قامت حرب باراجواي في أمريكا الجنوبية كنوع من الصراع العسكري خلال الفترة من عام 1864م إلى عام 1870م ؛ وكان النزاع بين باراجواي والدول الثلاثة التي اشتركت في الحلف الثلاثي وهم أوروجواي والبرازيل والأرجنتين ، وقد خلّفت تلك الحرب خسائر فادحة في أعداد القتلى ؛ كما تم تدمير دولة باراجواي وقُتل معظم مواطنيها من الذكور .
عُرفت حرب باراجواي بأسماء متعددة ؛ حيث أُطلق عليها الحرب الباراجوانية ، وحرب الحلف الثلاثي ، والحرب العظيمة ، وقد اختلفت الروايات حول السبب الحقيقي لتلك الحرب ؛ فالسبب التقليدي يقول أن السبب هو السياسة التعسفية التي اتخذها رئيس باراجواي فرانشيسكو سولانو لوبيز تجاه القضايا التي تعلقت بمنطقة ريو دي لا بلاتا ، وهناك رأي آخر يقول أن مصالح الإمبراطورية البريطانية هي السبب الرئيسي في نشوب تلك الحرب .
وذُكرت بعض الأسباب التي كانت واضحة لإشعال تلك الحرب ؛ حيث وُجد نزاع لكسب السيادة والسلطة المادية فيما يخص منطقة ريو دي لا بلاتا ؛ كما كانت هناك تدخلات من الأرجنتين والبرازيل في سياسات باراجواي الداخلية ؛ والطموحات التي سعى لها الرئيس الباراجواني من تحقيق التوسعات لبلاده ؛ كما وُجدت بعض الخلافات الخاصة بالتعريفة الجمركية بين باراجواي ودولتي الأرجنتين والبرازيل .
هُزمت باراجواي هزيمة ساحقة خلال تلك الحرب ؛ مما أدى إلى تحول النزاع بين تلك الدول إلى ما يُعرف باسم حرب الشوارع ؛ ومات على إثرها سكان باراجواي ودُمر جيشها ، واستمرت حرب الشوارع حتى مقتل الرئيس الباراجواني عام 1870م .
بلغت خسائر باراجواي جراء تلك الحرب بما يعادل 1. 2 مليون مواطن أو ما يقترب من 90% من إجمالي عدد السكان ؛ وهناك بعض التقديرات المخالفة لذلك العدد ؛ لكنها جميعها تُثبت أن تلك الحرب كانت أكثر تدميرًا خلال الفترة الحديثة .
عاشت باراجواي عقودًا متأثرة بالهلاك الذي حلّ بها ؛ ولم تستطع أن تنتخب رئيسها إلا عام 1993م ؛ بالرغم من أنها كانت ذات يوم الجمهورية الأولى بأمريكا الجنوبية ، بينما تسببت تلك الحرب في القضاء على تاريخ العبودية بالبرازيل ؛ كما تسببت في كثرة الديون العامة واستمرت عقودًا لسداد تلك الديون ؛ مما أثر على النمو الاقتصادي للبلاد ، بينما تحولت الأرجنتين إلى ثاني أغنى دولة بأمريكا الجنوبية .
ذكر بعض المؤرخين أن القوة العسكرية لبلاد الحلف الثلاثي كانت أقل من القوة العسكرية الخاصة بباراجواي آنذاك ؛ حيث امتلكت باراجواي أكثر من 60.000 جندي ؛ وعدد هائل من القوارب البخارية البحرية ؛ كما امتلكت خمس سفن كانت تنتقل على طول النهر ؛ ثم تستقر واحدة من القوارب المسلحة حول نهر التاكوري .
أثبتت الدراسات الحديثة أنه بالرغم من كثرة عدد المقاتلين بجيش باراجواي ؛ إلا أن التجهيزات والإعدادات الخاصة بهم لم تتم بشكل جيد ؛ كما كانت معظم أسلحة المشاة من الأنواع الرديئة من أسلحة صغيرة لم تكن دقيقة واتصفت بالبطء والمدى القصير ؛ وكانت المدفعية الخاصة بهم أيضًا بنفس مستوى السوء ؛ ولم يحصل الضباط على أي تدريبات لتعطيهم الخبرة اللازمة في التعامل مع الحرب ؛ وبدت الأوامر غير مُنظمة ؛ حيث كان المصدر الوحيد لأي قرار هو رئيس باراجواي .
وعلى النقيض كانت جيوش الحلف الثلاثي ضئيلة جدًا بالنسبة لجيش باراجواي ؛ حيث كانت أوروجواي لا تملك سوى جيش بلغ عدد رجاله أقل من 2000 جندي ولم تملك قوات بحرية ، وضمّ جيش الأرجنتين ما يقرب من 8500 جندي وكانت تمتلك سفينة واحدة ، أما البرازيل فكانت أفضل حالاً حيث امتلكت 4000 جندي واثنين وأربعين سفينة ؛ كما بلغ عدد المدافع الخاصة بها إلى 239 مدفع .
انتهت الحرب بهزيمة باراجواي وتدميرها ماديًا ومعنويًا وسياسيًا ؛ وأصبحت الحرب العظيمة التي تُعتبر من الحروب الأكثر هلاكًا ودمارًا في التاريخ الحديث .