أن تخون من ائتمنك على شيء ، حتى وإن تعرضت لظلم من جانبه ، فهذا أمر غير مقبول ، وقد يؤدي بك إلى نهايتك الحتمية ، التي لن تليق بك حتمًا أو بسمعتك ، ولعل بثينة خاضت تجربة مؤلمة ، أدت لما فعلت ، ولكن من الذي أرشدها أو تلاعب بها ، حتى فعلت ما فعلته؟ هل هي قوى مظلمة أم جن أم ماذا ؟ بثينة سيدة في نهاية العقد الثالث من عمرها ، متزوجة من رجل ضاقت به الحياة ، حتى اضطرته للعمل يوميًا حتى منتصف الليل ، منذ الصباح الباكر ، من أجل توفير لقمة العيش له ولزوجته ولابنته الوحيدة مي ، تلك الصغيرة التي لم تتجاوز سبع أعوام ، ولكنها كانت كفيلة بأن تستشعر غياب والدها الدائم ، ومحاولات بثينة للتخفيف عنها .
ليست كل النساء ، ولكن البعض منهن عندما يغيب الزوج ، تستشعر وحدة بالغة قد تدفعها لارتكاب خطيئة ، قد لا يمحوها عذر ، خاصة إذا لم يكن لديها رادع واضح ، بعد الخوف من الله ، وبالفعل وقعت بثينة في غرام أحد الشباب ، كانت قد تعرفت عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي ، والتقطه عدة مرات ، حتى شعرت بحبها البالغ له ، وكانت في كل مرة تزداد كرهًا في زوجها ، الأمر الذي جعلها تخطط للهروب برفقة عشيقها ، ولكن عقب أن تدبر أمورها .
خرجت بثينة بصحبة مي لتشتري لها بعض الألعاب ، وكان زوجها قد سافر إلى لبنان في مهمة عمل ، وظلت بثينة وطفلتها تجوبان محال بيع ألعاب الأطفال ، وانطلقت مي تجاه دمية ضخمة ، لها الكثير من الشعر الأحمر فوق رأسها ، وحجمها مبالغ فيه ، ولها أعين أشبه بأعين البشر الحقيقة ، كانت مخيفة جدًا بالنسبة لبثينة ، إلا أن الطفلة أصرت عليها ، فاضطرت لشراء الدمية لها .
لم تمض سوى نصف الساعة ، حتى وقع حادث قطار ، بالطبع لم تترك بثينة تلك الفرصة ، حتى استغلتها في وضع منشور على صفحتها ، عبر أحد مواقع التواصل الاجتماعي ، ولكن بتاريخ قبل وقوع الحادث ، أنها بصحبة ابنتها في القطار ، هذا الذي وقع معه الحادث منذ ساعات .
بالطبع لم تلبث الاتصالات تنهال عليها ، ولكنها كانت قد خلعت شريحتها المعروفة من الهاتف ، ووضعت تلك التي تحدث من خلالها عشيقها ، الذي هاتفها فطمأنته أنها لم تركب القطار من الأصل ، ولكنها استغلت الحادث ، وهي في مدينة أخرى تنتظر قدومه ، فسألها عشيقها بريبة عن زوجها ، فقالت هو الآن سوف يعدني أنا ومي من المتوفين ، فلا يوجد ناج واحد بعدما وقع الحادث ،ثم أطلعته على مكانها بأحد الفنادق الرخيصة وطلبت منه الحضور فورًا ، ليتفقا عما سيفعلاه سويًا .
ذهبت بثينة إلى الفندق المنشود ، وبدلت ثيابها بينما نامت الصغيرة وهي تحتضن دميتها المريبة ، قررت بثينة أن تتناول حمامًا دافئًا بعد إجهاد اليوم الطويل ، وأثناء مكوثها بالحمام ، إذا بها تسمع طرق على الباب ، فسكتت قليلاً ثم قالت: يا مي أنا استحم انتظريني قليلاً ، ولكنها ما لبثت أن سمعت الطرق مرة أخرى ، فخرجت برأسها لتجد الطفلة نائمة!! فمن طرق الباب إذاً ؟ التفت بثينة بفوطتها وخرجت ، لتجد الطفلة غارقة في النوم ، فعادت لتجد الدمية داخل حوض الاستحمام ! صرخت بثينة ثم مدت يدها وانتزعت الدمية وألقتها بالخارج ، ثم عادت للداخل وقد خشيت من استكمال ما بدأته ، فارتدت ثيابها وخرجت ، لتجد التلفاز قد تم إشعاله ، فأطفأته ثم هاتفت عاملة الفندق .
وسألتها عن الغرفة فابتسمت الموظفة بأنه لا أحد صعد إليها ، ولم يشكو أحد النزلاء من الغرفة من قبل ، فوضعت بثينة سماعة الهاتف ، وخرجت تدخن سيجار بالشرفة ، ثم دخلت مرة أخرى بعدما هدأت قليلاً ، لتجد الدمية جالسة على المقعد المواجه للتلفاز ، بعدما اشتعل مرة أخرى ، وإلى جوارها في مطفأة السجائر ، سيجارة مشتعلة ودخانها مازال يتصاعد ! ارتعبت بثينة بشدة وجذبت الدمية بقوة ، لتجدها بدأت في إخراج صوت ، يقول (ماما .
ماما) ، فقامت بصفعها بقوة ، لتستمر الدمية في حديثها ، وعيناها تشتعلان بحمرة مثل الجمر ، فقررت أن تحملها بثينة وتلقيها من الشرفة ، وشعرت أنها ثقيلة بعض الشيء ، ولكنها أخيرًا قذفتها ، لتسمع أصوات صراخ المارة في الشارع ، فتنظر لتجد مي طفلتها قابعة على الإسفلت ، وتسيل دمائها على الرصيف ، بينما تنظر لها الدمية بنظرات شريرة ، وتضحك بصوت عال .