ركضت نينا حتى وصلت إلى غرفتها, وفتحت الباب كعادتها دون أن تستأذن, قائلة بفرح "ماما احزري من قدم لزيارتك الآن؟"
عندما لم تتلقى ردا, نظرت بحيرة إلى مايا التي كانت تقف بجمود أمام نافذة غرفتها, إنها على هذه الحالة منذ سبع ساعات, لا تأكل, لا تنام, لا تتحدث مع أحد, فقط تراقب الشارع والسيارات من نافذتها. لا تعلم ماذا حدث لها! لقد أخبرتها مايا عندما اصطحبتها من المدرسة, أنها ستوصل أليكس إلى خاله, ثم ستذهب في جولة استطلاعية حتى المساء, ولكنها عادت بعد ساعة واحدة فقط, وهي شاحبة كشحوب الأموات.
وصلت نينا إليها, وقامت بسحب يد مايا صائحة "ما بكِ ماما؟ ما الذي يحدث؟"
سألت مايا دون أن تنظر إليها "أين هي؟"
رفعت نينا حاجبيها دهشة, وقالت "كيف عرفتِ؟"
فتمتمت مايا "لقد رأيتها تدخل من النافذة"
قالت نينا "إنها بالأسفل تنتظركِ, هل تعلمين ماذا تريد منكِ؟"
ردت مايا وهي تخرج من الغرفة "لا" غير أنها لم تكن صادقة, فهي تعرف تماما السبب الذي جعل سونيا تأتي لرؤيتها.
قبل أن تدخل مايا غرفة الاستقبال, شاهدت من خلال الباب المفتوح سونيا تجلس على إحدى الأرائك, كانت يداها الرابضة في حجرها مضمومتين بشدة, وكان وجهها قد احتقن بالغضب, إذن كما توقعت, العشاء مع فريدريك لم يسر على ما يرام, لذا فسونيا هنا.
زفرت مايا بقوة, قبل أن تدخل قائلة بلا أي تعبير على وجهها "مرحبا سونيا, لقاءان في يوم واحد, أهذه مجرد صدفة"
نظرت إليها سونيا بغضب, ثم نهضت وسارت حتى أصبحت أمام مايا, حينها رفعت يدها اليسرى بكل سرعة لتصفعها صفعة حادة أدارت وجهها, رفعت مايا رأسها والدهشة تملأها, دون أن تدرك أن الصفعة الثانية كانت في طريقها إليها, وقد كانت أكثر إيلاما من الأولى.
ابتعدت خطوتين إلى الوراء عن سونيا, كانت هذه هي ردة الفعل الوحيدة التي أصدرتها مايا, فوجهها مازال منكسا إلى الأسفل, وعينيها تنظران إلى الأرض, ما الذي باستطاعتها فعله! التعقيدات التي لديها تكفيها, إنها بالفعل ليست بحاجة إلى مشاكل إضافية من سونيا.
هدرت سونيا بغضب "متى ستتركيننا وشأننا؟"
رفعت مايا رأسها ونظرت إلى سونيا التي أكملت "لقد كان سعيدا ضاحكا عندما تركته هذه الظهيرة, فما الذي فعلته وقلته له أيتها الأفعى حتى يصبح متألما شاردا, ويخبرني أنه يريد تأجيل إعلان الخطوبة والزواج؟"
لم ترد مايا, ولكن بدا أن سونيا لم تكن تنتظر منها ردا, إذ قالت من بين أسنانها "أتعلمين كم انتظرته! أتعلمين كم مرة عرضتُ عليه أنا الزواج! أتعلمين كم مرة رفضني! أتعلمين كم كنتُ أشعر بالإهانة! كم كنتُ أشعر بالألم! وكل هذا كان يحدث بسببكِ أنتِ"
قالت مايا ببرود "أنا أيضا ظننتُ أنه كان يفعل ذلك من أجلي, ولكن الحقيقة هي أن السبب لم يكن أنا, لقد كان السبب شعوره بالذنب"
فردت سونيا هاتفه " نعم بسبب موت صديقه وعدم قدرته على حمايته, بالرغم من أني أرى ألا داعي للشعور بالذنب فلا دخل له فيما حدث, لكنه رجل نبيل. ومع ذلك هذا كله لم يكفكِ, فأنتِ مازلتِ حقيرة مصممة على تحطيمه"
ابتسمت مايا بشفقة, إذن هو نبيل وهي حقيرة! يا لكِ بريئة يا سونيا, هذا يعني أن حبيبك فريدريك لم يخبركِ الحقيقة. تمتمت مايا "أنتِ لا تستحقينه"
همست سونيا بغير تصديق "هذا هو الأمر إذن! أنت تريدينه لكِ!"
