في بيتي شبح

ذات ليلة من ليالي الشتاء ، كانت الأم ذات الأربعين عامًا في ثيابها المنزلية ، تنظف الأواني بالمطبخ ، وفجأة انقطعت الكهرباء عن كامل المنزل ! زفرت وهي تقول : هل هذا وقته ؟ ثم أغلقت صنبور المياه وبدأت تتحسس أدراج المطبخ الواحد تلو الآخر ، لتبحث عن شمعة لتضئ طريقها حتى لا تصطدم بشيء ، ولكي تذهب إلى غرفة الأطفال تطمئن عليهم فلم تجد ثمة شمع .

خوف وهلع : بدأت القشعريرة تنتابها من الظلام الحالك داخل الشقة ، توقفت مكانها لا تدري ماذا تفعل ! وفجأة أحست بأنها ليست لوحدها بالمطبخ ، ووقع على سمعها صوت أنفاس شخص ما بجوارها ! وسمعت وقع أقدامه فزاد إحساسها بالخوف والهلع ، لكن لم تر شيئًا في الظلام الدامس ، سمعت صوت أحد الأدراج يفتح بهدوء ، ثم عبث بداخله ثم أغلق مرة أخرى !.

وانعقد لسانها من الخوف : تصبب العرق من جبينها ، ازدردت ريقها وحاولت أن تنطق أو تتحدث أو تنادي على أبنائها ، ولكن انعقد لسانها ، بعد لحظات عاد التيار الكهربائي ببطء ، أفاقت الأم وتنفست بأريحية ، نظرت فوجدت شمعة قد وضعت فوق الأدراج ، احتارت مما حدث ! ظنت أنه لربما أحد أطفالها وكان يداعبها أسرعت إلى غرفتهم فوجدتهم نائمين ! ازداد خوفها وعادت إلى المطبخ مسرعة ، فوجدت باقي الأواني قد تم تنظيفها .

أدعية وصراخ : اضطربت وبدأت تقرأ الأدعية ، حتى تهدأ أعصابها ثم تناولت الشمعة وأحضرت الكبريت ، ثم وضعتهم في مكان معلوم تحسبًا لانقطاع التيار الكهربائي مرة أخرى ، وفجأة انقطع التيار مرة أخرى فزعت الأم ، أمسكت بالكبريت وهمت لتشعل الشمعة فسمعت صراخ صغيرها ذو العامين ، فانتابها قلق على الطفل وخشيت من أن يصيبه مكروه ، أشعلت الأم الشمعة وهي تغمغم بالأدعية خوفًا على طفلها .


غناء امرأة في غرفة النوم : دلفت إلى الطرقة الطويلة قاصدة غرفة نومها حيث الطفل ، وبيدها الشمعة بلسان ضوء واهن ، ولما كادت أن تصل إلى باب الغرفة توقف الطفل عن الصراخ ، وصدح غناء امرأة من داخل غرفة نومها !! انقبض قلب الأم وتزايدت خفقاته ، تمتمت قائلة : من أين يأتي هذا الصوت ؟ توقفت أمام الغرفة ، نظرت من ثقب صغير بالباب ، وجدت امرأة تشبهها تمامًا ، وبنفس ملابسها وبيدها شمعة تجلس على كرسي خشبي ، بجانب سرير الطفل تغني له حتى يهدأ وينام .

الأم في مواجهة الشبيهة : فجأة وكأن الشبيهة تعرف أن الأم تراقبها من ثقب الباب ، حدجتها بنظرات مخيفة ، سقطت الأم على إثرها أرضًا ، ترتجف وتهذي وانطفأت الشمعة ! بعد لحظات انقطعت وصلة الغناء ، عادت الكهرباء أفاقت الأم تلقائيًا أصرت أن تنهض وتحارب تلك الدخيلة ، حتى لو كانت جنية لتحافظ على أبنائها من الخطر، وقفت فتحت الباب لم تجد أحدًا سوى الطفل نائمًا في سلام ، حمدت الله وقامت بتغطيته جيدًا ،وقبلته ونامت بجواره جالسة دون أن تشعر حتى الصباح .

صباح اليوم التالي : بالصباح ذهبا ولديها إلى المدرسة ، اتصلت بإحدى الصديقات ، وحكت لها ما حدث ، قالت لها الصديقة : سأبحث لك عن راقي ليرقي لك الشقة ، ونعرف سبب ما حدث .

جلست الأم تلاعب الطفل الصغير وتقوم بتنظيف البيت وتجهيز الطعام ، عاد ابنيها من المدرسة ، جلسوا جميعًا حول المنضدة ، قال الولد الأكبر: يا أمي ما هو الديك الرومي ؟.

