الجزء 7

في أحد المكاتب الفخمة ، يجلس رجل يبدو عليه الهيبة والفخامة والجشع علامات عديدة.. ظهرت على وجه إلا علامة واحدة .. و الأهم "الطيبة" ظل يستمع إلى كلام الشاب الواقف أمامه كأنه تلميذ يلقي الدرس على معلمه ..وعندما انتهى هذا الشاب صاح به قائلًا بغضب : يعني ايه الشحنة وقفت!

نظر الشاب إليه بأسف و قال : انا مليش دعوه انا روحت استلمها قالولى الكلام الى قولته لحضرتك

ضرب بيده على مكتب قائلًا بحده : مسمعش الكلام دا تاني ، الشحنة دي انت عارف فيها اية يا احمد ، لو متسلمتش فى معادها هيبقى ساعتها الحساب عسير

احمد بجدية : وانا مليش دعوه انا كفاية اووي اني بخاطر بشركتي علشان شغلك يا جمال بيه

جمال بحدة : حقك بيوصلك ويمكن بزيادة ، مبتشتغلش ببلاش

احمد بحدة : فلوس ايه الي بتتكلم عليها انا باخد ملاليم مقارنة بالي انت بتاخده

جمال بسخرية : قول كدا انت عامل الفيلم دا كله علشان زياده ثم قال بجدية : هزودك هخلي النسبة بتاعتك 15%

احمد بحدة : انا هحاول اعمل اقصى جهدي بس نسبتي هتبقى الربع

جمال بحدة : ربع مين انت بتستعبط ؟ انت اخرك 15%

احمد بعند: الربع صمت لفترة ثم قال :20% حلو ومش عايز كلام تاني احمد : ماشي يا باشا علشان خاطرك بس

جمال بتهديد : لو الشحنة موصلتش في معادها رقبتك هتبقى هي التمن

أومأ برأسه وغادر المكتب أما هو قال : هانت يا احمد اووي
روايتى الثانية : كسرنى ولكن احببته . بقلمى

كانت تشعر بيد تربت على شعرها ففتحت عينيها و نهضت فجأة شاعرة بالخوف ولكنهاهدأت عندما سمعت صوته قائلًا بهدوء : اهدي ياحبيبتي اهدي

نور بارتياح : اتخضيت اووي يا بابي

محمود (الأب ): معلش يا حبيبتى بس كنت عايزك ضروري قبل ما انزل شغلي

نور : حاضر هغسل وشي واجي لحضرتك

غادر غرفتها بينما هي ذهبت إلى المرحاض توضأت و صلت ثم ذهبت إلى غرفة المكتب فوالدها دائمًا إذا احتاجها في شيء ما ينتظرها هناك دقت الباب فأذن لها بالدخول جلست على الأريكة المجاورة للمكتب و نظرت إلى والدها بإهتمام ليهتف قائلًا : ماجد اتصل بيا وزعلان جدًا

نظرت إليه بتساؤول فأكمل :بيقول انك بقالك اسبوع مش بتروحي شغل

نور بأسف : فعلًا انا اسفة بس انا اتصلت بالشركة وقدمت على اجازه

محمود : انا معرفش التفاصيل بس روحي لماجد النهارده لأنه مضايق جدًا

نور : حاضر

ظل ينظر إليها بتردد لبعض الوقت

فقالت نور عندما لمحت التردد في عينيه : حضرتك عايز تقول حاجة

محمود بجدية : ايوة ، في عريس متقدم ليكي

"غضب ، جرح ، ألم ، كره ، خوف ، قلق" اجتمعوا جميعهم في دموع حارة أغمرت وجهها سحبت منديلًا ومسحت به دموعها بقسوة تحت أنظار أبيها الصامتة ثم قالت بحدة : الموضوع دا اتقفل من زمان

محمود بجدية : لا يانور الموضوع متقفلش ، انتِ بنوتة عندها 25 سنة ، انسانة في عز شبابها عايزه تضيع وقتها علشان صدمة في حياتها

نور بدموع حاولت كثيرًا منعها من الهبوط ولكنها كانت أقوى من إرادتها : كانت اكبر صدمة لو صدمة وخلاص كنت فوقت لكن دى صدمة ليها ماضي و حاضر و مستقبل كمان

