حكمة الأخوات الثلاث

في قديم الزّمان، كانت هناك ثلاث شقيقات: دافيتا، بيترا، وسيمونا. عشن في المنزل مع أمهن، لكن مع تحولهنّ من فتيات إلى آنسات شابات، أصبح منزل طفولتهن صغيرًا جدًا بالنسبة لهن. فقالت الأم: "بناتي العزيزات، لقد حان الوقت لكنّ لشق طريقكنّ. إنَّني أمنح لكلّ واحدة منكنّ حقيبة مليئة بقطع من النقود الذهبية. يمكنكن إنفاقها كما تشأن، ولكن إذا كنتنّ حكيمات مثل والدكن العزيز، فسوف تستخدمنها لبناء منزل جديد لكنّ".

قبّلت الفتيات أمهن وودّعنها، ومع الأموال في جيوبهن، قررن العثور على مكان جديد للعيش فيه. بعد فترة وجيزة، صادفت الأخوات سهلاً في الغابة، فيه مساحة كافية لبناء ثلاثة منازل.

نظرت دافيتا، وهي الأكبر بينهن، حولها بحماس وقالت: "انظرن إلى كل هذا الخشب!" ركضت من شجرة إلى شجرة، تتخيل كيف سيبدو منزلها المصنوع من هذه الفروع الرقيقة.

اعترضت سيمونا، الأخت الصغرى: "لكن دافيتا، لن يكون المنزل المصنوع من الفروع قويًا جدًا. سيتعين عليك إصلاحه في كل مرة تحدث فيها عاصفة".

هزّت دافيتا كتفيها وقالت: "نعم، لكنه لن يكلفني سوى وقتي، حيث يمكنني أخذ كل الخشب من الغابة. وسيبقى لي المال لشراء بعض الملابس الجميلة وأفضل حصان أجده. سأكون مشهورة". فبدأت دافيتا في جمع العصي والأغصان من الغابة لتبني بها منزلها. على الرغم من أن أختاها اعتقدتا أنها فكرة سيئة، إلا أنهما ساعدتاها لأن هذا ما تفعله الأخوات عادة. وفي فترة قصيرة أصبح لدافيتا منزلها الخاصّ على السّهل، وحتى سيمونا اعترفت بأنه منزل جميل.

الآن، بدأت بيترا تبحث عن مواد لبناء منزلها. أخذت دافيتا الكثير من الخشب، لذلك قررت بيترا استخدام القشّ والعشب الذي يغطي مساحة الغابة. عندما رأت دافيتا أختها الأصغر على يديها وركبتيها تجمعان العشب، ضحكت عليهما: "العشب ليس قوياً بما يكفي للمنزل. منزلي مصنوع من الخشب، لذلك سيكون قويًا ومتينًا. تكفي نفخة واحدة من الرياح وكل شيء سينهار."

نظرت بيترا إلى أختها وقالت: "لكن منزلي سيكون جميلًا ودافئًا لأن العشب سوف يملأ كل الفجوات. منزلك المصنوع من الخشب سيترك مجالا للبرد والمطر." نظرت إليها ملاحظة أن الشمس بدأت تغرُب. "هل ستساعديننا في بناء بيتي؟"

هزت دافيتا رأسها وقالت: "لا، أنا ذاهبة إلى السوق لشراء الحصان الأجمل، وبعض الملابس الجميلة لارتدائها. ابني منزلك الخاص". وحملت حقيبة النقود التي أهدتها إيّاها والدتها وانطلقت في اتجاه المدينة.

تنهدت سيمونا، لقد حلّ الظلام، ولم تبدأ حتى في منزلها. عملت جاهدة مع بيترا لإكمال البيت المصنوع من العشب والتبن، وأخيراً، وعلى ضوء القمر، أصبح بيت بيترا كاملاً.

"سأضطر للنوم في منزلك الليلة، بيترا"، قالت سيمونا. "إنها مظلمة الآن وأنا بحاجة لشراء مواد لبناء بيتي، لذا سنحصل على نوم مريح الليلة وغداً نستطيع الذّهاب معاً في الصباح لشراء بعض الآجر".

لكن بيترا هزت رأسها وقالت: "لا يوجد لك مكان في منزلي. لقد قمت ببناء منزل صغير لطيف حتى لا يكون هناك مكان لغيري."

دهشت سيمونا، كانت قد أمضت طوال اليوم في جمع الخشب لمنزل دافيتا، والعشب والقش لمنزل بيترا، والآن عندما احتاجت إلى مكان للنوم، لم تسمح لها أختها بالبقاء في المنزل.

