في أحد المعاهد العليا للحاسبات ، كان سيف هو الأول دائمًا على دفعته ، لطالما كان متفوقًا رغم ثرائه وثراء عائلته ، إلا أنه آثر أن يتفوق ، وألا يترك المجال لشيء يفقده آماله وطموحه الدائم ، فكان غالبًا ما يتم تكريمه بوصفه الأول على دفعته ، وكثيرًا ما لاحظ أساتذته حبه الشديد للرياضيات تحديدًا .
وفي أحد الأيام وضع أحد الأساتذة ، مسالة رياضية صعبة للغاية ، وطلب من الطلاب أن يتنافسوا في حلها ، وفجأة قامت طالبة حديثة بينهم ، يبدو عليها الفقر بعض الشيء ، ولكنها جميلة ، قامت وأجابت على السؤال بكل بساطة وكأن الأمر ، لا يعنيها بذل الجهد في التفكير به .
الأمر الذي تسبب في غضب سيف ، كيف لتلك الحشرة الفقيرة ، أن تسحب البساط من أسفل قدميه ، كما فكر هو آنذاك ، وبدأ سيف في التفكير عميقًا ، كيف يتخلص من هذه الفتاة ، ثم أتته فكرة لا بأس بها ، وهي أن يحاول مليّا أن يزيحها من طريقه ، وذلك عن طريق الكشف عن كذبها ، بأية طريقة ، فهي منطوية ولابد أنها بالفعل غريبة الأطوار ، وخلفها سر كبير كما يسمع عنها دائمًا .
في اليوم لتالي ، كان سيف قد عقد لعزم على التنفيذ لخطته ، وبالفعل اتجه نحو الفتاة وكانت تدعى نسرين ، وابتسم لها ، وطلب منها أن يجلس إلى جوارها ، فابتسمت لفتاة ، وهي تسال نفسها بدهشة ، كيف لهذا الوسيم الذي تركض خلفه الفتيات ، من أجل أن يلقي عليهن سلامًا فقط ، بأن يأتي ويطلب الجلوس معها ! أمره عجيب حقًا ، وكلنها كانت معجبة به وسعدت بطلبه الجلوس برفقتها ، قاطعها سيف بطلبه أن تشرح له حل المسألة ، فبدأت الفتاة في الشرح ، ولم يكن سيف منتبه معها بالطبع ، فهو علم الحل من قبل ، ولكنه كان يفكر في كيفية اصطيادها ، والتسبب لها بفضيحة أمام الأساتذة .
قبل أن ينصرف سيف ، شكر نسرين وأخبرها أنها دقيقة في الشرح ، وأنه سعيد بلقائها ، وطلب منها أن يحصل على حسابها عبر الفيس بوك ، ولكنها أخبرته بأنها لا تملك واحدًا ، نظرًا لأنه ليس لديها حاسوب ، فطلب منها رقم هاتفها ، فمنحته له وانصرفا بابتسامات عريضة .
مر يومين وفجأة دق هاتف نسرين ، لتسمع صوت سيف وهو يخبرها أنه أمام منزلها ، اندهشت الفتاة وسألته عما يفعل ، فأخبرها أنه منتظر قدومها ، وسوف ينتظرها في الحديقة القريبة من منزلها ، فطلبت منه أن ينتظرها ربع الساعة ، فأخبرها أنه يعلم بأنها سوف ترتدي ملابسها ، وتجهز نفسها وأخبرها أنه بانتظارها .
أتت نسرين وسلمت على سيف ، ولمحت هدية إلى جواره ، فابتسم وقال لها يجب أن تقبلينها ، فاعتذرت عن قبولها فرسم على وجهه الوسيم ، ملامح الغضب والحزن ، واعتذر منها على تطفله وهم بالرحيل ولكنها استوقفته ، وقالت له حسنًا سوف أقبلها ، ولكن اعتبرها آخر هدية ، فأنا لن أستطيع ردها ، فابتسم سيف ، وأخبرها أن تفتح الهدية ، لتجد حاسوبًا ففرحت وقالت له ، لقد كنت بحاجة إليه ، فابتسم مرة أخرى وطلب منها أن تنشئ حسابًا لها ، وتضيفه عليه .
جلس سيف في منزله ، وهو ينتظر نسرين أن تفتح الحاسوب ، ليستطيع التجسس عليها ، بعد أن ثبت برامج للمراقبة والتجسس ، بمجرد فتح الحاسوب ، وبالفعل فتحت الفتاة الحاسوب ، وفجأة شاهد سيف عجوز شمطاء ، تضع ورقة بها طلاسم في جيب ثيابها ، وفجأة تتحول إلى نسرين ، ذهل الفتى وظل يراقب ما تلقطه الكاميرات يومًا ، فكل يوم يحدث نفس الأمر ، لتتحول العجوز إلى نسرين ، قبل أن تجلس أمام الكاميرا وتحدثه! بدأ سيف يشعر بالرعب ، ولم يستطع كتمان ما يحدث أكثر من ذلك ، وهداه تفكيره إلى محادثة أحد الضباط من أقاربه ، فقام هذا الضابط بالبحث عنها ، ومحاولة إلقاء القبض عليها ، ولكنهم فشلوا ، فعقب أن داهموا المنزل ، وجدوا فيه الكثير من القطط الذبيحة ، ورائحة نتنه للغاية ، وللأسف ، تم اكتشاف جثة سيف في الحديقة العامة ، وقد فارق الحياة وعلى وجهه أعتى علامات الرعب .