‎⁨حملة هولاكو على بلاد الشام⁩

إبان شروعه في الزحف على بغداد ، استولى هولاكو على إربل التي كان يقيم فيها جماعة من الأكراد ، وبذلك أصبح المغول يشرفون على حدود الشام ، وبعد أن أحكم سيطرته على الجزيرة الفراتية ، باستيلائه على ميافارقين وماردين ، سار هولاكو في رمضان 657هـ / 1259م ، تجاه شمال غربي الشام ، وتولى كتبغا مقدمة جيشه واجتاز نصيبيين وحران والرها ، حتى بلغ البيرة ، فعبر نهر الفرات واستولى على سروج .

احتلال حلب : في أوائل عام 1260م ، قام هولاكو بحصار مدينة حلب ، بالاشتراك مع هيثوم ملك الأرمن ، وبوهيمند أمير طرابلس الصليبي ، فسقطت حلب في 24 نوفمبر في نفس العام ، أما القلعة فصمدت قليلاً ، وأحدث هولاكو بحلب وقلعتها مجزرة رهيبة ، لم ينج منها سوى المسيحيين الذين لم يتعرض لهم بسوء ، باستثناء جماعة من الأرثوذوكس الذين لم يعترف بكنسيتهم .

إثر سقوط حلب ، سارع الشرف موسى الأيوبي صاحب حمص ، إلى إعلان تبعيته لهولاكو الذي كلفه بتدمير سور قلعة حماه ، وإحراق زردخانتها أيضًا ، وعندها قدم أعيان حماه مفاتيح مدينتهم لهولاكو وطلبوا منه الأمان ، فاستجاب لطلبهم بعد أن غادرها صاحبها الأيوبي ، ثم استولى هولاكو بعد ذلك ، على حصن حارم .

احتلال دمشق : تابع المغول زحفهم باتجاه دمشق ، التي فر منها الملك الناصر يوسف الأيوبي ، عندما ترامى إليه قدوم المغول ، فاضطر وجهاء المدينة إلى تسليمها ، فدخلها كتبغا في عام 1260م ، وبرفقته ملك الأرمن وأمير طرابلس ، بينما صمدت قلعة دمشق لبضعة أسابيع ، ثم استسلمت في ربيع الثاني من السنة نفسها .

وبعد احتلال دمشق ، استولى المغول على بعلبك وخربوها ، ثم تابعوا زحفهم جنوبًا فاستولوا على عجلون ، السلط وبصرى والصبيبة ، وهدموا قلاعها وهاجموا صيدا الصليبية ونهبوها ودمروها ، ثم توجهوا إلى نابلس وأخضعوها ، وظل المغول يتنقلون في بلاد الشام حتى فتحوها إلى غزة ، وقصارى القول أنه خلال مدة وجيزة ، تم الاستيلاء على بغداد وديار بكر ، وديار ربيعة وبلاد الشام الداخلية بأسرها .


وقعة عين جالوت وهزيمة المغول : بعد أن استتب الأمر في بلاد الشام ، توجهت أنظار المغول صوب مصر ، فكثرت رسائلهم إلى الديار المصرية ، من أجل الضغط على السلطان المملوكي قطز ، كي يذعن لإرادتهم إلا أنه لم يستجيب لطلبهم ، لأنه وجد في قتال المغول أمرًا لابد منه ، من أجل دعم سلطته المتقلقلة في القاهرة ، عبر تجميع كل القوى المسلمة تحت راية الجهاد التي يتزعمها ، والعمل على دحر المغول كمقدمة لضم بلاد الشام إلى مصر .

ومن أجل كل ما سبق ، لم يكن من المفاجأة أن يأمر قطز بقتل كل رسل المغول إليه ، وذلك حتى يضع حدًا لأي مسعى سلمي من جانب المغول .

وصادف في هذا الوقت أن توفى منكو خان ، ونشبت الحرب الأهلية في منغوليا ، فاضطر هولاكو للعودة إلى بلاده على رأس جيشه ، تاركًا في بلاد الشام فرقة عسكرية ، تتراوح بين عشرة إلى عشرين ألف مقاتل .

وفي رمضان من عام 1260م ، عبر الجيش المملوكي الحدود ، وعلى رأسه السلطان قطز ، وتولى بيبرس قيادة المقدمة ، واحتل المماليك غزة بعد أن قضوا على حاميتها المغولية ، واجتازوا الأراضي الصليبية قرب أسوار عكا ، وعسكروا في الحدائق خارج مدينة عكا عدة أيام .

وبينما كان المظفر قظز في عكا ، علم باجتياز كتبغا نهر الأردن ، ووصوله إلى الجليل الشرقي ، فبادر على الفور إلى توجيه جيشه إلى الجنوب الغربي ، مجتازًا الناصرة فوصل إلى عين جالوت بين بيسان ونابلس .

وفي تلك الأثناء وصل كتبغا إلى المكان نفسه ، ووقعت المعركة بين الطرفين ، أسفرت عن انتصار المماليك ومقتل كتبغا ، فأسرع ولاة المغول بالهرب ، وهذا بعض السر في استيلاء قطز على الداخل الشامي بأسره ، وكانت عين جالوت أبعد نقطة للتوسع المغولي في بلاد الشام باتجاه مصر ، وفي عام 1262م احتل المغول الموصل ، وصمدت قلعتها مدة ستة أشهر ثم استسلمت للغزاة



إعدادات القراءة


لون الخلفية