بعد أن شعرت بيد تهز كتفي، استيقظت مفزوعاً لأرى زوجتي واقفة بجواري. صرخت في وجهها: "إنتي مين؟! وعاوزة إيه؟! وإيه اللي جابك هنا؟! ودخلتي إزاي؟!" وفجأة تذكرت أنني تزوجت منذ لحظات. يا لها من مهزلة! وضعت يدي على رأسي ونظرت إلى الأرض. فقالت لي: "مالك؟ إيه اللي بيحصل؟ إنت بتتكلم جد ولا بتهزر؟ إنت مش حاسس إن مراتك معاك في الشقة؟"
قلت لها: "معليش، يبدو أن التعب هو السبب. أنا كنت بهزر معاكي." المهم، تعشينا وشربنا الشاي وكل شيء كان على ما يرام. ثم ذهبنا إلى غرفة النوم، وبدأ الخلاف فوراً. أنا لا أحب النوم والنور مضاء، أما هي، فلا تستطيع النوم إلا بوجود ضوء خفيف، لأنها تخاف من الظلام.
ضحكت في نفسي وقلت: "هههههههههه، وأي رعب ستعيشينه في هذه الشقة؟!" تفاوضنا في الأمر حتى تم الاتفاق على إضاءة ضوء خفيف جداً. عندما خففت الإضاءة، نظرت إليها وإذا بها تبدو إنسانة أخرى تماماً، والله العظيم يا جماعة كما أقول لكم. حتى لون عينيها تغيّر وأصبح أزرق شفاف! الله! من هذه؟ وما هذه العيون؟!
زوجتي عيونها بنية وليست زرقاء صافية. نهضت مرة أخرى وأضأت النور جيداً، لأرى أنها زوجتي كما هي، لم تتغير. سألتني: "في إيه؟" قلت لها: "مفيش." مرت تلك الليلة وبعض الليالي الأخرى على هذا المنوال؛ كل يوم تبدو لي بشكل مختلف، جميل جداً، لدرجة أنني قلت في نفسي: "يمكن أول يوم كنت متعب ومرهق، لكن كل يوم؟!"
بعد ذلك، كنا معزومين كل يوم تقريباً عند أحد من عائلتي أو عائلتها. وكنت قد ركبت "ستالايت" (دش)، وكنت من أوائل الناس في مدينتي الذين قاموا بتركيب دش في منزلهم. كانت القنوات جديدة ورهيبة، وكل شيء جديد له طعم خاص.
في يوم جمعة، كان أهلي وأهلها موجودين في شقتي. وكنا جميعاً نشاهد برنامجاً مثيراً على قناة أوروبية أعتقد أن اسمها RTL7، وكان البرنامج يعرض أموراً خارقة للطبيعة مثل تحضير الأرواح وخلافه. الجميع كان مشدوداً ومنتبهًا لما يحدث على الشاشة. بعضهم كان جالساً على الانتريه، وبعضهم الآخر كان جالساً على الأرض.
كنت أنا جالساً على الأرض بجوار أختي الكبرى. بالمناسبة، كانت الصالة كبيرة، وكنت قد صنعت مكتبة كبيرة تفصل الشقة إلى جزئين: جزء خاص بغرفة النوم والمطبخ والحمام في الخلف، وجزء آخر يحتوي على غرفة مكتبي والسفرة والانتريه.
كنا نتابع البرنامج بتركيز شديد، وفجأة رأيت شخصاً طويلاً يخرج من غرفة السفرة، لم أستطع رؤية ملامحه بوضوح، لكنه كان يرتدي جلباباً أبيض، واتجه خلف المكتبة متجهاً نحو غرفة النوم. شعرت بأن شعري تحول إلى مسامير، والدم تجمد في عروقي.
"يا نهار إسود! مين ده؟! كلنا قاعدين في الانتريه!"
