هل تخيلت نفسك على متن سفينة عائمة بلا طاقم ، تسير في البحر دون وجهة محددة ، تمشي ولكنك لا تتحكم فيها ولا تعرف من هو المتحكم الحقيقي فيها ؟ لا أعتقد أنها ستكون مغامرة ممتعة ، هذا إن استطعت إكمالها للنهاية .
ففي عام 1775م تم العثور على سفينة تسير هائمة في المحيطات والبحار بلا طاقم يقودها لأعوام كثيرة ، وقد تم العثور عليها قبالة ساحل غرينلاند ، وتدعى سفينة اوكتافيوس ، والغريب هو وجود طاقمها بالكامل عليها ولكن في حاله تجمد تام من البرد أفضى إلى الموت .
بدأت الأحداث في صباح يوم 12 أغسطس 1775م ، حينما أبحرت سفينة صيد الحيتان الأمريكية هيرالد ، والتي كان قائدها سكونر وطاقمه يطوفون قبالة سواحل جرينلاند ، وإذا بهم فجأة يرصدوا سفينة غريبة تنجرف من خلال الجبال الجليدية بلا هدف ، وعلى الرغم من أن بدنها كان مغطى كله بالجليد ، إلا أن اسمها كان واضح ؛ اوكتافيوس تلك السفينة الضائعة .
فأبحروا بالقرب منها ، وأخذوا ينادون بأعلى أصواتهم على طاقم السفينة ، ولكن لم يكن هناك إجابة أبدًا، لذلك أخذ القبطان معه ثمانية رجال واقتربوا من اوكتافيوس وصعدوا إليها ، وكان المنظر عجيبًا حينما صعدوا إلى متن سفينة الأشباح تلك .
حيث كان سطحها مغطى بالطحالب الخضراء الغريبة ، فأخذوا يمضون في طريقهم بعناية عبر الطحالب ، وبعدها ذهبوا عبر السلالم إلى الأسفل ؛ ليستكشفوا أمر السفينة إلا أن ما رأوه أصابهم الرعب والدهشة .
فقد اكتشفوا أن كل جثث الطاقم والركاب تم تجميدها تمامًا ، وهى في حالة صلبة من برد القطب الشمالي ، وكانت الجثث محفوظة تماما بهيئتها المتجمدة ، فلم تتعفن ولم تتحلل وكان قبطان السفينة الشبح لا يزال جالسًا في مكتبة ، ويمسك بالقلم في يده الباردة الميتة ، وبدا وكأنه يكتب في سجل يومياته .
وعلى السرير بجانب الجدار ، كانت هناك امرأة شقراء جميلة مجمدة حتى الموت تحت بطانيتها ، وفى الزاوية بحار وصبى يجلس حول كومة من الأخشاب ، وكان البحار ما يزال يحمل علبة تندر بوكس فى يده المجمدة .
كان السجل الذي يكتب فيه القبطان بتاريخ 1762م ، وهو ما يعنى أن طاقم اوكتافيوس المجمد قد توفوا منذ ثلاثة عشر عامًا كاملة !! ، لذا أخذ الكابتن سكونر ربان سفينة هيرالد السجل الخاص بالقائد ، وعاد مع طاقمه مرة أخرى إلى سفينتهم .
وبعد قراءة الكابتن سكونر لسجل يوميات قائد سفينة أوكتافيوس ، اتضح له الأمر بأن قائد السفينة الشبح اتخذ مخاطرة كبيرة وخطرة ، وهي أنه أراد العودة بسرعة إلى انجلترا ، وحاول توفير الوقت باستخدام الممر الواقع في شمال غرب الجبال الجليدية ، فأصبحت السفينة محاصرة بالجليد في اتجاه ألاسكا الشمالية ، ولكنها لم تستطيع عبور الجليد أبدًا ، فتجمدوا حتى الموت .
وبالرغم من ذلك استطاعت السفينة عبور الجليد بطريقة أو بأخرى ، حتى وصلت إلى المحيط الأطلسي ، وواصلت الانجراف بلا رحمة عبر البحر لتقف في مهب الريح ، هي وكل من عليها من موتى مجمدين .
ولا تزال حتى الآن أوكتافيوس واحدة من أساطير السفن البحرية الأكثر شهرة في التاريخ البحري ، لأنها استمرت عائمة في كل تلك الظروف لمدة ثلاثة عشر عامًا دون أن تدمر أو تنهار !!.