في بلاد “باردشاير”، كان هناك قصر جميل يعيش فيه الملك والملكة وابنهما الأمير “جو”. كان الأمير "جو" مثالاً رائعاً للرجل الشاب. وفي داخل القصر كانت تعيش خادمة وابنتها. الخادمة تُدعى "لوسي" كانت تعمل في القصر منذ عدة أعوام. استلمت الوظيفة بعدما توفي زوجها وتركها تربّي ابنتها "هيذر" لوحدها.
كانت "هيذر" أجمل فتاة في "باردشاير" كلها، لكن جمالها لم يكن واضحاً بسبب شعرها غير المرتب وثيابها الرثة. كانت هيذر فتاة ذكية تقضي يومها في مساعدة والدتها وتمضي مساءها تقرأ الكتب. في إحدى الليالي، أمسكت بيد والدتها وطرحت عليها سؤالاً يشغل بالها منذ فترة.
"أمي، لم عليك العمل بجدّ في القصر؟" سألت هيذر.
"يا عزيزتي، العمل بجد ليس بالأمر السيئ. الأمر المزعج الوحيد هو أنني أتمنى لو كان بإمكاني قضاء المزيد من الوقت للاعتناء بك بدلاً من الاعتناء بالآخرين"، أجابت لوسي.
"لهذا أحب أن أنظف معك. يعني ذلك قضاء المزيد من الوقت معاً"، قالت هيذر بابتسامة.
كانت الملكة تحب أن تجمع صديقاتها في القصر. وكانت صديقاتها يجلبن بناتهن ليلعبن في القصر. "سارة" و"كيت" كانتا من أكثر الفتيات فظاظة. في كل مرة كانتا تريان فيها هيذر، كانتا تجذبان شعرها وتدفعانها. وتلقيان بطعامهما على الأرض وتحاولان أن تتسببا بمشكلة لها لأن القصر متسخ.
"أيتها الفتاة الخادمة. أيتها الفتاة الخادمة. تركت بقعة أثناء تنظيفك"، قالت سارة بسخرية.
"هاهاها، أيتها الخادمة. نسيت كومة من الفتات على الأرض. آمل ألا تراها الملكة"، ضحكت كيت.
"أنتما تركتماها هناك. لست أنا"، ردت هيذر بحزم.
"ماذا قلت؟ هل رددت علينا؟" صرخت سارة، واقتربت من هيذر وأمسكت بضفائرها الجميلة وجذبتها.
"تركت فوضى. أليس كذلك؟" قالت سارة بغضب.
"نعم نعم. فعلت ذلك. أنا آسفة"، أجابت هيذر بخوف.
"والآن نظفي فوضاك!" أمرتها سارة.
كان ذلك يحدث كل مرة تزور الصديقات الملكة. كانت الفتاتان تتسببان في فوضى وتتنمران على هيذر لتنظيفها. كانت هيذر تذهب لأمها لتشتكي.
"تنمرت الفتاتان المريعتان عليّ مجدداً. هلّا فعلت شيئاً حيال ذلك، أرجوك؟" قالت هيذر بحزن.
"أنا آسفة يا عزيزتي. لن تصدقني الملكة. سنُطرد. هاتان فتاتان مريعتان، لكن إذا قلنا شيئاً لن يكون لنا مكان نعيش فيه"، أجابت لوسي بحزن.
الشيء الوحيد الذي امتلكته هيذر وأسعدها كان ساعة أعطاها إياها والدها قبل وفاته. أخبرها أنها ساعة سحرية. قال لها إنها طالما كانت تمتلك هذه الساعة فإن الوقت في صفّها!
في أحد الأيام مرضت لوسي. لم تعد تستطيع تنظيف القصر وإعداد الطعام للملك والملكة. لم تعرف هيذر ما عليها فعله، كانت والدتها تتولى زمام كل موقف.
"هيذر يا عزيزتي. أريدك أن تنظفي القصر بدلاً مني. تعلمين كيف تسير الأمور"، قالت لوسي.
"لن أخذلك يا أمي. سأحرص على أن يكون القصر نظيفاً كما تنظفيه أنت"، أجابت هيذر.
