حلم أليس والرقص السحري

في مملكة بيلا-فلورا، كانت تعيش شابة تُدعى أليس مع عمتها ماتيلدا، منذ أن اختفت والدتها في ظروف غامضة. كانت العمة ماتيلدا تقسوا على أليس ولم تكن ترغب في الاعتناء بها.

"جهزي العشاء بسرعة يا أليس، ليتك لم تأتي للعيش معي فأنتِ مجرد عبء على عاتقي. أنتِ مثل أمك تماما تحلمين دائما بالرقص"، قالت العمة الشريرة.

طأطأت أليس رأسها بحزن، مفتقدة والدتها وتمنت لو أنهما معاً.

"أنا آسفة يا عمتي ماتيلدا لكنني مُشتاقةٌ لأمي"، ردت أليس بحزن.

"لا يوجد وقت للإشتياق عليك أعمال منزلية يجب أن تقومي بها. جهزي العشاء ونظفي المطبخ قبل أن تنامي"، أجابت العمة.

أنهت أليس أعمالها وذهبت لتنام في العليّة. كانت مُعتادة في كل ليلة قبل النوم أن تُخرج حذاء الباليه الذي تركته والدتها وتحتضنه فقد كان بمثابة كنزٍ بالنسبة لها، حتى أنه كان يلمع في ضوء القمر.

"كم اشتقتُ لكِ يا أمي العزيزة. كُنتِ راقصة باليه جميلة، لماذا غادرتِ ولم تعودي للمنزل؟ حذاؤك هو كنز غالي، أتمنى لو كان بإمكاني تعلُم الرقص مثلُكِ، لن تسمح لي عمتي ماتيلدا حضور دروس الرقص. سأحاول فقط ارتداء الحذاء ومعرفة ما إذا كان مناسبًا لي"، قالت أليس.

انتعلت قدما أليس الرقيقتين حذاء الباليه، ثم أغلقت عيناها وتمنت، وفجأة شعرت وكأنها تدور. عندما فتحت عيناها ذُهلت مما رأت، فقد تحول فستانها القديم الُمهتريء إلى زيِّ باليه جميل.

"أنظروا إلي، لقد تحولت إلى أميرة راقصة جميلة. لا بد أن حذاء الباليه قد حقق أمنيتي. أتساءل عما إذا كان باستطاعتي الرقص مثل أمي، ربما علي أن أُجرب خطوات جديدة"، قالت أليس بفرح.

وقفت أليس في وسط الغرفة على أطراف أصابعها ورفعت يديها كراقصة باليه حقيقية. أرشدها حذاء الباليه في خطواتها في أنحاء الغرفة. ظهر جمال فستانها في كل مرة كانت تدور وتلتف، وفي كل خطوة كان يبرق حذاؤها.

بعدما رقصت وجلست على سريرها وتنهدت، قالت: "تغمرني السعادة الآن فهذا الحذاء السحري جعلني أرقص كالأميرة. سأخلعه وأخبئه في الصندوق". بحذرٍ شديد خلعت أليس الحذاء، وإذ بملابسها تتحول إلى ملابسٍ قديمةٍ ثانيةً.

"لستُ سوى فتاة فقيرة تعتني بي عمتي الشريرة التي تُبغضني"، قالت بحزن.

على نفس هذه الأرض الجميلة كان يعيش الأمير تريستان في قلعة أعلى التلة. كان ينظر إلى مملكة بيلا-فلورا ويتنفس الصعداء، لأن والديه طلبا منه أن يتزوج، لكنه لم يجد في مملكته الزوجة التي يتمناها.

"أعرف أنه يجب علي أن أجد زوجة، لكني دعوت جميع الأميرات إلى الحفلات الراقصة، لكن لم تُتقن أيٌّ منهنَّ الرقص. فأنا أحب الرقص وأريد أن تكون زوجتي المستقبلية بارعة بالرقص ولا أريد فتاةً تقف على أصابع قدمي"، قال الأمير تريستان.

نظر الأمير تريستان إلى جدران القلعة وهز رأسه بحزن. "سأعرف أنها الفتاة المناسبة عندما أُمسك يدها وستكون قادرة على مجاراة خطواتي في الرقص وسنرقص رقصة رائعة معاً". أطال الأمير النظر إلى المملكة ثم خطرت له فكرة.

