في أرض بعيدة، كانت هناك فتاة اسمها ديزي. كانت ديزي من عائلة فقيرة جداً، وكان بيتهم صغيراً جداً وثيابهم مهترئة. رغم أن ديزي كانت فتاة جميلة بعينين لامعتين، كان شعرها دومًا ملفوفًا على شكل كعكة، وكانت عيناها ملطختان بالتراب.
عملت ديزي كخادمة لدى العائلة الحاكمة لتُعيل والديها. كانت العائلة الحاكمة مكونة من أربعة أفراد – الملك والملكة، وولداهما الأمير لوكاس والأميرة لافيرنا. كانت الأميرة في نفس عمر ديزي وكان الأمير يكبرهما بعامين.
كان الملك والملكة والأمير منشغلين دومًا. كانوا يسافرون كثيراً لأداء مهامهم الملكية، تاركين الأميرة لافيرنا تهتم بشؤون القصر الملكي. في كل صباح، كانت تصل ديزي إلى القصر مستعدةً للعمل.
كانت الأميرة لافيرنا تكره ديزي. كانت تغار كثيراً من جمالها، وتفعل ما في وسعها لإيكال أقذر المهام في القصر إلى ديزي.
"اذهبي ونظفي الحمام، يا ديزي البغيضة" كانت تأمرها الأميرة لافيرنا. "ثم امسحي المدخنة. وبعدها امسحي الغبار، ونظفي كل الأرضيات والسجاد بيديك".
كانت ديزي ترد بهدوء، "حسناً أيتها الأميرة لافيرنا، سأفعل ذلك حالاً"، ثم تذهب للعمل. أثناء تواجد الأمير لوكاس، لم تتصرف الأميرة لافيرنا بسوء هكذا. كان الأمير يحب ديزي ويقف في صفها دوماً ويقول،
"المدخنة ليست بحاجة للمسح كل يوم يا لافيرنا. لم لا تقضي ديزي بعض الوقت في الخارج لتقطف الزهور للقصر بدلاً من ذلك؟". كان الأمير دائماً يقترح مهام ممتعة لديزي.
لسوء الحظ، لم يكن الأمير متواجداً كثيراً…
في أحد الصباحات، عندما وصلت ديزي القصر، سمعت صراخ الأميرة لافيرنا في الأعلى، وكان يبدو عليها الغضب. ذهبت ديزي لترى ما المشكلة. "ما الأمر يا أميرة لافيرنا؟" سألتها ديزي.
"إنه صندوق المجوهرات الموسيقي الغبي هذا"، قالت الأميرة لافيرنا وهي تحمل صندوقاً خشبياً مزخرفًا وجميلاً. "انظري، يوجد مفتاح هنا، وفي كل مرة يُدار المفتاح، يجب أن يُصدر الصندوق الموسيقى. لكنه لا يعمل!".
ألقت الأميرة الصندوق عند قدمَيْ ديزي. "لا أريد أن أرى هذا الشيء الغبي هنا،". "تخلصي منه ثم اذهبي لتنظيف الأرضية."
"حسناً أيتها الأميرة، سأفعل ذلك حالاً،" ردت عليها ديزي. في ذلك المساء وبعد العمل، عادت ديزي إلى بيتها. وبدلاً من التخلص من صندوق الموسيقى، أخذته معها.
"هذا صندوق جميل،" قالت لنفسها. "لا أملك أي مجوهرات أو كنوزًا لأحفظها فيه، لكنه سيبدو جميلاً جداً في غرفتي."
دخلت غرفتها الصغيرة وقبل وضع الصندوق على الرف قالت، "سأجرب أن أدير المفتاح أولاً. أتساءل إن كان سيعمل…"
أدارت ديزي المفتاح في الصندوق، وفجأة، انفتح غطاؤه وبدأ في عزف أجمل نغمة سمعتها ديزي. وكانت مسرورة جدا. وعندما توقفت الموسيقى، ظهرت قطعة نقود ذهبيةٍ في الصندوق!
"رائع!" قالت ديزي بلهفة. "هذا ذهب يكفي لشراء طعام لي ولوالديّ هذه الليلة! أخيرًا لن ننام جائعين!". خرجت مسرعة إلى سوق قريب واشترت بعض الخضراوات لطهي وجبة شهية لوالديها. لم تصدق ديزي أن هذا الحظ الجيد لها. في كل ليلة عندما كانت تعود إلى بيتها من القصر، تدير المفتاح وتستمع إلى الموسيقى، وتأخذ العملة الذهبية وتشتري طعاماً لعائلتها. كان كل ذلك الطعام الجيد يزيد من جمال ديزي كل يوم، وكانت الأميرة لافيرنا تزداد غيرة.
في ظهيرة أحد الأيام، عندما كانت ديزي تعمل في حدائق القصر. سمعت خشخشة في حُرش قريب، وذهبت لتتفقّد مصدر الصوت. رأت فتى صغيراً خائفاً.
"من أنت وما الذي تفعله هنا؟" سألته ديزي في دهشة.
"أنا فتى من القرية،" أجاب الفتى، "أتيت للبحث عن بعض الطعام – لم آكل منذ ثلاثة أيام!"
"يا لك من فتى مسكين!" شهقت ديزي. "انتظر هنا، أعرف كيف أساعدك!"
أسرعت ديزي إلى بيتها ودخلت غرفتها، حملت الصندوق، وأسرعت عائدة إلى القصر. عندما وصلت، عرضت الصندوق عليه.
"راقب هذا،" قالت للفتى بينما كانت تدير المفتاح. وكالعادة، بدأ صوت الموسيقى. عندما انتهت الموسيقى، ظهرت قطعة نقود ذهبية أخرى في الصندوق.
"رائع!" قال الفتى بلهفة. "هذا يكفي لشراء طعام لعائلتي أيضاً!"
منذ ذلك اليوم، كانت ديزي تساعد الفتى الفقير وعائلته أيضاً. كانت تشعر بالسعادة لأنها تستطيع أن تجعل حياة الآخرين أفضل.
لكن الأميرة لافيرنا بدأت تلاحظ أن ديزي تزداد جمالاً يومًا بعد يوم، فقررت التجسس عليها. وفي إحدى الليالي، تبعت الأميرة ديزي إلى بيتها ورأتها تدير المفتاح وتخرج العملة الذهبية من الصندوق.
في اليوم التالي، عندما عادت ديزي إلى القصر، طلبت الأميرة لافيرنا من الخدم القبض عليها وسرقة الصندوق. حاولت ديزي التحدث، لكن الأميرة لم تستمع.
"هذا الصندوق يخصني الآن!" صرخت الأميرة لافيرنا.
لكن عندما حاولت الأميرة استخدام الصندوق، لم يصدر أي صوت ولم تظهر أي قطعة نقدية. بدأت الأميرة تشعر بالغضب والإحباط، وأدركت أن السحر لا يعمل إلا لديزي.
قررت الأميرة أن تعيد الصندوق لديزي، وأدركت أن الخير والحب الحقيقي هما ما يجعل السحر يعمل. اعتذرت الأميرة لديزي وطلبت منها أن تعود للعمل في القصر، ولكن هذه المرة كصديقة وليست خادمة.
وافقت ديزي، وعاشت في القصر بسعادة مع الأمير لوكاس والأميرة لافيرنا. استمرت في استخدام صندوق الموسيقى لمساعدة الفقراء والمحتاجين، وأصبحت رمزًا للأمل والكرم في المملكة.
وتعلمت الأميرة لافيرنا درسًا قيمًا عن الحب والتواضع، وعاشت المملكة في سلام وازدهار.