محمود بغضب : انتِ عايشة ازاى ؟

نور بسخرية مؤلمة : ومين قالك اني عايشة ، يمكن عايشة بس من غير روح ولا قلب ثم أكملت بلهجة تملؤها القوة : بس عايشة بعقل عقل حلف انه يفكر كويس اووي قبل ما يعمل أي حاجة

محمود : نور فين، حبيبتي الطيبة الي يهمها الحياة والدنيا ، الخروج والفسح والشغل ؟ فين نورالي ضحكتها كانت تهز البيت كله؟ فين؟؟

نور : نور الي بتتكلم عنها دي ماتت ، ماتت لما حبت ، عمرك بقا شوفت حد كدا

بعد أن انتهت من كلامها ، وضعت يديها على وجهها وبكت بشدة نهض وجلس بجانبها ربت على ظهرها بحنان وقال : انا اسف مش هفتح الموضوع دا تاني

بعدت يديها عن وجهها وقالت بحدة : انا هقوم علشان اروح لمستر ماجد

محمود بجدية : خلاص يا حبيبتي متزعليش

ابتسمت بسخرية وذهبت إلى غرفتها بدلت ثيابها و خرجت من المنزل شعرت بعدم قدرتها على القيادة ..فاستقلت إحدى سيارات الأجره ..لكي تذهب إلى شركة التي تعمل بها .. اغمضت اعيونها لتأتي ذكريات عديدة في بالها فاقت على صوت السائق وهو يقول : وصلنا يا هانم

اعطته ما طلب وهبطت من السيارة اتجهت نحو مدخل الشركة و هي تمشي مسرعة كي لا يسألها أحد على سر إجازتها اتجهت نحو مكتب رئيسها عندما لمحتها هند (سكرتيرة) هتفت قائلة : فينك يا نور ؟ دا استاذ ماجد مش طايق نفسه من ساعة ما غبتي

نور بإبتسامة : انتي بتطمنيني يعني

بادلتها هند الإبتسامة قائلة : لا خالص ثم هاتفت رئيسها تخبره بأن نور تريد مقابلته

، اشارت إليها لتتدخل سمت الله ودقت الباب ودلفت داخل الغرفة

وقالت : ازيك يا مستر ماجد

ماجد بغضب : زي الزفت طبعًا عايزاني ابقى ازاي وانا خسرت اكتر من شغل وعملاء

نور بدهشة : ليه خير؟

ماجد : عملاء كتير جم عايزين حضرتك الي تعملي التصميم بتاع شركتهم وانتي الي تشرفي عليه

نور بأسف : اسفة جدًا لحضرتك بإذن الله هعوض كل الشغل الي راح بسببي

ماجد بجدية : اتمنى

نور : بكره بإذن الله هكون على مكتبي

ماجد بجدية ممزوجة بالحنق : ماشي يا بشمهندسة

تستأذن وتغادر الشركة باكملها

روايتى الثانية : كسرنى ولكن احببته . بقلمى
استقلت سيارة اجرة أوصلتها أمام أحد المولات الكبيرة فقالت للسائق : ممكن تستناني هجيب حاجة بسرعة واجي لحضرتك

وافق السائق على طلبها ، فذهبت و إختارت أشياء و ألعاب عديدة ،دفعت ثمنها واستقلت ثانيةً السيارة ، لتذهب إلى أكثر مكان تعشقه دخلت مسرعة إلي مكانها المفضل وعندما رأها الأطفال ذهبوا إليها مسرعين ظلت توزع الألعاب والأشياء التي اشترتها من أجلهم وظلت تلعب معهم فهي تعشق براءة وطيبة الأطفال كانت تلعب مع مجموعة منهم وتمسك يد إحدى الفتايات لكن الطفلة تركتها و اتجهت نحو شخص قادم نحوهم و هى تهتف قائلة : انكل جاسر ، انكل جاسر جيه

نزل إلى مستوى الطفلة وأخذها بين أحضانه قائلًا بابتسامة : انتِ لسا فكراني

طفلة : ايوه انا اصلًا بحبك اووي

جاسر: انا بحبك جدًا

طفلة : فين ابلة ميرنا مش بتيجي ليه وانت كمان مش بقيت تيجي

جاسر بعيون دامعة : معلش يا حبيبتي كنت مشغول شوية ثم أردف بمرح : تيجي نلعب بقا

طفلة : ماشي بس انا بلعب مع نور ، و أشارت إليها رفع أعيونه لتلتقي بأعيونها الزرقاء مثل لون السماء الهادئ ، فأمسك يد طفلة وذهب إليها

