‎⁨حروب غيّرت مسار التاريخ⁩

أحداث الماضي هي المحرك الرئيس ، والمُشكّل الأساسي للمستقبل ، فكما قال جورج أورويل أن الماضي يسيطر على المستقبل ، نجد أن تلك المقولة تتجسد صحتها في عدد من الأحداث التاريخية ، المتعلقة بالحروب والتي غيّرت بالفعل مسار التاريخ ، وقد أقر العديد من المؤرخين بأن كل ما وقع من أحداث ، في معارك محددة ، كان سببه كما وصفوه (الغباء) ، إما في إصدار الأوامر أو تنفيذها ، وتلك قصص بعض الحروب التي غيّرت التاريخ .

معركة واترلو والحظ السيئ لنابليون : تعد معركة واترلو من أشهر المعارك ، التي هُزم فيها نابليون بونابرت ، نتيجة سوء حظه في تلك المعركة ، حيث لم يتوقع نابليون يومًا أن يخسر معركته ، لأنه كان شديد الذكاء والحنكة ، ويرسم خططه بشكل محكم ، إلا أن هزيمته النكراء في معركة واترلو ، جعلت من حظه مثالاً في سوء الحظ عمومًا ، فأصبح البريطانيون يطلقون على من يواجه سوء حظ ، أنه قد واجه واترلو .

في هذه المعركة وقع خطأين قويين من قائدي جيوش بونابرت ، وهما المارشال غروتشي والمارشال ني ، حيث كان نابليون قد هزم في عام 1813م في معركة الأمم ، التي وقعت أمام الجيوش الأوروبية ، التي استجمعت جيوشها في مواجهة بونابرت ، خوفًا منه وهزموه وتم نفيه إلى جزيرة ألبا ، إلا أن الأخير لم يقبل بهذا الوضع ، وفي أقل من عام واحد ، كان بونابرت قد هرب من منفاه ، ليصل إلى فرنسا ويتربع على عرشها ، قائدًا لجيش بلغ قوامه أكثر من سبعين ألف مقاتل ، من أجل محاربة أوربا كلها ، إلا أن معركة واترلو ، كانت هي كبوته ، بسبب ما حدث بها من أخطاء .

أخطاء المعركة : خاضت القوات الفرنسية حربًا ، في مقابل الجيش البروسي وذلك بقيادة المارشال بلوتشر ، وذلك قبل المعركة النهائية التي جمعت الجيوش المتناحرة ، وفي هذا الوقت انسحب الجيش البروسي من ساحة المعركة ، فأرسل بونابرت جيشًا بلغ قوامه أربعة وثلاثين ألف جنديًا ، بقيادة المارشال غروتشي ، بصحبة مائة وثمانية مدفعًا ، وذلك من أجل ملاحقة الجيش البروسي المنسحب ، من أجل تأكيد الانتصار عليهم ، وتشتيتهم قبل أن ينضموا إلى الجيش البريطاني ، ويندمجوا في جيش واحد بمعركة واترلو .

لم يكن غروتشي قائدًا محنكًا مثل المارشال بلوتشر ، فقام الأخير بتقسيم جيشه إلى فريقين ، أحدهما عبر نهر الراين ، لسحب المارشال غروتشي وجيشه خلفهم ، والنصف الآخر ذهب للانضمام مع الجيش البريطاني ، وبالفعل وقع غروتشي في تلك الخطة المحكمة ، على الرغم من علمه بها ، إلا أنه تجاهله لتلك التفصيلة ، دفعته لملاحقة الجيش البروسي ، العابر للنهر والابتعاد كثيرًا عن ساحة المعركة ، وتاريخيًا فإذا كان غروتشي قد عاد إلى ساحة المعركة ، لكان قطع الطريق على الجيش البروسي ، من الانضمام للقوات البريطانية ، وانقلبت موازين الحرب آنذاك .

معركة أجينكورت : يعرف الملك هنري الخامس ، بأنه أعظم ملوك انجلترا ، حيث كان شابًا ثلاثينيًا لديه الكثير من الطموح ، وكان الدليل على ذلك أنه عقب وصوله للعرش ، بعد وفاة أبيه عمل على تكوين جيش من ستة آلاف جنديًا ، وذلك من أجل المطالبة بعرش فرنسا ، فأسس لما عرف باسم حرب المائة عام .

وظل الانتصار الذي سجله الملك هنري الخامس ، في تلك الحرب هو الفارق التاريخي في الأحداث ، ومسار أوربا بأكملها وتاريخ بريطانيا نفسه ، حيث اجتمعت ظروف الطبيعة مع غباء العدو ، لتؤيد وتعزز نصر الملك هنري ، بشكل أشبه بالمعجزة .


خاض جيش الملك هنري الخامس ، حربًا لغزو شمال فرنسا ، وأثناء عودة الجيش إلى حصن كالايس ، الذي يبعد عن الشمال الفرنسي بمسيرة يوم واحد ، واجه الجيش البريطاني جيشًا فرنسيًا صغيرًا ، كان يحاول الإيقاع بهم ، وذلك بقيادة شارل دالبرت وجون لومانغز ، وبالمقارنة كان قوام الجيش الفرنسي ، أكبر من قوام الجيش الانجليزي ، وعلى الرغم من ذلك فإن الموازين انقلبت بهزيمة الجيش الفرنسي ، حيث بلغ عدد قتلاهم أكثر من عشرة آلاف جنديًا 



إعدادات القراءة


لون الخلفية