قصة الشبح والمحامي المهيب

قد يمر الإنسان بتجارب غريبة ، يظن في البداية أنه ليس وحيدًا يرى ما يراه ، إلا أنه وبعد مرور الوقت ، يكتشف أنه قد اختص بشيء فريد ، وعالم الماورائيات كبير جدًا ، خاصة فيما يتعلق بظهور الجن والأشباح والأرواح ، وما إلى ذلك من أمور يضعها الكثيرون في موضع الغيبيات.

ولعل المحامي الشهير بطل قصتنا ، قد خاض واحدة من تلك التجارب الفريدة .

رجل ضخم الجثة ، وله شارب كث فوق شفتيه ، وتوحي هيئته بالهيبة ، هكذا هو المحامي بطل قصتنا ، والذي روى عنه طبيبه الخاص ما سنذكره الآن ، هذا المحامي كان شهيرًا بأنه مخضرم للغاية في مجاله ، وكثيرًا ما حصل على براءات لكل من استعانوا به ، حتى قيل أنه لم يخسر قضية واحدة في حياته ، ولكن هل كل من أنصفهم كانت لهم البراءة حقًا ؟ مضت الأعوام وهذا المحامي يزداد شهرة ، وكانت آخر قضاياه هي تخليص أحد المتهمين بجريمة قتل ، من حبل المشنقة والإعدام الذي لا جدال فيه ، ولكن المحامي لم يهنأ من بعدها ، فقد بدأت حالته الصحية في التدهور ، خاصة وأنه قد بدأ في القيام بتصرفات غريبة ، ويسأل من حوله عن أشياء ، لا يمكن لأحد رؤيتها بخلافه ، حتى تراجعت صحته كثيرًا ، ونام في منزله طريح الفراش .

لم يكن أمام أفراد أسرته ، سوى اليقين أولاً بأنه قد أصابته عين حاسد ، فبدؤوا بتلاوة القرآن على رأسه ، ليلاً ونهارًا ، ولكن كانت حالته تزداد سوء ، وطلب هو من ذويه ألا يفعلوا ذلك ثانية ، لم تتوقف حالة المحامي عن التدهور ، فاضطرت زوجته لاستدعاء طبيب مختص بالأمراض النفسية ، لعله يصل مع زوجها إلى علاج يشفيه .


دخل الطبيب إلى غرفة الرجل ، الذي كانت حالته ، كما هي واضحة متأخرة للغاية ، إلا أن نبضاته ودقات فلبه وضغط دمه ، كانوا في حالة طبيعية للغاية ، رغم ما يبدو على وجه الرجل من ألم وعذاب! ظن الطبيب أن الرجل ربما كان قد أوشك على الوفاة ، ويرغب في إخبار أحدهم بما يجول في خاطره ، أو يتحدث بشأن أمر قد أهمه ، فطلب من الأسرة ، أن يخرجوا جميعًا ، ويتركوهما وحدهما ، ريثما يتحدثان سويًا .

ومع إلحاح الطبيب ، أخبره المحامي أنه سوف يروي له ما حدث ، طالبًا منه محاولة تصديقه ، فأومأ له الطبيب أن نعم سوف أصدقك ، هنا بدأ المحامي في الحديث ، وقال للطبيب أنه كان منذ القضية الأخيرة ، التي حصل فيها لمتهمه على البراءة ، بدأ من بعدها في رؤية قطة سوداء اللون ، تلاحقه أينما ذهب ، وكان في البداية يظن أن من حوله يرونها ، حتى كان داخل قاعة المحكمة ، وحاول أن يركل القطة بقدميه ، واكتشف في هذا اليوم ، أن لا أحد يراها سواه ! اندهش في البداية ، ولكنه سارع بالحصول على إجازة من العمل ، فقد أوعز ما حدث للإرهاق الشديد بالعمل ، ولكن الأمر لم يتوقف ، فبعد أن حصل على الإجازة ، رحلت القطة ، وظن هو أن الأمر كان إرهاقًا بالفعل ، ولكن فجأة ظهر له كائنًا بشريًا ، على هيئة حاجب محكمة ويحمل بيده سيفًا ، كان كلما رآه لوّح له به ، وظل يلاحقه أينما ذهب ، مثلما فعلت القطة ، حتى اعتاد الرجل على وجوده ، فاختفى .

وظن المحامي للمرة الثانية ، أنها كانت مجرد حالة اضطرابية واختفت ، إلا أن الأيام مرت سريعًا ، وأثناء مروره في أحد الشوارع ، شعر بأن هناك من يراقبه عن كثب ، فتلفت حوله ولكنه لم ير شيئًا ، عاد إلى منزله مسرعًا ، فوجد ما ينتظره ، هيكلاً عظميًا كلما تحرك أصدرت عظامه ، صريرًا واضحًا وبالطبع هو وحده من يراه .

تحولت حياة الرجل إلى جحيم ، حيث بات يرى الهيكل في كل مكان ، ولا ينفك أن يجلس معه على طاولة الطعام ، ويصاحبه إلى غرفة النوم ، وفي كل مكان ، حتى سقط الرجل مريضًا وطريح الفراش ، فسأله الطبيب هل ترى هذا الهيكل الآن ؟ أجابه المحامي أن نعم ، فسأله الطبيب أين هو ؟ فأجابه المحامي عند طرف الفراش ، وأشار بيده إلى موضع ما ، فذهب الطبيب ووقف ، وسأله هل مازال موجودًا ، فأجابه المحامي أن وقوفه يجعل رؤية الهيكل عسيرة بعض الشيء ، فسأله الطبيب بقلق واضح ، وتغيرات في ملامح وجهه ، كيف ذلك ؟ أجابه الرجل أنه يحجب عنه رؤية الهيكل ، ولكنه يرى رأسه ، هنا شعر الطبيب بتوتر بالغ جدًا ، وانصرف دون أن يستطيع معالجة الرجل ، حيث كان يشعر بالفعل ، أن هناك برودة في المكان ، وشعر بملامسة شيء ما له .

مرت الأيام ظل الطبيب فيها يطمئن ، على المحامي تليفونيًا ، وحاول أن يفكر في طريقة لتخليصه من هذا الشبح ، إلا أن الهيكل ظل ملازمًا له ، حتى أعلن أهل بيت المحامي وفاته في ظروف غامضة ، فهل كان ما ظهر للمحامي ، هو القتيل الذي دافع هو عن قاتله ؟ 



إعدادات القراءة


لون الخلفية