مطت مايا شفتيها قائلة "لا تفهميني بشكل خاطئ, قصدتُ أنكِ لا تستحقين رجلا بدناءته, أنت تستحقين من هو أفضل منه"
"هذا ليس من شأنك, دعينا وشأننا"
"أنا آسفة لقد تأخرتِ في الطلب, فريدريك أصبح من شأني, وأنا لن أستطيع أن أدعه أبدا"
صرخت سونيا بصوت عالي "لقد طفح الكيل, لن نبقى تحت رحمة جنونك, إن كان فريدريك طيبا ويحبك, فأنا لستُ كذلك, كما أنني أمقتكِ بشدة, لذا فسأسعى جاهدة لإيقاف عند حدك, بأي طريقة كانت" ثم خرجت من المنزل بغضب, تماما كما دخلته.
أمالت مايا رأسها بتفكير, هل تسمع في كلام سونيا نبرة تهديد! هل ستقف في طريقها للوصول لفريدريك! ألا يكفيها أليكساندر! هي قطعا لا تريد سونيا داخل هذه المعضلة, لكن سونيا كما هو واضح أقحمت نفسها في كل ما يخص فريدريك.
كانت مايا في المطبخ, تضع قطعة ثلج على خدها الأيمن الذي بدا أحمرا, عندما سمعت صوت من ورائها يقول "ما الذي أصاب وجهكِ؟"
أغمضت مايا عينيها بحرقة, وضغطت على أسنانها, وبدأت قطعة الثلج الصغيرة تذوب بيدها من شدة قبضتها عليها. إنها لا تريد رؤية أمها اليوم ولا غدا ولا حتى اليوم الذي يليه, ليس قبل أن تهدأ قليلا, وتستوعب الصدمة جيدا, وتجد مبررا لأمها.
سألت مادلين "لماذا لم تنزلي لتناول العشاء معنا؟"
التفت إليها مايا وهي تنوي مغادرة المطبخ والصعود لغرفتها, لكن وجه أمها ذكرها بحديث فريدريك, فقالت رغما عنها "لماذا؟ لماذا أصبحتِ لا تثيرين موضوع وحدة المخدرات؟ لماذا وافقتِ فجأة على عملي هنالك؟ ألم تعودي خائفة من فقداني كما فقدتِ أبي؟"
ضاقت عينا مادلين وهي تسأل ابنتها بحيرة "بماذا تهذين؟"
"فقط أسأل لماذا اقتنعتِ فجأة بعملي؟"
"لأنني أمكِ وأعرف الناس بعنادك, لذا لم يكن من خيار أمامي سوى التسليم بالأمر الواقع, ودعاء الله ألا يحصل لكِ مكروه"
"هل حقا هذا هو السبب؟"
"ما الذي تريدين أن تصلي إليه؟"
نظرت إلى أمها بتصميم, وقالت بجدية "الحقيقة التي أخفيتها عني منذ ثلاث سنوات. أنتِ اقتنعتي بعملي في وحدة المخدرات, ليس لأجل عنادي, بل لأنك تذكرتِ أن موت أبي ليس بسبب عمله في المخدرات, بل بسبب خيانة فريدريك له, بسبب اختياره لحياة ابن أخته بدلا من اختياره حياة صديقه عندما خُير بينهما, صحيح؟"
غمغمت مادلين "إذن فريدريك أخبرك"
سألت مايا بألم "لماذا لم تخبريني بنفسك؟ لماذا جعلتني أتلقى الصدمة من فريدريك؟ والأهم لماذا طلبتِ من فريدريك أن يعدكِ ألا يخبرني؟"
