الجزء 12

ظل كل منهما يتعمق فى عين الآخر ليبحث عن نفسه فيها

....أنت عايز ايه يااحمد ...
...عايزك انتى ياسارة ...

ظلت تنظر له وينظر لها ، ولا تعرف لكم من الوقت ظلا على هذا الوضع ، بدون كلام ، فاجأها تصريحه بهذه الطريقة ، رغم أنها تعودت على صراحته فى الوقت الذى عاشته معه ،

......عايزنى ازاى يعنى. ...

....معرفش، كل اللى أعرفه أنى عايزك قريبة وبس ، مدايقنى وجودك مع هشام أو حتى مع أى راجل تانى ، فرحت اوى لما قالولي انك أرملة ، وفرحت اكتر لما قالولي انك مرتبطيش تانى ، وفجأة لقيتك مع هشام ،،، هو بيحبك وباين عليه ،، ، بس انتى لا ، ودى حاجة بصراحة ريحتنى جدا ، ...

...برده مش فاهمة ، يعنى انت جاى تقتحم حياتى بعد 6 سنين ، وفى 48 ساعة تقولى عايزك ، ،والمفروض انى اقلب حياتى 180 درجة بالبساطة دى ، ثم يعنى ايه عايزنى اصلا ، يعنى عايز تتجوزينى ولا عايز تصاحبنى. ...
......الشكل اللى يعجبك ، المهم تكونى معايا ، عايزك حبيبتى مرة تانية ، عايزك ترجعيلى تانى ... 
....تفتكرى ده ممكن يحصل ، انت بتفكر أذاى ...

....الموضوع بسيط ياسارة ، انا بدور عليكى من سنتين مش من 48 ساعة ، ودلوقتى لقيتك ، وانتى عارفة أنى بطبعى صريح ، وبقول اللى عندى مباشرة ، وهو ده اللى عندى ، وهعمل المستحيل عشان اوصله ....

نظرة التحدى فى عينيه اربكتها ولكنها تماسكت وبلهجة قاسية قالت

... انت بتتحدانى ،،،،حتى لو انا رافضة كل اللى انت بتقوله ده ...

....وليه ترفضى ، انا عايزك ومتأكد انك عايزانى ، وعندى استعداد لكل طلباتك ، حتى شكل العلاقة بينا هسيبهالك تحدديها براحتك ، متدخليناش فى دايرة التحدى ، لان لازم تتأكدى تماما أن مش هكون انا الخسران فيها ، عاجلا أو آجلا بوصل للى انا عايزه ...

لهجته كانت مليئة بالتحدى والثقة بالنفس التى يتسم بها هذا الرجل ، وهى علم كامل بهذه اللهجة ، وهو بالفعل دائما ما يستطيع تنفيذ ما يقول ، فهل سيستطيع الآن ؟

ولكن هى ليست من النوع الذى يرضخ للظروف أو لهذا التحدى السخيف ، فهل ستوافق أم ستقبل التحدى ؟

...مستحيل ..
...ايه...
...زى ما سمعت ...
همت بالوقوف ووقف هو الأخر وظلت عيناها متعلقة بعينيه لم تفارقهما وهى تقول ....عارف ياأحمد ، انا حلمت بيك كتير اوى ، حلمت أنى اقابلك ، اشوفك ، ارجع أحس بطعم شفافيك والمسك وتلمسنى من تانى ، سنين وانا بتخيلك وكأنك لسة عايش معايا، حتى فى عز وقتى مع جوزى ، بكون معاك انت ، وبعد ما مات فضيت قلبى وعقلى لأحلامى بيك لأيام وشهور وسنين طويلة ، وأنا نايمة وأنا صاحية ، اتقدملى ناس كتير ورفضتهم بسببك ،، رغم انك مجرد طيف جوايا ،بس طيف كان بيحمينى من أى راجل بيحاول يقرب منى ، ....
تنهدت لترتاح من شهقات بكائها التى بدأت تطفو والدموع التى ظهرت بعينيها ، تمالكت نفسها وأكملت كلامها بتحدى واضح 
 


...لكن للأسف ياأحمد بيه، المدخل اللى اختارته معايا كان غلط ،
الطريقة اللى كلمتنى بيها جابت نتيجة عكسية ، لو كنت بدأتها بشوق وحب ، لو كنت قلتلى وحشتينى ومحتاجلك ، يمكن كنت اتأثرت بكلامك ويمكن كنت وافقت ،،،،،لكن دلوقتى ، بقولهالك وانا مصممة عليها ،،،،، مستحيل ،،،، كان فى منه وخلاص خلاص ، طلبك مش عندى ، دور عليه فى مكان تانى ....

