لقاء الأشباح ليس بالأمر الهين ، فأن تخوض تجربة مرعبة ، أو تعيش في أجواء غامضة بعض الشيء ، بأحد الأماكن مع أشخاص آخرين ، قد تظل طيلة عمرك تتذكر ما حدث ، وكأنه قد وقع للتو ، خاصة إذا ما تسبب هذا اللقاء بالجن بانتحار ، أحد الأشخاص ممن تعرفهم ، ولعل هذا ما خاضته الراوية (ن) في قصتنا .
تروي الفتاة (ن) قصتها وتقول ، أنها الآن في السنوات الأخيرة من العقد الثاني في عمرها ، تتذكر ما حدث معها ، إبان فترة الجامعة حيث كانت تدرس بكلية الهندسة ، واضطرت للحضور من الريف للإقامة بالمدينة الجامعية آنذاك ، تلك الفترة التي مرت فيها بأصعب تجربة على الإطلاق .
كانت (ن) قد أنهت أوراق الالتحاق بالمدينة الجامعية ، وبالفعل حصلت على سرير بغرفة بها أربعة فتيات أخريات ، ومع الوقت سرعان ما انسجمن سويًا ، وفي إحدى الليالي كانت إحداهن تقص واقعة ، تخليص ابنة خالتها من جن تلبس بها ، وكانت الفتيات بين مصدّقة ومن لا تعتقد في الأمر ، ولكن فجأة سمعت الفتيات طرقًا على نافذة زجاج الغرفة ، فصمتن جميعًا مع نظرات رعب واضحة ، فالغرفة تقع بالطابق الثالث ، فمن سيطرق على زجاجها إذًا ! تقول (ن) تجمدنا في أماكننا جميعًا ، ثم قالت إحدانا هيا نخرج من هنا ، بعد أن بدأت تتلو بضع آيات قرآنية ، ولم نستطع النوم في تلك الليلة ، في صباح اليوم التالي ، ذهبنا جميعًا إلى المسئولة عن الغرف ، وقصصنا عليها ما حدث ، فظنت أننا نخدعها ، وحضرت إلى الغرفة لتنظر ما هنالك ، إلا أن النافذة لم يكن عليها حافة ، يقف عليها أحدهم ، وقالت أننا ربما كنا نتوهم بسبب الحديث المرعب ، قبيل أن نتخيل الطرق على النافذة .
مرت بضع أيام أخرى ، لم يحدث فيها شيء ، فظننا بالفعل أننا قد توهمنا الأمر ، ولكن ما هذا الوهم الذي يمكن أن يصيب مجموعة من البشر ، في نفس الوقت ؟ وفي أحد الأيام جلسنا للمذاكرة ، وفجأة جاءت إحدى الفتيات تصرخ بشكل هيستيري ، وهي تركض خارجة من الحمام ، وتقول إنها هنا وستقتلنا جميعًا ، ظللنا نحاول تهدءتها ، ولكن دون جدوى حتى أتت المسئولة ، وهاتفت الإسعاف ، بعدما دخلت الفتاة في حالة من الانهيار العصبي .
ظللنا طيلة الليل مستيقظات ، لا ندري ما نفعل وهل بالفعل حديثنا قد فتح الباب ، لكائنات مظلمة أن تأتي لزيارتنا وإرعابنا؟ لا ندري حقًا ولكن ما يحدث مريب .
في اليوم التالي ، قالت (ن) أنها قد سهرت قليلاً للمذاكرة ، في حين نامت الفتيات الأخريات ، وفجأة بدأت تسمع أصوات ، وكأن هناك ما يخدش الحائط بأظافره ، ثم فجأة بدأ مقبض الباب يدور من الخارج ، وكأن هناك من يحاول فتح الباب ، فقمت مسرعة بتشغيل القرآن ، وأيقظت الفتيات اللاتي روين أنهن ، شاهدن كوابيسًا بشعة ، وتفاقم الأمر بأن وجدن على أجسادهن خربشات أظافر ، وقالت إحداهن أنها تشعر بيد تلمس شعرها ، هنا فقط قررت أن نحصل على غرفة خارج المدينة الجامعية ، بدلاً مما يحدث حتى نعلم ما الذي يجري .
قبل أن تنتقل الفتيات من المدينة ، أتتهن مسئولة الطابق ، واعتذرت منهن قبل أن يرحلن ، وروت لهن قصة هذا المبنى ، قائلة أنه منذ بضعة أعوام مضت ، كانت تسكن فتاة في غرفتهن ، وكانت تعاني من الاضطهاد من زميلاتها ، نظرًا لإصابتها بإعاقة في ساقها ، تجعلها تسير عرجاء بعض الشيء ، مما جعل الشباب يبتعدون عنها ، وتسخر منها الفتيات ، فاكتأبت الفتاة وانتحرت شنقًا في هذه الغرفة تحديدًا .
لا نعلم هل ما حدث معنا له علاقة بالفتاة ، أم ماذا ولكننا علمنا أننا لم نكن نتوهم ، وسرعان ما غادرنا المدينة بأكملها ، ولكن التجربة حُفرت في ذاكرتنا للأبد .