نظرت إلى أختي التي كانت تجلس بجواري، فوجدتها مذهولة وفمها مفتوح من هول ما رأت. اقتربت منها وقلت لها: "إنتي شوفتي اللي أنا شوفته؟ الرجل الطويل اللي لابس أبيض؟" أجابتني: "أيوا."
قلت لها: "طيب خلاص، أسكتي، أنا معايا واحدة بتخاف من خيالها، أوعي تفتحي الموضوع، هابقي أكلمك بعدين."
انتهى البرنامج، والكل استعد للمغادرة. حاولت أن أمسك بهم ليبيتوا معنا في الشقة، ظنوا أنني أعزمهم كجزء من الواجب الاجتماعي، ولكن الحقيقة أنني كنت أتكلم بجد. لم أكن أريدهم أن يغادروا، كنت أشعر أننا سنكون فريسة لشيء بعد أن يرحلوا. لو علمت زوجتي بما حدث، كانت ستكون مصيبة كبيرة.
سلمت أمري لله، كنت مرعوباً، لكن الليلة مرت بسلام، رغم أنني لم أظهر خوفي. "عيب، أنا رجل البيت، كيف أخاف؟ أمال مراتي تعمل إيه؟"
في اليوم التالي، في حوالي الساعة الثامنة مساءً، كنت في المحل، فاتصل بي أخي ودعاني للعشاء أنا وزوجتي. اتصلت بزوجتي وقلت لها: "تجهزي، لأننا معزومين عند أخويا."
ذهبنا إلى أخي، واتعشينا، وجلسنا نتسامر معه ومع زوجته، حيث إنه كان متزوجاً حديثاً أيضاً قبلي بأربعة أشهر. أخيراً، توجهنا إلى شقتنا التي بدأت أشعر بالخوف منها. والله، يا جماعة، بدأت أخاف حتى أن أمشي تحتها في الشارع.
عندما وصلنا الشقة، دخلنا، وفوراً شعرت بمغص رهيب لا أستطيع تحمله. ذهبت زوجتي إلى المطبخ لتحضير ليمون، لكن دون فائدة، المغص يزداد، واستمر حتى الواحدة صباحاً.
بدأت أتقيأ بطريقة رهيبة، بينما تركتني زوجتي وذهبت للنوم. كنت أتجول في الشقة محاولاً العثور على مكان يريحني، لكن دون جدوى. كل نصف ساعة تقريباً كنت أجري إلى الحمام لأتقيأ.
ظللت على هذا الحال حتى انهارت قواي تماماً، وبدأت أبكي من شدة الألم. دعوت الله أن يخفف عني، وبقيت هكذا حتى طلع النهار. كان الألم يقتلني من الداخل. أخيراً، أخذت دشاً بارداً في محاولة لاستعادة نشاطي، لكن قدماي كانتا ترتعشان بشدة، ولم أكن قادراً على الوقوف عليهما.
في الساعة السابعة والنصف صباحاً، قررت النزول من الشقة، وعندما خرجت إلى الشارع، شعرت فجأة بتحسن هائل. شعرت وكأنني الحصان، وجسدي استعاد طاقته بالكامل. ووجدت نفسي أمشي بسرعة كبيرة، حتى وصلت إلى عملي سيراً على الأقدام، رغم أن المسافة تبلغ حوالي 30 دقيقة.
بمجرد وصولي إلى العمل، كنت طبيعياً 100%، وكأن شيئاً لم يكن. كنت جائعاً، فأحضرت فطوراً، وأكلت، وشربت شاي.
سبحان الله، شعرت وكأنني وُلدت من جديد.
بينما كنت في العمل، اتصل بي والدي ليسأل عني، حيث أن زوجتي أخبرتهم بما حدث لي. قلت له: "الحمد لله، أنا بمجرد أن وصلت إلى العمل، بقيت كويس." فقال لي: "يا بني، كان يجب أن تبقى في البيت حتى تتحسن."
قلت له في سري: "لو كنت بقيت، كنت مت!"
قلت له: "والله، يا أبي، أنا كويس، وسأمر عليكم بعد العمل إن شاء الله."
