ثورة العشرين

بعدما اندلعت الحرب العالمية الأولى عام 1914م وانقسم العالم إلى معسكرين متحاربين ، معسكر الحلفاء الذي كان يضم كل من فرنسا وروسيا وانجلترا ثم انضمت إليهم الولايات المتحدة ضد معسكر الوسط الذي يضم ألمانيا والنمسا والمجر ثم انضمت إليهم الدولة العثمانية ، وهذا جعل منطقة الشرق الأوسط منطقة صدام رئيسية .
 
 كان الاتراك يثيرون القبائل ويحرضونهم ضد بريطانيا أثناء زحفها لبغداد وفي يوم 26 يوليو من نفس العالم احتل الانجليز الناصرية والعمارة ، ودخلت القوات البريطانية بغداد ، وكانت الخطوة الأولى لاحتلال البصرة ثم الموصل ، وكان هذا الاحتلال بمثابة الخطوة الأولى لخطوات التحرر بالعراق فقد ازدادت حالة الغليان حتى قيام ثورة العشرين .


 كثير من المؤرخين يحملون أرنولد ولسون الحاكم الإنجليزي للعراق هو المسئول الأول عن اندلاع هذه الثورة ، ولكن المسئول الأول هو الحركة الوطنية الموجودة بالعراق ، فقد تبلورت هذه الحركة الوطنية خلال فترة الاحتلال وحددت أهدافها في الاستقلال ووحدة العراق ، ضد الاحتلال البريطاني.
 
 وترجع أسباب الثورة لعدد من الممارسات ، فقد اعتادت العشائر والقبائل بالعراق على فعل ما يشاؤون وعدم تدخل السلطات العثمانية إلا فيما يخص جمع الضرائب ، ولكن عندما احتل الانجليز الأرض كان الأمر غير مألوف ، وحدث تضخم نقدي أدي لارتفاع الأسعار وكما أن سلطات الاحتلال اتبعت سياسة عشائرية ، وسياسية التفريق بين القبائل والعشائر ، فأثارت تلك السياسية الجديدة الغضب لدى العراقيين .


 
 لذا كان للأفندية الذين يشغلون عددًا من الوظائف الحكومية وتم طردهم من قبل سلطات الاحتلال وأصبحوا بلا مأوى ولا رزق دور هام في إثارة الناس على الاحتلال وإشاعة التذمر العام ، وكانت الشرارة الأولى يوم 25 يونيو عام 1920م ، عندما تم رفع عشيرة من بني جحيم الرايات وأعلنت الحرب على إنجلترا .
 
 وفي يوم 30 من نفس الشهر تم استدعاء الشيخ شعلان أبو الجون رئيس عشيرة الظوالم إلى السراي الحكومي ببلدة الرميثة بجنوب العراق ، وقد ابدى الشيخ كثير من الشراسة أمام الحاكم السياسي مما أدى للقبض عليه و تم إرسال عدد من الرجال لتحرير الشيخ ، وتمت مهاجمة السراي وكانت تلك الحادث بمثابة الشرارة الأولى لإطلاق الثورة .


 وفقد حدثت عدة معارك ، اهمها بالطبع معركة البو حسان ، وتم قصف مدينة الرميثة بالطائرات ، وكانت المواجهات بين العشائر والإنجليز عبارة عن كر وفر ، وتدخل السيد محمد تقي الشيرازي لتدخل لوقف القتال ، وأرسل وفد إلى بغداد لمقابلة أرنولد ولسون من أجل المفاوضة ، واختار معه رجلين هما هبة الدين الشهرستاني ومحمد الخراساني ، ورجع الوفد بدون أية نتائج .


وفي يوم 11 يوليو تم اجتماع عدد من رؤساء العشائر في المشخاب ، وتقدمت العشائر نحو أبو صخير من أجل المحاصرة ، واشتركت في الحصار عشائر آل فتلة ، الغزالات ، آل شبل وآل إبراهيم يوم 14 يوليو ، وفي يوم 17 تم عقد مؤتمر لعقد هدنة مع الثوار في مناطق النجف ولواء الشامية ، وكانت مطالب الثوار العفو عن جميع العراقيين وأهل الرميثة والدغارة ، وتوقف جميع الحركات العسكرية وإصلاح خطوط السك الحديد وتشكيل المؤتمر العراقي .
 
 ولكن لم تستمر الهدنة إلا أربعة أيام فقط ، وقام الثوار بمهاجمة المنطقة خمسة شخاتير وهي محملة بالمؤن والعتاد من أجل نقلها لغرض إمداد حامية الكوفة ، واضطر رؤساء العشائر للانضمام للثوار تحت ضغط الرأي العام بالعراق ، وقاموا بمحاصرة الحامية الإنجليزية بالكوفة ، وانتشر الثوار في الفرات الأوسط وسقطت بلدة الكفل ، وحدثت معركة بين القوات الإنجليزية بقيادة الكولونيل لوكن والمجاميع المسلحة من الثوار بقيادة الشيخ عبد الواحد سكر ، يوم 24 تموز ، وحدث عدد من المعارك هي معركة الخضر ومعركة البواخر وانتقلت الثورة لكربلاء والنجف وديالي وكردستان وحدثت عدد من الأحداث المتفرقة .
 
 ولكن الثورة فشلت في النهاية بسبب قلة موراد الثوار وتفوق الجيش الإنجليزي وندرة العتاد الحربي للثوار ، وانقطاع صلة الثوار بالعالم الخارجي ، وقرر وزير المستعمرات البريطاني الجديد وهو ونستون تشرشل لضرورة وجود إدارة جديدة في العراق ، وفي كل المستعمرات البريطانية بالشرق الأوسط .
 وتم عقد مؤتمر موسع بالقاهرة في شهر مارس من العام 1921م ، حيث ناقش المسئولون البريطانيون فيه مستقبل العراق ، حيث أراد البريطانيون السيطرة على أرض العراق من خلال وسائل غير مباشرة ،عن طريق تثبيت مسئولين سابقين لهم علاقة ودية بالحكومة البريطانية ، ثم قرروا في نهاية المطاف لتثبيت فيصل بن الحسين ملكًا على العراق .



إعدادات القراءة


لون الخلفية