قالت نور : ازيك يا دكتور؟

جاسر بابتسامة : الحمدلله

الطفلة : تعالوا نلعب كلنا انا وانت ونور

جاسر نزل إلى مستواها وقال مجددًا : لما يكون حد أكبر منك مفروض
تقوليله يا ابلة او يا انط

ردت نور بدلًا منها قائلة : هى شطورة وقالتلي بس انا الي مش بحب الالقاب

عم الصمت على المكان فقالت جنى بملل : عايزة ألعب

نور بابتسامة : بس كدا يلا نلعب ، بس نلعب اية

وضعت يديها على رأسها كأنها تفكر وقالت بطفولية : انا اجرى وانتى وانكل جاسر تجروا ورايا

نور وجاسر : ماشي

يلا ركضت جنى بطفولية وبسرعة وظلا يجريا خلفها ولكن كان جاسر اسرع منها ولحق بها

فقالت جنى : جاسر الي كسب يبقى احنا نجري وراكي

نور بجدية : لا مينفعش

جنى بزعل طفولي : كدا مش هكلمك انا مخصماكِ

جاسر بجدية : خلاص يا جوجو سيبيها براحتها

جنى بزعل : لا ما أبلة ميرنا كانت بتجري عادي

نظرت إليه باستغراب وفضول ، من هي ميرنا التى ذكر اسمها مرتين حتى الأن؟ فيبدو أنها قريبة جدًا لجاسر هتفت قائلة : خلاص يا حبيبتى يلا نلعب

كانت تركض بسرعة ، و تعمد جاسر أن يركض ببطء حتى لا يلحق بها ولكن كانت خطواته كبيرة فأمسك يديها توقفت عن ركضها والتفتت إليه فترك يديها بسرعة ظلا ينظران لبعضهما البعض بضع دقائق قطعت هذه النظارات

جنى : جاسر برضوا الي كسب

جاسر بابتسامة : دي حاجة كانت معروفة

نور بتلقائية : مغرور اووي نظر لها بتعجب فأدركت ما قالته

لتكمل بأسف : اسفة جدًاا

جاسر بهدوء: ولا يهمك

جنى بملل : انا هروح العب مع صحابي وهاجي تاني

جاسر : طب استني ثواني ذهب إلى سيارته وعاد بعد وقت وجيز بحقيبة ناولها لجنى فقالت بفضول : ايه الي فيها؟

جاسر بجدية : افتحيها وشوفيها

فتحت الحقيبة لتجد بها كراسة رسم كبيرة و مجموعة كبيرة من الألوان هتفت جنى بفرح : شكرًا اووي يا انكل

جاسربابتسامة : مبسوطة؟

جنى بفرحة : اه

جاسر بجدية : طب يلا روحي العبي

ذهبت جنى منصاعة لأمره للعب مع أصدقائها نظر إلى نور التي يبدو عليها شرود حرك يديه أمامها كثيرًا ولكن لم تفيق فظل يهتف بصوت عالٍ حتى فزعت من صوته فقالت بحدة : في اية؟

جاسر بجدية : بنادي عليكي من بدري وانتي سرحانه

نور : اه معلش ، ثم اكملت بتساؤول : انت بتيجي هنا كتير؟

جاسر : مش كتير بس كنت باجى

نور بسعادة: انا بحب الأطفال اوووي نفسي يكون عندي طفل ابقى مسئولة عنه

جاسر :طب دي سهلة ممكن تتجوزي ويبقى عندك طفل جميل

نظرت إليه بسخرية وقالت : ان شاء الله

لمح هذه النظرة في عينيها فحاول أن يغير الموضوع : انتي بتشتغلي ايه ؟

نور :لحد دلوقتي متعرفش

جاسر بجدية : انا معرفش عنك غير ان اسمك نور ، عنيده جدًا ،وبتعشق التشاؤوم ، ومش عايزة تحكي ايه الي مخلي في عيونها نظرة حزن وخوف وتردد

نور بغموض : مش لازم تعرف احيانًا بيبقى احسن لو فضل سر في حياتنا

جاسر بجدية : انا شخصيًا بعشق الغموض ، بس لازم فوقت احكي ، لو هيضيع حياتي

نور بحدة: على فكره احنا مش في جلسة علاج

جاسر بابتسامة: طب ما تيجي نقعد علشان انا مش بحب الوقفة

جلسا سويًا على إحدى الكراسي الموجودة قال بجدية : على فكره انا مش بتعامل مع أي حد اعرفه اني دكتور انا بتكلم اننا صحاب او معارف

