يجب عليك أن تتأهب دائمًا لضيوف العالم الآخر المقيمون معك بنفس الغرفة ، ولعلهم إلى جوارك الآن وأنت تقرأ تلك السطور ، فوجودهم أمر حتمي ومسلم به ، وتقوم العديد من الأساطير الحضرية ، حول فكرة الموتى الذين تعلق أرواحهم ، بين الحياة والممات ولا يستطيعون العودة ، إلى العالم الآخر حيث السكينة ، ليبدؤوا بالانتقام من الأحياء ، خاصة إذا ما كانت أرواحهم قد أزهقت ، جراء ظلم قد وقع عليهم ، مثلما روت بعض الأساطير .
الحاكم فان نود : لا ينتمي الأشباح والأرواح الجائلة المرعبة ، إلى أوروبا فقط وإنما شهدت جنوب أفريقيا على سبيل المثال ، البعض منهم ممن سكن القلاع ، وفي مدينة كيب تاون تقف قلعة الرجاء الصالح ، أشهر المباني الاستعمارية القديمة ، والتي شهدت الكثير من قصص الظلم والتعذيب ، مما جعلها المكان الأكثر مثالية لإقامة الأشباح بها .
من أكثر الروايات بين السكان المحليون تداولاً ، هي قصة الحاكم بيتر جيسبرت فان نود ، الذي لقي مصيره المشؤم داخل جدران ، تلك القلعة التي ارتكب فيها من الأهوال ما لا يمكن تخيله ، حيث كان يأمر بتعذيب الجنود يوميًا ، بصب المياه المغلية على ظهورهم ، أو ضربهم بالسياط عقب أن يتم تعليقهم بالأسقف .
ولم يخل الأمر من اقتلاع العيون والأظافر بوحشية ، إلى أن استيقظ ذات يوم وحكم عليهم جميعًا بالموت شنقًا ، ولم يظهر الحاكم وجهه طوال فترات التعذيب ، حتى لعنه آخر جندي سيق في طريق الموت ، وعقب أن تم له ما أراد ، ذهب إليه أحد ضباطه لإبلاغه بتنفيذ أوامره بإعدام الجنود ، ولكنه وجده ميتًا على كرسيه وترتسم على وجهه ، أعتى آيات الرعب وكأنه قد رأى أهوالاً .
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد ، بل علقت روح الحاكم حتى يومنا هذا ، ويقال بأن شبحه ظل حبيسًا يتجول بين أروقة القلعة ، ولا يهدأ بالاً ويبكي كلما ظهر ، بالإضافة إلى سماع صرخات قادمة من القلعة ، في نفس الوقت الذي مات به .
قصة قطار الجسد الميت : بالانتقال إلى لندن ، نستمع إلى أسطورة قطار متكدس بجثث الموتى ، ويقطع رحلته يوميًا من محطة مترو ويتشابيل ومشفى لندن الملكي ، وأطلق على القطار هذا الاسم ، نظرًا لبداية عمله في مطلع القرن العشرين ، حيث انتشر الفقر والأمراض والكثير من الموتى ، بالإضافة إلى شهرة محطة ويتشابيل ، بسبب جرائم جاك السفاح الشهيرة ، حيث يعتقد السكان المحليون وجود نفقًا متكدسًا بجثث الضحايا ، أسفل قاعة حجز التذاكر ! والنفق حاليًا مغلق الآن ، حيث كان يسير نحو محطة مشفى لندن الملكي ، التي شهدت الكثير من الوفيات ، مما دفع البعض للاعتقاد بصحة تلك الأساطير ، التي تتوارثها الأجيال .
قصة الشبح الأحمر : في عام 1883م في أواخر القرن التاسع عشر ، انتشرت حالات الوفيات والموت خلال حروب الأباتشي ، وفي أحد الأيام انطلق زوجان للعمل بإحدى المزارع في أريزونا ، وتركا زوجتيهما في مزرعة للمواشي ، وفي منتصف اليوم سارت إحدى السيدات للحصول على بعض الماء ، بينما بقيت السيدة الأخرى برفقة الأطفال ، ولكن عقب مرور بضعة دقائق .
سمعت المرأة صرخة عالية بشدة ، انطلقت لتكسر حاجز الصمت بالخارج ، فنظرت من النافذة لتجد مخلوقًا أحمر اللون أشبه بالوحوش ، وله فراء أحمر ضخم ويحمل شيئًا ما على ظهره ، عاد الرجلين من الخارج وعندما سمعا ما حدث ، خرجا للبحث عن السيدة المختفية ، إلى أن وجدا جثتها المسحوقة إلى جوار منبع المياه ، وإلى جوارها جديلة حمراء اللون ، وعلى ظهرها وجسدها مخالب وحش مفترس ، ومن هنا انطلقت تلك الأسطورة .