غالبًا ما تختلط الحقيقة بالخيال في العديد من القصص التي نراها على أرض الواقع ، فكل ما كان لا يصدق قديمًا أضحى قريبًا منا للغاية نستطيع أن نلمسه ونشعر به ، وتلك القصة التي وقعت في بيرو خير مثال على ذلك .
فالبيت الأصفر ممنوع على كل من رغب ، مغلق على كل من دخل ، بؤس على كل من صعد ، فالطابق الثاني يمتلئ بالروايات التي يقصها الناس ليلًا ونهارًا ، وظل طوال الوقت لغزًا يراود سكان بيرو المتطلعين لرؤيته .
فهناك يقع منزل أصفر اللون غريب الطراز ، قد يبدو للمار في أول وهلة بيت مشرق يعج بالحياة ، ولكن الحقيقة عكس ذلك ، حيث تدور عنه أسطورة غريبة لرجل عجوز كان يعيش به مع زوجته وأطفاله وبعض خدمه من الطهاة والعاملين ، كان الرجل وأسرته يسكنون بالطابق الثاني بينما يسكن الخدم في الطابق الأول .
كان الرجل فظًا غليظ القلب يسيء معاملة الخدم ، لدرجه جعلتهم يمقتونه ويكرهون وجوده ، وذات يوم اجتمع الخدم سويًا وقرروا الانتقام منه ، فوضعوا خطة لإحراجه علنًا أمام الناس ، وفي يوم كان فيه العجوز قد أقام حفل للعشاء للعديد من الضيوف والأصدقاء ، قام الخدم بوضع بعض حبوب الهلوسة والمواد المخدرة بالطعام ، وقدموها لهم في الطابق الثاني ونزلوا إلى الطابق الأسفل ينتظرون نتاج ما صنعوا .
بعد حوالي 15 دقيقة سمع الخدم أصوات غاضبة ، ولوحات تتحطم ، وصراخ عنيف وفجأة توقف كل شيء ، فبدأ الخدم يشعرون بالقلق وقرروا الصعود لأعلى لمعرفة ما يجري ، وحينما فتح أحدهم غرفة الطعام كان المنظر مريعًا دماء منتشرة في كل ركن ورؤوس مقطعة وأعين مفقوءة وجثث مترامية ، لقد كان الضيوف يرتدون طوال الوقت أقنعة تخفي حقدهم وكراهيتهم لبعضهم البعض وحينما تناولوا تلك الحبوب ، ظهرت حقيقتهم وفي غيبة من الوعي قتلوا بعضهم البعض .
لم يمر ذلك المنظر الموحش على الخدم مرور الكرام ، فقد فقدوا عقولهم من هول ما رأوا ، وخوفًا من العقاب على المجزرة التي تسببوا بها ، قرروا شنق أنفسهم في سقف غرفة الطعام ، ومنذ ذلك الحين والمنزل الأصفر ببيرو خالي لا يسكنه أحد خوفًا من أن يلقى نفس المصير ، فالكل يعرف أنه منزل مسكون بالأشباح .
انخفض سعر المنزل كثيرًا لرفض الكثيرين شراؤه ، إلى أن اشتراه أحد المشتغلين بتجارة العقار ، وبعد فترة بسيطة انتقلت إليه عائلة يابانية لم تكن تعلم بأمر المجزرة التي وقعت بين جنباته ، وفي نفس الليلة التي انتقلوا فيها للسكن بالمنزل ، ذبح الزوج كل أفراد عائلته وبعدها قتل نفسه ، وهنا تأكدت الشائعات حول المنزل ، وأغلق بعدها لفترة طويلة حتى طلب ورثته من الكاهن المحلي طرد الحضور لطرد الأرواح الشريرة هناك .
فقد أراد أصحاب المنزل تطرد الأشباح منه حتى يتمكنوا من بيعه والاستفادة بثمنه ، وبالفعل حضر الكاهن وحينما دخل الطابق الأول كانت الأمور طبيعية لكن بمجرد دخوله الطابق الثاني ظل يصرخ حتى سقط ميتًا .
ولا أحد يعرف حتى الأن ماذا حدث أو أي شيء رأى ، ومن بين الحالات الشهيرة التي دخلت ذلك البيت المذيع التليفزيوني الشهير همبرتوا فيرا فيلشيز الذي راهن على الهواء مباشرة بقدرته على قضاء سبع ليال كاملة داخل ذلك المنزل .
وبالفعل ذهب همبرتوا لينفذ رهانه ، وتمكن من قضاء ليلة واحدة ، وفي الصباح عثر عليه مستلقي على أحد أرصفة المدينة وقد فقد عقله ولم يعد كما كان في سابق عهده ، ويقال أنه من وقت لأخر يسمع السكان المجاورين صرخات مدوية قادمة من لا كاسا ماتوسيتا أي البيت الأصفر ، وقد رأى بعض الناس أشباح لأشخاص تنظر من نافذة الطابق الثاني .
واليوم يتم تأجير الطابق الأول من المنزل الأصفر لأصحاب المحال التجارية ، بينما ظل الطابق الثاني غير مأهول ومغلق بشكل أمن ، فوفقا للأسطورة من يفكر في الذهاب للبقاء في ذلك المنزل ، سيجن جنونه في الليل ويقتل كل من معه ، لتستمر ذكرى المذبحة قائمة بوجود الوافدين الجدد .