يُعتبر حصار مالطا واحدًا من الحملات العسكرية التي حدثت خلال الحرب العالمية الثانية وقد اتخذت هذه الحملة من البحر المتوسط مكانًا لمسرح العمليات ، وقد تنازعت أثناء هذا الحصار كل من القوات الألمانية النازية وقوات إيطاليا الفاشية الجوية والبحرية مع قوات البحرية الملكية وسلاح الجو الملكي الخاصين ببريطانيا وذلك في الفترة ما بين عامي 1940م وحتى 1942م ، وذلك من أجل السيطرة على جزيرة مالطا التي تُعد ذات أهمية استراتيجية قوية .
ازدادت الأهمية الاستراتيجية لجزيرة مالطا بعد أن تمت صناعة جبهة قتالية جديدة بشمال أفريقيا ؛ وكان ذلك في منتصف عام 1940م ؛ حيث أصبحت القوات الجوية والبحرية البريطانية التي تتمركز بالجزيرة لها القدرة على أن تهاجم سفن قوات المحور التي تعمل على نقل الإمدادات الحيوية من أوروبا إلى شمال أفريقيا .
قام الفيلد مارشال إرفين رومل وهو قائد قوات المحور بشمال أفريقيا بإدراك أهمية جزيرة مالطا ؛ حيث انتبه خلال عام 1941م إلى أن قوات المحور ستفقد سيطرتها على منطقة شمال أفريقيا بدون جزيرة مالطا ، وأدى ذلك إلى التفكير في السيطرة على الجزيرة بالطرق العسكرية التي تراها القوات مناسبة لقيادة الحدث .
قامت قوات المحور بقصف جزيرة مالطا والعمل على تجويعها حتى تخضع وتستسلم ، وقامت بالهجوم على مدنها وموانيها والسفن الخاصة بقوات الحلفاء التي كانت تنقل إليها الإمدادات ، وأدى ذلك إلى أن أصبحت جزيرة مالطا إحدى أكثر المناطق في العالم تعرضًا للقصف عن طريق استخدام القنابل أثناء فترة الحرب العالمية الثانية .
قام كل من سلاح الجو الملكي الإيطالي وسلاح الجو الألماني بتنفيذ العديد من الغارات الجوية على جزيرة مالطا والتي بلغت نحو ثلاثة آلاف غارة خلال عامين ، وذلك بهدف تدمير الدفاعات الخاصة بسلاح الجو الملكي البريطاني والموانئ الخاصة به .
نجحت الغارات التي نفذّتها القوات الإيطالية والألمانية ، وكان من شأن ذلك النجاح أن يكفل لقوات إيطاليا وألمانيا القيام بعملية إنزال برمائية والتي تُدعم بقوات مظلية من ألمانيا وتكون محمولة جوًا فيما يُعرف باسم “عملية هرقل” ، غير أن ذلك لم يحدث ولم يتم تنفيذ هذه العملية التي كان يتم التخطيط لها .
تمكنت قوات الحلفاء من إرسال الدعم والامدادات اللازمة إلى جزيرة مالطا كي تقاوم هذا الهجوم ، كما استطاع سلاح الجو الملكي البريطاني أن يقوم بحماية أجوائه ، ولكنه كان قد تكبد خسائر فادحة بالفعل في الأرواح والأسلحة والمعدات .
لم تتمكن قوات المحور خلال عام 1942م من الفوز في معركة العلمين الثانية ، بينما نجحت قوات الحلفاء في إدخال قواتها داخل الجزائر والمغرب الفرنسي الذي كان تحت سيطرة حكومة فيشي آنذاك ، مما جعل قوات المحور تتجه إلى تحويل مسار قواتها إلى معركة تونس ، وأدى ذلك إلى تقليل الهجمات على جزيرة مالطا بصورة سريعة ، حتى وصلت هذه الهجمات إلى مرحلة النهاية الفعلية في نوفمبر من عام 1942م .
وقامت قوات الحلفاء البحرية والجوية في ديسمبر من عام 1942م بإطلاق هجماتها من جزيرة مالطا ، حتى ما إن حلّ مايو عام 1943م كانت قد نجحت في أن تُغرق 230 سفينة خاصة بقوات المحور خلال 164 يومًا ، ويُعد ذلك أعلى معدل في إغراق السفن قد نجحت في تحقيقه قوات الحلفاء أثناء فترة الحرب ، وساهم ذلك بصورة كبيرة في تحقيق الانتصار بشكل نهائي لقوات الحلفاء بشمال أفريقيا