بعد أن انتهيت من عملي، توجهت إلى منزل والدي وجلست معهم. قالوا لي: "اتصل بزوجتك لتأتي وتتعشى معنا."
قلت لهم: "مفيش مشكلة." اتصلت بزوجتي وأخي، وجاءوا جميعاً. جلسنا نضحك ونتسامر، واتعشينا، وجاءت اللحظة الحاسمة للذهاب إلى "موقع الرعب" مرة أخرى.
ذهبنا إلى قدرنا، وأنا أفكر: "ما الذي سيحدث اليوم؟ ما هي مفاجأة الليلة؟" أهملت المحل، وبدأت تجارتي تنهار، وكل شيء أصبح يسير من سيئ إلى أسوأ.
تساءلت في نفسي: "هل فعلاً هناك شيء اسمه النساء جالبات الحظ السيء؟" أكيد زوجتي جلبت لي النحس، لأن المصائب تتوالى.
دخلنا الشقة، وكل شيء بدا طبيعياً. ولكن المفاجأة الكبرى كانت في انتظارنا. عندما دخلنا، انهارت زوجتي على الأرض بسبب ألم رهيب في بطنها، تماماً مثل ما حدث لي من قبل، ولكن حالتها كانت أسوأ بكثير.
قلت لها مازحاً: "ولا يهمك، خدي راحتك. إمبارح كنت أنا، واليوم الدور عليك."
ذهبت إلى المطبخ لأحضر لها ليمون، تماماً كما فعلت هي لي في الليلة الماضية. قلت لها: "خذ راحتك، أنا لم أنم منذ الأمس، ولا أريد إزعاجاً. اتألمي براحتك، لكن في سرك."
تركتها وذهبت إلى غرفة مكتبي، حيث يوجد بها سرير مفرد لأنني أحب أن أنام بمفردي. نمت على الفور بسبب التعب، بينما كانت هي تتألم بشدة في غرفة النوم.
عند الساعة الواحدة صباحاً، جاءت إليّ تشكو من ألم شديد، لون وجهها تغير وأصبح شاحباً مثل الموتى. بصراحة، شعرت بالخوف.
اتصلت بصديق لي طبيب يسكن قريباً مني وطلبت منه المساعدة. لم يتأخر، جاء بسرعة، وكشف عليها، وأعطاها بعض المسكنات، وقال لها: "هتتحسني لحد الصباح، إن شاء الله، مفيش حاجة خطيرة."
ودعته وذهب، ولكنها بقيت على حالها حتى الصباح. ذهبت إلى عملي، وعندما عدت، وجدتها قد استعادت عافيتها.
في المساء، اتصلت بنا أمها ودعتنا للعشاء. قلت لها مازحاً: "يا ترى مين اللي هايجي عليه الدور الليلة؟" ضحكنا، واستعدينا لزيارة والدتها.
وصلنا في الموعد المحدد، وكان الجميع مجتمعاً. تعشينا وكل شيء كان تماماً. بعد ذلك، طلبنا الإذن للعودة إلى منزلنا، لكنهم أصروا على أن نبيت عندهم. رغم أنني لم أكن أرغب في العودة إلى شقتي، رفضت العرض. كان لدي شغف لرؤية ماذا سيحدث الليلة.
الواضح جداً أن هناك شيئاً يحاول منعي من العيش في هدوء وسعادة مع زوجتي. في الطريق للعودة، قلت لها: "فكرتِ مين اللي هيتعب الليلة؟" أجابتني: "إن شاء الله مفيش تعب."
قلت لها: "الدور عليّ، ربنا يستر." وعندما وصلنا مدينتنا، أحضرت من الصيدلية بعض الأدوية تحسباً لأي طارئ.
دخلنا الشقة، وكل شيء بدا طبيعياً. ولكن ما حدث هذه الليلة كان أسوأ بكثير مما حدث لنا من قبل. شيء لا يمكن لعقل أن يتحمله.
المفاجأة الرهيبة التي وجدناها عند دخولنا الشقة كانت...