كان هناك دكتور مهندس أكن له الكثير من الاحترام وأرتاح للتعامل معه. كنت أرسل إليه معظم الأعمال الهندسية وأتردد عليه بشكل يومي تقريبًا، سواء لإعطائه عملًا جديدًا أو لاستلام ما أنجزه سابقًا وتسوية الحساب. وفي يوم من الأيام، ذهبت إليه ووجدته في حالة عصبية شديدة. فسألته: "ما الأمر؟ ما الذي يزعجك؟" فأجاب: "الكمبيوتر لا يعمل، ولا أستطيع فتح بريدي الإلكتروني. أخي أرسل لي رسالة من الخارج ولا أتمكن من الوصول إليها. جلبت اثنين من مهندسي الكمبيوتر ولم يستطع أحدهما حل المشكلة."
كانت هذه المشكلة قد مرت علي عدة مرات، وكنت أعرف كيفية حلها. قلت له: "هل ترغب أن أقوم بحلها؟" أجابني قائلاً: "سأعطيك 100 جنيه إذا نجحت في ذلك." فقلت له: "حسنًا." فتحت الكمبيوتر وقمت بإصلاح المشكلة في متصفح الإنترنت "إنترنت إكسبلورر" في غضون دقائق معدودة، وفتحت بريده الإلكتروني وأحضرت الرسالة التي أرسلها له أخوه وطبعتها له. بدا الرجل غير مصدق لما رأى، وقدم لي 100 جنيه قائلاً: "خذ، هذا حقك." رفضت المال، وقلت له: "كنت أمزح معك، لا أحتاجها."
بعد ذلك، قال لي: "كنت تعلم أنك كنت تتمنى الحصول على كاميرا للكمبيوتر منذ فترة، لذا خذ هذه الكاميرا." رفضت في البداية، قائلًا إن ذلك غير لائق. لكنه أصر وقال: "لقد أرسل لي أخي واحدة أحدث، ولم أعد بحاجة لهذه الكاميرا." أخذتها وأنا في غاية السعادة. سألته عن كيفية تركيبها على الكمبيوتر، فقال: "عبر منفذ USB." أعطاني الأسطوانة الخاصة بها وغادرت وأنا في قمة الحماس لتشغيل الكاميرا.
عندما وصلت إلى المنزل، بدأت أبحث عن منفذ USB في جهازي، لكنني لم أجد واحدًا. في صباح اليوم التالي، اتصلت بصديقي مصطفى ليأتي ويساعدني في تركيب الكاميرا. وافق وقال لي إنه سيكون عندي خلال نصف ساعة. لم أكن قد رأيته منذ ستة أشهر بسبب ظروف عملي وانشغالي.
جاء مصطفى وبدأ في فحص الجهاز. بعد فترة، قال لي: "هذا الجهاز غير مجهز لدعم الكاميرات، نحتاج إلى تحديثه." وافقت ودفعت له ليقوم بتحديث الجهاز، وأثناء جلوسنا تحدثنا مرة أخرى عن العوالم الأخرى وما وراء الطبيعة. قال لي مصطفى: "لم أعد أرى فاطمة منذ فترة طويلة، وأشتاق لها كثيرًا." فقلت له: "هل ترغب في الذهاب إليها؟" سألني باستغراب: "كيف؟" فأجبته: "قرأت عن التنويم المغناطيسي، ومن خلال اندماج عقلي مع عقلك، يمكنني توجيهك لأي مكان تريده لتراه بنفسك."
سألني: "هل تعرف كيف تنوّم مغناطيسيًا؟" قلت له: "لا، فقط قرأت عن الأمر." ثم قلت: "لنحاول، لن نخسر شيئًا." وافق وقال: "حسنًا." كان الوقت ظهيرة، وكنا نجلس في غرفة مكتبي مع نافذة البلكونة مفتوحة.
نام مصطفى على السرير وأخذت قلمًا وأبدأت بتحريكه أمام عينيه، ذهابًا وإيابًا، وكنت مركزًا بشدة في محاولة إرساله إلى بيته. وفجأة، نام بالفعل. ناديت عليه فأجابني. سألته: "أين أنت الآن؟" فقال: "أنا في شقتي، متى أتيت؟" ثم بدأ ينادي زوجته، طالبًا منها إعداد الشاي لي. في البداية، ظننت أنه يمزح، فأيقظته بقلم على وجهه، ليقوم ويفتح عينيه اللتين أصبحتا حمراوين كأنهما نتيجة نوم عميق.
أخبرته بما حدث، وذهل مما سمع، خاصة أنه شخص متحفظ جدًا. ثم اعتذرت له عندما لاحظت أنه انزعج لذكر اسم زوجته. بعد ذلك، اقترحت عليه: "هل تريد أن أرسل عقلك إلى فاطمة؟" أجابني بحماس: "نعم، أرجوك." سألته: "أين هي الآن تحديدًا؟" أجابني: "في كينيا، في قبيلة تُدعى قبيلة الإزيوكس."
قلت له: "حسنًا، نام مجددًا." نمت مصطفى مرة أخرى، وفجأة بدأ يصرخ بصوت عالٍ وكأن أحدًا كان يضربه ضربًا مبرحًا. كان يتحرك بعنف على السرير، يرفع يديه يمينًا ويسارًا ليتجنب الضربات التي كانت تنهال عليه. وبسرعة، بدأ ينزلق من على السرير باتجاه البلكونة، وأنا أنادي عليه بصوت عالٍ ليصحو. في تلك اللحظة، هرعت إلى المطبخ وأحضرت مكنسة، وبدأت أضربه بها قبل أن يصل إلى سور البلكونة. كان يبدو كما لو أن شخصًا ما كان يحاول دفعه من البلكون.
استيقظ مصطفى في اللحظة الأخيرة، وكانت عيناه محمرتين كأنهما كأسي دم، وكان يضع يده على رأسه وظهره وكأنه قد تعرض لضرب مبرح. جلس بعدها على السرير متعبًا ومرتبكًا، ولم أتحدث معه حتى هدأ.
بعد نصف ساعة، بدأ يتحدث قائلًا إنه ذهب إلى نفس المكان الذي ذهب إليه في السابق، حيث حفل الزفاف الذي أقامته فاطمة، ولكنه لم يجدها هذه المرة. بدلًا من ذلك، وجد عمالقة يمسكون به ويضربونه بعنف، محاولين إلقاءه في بئر عميق، والذي هو في الواقع كان البلكونة.
منذ ذلك الموقف، بدأت أفكاري تأخذ منحى مختلفًا. تساءلت: "هل من الممكن حقًا أن يحدث مثل هذا الأمر؟"
بعد ذلك، خرجنا لتناول الغداء وعدنا في المساء. جلسنا في الشقة، واحتسينا الشاي والقهوة. بعدها، أخبرته عن الشيء الغامض الذي كنت أشعر بوجوده في الغرفة أثناء زواجي. قال لي: "شعرت بذلك منذ أول يوم دخلت فيه شقتك." فاقترحت عليه: "لنحاول أن نتواصل مع هذا الشيء، فأنا أخاف من التجربة وحدي، لكن بوجودك معي لن أشعر بالخوف." وافق مصطفى على الفور.
دخلنا غرفة النوم، ووجدنا بها رائحة غريبة وكأن شخصًا ينام فيها منذ مدة. كانت الرائحة غير مريحة، وشعرنا بقشعريرة تسري في أجسادنا بمجرد دخولنا الغرفة.