شيء مخيف للغاية.

ظللت أنا ومصطفى واقفين، أعيننا مركزة على سن القلم، وركبنا تكاد تتداعى من شدة التوتر. وجوهنا كانت مصفرة ومكفهرة. فقلت في نفسي: "ما الذي أجبرنا على هذا؟". كنت فقط أرغب في معرفة الحقيقة، حتى إذا كان هذا الكيان يتضايق من وجودي في الشقة، فأتركها له عن طيب خاطر. وإذا كان هذا الكيان محباً لي، فليظهر الآن.

مرت اللحظات والصمت يخيم على الغرفة. قلت لمصطفى: "لقد تعبت، أخشى أن يكون هذا الهدوء الذي يسبق العاصفة. تعال نخرج من الغرفة، نطفئ النور، ونغلق الباب. بعد ساعة سنعود لنرى ما إذا حدث شيء، ربما نجد نتيجة أو رسالة مكتوبة. المهم أن نحصل على إجابة تزيل هذا الغموض."

وفعلنا ما خططنا له. أغلقنا باب الغرفة وأطفأنا النور، ثم ذهبنا إلى غرفة المكتب. جلسنا هناك وبدأنا نتحدث عن العفاريت والجن، وعن الأشياء التي رأيناها في طفولتنا. كان الأمر أشبه بمحاولة لتسلية أنفسنا.

الساعة التي انتظرناها انتهت، وحان الوقت للعودة إلى غرفة النوم. كنت متأكدًا من أننا سنحصل على حل للغز الذي أعيشه منذ مدة طويلة. قلت لمصطفى: "هيا، لنذهب ونرى النتيجة."

مشينا نحو الغرفة بأرجل مرتعشة، وكنت قد ارتديت ملابس الخروج، استعدادًا للفرار إذا استدعى الأمر. وضعت مفاتيح الشقة في جيبي وفتحت باب الشقة تحسبًا لأي هروب. عندما اقتربنا من باب الغرفة، فتحت الباب ببطء، محاولًا استكشاف أي شيء غير طبيعي. أضأت النور، وكانت المفاجأة أن كل شيء كان كما هو. سن القلم لم يتحرك حتى ملليمتراً واحداً، رغم أنه كان حراً تمامًا.

نظرت إلى مصطفى بغضب وصرخت في الغرفة بصوت عالٍ: "أنت جبان! لا تملك الشجاعة لتواجهني! لماذا لم تكتب على الورقة إجابات أسئلتي؟". كنت غاضبًا، لكن لا أعتقد أنني كنت مجنونًا. شعرت بخيبة أمل لأنني لم أحصل على أي رد.

فككت الخيط وأخذت الورقة وخرجنا من الغرفة. كانت حالة من الضيق الشديد تعتريني أنا ومصطفى، لأننا كنا نرغب بشدة في معرفة من أو ماذا يسكن الغرفة.


بعد ذلك، جلسنا في البلكونة، وكل منا كان غارقًا في أفكاره. ثم قلت لمصطفى: "ما رأيك أن أجرب تنويمك مغناطيسيًا، وأرسلك بعقلي إلى الغرفة لترى ما يوجد هناك؟"

وافق مصطفى، وقررنا أن نجرب هذه الطريقة. لكن قبل أن أبدأ في تنويمه، أخبرته: "إذا نمت وحدث شيء سيئ، سأهرب وأتركك، وأخشى أن يحدث لك شيء مثل ما حدث المرة السابقة." فقال لي مصطفى: "أحضر كوباية مياه كبيرة، إذا حدث شيء غير طبيعي، اسكبها في وجهي."

أحضرت كوبًا كبيرًا من الماء البارد، استعدادًا لأي طارئ. كانت الساعة قد اقتربت من منتصف الليل. بدأنا التجربة في اللحظات الأولى من صباح يوم 12/10/2000.


بعد أن نمت مصطفى، بدأت ألاحظ أن جسده يرتجف بعنف، وصوت حشرجة غريبة خرج منه، وكأنه يكافح لأخذ أنفاسه. بدأ يتحرك مثل الثعبان على السرير، وكأنه يتألم من شيء غير مرئي. كان الأمر مرعبًا جدًا، لكنني في تلك اللحظة لم أكن خائفًا، بل كنت عازمًا على كشف الحقيقة.

استمررت في سؤاله: "من أنت؟ وماذا تريد مني؟ ولماذا تسكن شقتي؟" لكن مصطفى كان يحاول التواصل، إلا أنني لم أفهم ماذا يريد أن يقول.



إعدادات القراءة


لون الخلفية