في 26 فبراير 1871م ، وقع ممثلون عن بروسيا وفرنسا معاهدة مبدئية في فرساي ، والتي وضعت نهاية للحرب الفرنسية البروسية ، لقد كان الصراع حافلاً بالأحداث ، وشهد حصاراً استمر ثلاثة أشهر على باريس ، وتوحيد ألمانيا ، وسياسيًا فاراً من منطقة المعركة في منطاد هوائي ساخن ، والأهم من ذلك ، أنها كانت بمثابة نقطة تحول حاسمة في التاريخ الأوروبي ، حيث بدأت ألمانيا تحل محل فرنسا باعتبارها القوة المهيمنة في القارة الأوروبية .
على المدى الطويل ، نشأت أصول النزاع من مخاوف فرنسية من قوة بروسيا المتنامية ، وحملة أوتو فون بسمارك ” Otto Von Bismarck ” لإنشاء ألمانيا الموحدة ، وكانت هزيمة بروسيا للنمسا في حرب السبعة أيام عام 1866م قد كشفت عن قوة الدولة المتنامية ، وتزامن ذلك مع حملة التوحيد والتي أمل بسمارك أن تحرر بروسيا والولايات الألمانية الأخرى من ظل التحكم الفرنسي .
بدا الإمبراطور الفرنسي نابليون الثالث مدركًا تمامًا أن وجود أمة موحدة في وسط القارة سوف يغير تمامًا من ميزان القوى في أوروبا ، وهو أمر ثبت أنه صحيح في القرن العشرين ، وجاء السبب المباشر في أعقاب ترشيح الملكة إيزابيلا للعرش الإسباني في عام 1868م .
فتم إقناع الأمير ليوبولد من هوهنزولرن-سيجمارينغن ” Leopold of Hohenzollern-Sigmaringen ” ، المرشح لخلافة العرش ، بقبول الفرصة من قبل بسمارك وخوان بري ، حاكم اسبانيا ، وفكر عضو في العائلة المالكة البروسية أن العرش الاسباني في انزعاج شديد بسبب فرنسا ، لأنها كانت ستحيط بالبلد بحكام معاديين ، وعلى الرغم من أن فرنسا نجحت في ممارسة ضغوط دبلوماسية لإجبار ليوبولد على رفض العرش ، إلا أن البروفيسور قيصر وليام ” Kaiser William ” كان يستثني وجود محاولة فرنسية لإجباره على أن يقبل ليوبولد العرش
استلم بسمارك نسخة منقحة من المقابلة بين وليام والدبلوماسيين الفرنسيين ، والمعروفة باسم برقية Ems ، بدا هذا التحرك محاولة محسوبة لإثارة الحكومة الفرنسية من أجل إعلان الحرب ، وإذا كان الأمر كذلك ، فقد أثبتت نجاحها .
وأعلن نابليون الثالث الحرب على بروسيا في 19 يوليو 1870م ، وكان لدى بسمارك عدة أسباب لرغبته في حرب مع فرنسا ، أولًا ، كما ذكر أعلاه ، كانت فرصة لدفع النفوذ الفرنسي بعيدًا عن بروسيا ، ثانياً ، التوقيت كان مثاليًا ، وكانت بروسيا مستعدة بشكل جيد للصراع في حين لم تكن فرنسا مستعدة ، ثالثًا ، كان بسمارك يأمل أن تكون الحرب مع فرنسا سببًا لتوحيد الولايات الألمانية الجنوبية مع بروسيا .
كانت الحملة الفرنسية تتسم بالشجاعة ، وسرعان ما حققت القوات البروسية تقدمًا ملحوظًا في الدخول للبلاد البروسية ، في سبتمبر 1870م شهدت القوات الفرنسية هزيمة ثقيلة في معركة سيدان ” battle of Sedan ” وتم القبض على نابليون الثالث ، جنبًا إلى جنب مع 83،000 جندي فرنسي .
تسببت أخبار اعتقال الإمبراطور في اندلاع انتفاضة في باريس ، مما أدى إلى حل الجمعية التشريعية وإعلان فرنسا جمهورية ، وبحلول شهر أكتوبر ، كانت باريس محاصرة بالكامل من قبل القوات البروسية ، وفر ليون غامبيتا ” Leon Gambetta ” زعيم الحزب الجمهوري ورئيس الحكومة المؤقتة من باريس في منطاد هواء ساخن عبر خطوط العدو ، بهدف تنظيم الجيوش الفرنسية من هناك .
على الرغم فرار غامبيتا ، ولكن رفض الباريسيون الاستسلام ، وقام مواطنو المدينة بتشكيل دفاع باستخدام أسلحة خام ، ونجوا من محاولات بروسية لتجويعهم للاستسلام ، عن طريق أكل الكلاب والقطط والجرذان ، واستمر الحصار لعدة أشهر ، حتى يوم 19 يناير ، عندما اضطر القادة الفرنسيون في النهاية إلى الاستسلام بسبب اليأس .
قبل يوم واحد من الاستسلام الباريسي ، توج القيصر ويليام الأول إمبراطورًا على ألمانيا كلها ، مما يشير إلى تحقيق حلم بسمارك في التوحيد ، وكانت المعاهدة الأولية التي وقعت في 26 فبراير / شباط بمثابة نهاية الحرب الفرنسية البروسية ، يبدو أنه كانت وقت بدايات جديدة وتوحيد ألمانيا تحت حكم إمبراطور واحد ، في حين دخلت فرنسا عصر الجمهورية الثالثة ، بدا أن ألمانيا تصعد من خلال توحيدها ، بينما بدا أن فرنسا تدخل في انحدار نجم عن الانقسامات الداخلية فيها .