أنهت كلامها بثقة كاملة ، وانسحبت من أمامه بسرعة ، جلس مكانه مرة أخرى وهو مذهول مما سمح منها ، قد توقع منها الرفض ، توقع منها المقاومة ، ولكن ليس بهذه الطريقة ، فى نفس اللحظة التى اعترفت فيها بحبه وعدم نسيانه ، تبعتها بالرفض القاطع الذى لا رجعة فيه . 
اعتدلت شكل نظرته من الذهول إلى الثقة وقال هامسا لنفسه 

.... هتكونى ليا ياسارة ، بمزاجك أو غصب عنك هتكونى ليا ، بس بشوية تفكير ، وهحققلك رغبتك ، عايزة طريقة مختلفة ، مفيش مشكلة ، انتى اللى طلبتى ، وانتى اللى هتيجى لحد عندى لوحدك ..... 

عادت سارة لتجمع الحفل مرة أخرى ، بحثت عن البنات ، وسألت مها عنهم ، فاخبرتها انه يوجد حفلة جانبية للشباب ويحييها بعض مطربين المهرجانات ، وقد ذهب البنات اليها . 
اخبرتها سارة أنها ستعود للشاليه وطلبت منها الاهتمام لرغد وريم وتأتى بهم عندما تنتهى الحفل ، وأيضا طلبت منها أن تعتذر لهشام عن عدم أخباره بذهابها .

وعندما بدأت تبتعد عن هذا الحشد من الناس ، وجد هشام يتبعها 
...سارة ، سارة ...
....أيوة ياهشام ، رايحة فين ، بدور عليكى من بدرى ..
...رحت التواليت وبعد كدة خرجت اتمشيت شوية ، انت عارف ان الصوت العالى بيعملى صداع ....
....سلامتك ياحبيبتى، احسن دلوقتى. ..
...الحمد لله ...
...كنت رايحة فين كدة ...
...بصراحة ، كنت راجعة الشاليه ...
...بس الحفلة لسة مخلصتش ، وبعدين ،، فى حاجة ،،... 
...فى ايه...
...عندى طلب و ارجوكى متكسفنيش. .
...خير ..
...جدى عايز يتعرف عليكى دلوقتى لأنه هيرجع القاهرة بعد الحفلة ...
...يتعرف عليا ليه ؟ ، إحنا اتفقنا على ايه ياهشام ..
...والله ما قلت حاجة ، هو اللى لاحظ اهتمامى بيكى ، وسألنى ومقدرتش اكدب ...

فكرت سارة للحظات، قد تكون هذه فرصة بسيطة لتثير غضب أحمد، كما فعل هو بها منذ قليل .
 


...اوكى ، انا موافقة ...
...بجد ...
...بجد ، بس دقايق مش اكتر ، هنسلم عليه ونمشى ...
...طبعا طبعا ، مش اكتر من دقايق ...

