في صباح يوم بارد، كانت السماء ملبدة بالغيوم الثقيلة التي بدت وكأنها تحمل معها كل الحزن في العالم. كانت ساندرا تشعر بذلك الحزن يثقل قلبها وهي تقف أمام مرآة الحمام في منزلها، تحدق في انعكاسها. كانت عيناها متعبتين من قلة النوم، وأفكارها مشوشة، عالقة بين واجبها كضابطة وواجبها كابنة.
لم تستطع النوم طوال الليل، كانت تفكر في والدتها وفي الأحاديث الأخيرة التي دارت بينهما. كان الصوت المرتجف لوالدتها ما يزال يتردد في ذهنها، تلك النبرة المليئة بالقلق والخوف، وهي تطلب منها ترك وحدة المخدرات والعودة إلى الحياة العادية. لكن ساندرا كانت تعرف في قرارة نفسها أن تركها للوحدة ليس خيارًا.
في نفس الوقت، كان كريك يخطط لانتقامه من ساندرا بسبب ما حدث مع جون. كان يعلم أنه إذا استغل نقطة ضعفها، قد يتمكن من إيذائها بشكل أعمق من مجرد الكلمات. وفي تلك اللحظة، قرر أن يتخذ خطوة قد تُغير كل شيء. قام كريك بالتسلل إلى مكتب الرئيس جون وأخذ هاتفه بهدوء، متصلًا بوالدة ساندرا.
بعد ساعات من الانتظار، عادت ساندرا إلى المنزل لتجد هاتفها المحمول مليئًا بالمكالمات الفائتة من والدتها. عرفت أن هناك شيئًا غير صحيح. عندما عاودت الاتصال بوالدتها، جاءها الرد بصوت غريب، مختنق، وكأن الهواء كان لا يصل إلى رئتيها. "ساندرا، لماذا لم تخبريني؟ لماذا تخفين عني أنك في وحدة المخدرات؟" كانت الكلمات ثقيلة ومليئة باللوم.
ساندرا شعرت ببرودة تتسلل إلى قلبها. "أمي، أنا... أنا آسفة، لم أردك أن تقلقي علي." حاولت أن تشرح، لكن والدتها كانت قد أغلقت الهاتف، تاركة إياها في حالة من الذعر والقلق.
عادت إلى الوحدة في اليوم التالي، مرتدية وجهًا خالٍ من أي تعبيرات، لكن الجميع كان يشعر بالاضطراب في أجواء المكان. علم الجميع بما حدث، وخاصة بعد وصول جون إلى المكتب مع مجموعة من الصور والملفات التي طلب من ساندرا أن تبحث فيها. لم يكن يعلم أنها ستصطدم بماضيها المؤلم، بمقتل والدها.
دخلت ساندرا غرفة تخزين الملفات، وبدأت تبحث في الأوراق القديمة. كانت تعرف أن الوقت يمر ببطء وهي تحاول جاهدة العثور على أي معلومات تربط هؤلاء الأشخاص بالجرائم التي ارتكبتها عصابة والدها. ولكن، في عمق تلك الملفات، وجدت ملفًا كانت تتجنبه طوال حياتها. الملف الذي يحتوي على كل شيء عن المهمة التي فقدت فيها والدها.
بدأت تقرأ، وكل كلمة كانت تثقل على قلبها أكثر. تفاصيل القتل، خطط العصابة، الخيانة التي تعرض لها والدها من قبل أحد زملائه في الفريق. شعرت بالغضب والحزن يتصاعدان داخلها كبركان على وشك الانفجار. لم تستطع كبح الدموع أكثر، فانفجرت باكية، ولم تشعر بمرور الوقت.
بعد ساعات، جاء جون إلى غرفة الملفات ليجدها في تلك الحالة. كان يعلم جيدًا ما يعنيه هذا الملف لها. لكنه لم يستطع مساعدتها. شعر بالعجز، وتمنى لو يستطيع أن يفعل شيئًا ليخفف عنها الألم.
عاد الجميع إلى المكتب بعد الغداء، ليجدوا ساندرا قد عادت هي الأخرى. كان وجهها شاحبًا، وعيناها محمرتين، لكنها حاولت إخفاء ألمها خلف قناع من البرود. أراد كريك أن يمزح معها بشأن وقتها الضائع، لكنه تراجع عندما رأى نظرتها القاسية.
دعاها جون إلى مكتبه، وحاول التحدث معها عن الفترة التي قضتها بعيدًا عن المكتب. كانت لهجته صارمة، لكنها كانت تخفي قلقه الحقيقي عليها. ساندرا، رغم كل شيء، لم تستطع منع نفسها من الرد بقسوة، متهمة إياه بمحاولة الانتقام منها بسبب حادثة القهوة. كانت تعلم أن كلامها جائر، لكنه كان الوحيد الذي يمكنها أن تفرغ عليه غضبها.
بعد المشادة الكلامية بينهما، خرجت ساندرا من المكتب وهي تشعر بأنها تزداد بعدًا عن كل شيء وكل شخص حولها. لم تكن تعلم أن الأسوأ لم يأتِ بعد.