جلست مادلين على إحدى كراسي طاولة الطعام التي تتوسط المطبخ, ووضعت يديها على الطاولة قائلة بهدوء "لماذا لم أخبركِ! لأنني لم أكن أريدكِ أن تعلمي. لماذا جعلتُ فريدريك يخبرك! أنا لم أفعل ذلك, ولم أكن أريده أن يخبرك, ولا أعلم ما الذي دفعه لذلك. لماذا طلبتُ من فريدريك أن يعدني بألا يخبركِ! لأنني أعرف أن الأمر سيؤلمك كما ألمني. أنت منذ مقتل والدكِ وأنت غاضبة, متحفزة للانتقام, اتهمت فريدريك دون أي دليل, لذا رأيت ألا أخبرك حتى تهدئي. ولكن للأسف لثلاث سنوات و مازلت فكرة الانتقام تملئ رأسك, لذا لم أجد أي فرصة لإخبارك. القصة انتهت والماضي لن يعود, لذا لا داعي من نبش هذه الأمور"
عقدت مايا ذراعيها على صدرها, وقالت بغضب "لم أستفد ولا كلمة واحدة من هذه المحاضرة الطويلة"
تنهدت مادلين بنفاذ صبر, وردت "سأكون أكثر وضوحا إذن, لم أخبركِ لأنني أعرف السيناريو الذي سيحدث فور إخبارك, ستحاولين الانتقام وقتل فريدريك, وستدخلين في دوامة لن تخرجي منها أبدا, ستؤذين نفسك وستؤذين فريدريك"
ازدرت مايا ريقها بصعوبة, وهمست بحشرجة "ليتك توقفتِ عند كلمة ستؤذين نفسكِ"
رفعت مادلين نظرها إليها بحيرة, فأكملت مايا صائحة "ستؤذين فريدريك! أهذا ما يهمكِ! فريدريك! الرجل الذي سمح بقتل أبي, الذي وقف مكتوف الأيدي وهو يراه يقتل, بل إنه هو من اختار أن يموت أبي"
ردت مادلين وقد علا صوتها "موت والدكِ ليس ذنبه, لم يكن باستطاعته فعل شيء"
صرخت مايا "لماذا تدافعين عنه؟ ماذا عن أبي؟ من يدافع عنه؟"
تكلمت مادلين بصعوبة "مايا هنالك حقيقة أعتقد أنكِ غافلة عنها, وهي أن والدكِ مات"
فأجابتها مايا بسرعة "نعم والحقيقة الثانية التي يبدو أني أيضا غفلتُ عنها, هي أنكِ نسيتِ والدي بمجرد موته, صحيح؟"
هبت مادلين واقفة, وصرخت محذرة "مايا!"
غير أن مايا لم تبالي إذ قالت بحنق "أتعرفين بدأتُ أتسائل إذا كنتِ تحبين والدي فـ..."
لم تكمل مايا كلامها, إذ أن الصفعة التي تلقتها على خدها الأيسر من أمها أخرستها.
همست مادلين بعينين محمرتين "أنتِ... لم تعودي ابنتي" ثم صعدت إلى غرفتها وتركتها وحدها.
بكل ذهول, جلست مايا على الكرسي الذي كانت تجلس عليه أمها, وطأطأت رأسها, صفعتها سونيا بكل قوتها, ومرتين, ولم تبالي كثيرا, لقد اعتبرتها ثورة غضب, لكن أن تصفعها أمها فهذا أمر آخر, فطوال حياتها لا تذكر أن أمها رفعت يدها عليها, إنها تشعر بالألم, ليس في مكان الصفعة, بل في قلبها.