دخلا للحفلة مرة أخرى وسأل واحد من أبناء اعمامه على مكان جده
....عماد ، هو سليم باشا فين ؟ ..
....فى مبنى الإدارة ، هو واعمامك الاثنين وأحمد ومازن ، وطلب منى أن ادور عليك عشان عايزك انت كمان معاهم ، ....استر يارب. ..
...فى ايه ياهشام ...
...أنا واعمامى ومازن وأحمد ، اللى توقعته هيحصل ...
...هو ايه ده ...
...هيرجعنا العيلة بالأمر ....
...وهو يقدر يعمل كدة ...
...يقدر فى حالة واحدة بس ، لو أحمد موافق يرجع ، وبيتهيئلى أحمد وافق بالفعل ...
..وانت هتوافق. .. 
...هوافق بشرط واحد ، لو وافق على جوازى منك ...
...هو مش موافق اصلا ، طيب ليه عايز يتعرف عليا ليه ،..
...أنتى مش من اختياره ياسارة ، طبيعى هيرفض ، وهيحاول يجبرنى أنى انفذ أمره ، لكن على مقابلتك ليه ، بحاول بيها أن أعمل اللى عليا والغلط ميكونش منى ، عشان لما أخد موقف فى الموضوع ده أكون على حق ..
...أنا مش فاهمة حاجة ، ثم ايه المطلوب منى دلوقتى ...
...مطلوب منك تكملى جميلك وتقابليه بس ، مش عايز منك اكتر من كدة ... 
...وبعد كدة ...
..سيبى بعد كدة ده ليا انا ....
...اوكى ، يلا ، خلينا نخلص من الموضوع ده ...
...ياواد ياجامد ، هى دى سارة ...
....هههههههههههههههه ، ماشى ياسيدى ، هنستناه فين بقى ...
....لا نستناه ايه ، ده فجأة ممكن تلاقيه رجع القاهرة ، وابقى قابلينى لو طولناه تانى ، وانا عايز اخلص الحوار ده عشان اشوف الخطوة الجاية ايه ، يلا نروحله، ده المبنى اللى جمب الساحة على طول...
وافقت سارة على مضض منها ، وذهبا سويا وادخلها غرفة المكتب المجاورة لقاعة الاجتماعات التى يجلسون فيها وبالطبع لم يخبرها انه مكتب أحمد لإدارة المنتجع ، ثم ذهب إليهم ، بالرغم ان أصواتهم كانت عالية ومعظمها تبدوا كأنها اعتراض إلا أن ارتفع صوت واحد منهم وبالطبع خمنت صاحبه من محتوى الكلام .

...بس خلاص ، مفيش عايز كلام تانى ، اللى قلته هو اللى هيتنفذ ، كلكم هترجعوا المجموعة والبيت كمان ، انت يامازن هتبقى مسئول عن الجزء الاعلامى ومع مشروعك زى ما انت عايز ، وأحمد هيكون معايا فى الادارة ، وهشام هيبقى مسئول عن كل المشاريع الخاصة بالاستيراد والتصدير وأولها المصانع ، وده آخر كلام عندى ، وغصب عنكم هتنفذوا . 

رد أحمد بهدوء ...ليه انا للإدارة ، قلتلى أنى هشتغل فى المتعلقة بشغلى ،
...أنا محتاجلك اكتر فى الادارة ، وبعدين المتعلق بشغلك فى المجموعة مش مستاهل أن انت بنفسك تمسكه...

أما هشام قال ...وأنا ...
...أنت ايه ..
...كدة الجزء اللى همسكه كبير جدا ، يمثل تلت المجموعة ، كل ده مع شغلى الاصلى ، كدة هيكون اوفرلود عالى جدا ، غير أن اللى مسكين السكشن ده ولاد عمى ، وحضرتك عارف ان احنا مش على وفاق مع بعض ، كدة مش هنتفاهم ....
...امرى على الكل ياهشام ، وبعدين شغلك هيكون منفصل عنهم ، شغلك هيكون كل الأمور المتعلقة بالتصدير فقط ،،،، مفهوم ، ولا انت بتتلكك عشان ترفض ياهشام ...
...، طول ما علاقتنا بعيد عن المشاكل والضغط اللى حضرتك بتسببهولنا ، يبقى معنديش مشكلة ...
استفذت كلماته سليم جدا 
...أنا بقيت مصدر ضغط عليكوا دلوقتى ...
...حضرتك فاهم انا أقصد ايه بالظبط ، عموما المجموعة ماشى ، بس لو سمحت بلاش البيت دلوقتى ....
...ليه ؟ ، ...
...معتقدش سارة هتوافق تسكن هناك ....