"سأنتظر دافيتا تعود، منزلها كبير ويكفي اثنين على الأقل". لكن عندما عادت دافيتا بعد عدة ساعات، لم تكن لوحدها. كانت تركب حصانًا أبيضًا جميلاً، وكانت ترافقها فتاتان أخريتان، وكانت ثلاثتهنّ ترتدين ملابس جميلة فعلاً.

"هؤلاء هم صديقاتي، سيمونا، التقيت بهما في البلدة. أليستا رائعتان في هذه الملابس التي اشتريتها لهما؟ حان وقت النوم، أراك في الصباح". وأغلقت دافيتا بابها الأمامي، تاركة سيمونا واقفة بمفردها في الخارج.

نظرت سيمونا من حولها، ولكن لم يكن هناك أي خشب متبقٍ لبناء مأوى، ولا عشب أو قش لصنع سرير، لذلك استلقت سيمونا على الأرض الصلبة، وعلى الرغم من كونها باردة وغير مريحة، غطّت في نوم عميق لأنها عملت بجد لمساعدة شقيقاتها.

إلا أن الغد سيكون يوماً سعيداً، حيث ستأخذ معها شقيقتيها إلى السوق لشراء الآجر لبناء منزلها. في صباح اليوم التالي، استيقظت سيمونا مبكراً، تماماً عند شروق الشمس. ونادت إلى بيترا ودافيتا، على أمل بداية مبكرة. لم يكن هناك أيّ ردّ في بيت بيترا، فذهبت سيمونا إلى منزل دافيتا وطرقت الباب.

أجابت شقيقتها، وأخبرتها أن بيترا قد ذهبت إلى السوق لشراء بعض الأثاث الجديد الرائع، ورؤية ما إذا كانت هي أيضاً ستجد بعض الأصدقاء. كانت سيمونا منزعجة من أخواتها – فقد احتاجت إلى مساعدتهن، والآن سوف تكون لوحدها لشراء الأشياء التي تحتاجها لبناء منزلها. لكن دافيتا كان لديها خطط أخرى.

"سيمونا، لا يمكنني الذهاب معك اليوم. أنا مشغولة بترتيب ملابسي الجديدة والاعتناء بحصاني. يمكنك أن تذهبي وحدك."

شعرت سيمونا بخيبة أمل شديدة، لكنها قررت عدم الاستسلام. ذهبت إلى السوق واشترت بعض الآجر، ثم عادت إلى السهل وبدأت في بناء منزلها بنفسها. عملت بجد دون توقف، وفي نهاية اليوم، كان لديها الأساس لمنزل قوي مصنوع من الآجر.

على الرغم من تعبها، شعرت بالفخر بما أنجزته. كانت تعلم أن منزلها سيكون قويًا ومتينًا، ولن يتأثر بالعواصف. واصلت العمل لعدة أيام، حتى أصبح منزلها جاهزًا تمامًا.

ذات يوم، بينما كانت الشقيقات الثلاث في منازلهن، اقتربت عاصفة قوية من السهل. بدأت الرياح تهب بشدة، وكان منزل دافيتا المصنوع من الفروع يتأرجح بقوة. في النهاية، تحطمت الفروع وتناثرت في كل مكان، واضطرت دافيتا وصديقتاها إلى الهروب بسرعة إلى منزل بيترا.

لكن منزل بيترا المصنوع من العشب والقش لم يصمد أيضًا أمام العاصفة القوية. انهار المنزل، واضطرت بيترا وأختاها إلى الهروب بحثًا عن مأوى. تذكرتا منزل سيمونا المصنوع من الآجر، وقررتا الذهاب إليه طلبًا للأمان.

وصلت دافيتا وبيترا إلى منزل سيمونا وطرقتا الباب. فتحت سيمونا الباب ورأت شقيقتيها مرهقتين ومبتلتين. على الرغم من كل شيء، لم تستطع سيمونا تجاهل حاجتهما للمساعدة.

"تعالوا، ادخلوا بسرعة!" قالت سيمونا بحنان. دخلت دافيتا وبيترا وشكرتا سيمونا بامتنان. "شكراً لك يا سيمونا. لقد كنتِ دائمًا أختًا رائعة."

ابتسمت سيمونا وقالت: "علينا أن نتعلم من هذه التجربة. العمل الجماعي والحكمة يمكن أن يصنعا المعجزات. دعونا نتحد ونبني منازل قوية معًا."

اتفق الجميع وبدأوا العمل سويًا لبناء منازل جديدة وقوية لكل واحدة منهن. ومع مرور الوقت، تعلمت الشقيقات الثلاث قيمة التعاون والحكمة. عاشوا جميعًا في سلام وسعادة في منازلهم الجديدة، وتعلموا أن القوة الحقيقية تكمن في العمل المشترك والمساندة المتبادلة.



إعدادات القراءة


لون الخلفية