شبح آن بولين

وقعت حادثة غريبة في عهد الملك هنري الثامن ، حيث كان هناك اثنين من الحراس الذين يقفون ليلًا ، وأثناء نوبتهم الليلية فوجئا بامرأة تسير باتجاههم ، ورغم تحذيراتهم المتكررة إلا أنها كانت تقترب غير مكترثة ، حتى أصبحت على بعد خطوات قليلة منهم ، فأصابت الهستريا واحدًا منهم حتى أنه قتل زميله عندما مر شبح المرأة من خلاله .

ومن وقتها حدث اتفاق غير معلن بين جميع حراس القصر بعدم التعرض لأي امرأة تأتي إلى القصر ليلًا ، وترجع تلك الحادثة إلى قصة وقعت في قصر الملك هنري نفسه ، فقد كان الملك هنري عاشقًا للنساء ولأن زوجته لم تنجب له وريثًا للعرش كان دائم اللهو متعدد العلاقات ، وكانت تربطه علاقة غير شرعية بواحدة من النساء ، كانت لها أخت غاية في الذكاء والجمال تدعى آن بولين .

حينما رآها الملك في إحدى الحفلات ، وقعت منه موقع الإعجاب ولما رأت في عينيه ذلك كانت تتمنع عليه مرة وتتودد له مرة أخرى ، فأحبها لدرجة كبيرة حتى أنه طلق زوجته الملكة متحديًا بذلك أعلى سلطة تشريعية كانت موجودة وقتها ، وهي الكنيسة الإنجليزية التي كانت قوانينها تمنع الطلاق ولكن بموقفه هذا حدث الطلاق الأشهر وقتها ، وتم فصل الكنيسة الكاثوليكية عن الكنيسة الإنجليزية .

وهكذا تزوج الملك هنري الثامن من حبيبته آن بولين ، وكأي زوجين كان زواجهما جميلًا جدًا في البداية ، لكن عندما أنجبت بولين ولدًا ميتًا بدأت تتفاقم المشاكل بينهما ، حيث بدأ قلق هنري على العرش يزداد ، وتزامن ذلك مع معرفته بمراقبة زوجته له ، حيث كانت آن تطلق خلفه الجواسيس لأنها كانت تشك بخيانته لها ، ولما عرف هنري أنها تراقبه اشتاط غضبه وجن جنونه .


وفي مرة من المرات سمعها تقول لإحدى وصيفاتها : من الرائع أن تتزوجي ملكًا ، لكن أن تعيشي بين أحضانه فهذا أمر بشع ، فالملك لا يعرف طريق المياه ، وزادت المشاكل بينهما أكثر مع زيادة قصص عشيقاته ، التي كانت تسمع بها آن دائمًا لذا قررت أن تعاقبه بالمثل وتخونه مثلما يخونها ، وفي ذات يوم أخبرته واحدة من خدم القصر أن زوجته الملكة تستضيف عشيقًا لها بغرفتها .

فذهب الملك على الفور وسمع صوتهما معًا وهم في حالة انتشاء وسرور ، فصدر عليها الحكم بالإعدام هي وكل الرجال الذين خانته معهم ، وفي اليوم المقرر لتنفيذ الحكم خرجت عليهم الملكة آن بولين مبتسمة وهي بكامل زينتها ، والغريب في الأمر أنهم ظلوا ساعة لا يستطيعون فصل رأسها عن جسدها ، حتى تم الأمر وتدحرج الرأس الجميل وهو يحمل أثر ابتسامة مخيفة أرعبت الحراس وكل من واكب مشهد الإعدام .

حتى الملك هنري نفسه بعدها كان صوته يُسمع كل ليلة ، وهو يستيقظ من نومه مذعورًا لأن شبح آن بولين مقطوع الرأس كان يطارده دائمًا في أحلامه ، كما أن حراس القصر أيضًا رأوا في أكثر من مرة ، شبحًا لامرأة ترتدي ملابس بيضاء شفافة تجوب القصر ليلًا ، وهناك حادثة شهيرة وقعت عام 1864م حيث كان ضابط الحراسة المكلف بحراسة برج لندن الشهير نائمًا ، حينما دخل عليه رؤسائه وكان هذا بمثابة جرمًا كبيرًا .

لأن هناك كان مقرًا لدفن كثير من أميرات العائلة المالكة ، وعندما قاموا بالتحقيق معه أقسم لهم أنه لم ينم ، وإنما خر مغشيًا عليه عندما رأى شبحًا لامرأة مقطوعة الرأس ترتدي فستانًا أبيضًا شفافًا ، وكانت تشبه الملكة آن بولين ! وقد سجلت كتب التاريخ وصف الضابط الذي قال أنه رآها أكثر من مرة ، لكنه كان يخشى أن يتفوه بشيء خشية اتهامه بالجنون .

فأدانته هيئة المحكمة إلا قاضي واحد فقط اقترح اقتراحًا عجيبًا ، وهو أن يذهبوا بأنفسهم إلى هناك ويأتون بأحد الأشخاص الذي لا يعلم شيئًا عن الموضوع ، ويجعلونه شاهدًا وبالفعل في تلك الليلة التي ذهبوا فيها شاهدوا جميعهم شبح آن بولين ، وحينها حدثت ضجة كبيرة حتى أن صحيفة التايمز نشرت ما حدث وتم تبرئة الضابط ، وقد ألهمت تلك القصة العديد من الكتاب وصانعي الأفلام ، فهناك فيلم شهير يحكي قصتها وهو “The Other Boleyn Girl”.



إعدادات القراءة


لون الخلفية