الصغار والديك الرومي : ردت الأم ضاحكة : الديك الرومي دجاجة ، ولكن كبيرة جدًا وشكلها مختلف ، سألها الابن الثاني : هل يأكلها الناس يا أمي ؟ أجابت الأم: بالطبع يا حبيب أمك ، فقالوا لها : نريد أن نأكله يا أمي ، أجابت الأم على مضض : أنا أيضًا أشتهيه ولكنا إذا ما اشتريناه سننفق كثيرًا من مصاريف الشهر،التي نحتاجها لذا إن شاء الله عندما يرسل لنا أبيكم المال من الخارج ، سأشتريه لنا وأطبخه .

في المطبخ : غضب الأولاد ولكنهم بالنهاية تفهموا جواب أمهم ، ومرت الليلة بسلام ثم أشرقت شمس اليوم التالي ، دخلت الأم المطبخ لتجهز الإفطار لأبنائها ولكنها تفاجأت بشيء كبير مغطى بالمطبخ ، اقتربت منه بحذر وكشفت الغطاء فإذا به ديك رومي مطبوخ ومعد للتناول .

خيرًا أرسله الله : وقفت الأم لدقائق تفكر فيما يحدث ! حتى وصل بها التفكير إلا أن ما يحدث كله خير ، غسيل الأواني ، الطعام الذي تمنوه ، تهدئة الطفل تمتمت : ربما كان خيرًا أرسله الله لتحقيق أمنياتنا ، والحمد لله على كل حال ولن أكشف السر لأحد أبدًا ، جهزت المنضدة ، وأكلوا جميعًا ورسمت البسمة على وجوه الصغار ، سألها ابنها الكبير: لماذا غيرت رأيك يا أمي واشتريته لنا ؟ ابتسمت قائلة : إنها إحدى الجارات من أحضرته لنا بسعر رخيص ، بعدما طلبته منها لأجلكم .

الكرسي : فرحوا جميعًا وراحوا يلتهمونه بنهم ، مع مرور الأيام تكرر تحقيق أمنياتهم كثيرًا ، وذات يوم كان هناك كرسي خشبي صغير قديم موجود بالصالة ، وقد وضع فوقه كتاب مدرسي لأحد أبنائها ، وقد وجدت الأم ذلك الكتاب قد قدت صفحاته وتبعثرت أرضًا ، خافت الأم مما حدث وكان كل من اقترب من هذا الكرسي شعر بالخوف والرهبة ، عاودت الأم الاتصال بصديقتها , قالت : لا بد أن تجدي لي راقيًا ، فالوضع قد زاد عن حده ، خير .خير .

ستعرفين كل شيء لما تحضريه لي .

الراقي والتلاوات : باليوم التالي حضر الراقي وبدأ الغمغمة بقراءة تلاوات غير مفهومة ، ثم جلس بالصالة على الكنبة وجلست صديقتها غير بعيدة ، وجلست بجواره الأم ومن ثم قام بتحضير الجنية الساكنة بالشقة على جسد الأم ، فجحظت عيناها وشعرت بسخونة جسمها ، قال الراق للأم : سأخاطب الجنية على لسانك لذا ركزي فيما سيقال ، وحاولي ألا تتدخلي بالحديث إلا عندما أطلب منك التدخل .

ترحل لا أريدها : وافقت ، سأل الجنية : لماذا فعلت كل ذلك ؟ وجدت الأم لسانها ينطق كلامًا لا تعلم عنه شيء كان كلام الجنية ، فقالت : أنا لا أنجب الأطفال واعتبرتهم أبناءً لي وأحببتهم ، لماذا غضبت عليهم إذا بالنهاية ؟ صرخت : هذا الكرسي مخصص لي ولا أريد من أحد أن يجلس عليه سواي ، أو حتى يقترب منه .

خافت الأم من ذلك الحديث والتهديد والوعيد ، شعرت بالخطر على أبنائها فقام الراق بسؤال الأم ، قال: هل ترضين بوجود الجنية معك بالبيت وتوافقي على شرطها ؟ أم تترك الشقة بسلام وينتهي تحقيق الأمنيات ؟ فكرت لحظات قالت : ترحل لا أريدها .

رحيل الجنية واختفاء الكرسي : قرأ عليها الراق وأبعدها وتركتهم في سلام ، وناموا الليلة هنيئين هادئين ، وبالصباح استيقظت الأم مبكرًا ، وعندما دخلت الصالة اكتشفت أن الكرسي قد اختفى .



إعدادات القراءة


لون الخلفية