"ربما علي أن أذهب وأبحث عن الأميرة الراقصة التي أتمناها. سأذهب إلى مدارس الرقص وسأرقص مع أفضل الراقصات، لربما أجد من أبحث عنها"، قال الأمير.

في اليوم التالي عندما كانت أليس تنزل السلالم، رأت العمة ماتيلدا تنتظر بجانب الباب وقد حزمت لأليس حقيبة ملابسها المهترئة وتذكرة للذهاب إلى المدينة.

"حان الوقت لتعملي أيتها الكسولة. سأرسلك إلى مدرسة الرقص، لكن ليس لتتعلمي الرقص بل لتنظفي المكان وتساعدي الراقصين الحقيقيين. اذهبي واحلمي بأن تصبحي راقصة بينما تعملين وتجلبين بعض النقود"، قالت العمة ماتيلدا بلهجة قاسية.

"عمتي! لماذا ستُرسلينني بعيداً؟ لن تجدني أمي إن أبعدتني عن هذه القرية، أرجوكِ لا ترسليني بعيداً"، توسلت أليس.

"أنا لا أستطيع الاعتناء بك بعد الآن، عليك أن تعملي. خذي حذاءك السخيف وغادري الآن"، ردت العمة ماتيلدا ببرود.

شعرت أليس المسكينة بالخوف والوحدة وهي جالسة في الحافلة. وعندما وصلت إلى مدرسة الرقص، بدأت عملها بالتنظيف ومساعدة الراقصات هناك.

"كم أتمنى أن أتعلم الرقص وأصبح راقصة، أعلم أنه يمكنني أن أصبح رائعة مثل أمي، لو أن أحداً يمنحني فرصة"، قالت أليس لنفسها.

"أين تلك الفتاة الكسولة أليس؟ نحتاج للشرائط من أجل شعرنا ونريدها أن تنظف أحذية الباليه"، صرخت إحدى راقصات الباليه.

"نعم، نظفي ورتبي غرفة الملابس وامسحيها جيداً. نريد كل شيء جاهز من أجل العرض القادم"، قالت معلمة الرقص بلهجة صارمة.

في إحدى الليالي، بينما كانت أليس تنظف غرفة الملابس، تذكرت حذاء الباليه السحري الذي خبأته في حقيبتها. قررت أن ترتديه مرة أخرى وترقص في الخفاء. وعندما وضعت الحذاء وأغلقت عينيها، شعرت بالسحر يتدفق في جسدها مرة أخرى. وبدأت بالرقص بشكل مذهل في أنحاء الغرفة.

في هذه الأثناء، كان الأمير تريستان قد وصل إلى مدرسة الرقص بحثاً عن الراقصة التي ستحقق حلمه. عندما دخل إلى القاعة، رأى أليس ترقص ببراعة وأذهلته مهاراتها وجمالها.

"من هي هذه الراقصة الرائعة؟" تساءل الأمير تريستان.

عندما انتهت أليس من الرقص، اقترب منها الأمير وقال: "لقد كنتِ رائعة. هل يمكنني معرفة اسمك؟"

"اسمي أليس، يا سمو الأمير. أنا فقط خادمة هنا ولا أستحق اهتمامك"، قالت أليس بخجل.

"بل تستحقين كل التقدير، لقد رأيتك ترقصين ببراعة لا مثيل لها. أريد أن أطلب منكِ أن تكوني زوجتي"، قال الأمير.

دهشت أليس ولم تصدق ما تسمعه. "لكن يا سمو الأمير، أنا فقط فتاة فقيرة..."

"لا يهمني من تكونين، إنما يهمني ما رأيته فيكِ من جمال وروح حقيقية. أريد أن تكوني بجانبي دائمًا"، قال الأمير بصدق.

وافقت أليس على عرض الأمير وعادت معه إلى القصر. احتفل الجميع بزفافهما، وعاشت أليس والأمير تريستان حياة سعيدة، محاطة بالحب والاحترام. واكتشفت أليس أنها تستطيع تحقيق أحلامها دائمًا إذا آمنت بنفسها وبقدراتها.



إعدادات القراءة


لون الخلفية