بدأت هيذر العمل. نظفت القصر بأكمله. المطبخ وكل غرف النوم حتى وصلت إلى غرفة النوم الرئيسية. بينما كانت تنظفها، لفت نظرها فستان في خزانة الملكة. كان أجمل فستان رأته في حياتها. لم تقاوم هيذر الرغبة في تجربته. نظرت إلى انعكاسها في المرآة وقالت: "كم أتمنى لو أنني أميرة. أميرة كالأميرات المذهلات في الكتب التي أقرأها. ربما حينها لن أُعامل كالغبار".
صوت مجهول: "لكن يُفترض بك أن تكوني أميرة. تذكري فقط أن الوقت يربح دائماً لأن أحداً لا يستطيع تجاوز الوقت".
استدارت هيذر لكنها لم تجد أحدًا. صرخت وخرجت من غرفة النوم الرئيسية. كانت قد وصلت الطابق السفلي عندما انتبهت أنها ما زالت ترتدي الفستان. في الوقت نفسه، رأتها سارة وكيت.
"هذا رائع. انتهى أمرك الآن أيتها الفتاة الخادمة القذرة"، قالت سارة بخبث.
"بسرعة، اذهبي وأخبري الملكة. ستغضب كثيراً"، قالت كيت بفرح.
غادرت الفتاتان وتركتا هيذر تبكي. وصلت الملكة في الحال ولم تُسرّ عندما رأت هيذر ترتدي ثيابها.
"هناك سبب لكون ثيابي محفوظة داخل خزانتي. هذا لأنها ثيابي أنا. ليست ثياب خادمة. هل تفهمين الفرق بين الملكة والخادمة؟" قالت الملكة بغضب.
"نعم يا جلالة الملكة"، أجابت هيذر بخجل.
"أين والدتك؟ عليكما أن توضبا أشياءكما وتغادرا قصري الآن"، أمرت الملكة بصرامة.
كانت هيذر تشعر باليأس والإحباط، لكنها تذكرت الساعة السحرية التي أعطاها إياها والدها. أمسكت الساعة وقالت: "أتمنى أن يعود الوقت للوراء وألا يتم اكتشاف أمري".
فجأة، شعرت هيذر بدوار خفيف، ووجدت نفسها تعود إلى اللحظة التي كانت تنظف فيها غرفة الملكة. خلعت الفستان بسرعة وأعادته إلى مكانه. انتهت من تنظيف الغرفة وغادرتها قبل أن تأتي سارة وكيت.
مرت الأيام، واستمرت هيذر في العمل بجد مع والدتها. وكانت تستخدم الساعة السحرية بحكمة لتجنب المشاكل. بدأت الملكة تلاحظ تفاني هيذر في العمل وأصبحت تعجب بها.
في يوم من الأيام، بينما كانت الملكة تتحدث مع الأمير جو، قال: "أمي، هل لاحظت كم هي ذكية ومجتهدة هيذر؟"
"نعم يا بني، لقد لاحظت ذلك. إنها تعمل بجد وتستحق التقدير"، أجابت الملكة.
"لدي فكرة، لم لا نمنح هيذر فرصة لتعلم المزيد وتنمية مهاراتها؟" اقترح الأمير.
وافقت الملكة على فكرة الأمير. وفي يوم من الأيام، دعت هيذر إلى غرفة العرش.
"هيذر، لقد لاحظت جهدك وتفانيك في العمل. قررت أن أمنحك فرصة لتتعلمي وتطوري مهاراتك. سأرسل لك معلمًا ليعلمك القراءة والكتابة والحساب"، قالت الملكة بابتسامة.
شعرت هيذر بسعادة غامرة وشكرت الملكة والأمير على هذه الفرصة. بدأت تتعلم وتنمو في مهاراتها، وأصبحت شخصية مرموقة في القصر. ومع مرور الوقت، اكتشف الأمير جو مشاعره تجاه هيذر وطلب يدها للزواج.
وافقت هيذر بسعادة، وعاشت في القصر كأميرة حقيقية، محبوبة من الجميع. وأصبحت قصتها تُروى في "باردشاير" كرمز للأمل والتفاني، وعاشت هيذر مع زوجها الأمير جو في سعادة وهناء، محاطة بالحب والتقدير.