نور بجدية : لو كنت اعرف حضرتك مكنتش اتكلمت معاك

جاسر : ليه انتي بتكرهي الصحاب؟

نور : لا انا اصلًا مليش غير صحاب قليلين ومحدش يعرف اني بتعالج عندك

جاسر :خايفة منهم

نور بجدية : مش بخاف من حد ، بس مش بحب نظرة الشفقة الي بشوفها

جاسر : تعرفي انك اول حد يقولي عايز اتعالج بس من غير ماحكي انا كل الي بيجي ليا بيكون عايز يحكي علشان يرتاح

نور : ممكن تقولي عليا حالة استثنائية أو غريبة ، بس صدقني انا لو حكيت ، كل الى بنيته هيتهد وساعتها ممكن اتعب

جاسر : يعني انتي مش تعبانة؟

نور: تعبانة ،بس واقفة عارفة اشتغل واعيش ، محدش يعرف الي بيحصل ليا

جاسر : اية بقا الي انتي بنيتيه؟

نور: مش لازم تعرف

جاسر : يا ستي عرفيني حاجة من أسرارك العظيمة

نور بتفكير : هكسب فيك ثواب واقولك

جاسر : يا سلام على كرم اخلاقك

نور : بنيت حدود وسدود على قلب مات ، بنيت وش جديد باين عليه قوه وصمود بدل وش تعبان ، بنيت عقل جديد بدل الي كان بيفكر من غير حساب

جاسر : واو دا شعر

نور : انت بتتريق

جاسر بجدية : لا خالص بس ما انتي ممكن بكلمة من حد كل دا يقع زى ما اخر مره كنتي موجوده استفزتك بكلمتين كنتي عايزة تضربيني

نور: انا اسفة فعلًا على الي حصل بس انت قولت كلام خلاني مش قاردة اتحكم في نفسي

جاسر : خلاص الموضوع خلص

نور : مش غريبة تكون دكتور وتتكلم عادي زي ما نكون في العيادة

جاسر باستغراب : طب فيها اية؟

نور : يعني المفروض تستنى لما اروح للعياده علشان تاخد الفلوس

جاسر بحدة : انا مش محتاج الفلوس بتاعتك انا المهم عندي ان المريض بتاعي يرتاح مش مهم أي حاجة تانية

نور بأسف: انا مش قصدي والله بس مستغربه من شخصيتك اووي

جاسر : انا طبيعي على فكرة

نور : مش عارفة انت هادي ولا طيب ولاعصبي و لا شرير ولا اية بالظبط

جاسر : عايزه تعرفي حاجة عني؟

نور : لا بس مستغربة شوية

جاسر : اوك نظر إلى الساعة الانيقة التى تزين معصمه ثم قال : الساعة 3 ما تيجي نروح نتغدى

نور بجدية : لا شكرًا

جاسر : ليه بس انا جعان جدًا ومش بعرف اكل لوحدي

نور : كل في بيتك

جاسر : مش هلاقي حد فى البيت ، يلا بقا

نور : مش جعانة

جاسرلا مباليًا بكلامها : انا هدخل للإدارة جوه ودقايق و اجيلك عشان نتغدى

رحل من أمامها دون أن يستمع إلى ردها جاء إليها بعد دقائق معدودة وقال : يلا

خرجا سويًا فقالت نور : انا هركب تاكسي وحضرتك روح بعربيتك

جاسر بجدية : لا هنركب عربيتي

نور بعند: لا انا وافقت على الغداء علشان حضرتك لكن انا هركب تاكس

جاسر بجدية: اعتبري نفسك في تاكس

وفتح لها باب السيارة الخلفي قائلًا بجدية :اركبي

انصاعت لكلامه ، هو جلس على مقعد القيادة و انطلق بها إلى أحد الفنادق الفخمة دخلا إليه وجلسا على إحدى الطاولات الموجودة ظلا يتحدثان لوقت قليل لكن توقف حديثهم عندما سمعت صوته وهو يقول : اهلًا يا انسة نور اتسعت أعيونها من الصدمة التي ظهرت بوضوح على معالم وجهها

يتبع


إعدادات القراءة


لون الخلفية