أحست بحركة فرفعت رأسها, لتشاهد جدها يسير بكرسيه المتحرك باتجاهها, قال لما اقترب منها "أتعلمين لماذا أكره أن أتناقش مع النساء! لأنهن لا يعرفن سوى أسلوبين فقط, الصراخ والضرب"
ردت مايا بملل "لا تكن واثقا هكذا, لقد تجرعتُ صفعة من رجل في وقت ليس بالبعيد"
زم جدها ريتشارد شفتيه متصنعا التفكير, ثم قال "إذن العيب فيكِ يا عزيزتي, يبدو أنكِ تخرجين محدثيكِ عن طوعهم"
سألت مايا جدها بعنين لامعتين "هل استمعت للكلام؟"
أجاب جدها بتقطيبه "استخدمي الألفاظ الصحيحة يا فتاة, أنا لم استمع, أنا سمعت, وهنالك فرق. أصواتكن عالية, وغرفتي هنا في الأسفل, لذا كان محتم علي أن اسمع كل ما قيل"
قالت مايا بوهن "حسنا أنا جاهزة لسماع تعليقك"
فسأل بحيرة "أي تعليق تريدين؟ تعليقي على حديثك مع سونيا أم مع والدتكِ؟"
ابتسمت له مايا, ثم قالت بتوجس "أكنت تعلم بالأمر؟"
فرد جدها بصدق "لا. لقد علمتُ اليوم من كلامكِ, ولا أنكر أنني دهشت"
"رائع, لم تخبر والدها, ولم تخبر ابنتها, بالفعل أمي كاتمة أسرار من الدرجة الأولى"
"أنت محقة, وهذا قادني إلى حقيقة أخرى"
"ما هي؟"
"أن أمكِ عانت لوحدها. ألستِ تشعرين بالراحة عندما تفضين لأحد حقيقة مؤلمة تعلمينها أنتِ فقط ! أنا أوقن أن فريدريك شعر براحة كبيرة عندما أخبر أمكِ بالحقيقة, ولكن ماذا عن أمكِ! صمتت, لم تخبر أحدا, لقد آثارت أن تتحمل لوحدها على أن تجعل شخصا تحبه يتألم وينزعج معها, أعتقد أنكِ لم تسمعيها جيدا عندما قالت لكِ لم أخبركِ لأنني أعرف أن الأمر سيؤلمكِ كما ألمني"
صمتت مايا منكسة رأسها, ناظرة إلى أصابعها المرتجفة, ثم قالت بصوت مثقل بالذنب "أنا أكثر الناس معرفة بحبها لأبي, لم أقصد أن أقول أنــ ... , كل ما في الأمر, أنني كنتُ غاضبة منها وبقوة لأنها سامحت فريدريك"
قال جدها بنبرة هادئة "ألم تسألي نفسك لماذا سامحت فريدريك؟"
تمتمت مايا "أمي تحب فريدريك"
أجاب جدها "حسنا ربما هذا صحيح, وبما لأنها تشعر ألا ذنب له, وربما لأنها تريد أن تشعر بالسلام مع نفسها"
رددت بتعجب "السلام!"
فقال موضحا "مايا! أعتقد أن أمكِ تشعر بضِعف الشعور الذي تشعرين به اتجاه موت والدكِ, مهما كان لا يوجد هنالك ألم كألم فقد الزوجة لزوجها أو العكس, لقد جربتُ ذلك مرتين. ومع ذلك فإن من نعم الله التي أسبغها علينا نعمة نسيان الحزن والألم, ولكن الإنسان لن ينسى حزنه وهو يشعر بالغدر والخيانة والانتقام. لذا فأنا أعتقد أن من أهم الأسباب التي دفعت أمك لمسامحة فريدريك بغض النظر عن كونه مخطئ أو لا, هي أنها أرادت أن تشعر بالسلام مع نفسها, أن تشعر بالسلام مع حقيقة موت زوجها, وقطعا هي لن تشعر بذلك إلا بالسماح والعفو"
اكتفت مايا بالصمت, فقال جدها وهو يتحرك بكرسيه ليخرج من المطبخ "لدي مخابرة علي إجراءها لذا سأذهب, وبالمناسبة, لا تبحثي عن نينا, إنها في غرفتي, وأعتقد إنها نائمة الآن"
سألت مايا, وقد استبد بها العجب "ولماذا نامت في غرفتك؟"
قال جدها بابتسامة "لقد كانت في طريقها لتقديم العصير لسونيا عندما رأتها تصفعكِ, أعتقد أن الموقف جعلها مضطربة نوعا ما, فأتت عندي, مما أدى إلى سماعها صراخ سونيا ووعيدها, وأخيرا الحديث الشيق بينكِ وبين والدتكِ. بعدها طلبت بهمس أن تنام اليوم عندي, لقد كانت خائفة يا مايا" ثم خرج من المطبخ.
