كان ياما كان، في بلدة صغيرة، عاشت فتاة فقيرة اسمها رشا. كانت شعثاء الشعر دائمًا، ترتدي ملابس متسخة وممزقة وحذاءً باليًا. عاشت في منزل قديم مع والديها، وكثيرًا ما كانوا ينامون جياعًا. رغم ذلك، لم تتذمر رشا أبدًا، وكانت تتحلى بالإصرار على السعي لتحسين حياتها وحياة عائلتها يومًا ما.
كانت رشا تتشارك الطعام أحيانًا مع صديقها المفضل جاد، الذي كانت عائلته فقيرة أيضًا. وكان هو يفعل مثلها عندما يتوفر لديه الطعام. ذات يوم، كانت رشا في طريقها لزيارة منزل جاد. حملت معها بعض شرائح الخبز. وبينما كانت تسير، رأت شيئًا يلمع على الطريق فالتقطته. كان ذلك أجمل سوار رأته في حياتها، ملون بكل الألوان. ركضت مسرعة إلى منزل جاد وأعطته الطعام وأخبرته عن السوار الذي وجدته على الطريق.
"انظر كم هو جميل هذا السوار!" قالت رشا بدهشة.
"هل تعتقدين أنه سقط من أحدهم بالخطأ؟" سأل جاد بتفكير.
"لكن من؟ لا توجد في هذه الأحياء عائلة غنية، كما إننا نادرًا ما نرى زُوّارًا هنا."
فكر جاد قليلاً ثم قال ممازحاً: "إذن ربما رماه ملاك من أجلك."
عندما عادت رشا إلى المنزل، أظهرت السوار لوالديها. قال والدها: "قد يكون هذا سبيلنا الوحيد لإنهاء فقرنا يا ابنتي. ألم تتعبي من كوننا فقراء ولا يمكننا تحمل تكاليف أي شيء؟ فكري بالأمر يا ابنتي، غدًا سنذهب إلى السوق وسنحاول أن نبيعه. أنا متأكد من أننا سنحصل على مبلغ جيد من المال لأنه يبدو سوارًا فريدًا من نوعه."
نظرت رشا إلى السوار وقالت بتردد: "لا يمكنني بيعه. فبقدر ما أحب أن نخرج من حالة الفقر هذه، إلا إن هذا السوار هو أول ثروة أحصل عليها. أرجوك لا تحرمني منها يا أبي."
لكن في تلك الليلة، شعرت رشا بالذنب لرفضها بيع السوار. أرادت أن تساعد والديها. في اليوم التالي، أسرعت إلى منزل جاد، وأخبرته بما قاله والداها وأنها تفكر ببيعه.
قال جاد: "هذه فكرة جيدة، في النهاية، إذا تمكنت من الحصول على بعض المال فسيساعدك على إنهاء الفقر، وبالتالي فلا معنى للاحتفاظ به دون فائدة." وقرر أن يرافقها إلى السوق لبيع السوار.
وفي طريقهما، مرّا بجوار منزل رشا وأخبرت والديها بأنها قررت بيع السوار. فكان والداها سعيدين بذلك وعانقاها بكل حب. انطلقت مع جاد إلى السوق. وتنقلا بين الناس لعرض السوار عليهم، لكن أكثر الناس كانوا يتابعون طريقهم دون أن يلتفتوا إليهما، لأنهما كانا يبدوان متسخين بشعر غير مهذب. آخرون هربوا منهما، بينما ضحك عليهما آخرون. بدا الأمر كأن الناس لا يصدقون بأن السوار غير ذي قيمة، وحالتهما التعيسة زادت صعوبة إقناع أحد بأن هذا سوار نادر.
مكثت رشا وجاد في السوق طوال اليوم دون أن يتمكنا من بيع السوار. شعرت رشا بالإحباط والحزن الشديد. ربت جاد عليها وطمأنها بأنهما سيستمران بالعودة للسوق حتى يبيعا السوار. مرت الأسابيع والشهور دون فائدة، لم يشترِ أحدٌ السوار.
ذات ليلة، نسيت رشا أن تخلع السوار عن معصمها كما تفعل كل ليلة قبل أن تنام. فقد نامت بسرعة، فأصبح السوار يضيء فجأة وبقي كذلك طوال الليل. ولم ينطفئ أبدًا حتى حان وقت استيقاظها في صباح اليوم التالي. أول ما فعلته عند استيقاظها هو النظر إلى السوار على معصمها، حيث اعتادت أن تضعه كل ليلة قبل أن تنام، لكنه لم يكن هناك. خافت كثيرًا وباشرت بالنهوض عن سريرها للبحث عنه. لكنها لاحظت شيئًا غريبًا. غرفتها تبدو مختلفة بعض الشيء. فراشها كان طريًّا وعليه بطانيات دافئة، ونظرت إلى نفسها في المرآة، لترى أنها ترتدي ملابس جميلة ونظيفة.
نزلت الدرجات بهدوء وهي تشعر بالذهول والقلق، كانت تتأمل جمال محيطها. كان والداها واقفين أسفل الدرج مع ابتسامة عريضة على وجهيهما، يرتديان أجمل الثياب التي رأتها في حياتها. عندما وصلت إليهما، تفاجآ بجمالها.
"أنتِ جميلة جدًا!" قال والداها بدهشة وعانقاها.
سألت رشا: "كيف حدث كل هذا؟" عندها، لاحظت أن السوار لا يزال في يدها، وكان ينير الطريق، بينما لم يكن كذلك في الليل. كانوا مندهشين مما يرونه. قالت رشا بدهشة: "هل يمكن أن يكون السبب هو… السوار؟"
أضاء السوار مجددًا كإجابة على سؤالها، فضحكوا جميعًا. غريب كيف أن السوار الذي رفضه الجميع تبين أنه ثروة لا تقدر بثمن.
ومنذ ذلك اليوم، عاشت رشا وعائلتها حياة مريحة، تعلموا أن السعادة والثروة قد تأتيان من أشياء غير متوقعة، وأصبح السوار رمزًا للأمل والإصرار.