هل جربت يومًا أن يجبرك أحدهم على الرقود ، فوق فراش شخص متوفى ؟ قد لا تتخيل الفكرة ولكن هذه هي الحقيقة ، فعواطف المسكينة أُجبرت عمدًا ، على النوم فوق فراش جدتها المتوفاة ، عقب وفاتها بيوم واحد فقط ، لتواجه أهوالاً لا حصر لها .
تروي عواطف قصتها وتقول ، أنا عواطف أبلغ من العمر ثلاث وعشرين عامًا ، وأعيش في قرية وليس بالمدينة ، والداي ليس لديهما سواي ، ولهذا أطلق علي والدي اسم عواطف ، نسبة لجدتي والدته ، التي يحبها حبًا جمًا .
ولكنني كنت منزعجة بسبب اسمي هذا طيلة حياتي ، أشعر أنه قديم جدًا وليس لي أو لزماني هذا ، وما زاد الأمر سوء ، عندما توفيت جدتي عقب صراع مع المرض ، فأصر والدي على إحضار أثاث غرفتها كله ، ووضعه في غرفتي وقال لي متوسلاً ، أريدك أن تنامي على فراشها ، فأنت تذكريني بها بشدة ، وأحبك جدًا يا عواطف وليس لي الآن سواك ، تأثرت بكلماته بشدة ، فأنا أحب والدي جدًا ، ووافقت أن أنام على فراش جدتي .
ذهبت إلى غرفتي كي أخلد للنوم قليلاً ، عقب إجراءات الدفن وواجب التعزية ، من كل جيراننا بالقرية ، فشعرت بالإنهاك الشديد ، ولكن بمجرد أن وضعت جانبي على الفراش ، إذا بالباب يُغلق بهدوء ، توجست خيفة وقمت برأسي أتساءل : أبي .
أهذا أنت ؟ ولكني لم أتلق إجابة ، ولكنني اقشعر بدني وانتصب شعر جسدي كله ، فخلفي مباشرة ، شعرت بمن ينام ، واستشعرت أنفاسًا دافئة ، ولكنني لم أستطع الالتفات هل هي جدتي ؟ كانت الفكرة في حد ذاتها مخيفة جدًا ، بالنسبة لي حاولت النهوض لم أستطع ، وهنا انفتح باب غرفتي ، ورأيت شخصًا يأتي إلى الغرفة ، وهو مغطى بما يسمى (الكفن) ، سار ببطء ثم وقف أمامي مباشرة ، وقال لي: انهضي .
لا تنامي على هذا الفراش مجددًا ، حاولت النهوض بالفعل أو الصراخ ، ولكنني كنت مكبّلة اليدين والقدمين ، ومكتوم صوتي ثم خرج الرجل من الغرفة ، وشعرت أن الفراش قد ممن فيه ، فصرخت وخرجت هاربة من الغرفة ، وأيقظت والداي إلا أنهما قالا لي ، هذه مجرد أوهام وخرافات ، وأنت كاذبة .
كيف أثبت صحة ما رأيت ، لا أدري ولكنني لن أنام في تلك الغرفة مجددًا ، في اليوم التالي نام والداي ، ولكنني بقيت في الردهة أتناول بعض القهوة حتى لا اضطر أن أغفو في غرفتي ، وكنت قد تركت باب الغرفة مفتوحًا ، وفجأة رأيت دخانًا يخرج من خلف الباب ، فنهضت وأنا أسير ببطء ، نحو غرفتي الملعونة تلك ، لأشاهد ما بالداخل فهل يحترق شيئًا؟ فتحت الباب ببطء ، لأجد سيدة تنام فوق الفراش ، وإلى جوارها سيدتان تهيلان عليها المياه من أباريق معدنية ، بمجرد أن شهقت توقفتا وكأنهما صورة فوتوغرافية ، أو مشهد سينمائي تم توقيفه بالريموت كنترول ، خرجت أصرخ صوب والداي ، حتى استيقظا ورويت لهما ما حدث ، فأصرا أنني أتوهم الأمر كله ، فطلبت من والدي أن ينام هو بالغرفة ، فوافق وقال لي أنني كاذبة وسوف يثبت ذلك.
كانت تلك هي الليلة الأولى التي أنام فيها وبحق ، منذ وفاة جدتي ولكنني عندما استيقظت ، كان والداي يتحدثان بصوت هامس ، وسمعت والدي يقول بخوف واضح ، نعم لقد رأيت أمي وهي تنام على الفراش ، وشعرت بأنفاسها ، وهذا الرجل المُكفّن كان يتحرك بالغرفة طيلة الليل ، جيئة وذهابًا ، عواطف لا تتوهم والأمر كله حقيقي ، فقالت له أمي أخفض صوتك ودعنا نخبرها أنها واهمة ، حتى ننظر في الأمر .
هنا تحدثت إليهما أنني قد سمعت كل شيء وغير واهمة ، ولابد لنا من التخلص من تلك الغرفة فورًا ، فقرر أبي منحها لشخص غير قادر ، ولكنني قلت له غير القادر لا يستحق هذا البلاء أن يهبط فوق رأسه ، فقرر والدي أن يضع الأثاث فوق سطح المنزل ، فهو أثاث والدته التي يحبها ، ولا يريد أن يتخلص منه بتلك السهولة .
وخلال الأيام التالية ، ومنذ أن وضع والدي الأثاث فوق السطح ، ونحن لا نسمع سوى همهمات ، وركض وصراخ وعويل كل ليلة ، آتيًا من الأعلى ، حتى قررت أمي أثناء تواجد والدي بالعمل ، أن نحمل الأثاث على عربة ، ونلقيه بالصحراء ، وفعلنا ولكننا بمجرد أن استدرنا وجدنا من يضع الغرفة على عربته ، حسنًا هو من اختار مصيره ، ولكننا بالتأكيد تخلصنا من غرفة جدتي ولعنتها إلى الأبد .