جلست مايا على حافة سرير جدها, وابتسمت بحب وهي ترى نينا نائمة على بطنها, وشعرها الأحمر أصبح أشعثا يغطي وجهها. مدت يدها بكل رقة, وبدأت تزيح بعضا من الخصلات الحمراء المتموجة عن وجه نينا, غير أن يدها جمدت فجأة, وعلت الصدمة ملامحها وهي ترى أثر خطٍ من الدموع على وجنة ابنتها. تمتمت وهي تشيح عنها "أيتها الجبانة الصغيرة", ثم رفعت رأسها عاليا في محاولة منها لمنع دموعها من السقوط, غير أنها فشلت في منع شفتها السفلى من الارتجاف, أخيرا أطلقت تنهيدة مُرة, وقالت بصوت خفيض تخاطب نينا النائمة "أبعد كل الجهد الذي بذلته في محاولة الصمود أمام سونيا وأمي وجدي, تأتين أنتِ لتخترقين كل دفاعاتي وتظهرين ضعفي, أنا ..." غير أنها لم تستطع أن تكمل إذ أحست بغصة تمنعها من الكلام, كما أن الدموع التي امتلأت في عينيها بدأت تشوش عليها الرؤية,, مسحت عينيها بأصابع مرتجفة, وأكملت بصوت أكثر اضطرابا من ذي قبل "لماذا أنتِ صامتة! لماذا لا تصرخين بوجهي مثلهم!
لماذا تنزوين في سرير وتذرفين الدموع من أجلي! لما تبكين! شفقة أم خوف علي! أشفقة عليّ لأنني عندما وصلت أخيرا لنقطة السلام تلك, التي كان يتحدث عنها أبوكِ بعد عناء دام ثلاث سنوات, أتى سام ليقلب الطاولة فوق رأسي! أشفقة عليّ لأنني بدأت أخسر الآخرين واحدا تلو الآخر! أم خوف عليّ لأنني دخلتُ رغما عني في متاهة لن تكون لها نهاية سوى موتي!" بدأت شهقاتها التي كانت تحاول كتمها تعلو شيئا فشيئا, فغطت فمها بيدها, حتى هدأت قليلا, ثم همست وهي تعبث بشعر نينا "أتعرفين! إني أتسائل كيف سيكون شعورك يا صغيرتي عندما أقول لكِ أنكِ لم تعودي ابنتي! لا! لا تفكري في إجابة, ذلك أنني قطعا لن أقولها لك! أتعلمين لماذا؟"
سالت دموعها على وجنتيها وهي تكمل "لأنني أعرف أن العبارة ستؤلمكِ, ستبكيكِ, ستطعنكِ في قلبكِ, هذا وأنتِ بالفعل لست ابنتي, فما بالك بشعور ابنة قالت لها أمها التي أنجبتها تلك العبارة, وقد كانت تعنيها للأسف" ثم ظلت صامته لدقائق طويلة, وقد حوت عيناها نظرة من الصعب تفسيرها. أخيرا اقتربت من نينا هامسة "تصبحين على خير حبي" و طبعة قبلة على جبينها, ثم نهضت مطفئة أضواء الغرفة, مغلقة الباب بعد خروجها.