عند ذكر اسم سارة ، انتفض أحمد وزادت دقات قلبه ، وانتبه جيدا لما يقال 

....إيه ، هى مين دى اللى متوافقش أنها تعيش فى قصر نورالدين. .
...براحة شوية ياجدى ، كل الحكاية أنى وعدتها أن احنا هنعيش لوحدنا ...
...مش وقت الكلام فى الموضوع ده ، بعدين ، لما أبقى اقابلها وأسأل عنها وبعدين اقرر ...
...هى موجودة هنا ..
....هنا فين ؟
...فى مكتب أحمد ،...
....طبعا ، ماهى مستعجلة ، فرصة ...
....لو سمحت ياجدى ، بلاش الطريقة دى ، بالذات وانت بتتكلم معاها ، سارة من الناس اللى مبيسمحوش بالإهانة ..
....والله ، هشوف ..

فى هذه اللحظة استأذن أحمد منهم الانصراف لاهتمام بباقى ترتيبات الحفلة ، ثم طلب الجد من الباقى أن يرحلوا ، وظل هشام فقط معه ، 
دخل الجد وهشام من باب المكتب ، والذى لم تلحظ سارة دخولهم فقد كانت تقف فى الشباك وعيناها وقلبها يتبع خطوات الخارج من باب المبنى ، وعندما رفع عينه ورئاها ، ارخت عينها واستدارت فوجدت نفسها أمام سليم نورالدين بنفسه ، كانت نظراته مربكة لها ولم تعجبها ، لم ينطق بكلمة واتجه لكرسى المكتب وجلس عليه ومازال عينه عليها 
...أنتى بقة سارة اللى عايزة تتجوزى هشام. ..
تحول نظرها لهشام بطريقة غريبة ورفعت حاجبها وبدأ الغضب يظهر على وجهها ، 
...والله على حد معلوماتى أن حفيدك هو اللى عايز يتجوزنى. ..
....وانتى ما صدقتى طبعا ، ده هشام نورالدين. ..

اتسعت عينا سارة من الدهشة من اهانته المباشرة لها ، وأصبح الموقف كحرب لمن ينتصر دون أن يخطئ فى الألفاظ .
ابتسمت بسخرية قائلة ... أنا لسة موافقتش ، تقدر تسأله وشكلى كدة مش هوافق ،...

...أمال انتى هنا ليه ؟

فكرت سارة لثوانى ثم ردت ....تصدق عندك حق ، هو انا هنا ليه ، 
توجهت بنظراتها لهشام وهى تقول ...عموما انا آسفة ياباشا ، واوعدك أن المقابلة دى مش هتتكرر غير بشروط معينة ، ،،،شروطى انا ،،،بعد اذنك ....
 


حاول هشام إيقافها ولم يستطع ، توجه لجده وهو يقول 
...والله لو اعرف انك هتهينها بالشكل ده مكنتش جبتها ،وهتجوزها ياجدى ، ولو اصريت على اللى بتعمله معايا ده ، يبقى ارجع أبعد من تانى احسن ، ومش عايز منكم حاجة ،، و على فكرة هو ده الضغط اللى انا مش قابله منك ، التدخل فى كل شئ يخصنى بالطريقة دى ....

خرج مسرعا ليلحق بسارة ولم يهتم بنداء جده المتكرر ، وقف الجد ليفكر لثوانى فى هشام الذى بدا له كأنه شخصية مختلفة تماما ، فهو ليس الشاب الخجول الذى اعتاده ، لقد أصبح هشام أقوى واشرس غير أنه متحكم تماما فى أعصابه ، غير انه خوفه من جده بدأ يضمحل ، هل هذا من تجاربه وحياته وحده ، ماهو من تأثير هذه الفتاة عليه ، 
اسرع هشام فى خطاه وهو يحاول الاتصال بها ، بدأ يندم على موافقته على مقابلة جده لها برغم انه كان متوقع حدوث شئ مثل ما حدث ، ولكن كان لابد من هذه الخطوة ، ليعجل بخطوته التالية ،
أما عن سارة ، فهل ستستطيع نسيان اهانته هنا بهذا الشكل ؟ …



إعدادات القراءة


لون الخلفية